الشأن السوري

مقالة رأي …. فوضى فتاوى النوازل في الشام !!

بقلم خالد الحماد – الأمين العام لجبهة الأصالة والتنمية

أحيانا تخرج لنا فصائل بعتادها وقوتها فجأة ،وتصبح لها شعبية وتحقق إنجازات ثم ما تلبث أن تختفي وتضمحل ..فهي خرجت لأمر وانتهت لأمر ،ولله الأمر من قبل ومن بعد !

واليوم على الصعيد العلمي ببيان نتفاجأ بتجمع علمي يحوي ثلة من العلماء في الشام ،نصفه من المقاتلين على الأرض والنصف الآخر من المحاربين على تويتر !

وهل العلماء يُعرفون ببيان طاريء وإعلان أم بسيرة طويلة وجهد ونشر للعلم وتخريج للطلبة ،ومن ثمارهم وتاريخهم القاصي والداني يعرفهم وليس فجأة! ،ولو قالوا بأن هذا التجمع لطلبة العلم لتعليم الناس لقلنا : بوركتم وبورك مسعاكم ،ولكن تجمع للصغار يأخذُ دور الكبار الراسخين.. فوالله إنها لأحدى الكبر !

إن هذه الفوضى العلمية لسابقة خطيرة يُراد منها تعلق الشباب المجاهد في فصيل وتنظيم معين بلون واحد ،ينتمي أغلب الأعضاء أو كلهم له،فيحركون الشباب في هذا الوقت العصيب باسم الدين والإسلام ،فيكفرون هذا ويأمرون بقتل ذاك .. وكله بسم الله واسم الدين عبر النصوص العامة التي تشتبه عليهم وعلى الناس ..ولكن لا تشتبه على العلماء .

وسأناقش هنا بعض الأحكام التي خرجت عبر البيانات المنشورة ،ويجب الرد حتى يتوقف الأخوة عند حدهم العلمي ولا يتحملوا أوزارا فوق أوزارهم ،فالأمر خطير والدماء يتورع عنها جهابذة أهل العلم ..فكيف بصغار العلم ؟!

أولا : المسألة المختلف بها وهي المشاركة مع الجيش التركي في جرابلس ،ولماذا طُلبت الفتوى أصلا ؟!
تم طلب الفتوى لأن المشتهر بين مقاتلي بعض الفصائل هو التكفير العام لجميع الدول الاسلامية ومن ذلك الجيوش ،كالجيش السعودي والمصري والتركي والأردني وغيرهم ،وهم المسلمون المظلومون القائمون بأمر الله والباقي بين كافر مرتد وفاسق يُستتاب !

وهذا يعود لمسائل كثيرة وأهمها الحكم بغير ما أنزل الله ،والذي عليه علماؤنا أن هذه الدول مسلمة وحكامها مسلمون وجيوشها مسلمة ،ولم يعرف عن عالم معتبر كفر هذا التكفير الخطير ،والمسوغات للتكفير كثيرة ومنها التعاون مع أمريكا ،والتعاون شيء والتولي شيء آخر قال تعالى (فمن يتولهم منكم فإنه منهم) هنا المقصود هو نصرتهم لدينهم وأما الأمور الدنيوية والمصالح فليس المراد وبالذات مع الدول ،وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي ،فماذا يقولون ؟!

ثانيا: يقولون أن القول في الاستعانة بغير المسلمين غير معتبر !،أي أنه قولٌ قد صدر من طائفة أو شخص لا يُعتدُ بهم ولا بعلمهم فقولهم غير معتبر !

أتعلمون من القائل بجواز الاستعانة بغير المسلمين ؟!
لقد جوَّز الاستعانة بغير المسلمين جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة والأحناف ومنع ذلك المالكية ،وفي هذا العصر قال به هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ،وتمت الموافقة بالإجماع ووافقه في ذلك علماء المملكة الكبار مثل الشيخ محمد صالح العثيمين والشيخ صالح الفوزان والشيخ الغديان واللحيدان والشيخ عبد العزيز آل الشيخ وغيرهم ! فهل هؤلاء قولهم غير معتبر ؟!!

وما حكم الخطأ في تكفير عدد من الفصائل التي تُكبر وتصلي وتقاتل لطلب الشهادة ؟!

أي علماء هؤلاء وهم لا يعرفون الخلاف المعتبر أو ربما أسقطوا قرونا من العلماء ،وأي تجمع يخلط ويخبط ويحكم بهواه فيعميه جهله ويشرد عنه عقله، ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا).

ثالثا: شبهة قديمة حديثة يتناقلونها بينهم حتى أصبحت قاعدة مسلمة لديهم وهي: ( لا يُفتي قاعد لمجاهد)، فهل هذه آية أو حديث أو قاعدة فقهية ؟
بل هي شبهة نفخ بها ابليس لقطع الصِّلة بين المجاهدين والعلماء فيتخذوا رؤوسا جهالا يفتون بغير علم فضلوا وأَضَلُّوا، والرد على هذه الشبهة من القرآن الكريم قوله تعالى :
( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) أي : فهلا خرج إلى الغزو من كل قبيلة جماعة ويبقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة ( ليتفقهوا في الدين ) يعني الفرقة القاعدين ، يتعلمون القرآن والسنن والفرائض والأحكام ، فإذا رجعت السرايا أخبروهم بما أنزل بعدهم ، فتمكث السرايا يتعلمون ما نزل بعدهم ، وتبعث سرايا أخر ، فذلك قوله : ( ولينذروا قومهم ) وليعلموهم بالقرآن ويخوفوهم به ، ( إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) لا يعملون بخلافه !

وهم ينقضون هذه القاعدة بتلقي الفتاوي التي توافقهم من مشايخهم القاعدين ،هذا بالاضافة إلى أن أغلب أهل الجهاد ليسوا مؤهلين للفتوى وهذا واضح مشاهد ،ناهيك عن أن هذه القاعدة تفرق المسلمين ،والأصل أننا كالجسد الواحد .

رابعا: الأخوة في بياناتهم يبنون أحكاما على الافتراضات ،وعلى هذه الافتراضات تصدر أحكام الكفر والقتال والسلم !

مثلا : أن أمريكا جاءت لاحتلال سوريا وتقسيمها،ولذلك فهي عدو والتعاون معها محرم وكفر ومن يتعاون يُقاتَل وحتما كافر …كل هذه الأحكام بسبب افتراض قد لا يكون صحيحا !

وهنا هم يستجلبون الأعداء ويُكثرونهم ،بينما العقل والحكمة تقول :نقلل الأعداء ونزيد المناصرين ،وللأسف ما يحدث الآن عينه حدث في أفغانستان والعراق ويُستنسخ اليوم في الشام ،وكل هذا تحت كذبة (فقه الواقع) ..والحقيقة لا واقع فهموا ولا شرع اتبعوا !

كتبتُ هذه الكلمات نصيحة لأهلي وإخواني وأبناء وطني الجريح ،ونصيحة كذلك للأخوة الذين تبوءوا مقعدا ومكانا ليس لهم بل أكبر منهم ،حتى تعثر..
 وللأسف إلى اليوم سوريا فقيرة إلى مرجعية علمية حقيقية ،وإن كانت هناك محاولات لإنشاء بعض الهيئات والمجالس السورية الإسلامية ولكن لازالت تلك المحاولات في إطار الحزب الواحد وهدفها سياسي أكثر من علمي حقيقي ناهيك عن إقصاء الأكفاء من طلبة العلم والفضلاء ..

ملاحظة : وكالة خطوة الإخبارية لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري ان يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة

ftawaa

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى