مقال رأي

زنزانة الوعر !

بقلم: أحمد أبو النور

تزاحمت أفواج الوافدين على ملاجئ الحي كأنه يوم الحشر، كلٌ يحمل بكلتا يديه حاجيّاتٌ أكانت أغطيةً ترد من برد الشتاء أم كانت أطعمة تسد رمق المحاصرين أو بعض الحاجيّات الخاصة والأوراق المهمة لكل عائلة خوفاً من تناثرها بين كل قذيفةٍ أو غارة.

الجميع خائف ، الجميع مذعور ، بلغت القلوب الحناجر في ذلك الوقت ..الكل ينصت لأصوات انقضاض طيران جيشهم المكلف بحمايتهم ، ويتجهّز للقاء الله عز وجل، ويبتهل بالدعاء راجياً رفع تلك الغمة عن ذلك الحي المنكوب. غارةُ ذات اليمين وإسطوانة ” فيل” ذات الشمال والرصاص يتأرجح بين ضفتي الوعر ويكدر صفو سمائه الزرقاء، أطفال تبكي وتركض.. ونساءٌ تنحب وتدعو.. ورجالٌ تُسعف وتنقذ، الطراقات خاويةٌ على عروشها والمنازل خاليةٌ من سكانها.

أبطال الدفاع المدني يُقدمون بكل جسارةٍ على انتشال الجثث وإنقاذ الجرحى ورفع الأنقاض وأصوات سيارتهم المتواضعة الوحيدة التي تتداخل مع سموفنية القصف المسموعة في الحي. مساجد الحي تطلب جميع الزمر الدموية للمشفى المليئ بالبشر.. شهداءٌ هنا ومصابين هناك وأشخاصٌ سبقتهم بعضُ أطرافهم إلى جنات ربهم الخالدة ، كان الجو مشبعاً بالدماء الطاهرة .. مجبولاً بإطلالة  الشهداء البهيّة ، الدماء في كل مكان والدموع تذُرف من كل شخص والصراخ من هول الصدمة كاد أن يُطبق جدران المشفى على بعضها البعض. في داخل المهاجع تتكدس الناس على بعضها لإفساح مجالٍ للوافدين الجدد ،

يتناوب على مقعد بلاستيكي أربعة أشخاص لكل شخصٍ ربُع ساعة ، الناس نيامٌ في كل مكان حتى على السلالم ، هذا يبتهل بالدعاء وهذا صامتٌ يتحدث مع عقله وذاك يتسامر مع أصدقائه الجدد في ذلك المهجع عن أسباب هذه الحملة الشنيعة. الكل يتهيّأ للنوم وقلبه معلقٌ بالله عز وجل لإنه وحده من يراهم ويسمعهم ويعلم بحالهم والوحيد جل وعلا القادر على إنتشالهم من تلك الغمة كيف لا ونحن نُقتل بسبب قولنا ” لاإله إلا الله” حاشاه.. حاشاه جل وعلا أن ينسانا أو أن يتخلى عنا.

ملاحظة : وكالة خطوة الإخبارية لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة

17012808 204460186700779 890711366 n

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى