مقال رأي

إلى متى ؟!!

كتابة: أحمد الصبيح

لقد طالت اللحظة التي ينتظرها السوريون بكل شغف تمر الشهور والسنين وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء من أجل بصيص أمل ينقلهم إلى حياة كريمة في وطنهم المغتصب. لقد عان الشعب السوري الويلات من قبل عائلة الأسد التي استأثرت بكل شيء ونهبت كل الثروات ودمرت كل شيء جميل في هذا الوطن. ولعلنا نتساءل لماذا طالت الثورة في سورية ولم تحسم بعد كمثيلاتها في تونس ومصر وليبيا ؟

لماذا طالت كل هذه الفترة دون بوادر حسم تلوح بالأفق ؟ كل يوم ينام السوريون ويصحون على نفس الوتيرة ونفس المراوغة

جاء دي مستورا…….. غادر دي مستورا…… ولا جديد سوى ازدياد عدد الشهداء والجرحى وازدياد المهجرين البعض يأس من طول الانتظار ،والبعض هرب إلى الأحلام عله يجد عصا سحرية للقضية التي أصبحت كتلة من التعقيدات ولا أمل بحلها.

متى ستغادر هذه العصابة الحكم وتترك السوريين يقررون مصيرهم في بناء دولتهم المنشودة، ومن خلال متابعتي للأحداث وجدت أن الحل كان يجب أن يتم من خلال أمرين، إما الحل السياسي أو حسم عسكري .

نتحدث أولا عن الحل السياسي ، عندما أنهت الثورة عامها الأول انطلقت عملية إلحاق عميقة ومتصاعدة في السياقين الإقليمي والدولي مع قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا في تشرين الثاني من عام 2011، ثم اعتراف الدول الكبرى بالتحالف الوطني في كانون الأول 2012 .

وفي الواقع لم تظهر في أي مرحلة إمكانية للوصول لهذا الحل ويتضح هذا عند تتبع مسار جولات جنيف .
انطلقت الأولى في حزيران 2012بمبادرة من الأمم المتحدة والجامعة العربية ،ولم تسفر إلا عن إطلاق (إعلان جنيف) الذي حدد خطوات الدخول في عملية انتقال سياسي .

واستمرت جولات جنيف الواحدة تلو الاخرة دونما شيء جديد يذكر ، فلقد أصر وفد نظام بشار على إعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب قاصدا به الثوار، وأصرت المعارضة على أولوية الانتقال السياسي وبندة الأساسي رحيل الأسد.وقد صرح دي مستورا ” كنت أقول لنفسي ولمن حولي يجب ألا نتوقع اختراقاً كبيراً ،ويجب أيضاً ألا نتوقع انهياراً “

وقد انطلقت أيضا عملية “أستانا ” السياسية بقيادة تحالف روسي – إيراني – تركي ، مستهدفة تشكيل إطارا تفاوضيا من الدول ذات التوجهات السياسية المتقاربة والضالعة مباشر في الإدارة العسكرية للأزمة،وقد أسفرت عملية أستانا عن إنشاء آلية سياسيه ثلاثية لمراقبة وقف إطلاق النار الذي بدأ في كانون الأول 2016، وسرعان ما تلتها أربع جولات أسفرت عن إنشاء مناطق منخفضة التوتر في ادلب و الغوطه الشرقية وشمال حمص والجنوب السوري.

ولا تبدو الأزمة في ضل التطورات الاخيره مرشحه لحل سياسي ناجز ونهائي !
أما الحسم العسكري فمع نهاية السنة الأولى وبداية السنة الثانية انحسرت الطبيعة الشعبية السلمية للثورة لصالح العسكرة ، فقد حصل الثوار على أسلحة خفيفة ومتوسطة وأحسنوا الاستفادة منها بسرعة فاستطاعوا نقل المعركة إلى مستويات عالية غير مسبوقة تمثلت في تحرير بعض المدن والسيطرة على مطارات ومعسكرات ومستودعات وثكنات عسكرية ، مما أتاح لهم امتلاك السلاح الثقيل للمرة الأولى منذ بدء الثورة ،حيث أصبح في أيديهم مدافع هاون وراجمات صواريخ وعربات مدرعة ودبابات .

ظهرت آثار هذه الأسلحة على الأرض سريعا، فبدأت وحدات عسكرية ثورية محلية بتحرير بعض المناطق في سوريه في عده قرى ومدن في ادلب ودرعا وحمص وحماة وحلب ، ومازال العمل العسكري ينمو ويتمدد وصولا إلى عملية حلب الكبرى التي حرر الثوار فيها جزءا كبيرا من المدن .

استمرت انتصارات الثوار مع بداية العام الثالث ، ففي شهرها الأول سقط بأيدي الثوار مطار تفتناز والجراح وسيطروا على سد الطبقة في آذار 2013 ثم تحرير مدينة الرقة لتصبح الرقة أول محافظة محررة من بين المحافظات السورية .ومع بداية الربع الثاني من نفس العام بدأ النظام بتغيير خطته ، فبدلا من محاوله السيطرة على البلاد كلها ( وهو ما عجز عنه حتى الآن ) بدأ يركز على المناطق الإستراتيجية الأكثر أهمية. وكان التغيير الاستراتيجي الثاني هو دخول المليشيات الشيعية (اللبنانية والعراقية والإيرانية) في الحرب بقوة، حيث قدمت دعما علنيا غير مسبوق للنظام الذي فقد السيطرة على جزء كبير من سوريا.

بدء حزب الله اللبناني(حالش) هجوما بربا واسعا على القصير انتهى بسقوطها وبعدها بأسبوعين تقريبا سقطت تلكلخ والقرييتين ثم اشترك جيش النظام مع الحزب في هجوم واسع على حلب ، ولكن الثوار أفشلوا الهجوم وتقدموا في مواقع جديدة في المنطقة ، فحرروا خان العسل ثم حرروا مطار منغ وسيطروا على خناصر وقطعوا خط إمداد النظام الوحيد إلى حلب.

استمرت معارك الاستنزاف والكر والفر في مناطق أخرى خلال النصف الثاني من عام 2013 ،فتداول الثوار والنظام السيطرة على مناطق في دير الزور وحوران والقنيطرة وريف حماة وجنوب دمشق .كما تقدم الثوار في جبال الأكراد والتركمان في هجوم مفاجئ حتى وصلوا إلى مساحه عشرين كيلومتر من القرداحة ، ثم استرجع النظام السيطرة على تلك المناطق في هجوم مضاد.

التطور الأسوء والكارثة الأكبر على الصعيد العسكري هو ولادة داعش ،فقد تمدد بشكل كبير في المناطق المحررة على حساب الجيش الحر والفصائل الإسلامية حيث استطاعت السيطرة على مساحات واسعة في حلب وادلب والرقة والحسكة وديرالزور.

ازداد الوضع الميداني صعوبة مع تعدد الأعداء الذين اضطرت الثورة إلى قتالهم ، فبعدما كانت المعركة محصورة بالجيش النظامي أصبح الثوار مضطرون إلى قتال عدد كبير من المليشيات الطائفية التي تدفق مقاتلوها على سورية بأعداد هائلة بالإضافة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي بدأ بحرب انفصالية في الشمال الشرقي من البلاد.

لقد فقدت الثورة في السنة الأخيرة الجزء الأكبر من مكتسباتها الميدانية التي حققتها خلال مرحلة الصمود والانتصارات ،وأصبحت سورية موزعة حاليا بين عدة قوى.وبهذه الخسائر تكون قد وصلت إلى مرحلة خطيرة تهدد وجودها وقدرتها على البقاء والاستمرار ويبقى السؤال برسم الإجابة إلى متى ؟!

ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة
مدونة الأشخاص 3 01

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى