مقال رأي

الغوطة الشرقية .. في كلّ زاوية ضحية !!

بقلم: عائشة الحمصي

لم يكد نظام الأسد أن يتوقف عن سفك دماء الأبرياء في غوطة دمشق الشرقية يومًا ليعاود السفك من جديد .. في مجازر متوالية تحصد أرواح السكان المنهكين من الحصار المفروض منذ خمس سنوات، وبشكل مطبق عقب خروج ثوار أحياء القابون وتشرين وبرزة، في شهر مايو / أيار الماضي، مما أغلق المنافذ السرّية كاملةً.

المجزرة الأخيرة كانت من نصيب بلدة مسرابا الليلة الماضية، راح ضحيتها عشرين شهيدًا على الأقل جلّهم من الأطفال والنساء ومتطوع من الدفاع المدني، وأكثر من ثمانين مصابًا، حيث انتقمت طائرات روسيا لخسائر حليفها الأسد الكبيرة والمتلاحقة على جبهات الغوطة وأهمها “إدارة المركبات العسكرية” بمدينة حرستا. بالإضافة إلى مجزرة متزامنة في مدينة عربين قضت على أرواح ستة مدنيين.

“معركة بأنّهم ظلموا” أطلقتها “حركة أحرار الشام” في الرابع عشر من الشهر الحادي عشر من عام 2017 بهدف فكّ الحصار عن الغوطة، فأعداد الحالات المرضية التي تحتاج إخلاء فوري إلى مشافي دمشق تجاوز الـ (600) شخصٍ أكثرهم أطفال، بينما اتخذ الأسد وحليفه الروسي، المعركة كمبرّر جديد للقتل والإجرام. ورغم قلّة الثوار وعتادهم المتواضع حقّقوا نصرًا على جنود الأسد بل وحاصروهم وبالأمس أنذروهم بتسليم أنفسهم لإجراء صفقة تبادل أسرى قبل أن يُقتلوا.

شهدنا الكثير من التصريحات خلال الأيام الماضية، ومنها وصف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، الوضع بأنّه “أحد أسوأ الحالات الصحيّة التي شوهدت منذ بدء النزاع في سوريا” . كما دعا مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند، المجتمع الدولي للمساعدة على ترتيب إجلاء المرضى والجرحى في الغوطة التي تمثّل ”حالة طوارئ إنسانية“. وفي جلسة لمجلس الأمن الدولي، أعرب مارك لوكوك، منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة عن القلق البالغ بشأن أزمة الغذاء في الغوطة، وفي تقريرها قالت منظمة العفو الدوليّة: إنّ “الذخائر العنقودية تؤجج الكارثة الإنسانية في الغوطة الشرقية، وقوّات النظام ترتكب جرائم حرب بأبعاد أسطورية فتستعمل استراتيجيتها الوحشية المعتادة في حصار المدنيين و قصفهم”.

كما ناشد أطباء فرنسيون رئيسهم إمانويل ماكرون لإنقاذ الغوطة، واتفاقات الرئيسين أردوغان وبوتين، الضامنين لوقف التصعيد في سوريا، حول إجلاء الحالات من الغوطة – أصفها – بالكاذبة التي تعطي مزيدًا من الضوء الأخضر للقتل. كذلك عند انعقاد جولة جنيف الثامنة، حاولت هيئة التفاوض للمعارض تسليط الضوء على معاناة الغوطة، والجميع يعلم حجم المأساة المستمرّة. لكن كما يقول المثل: “قد أسمعت إذ ناديت حيًّا، ولكن لا حياة لكن تنادي”.

وبعد كلّ المناشدات .. خرج إلينا “جيش الإسلام” في السادس والعشرين من الشهر الفائت، باتفاق يقضي بإخراج تسع وعشرين حالةً إنسانيةً الأشد حرجاً فقط من الغوطة المحاصرة إلى مشافي دمشق لتلقّي العلاج، وذلك مقابل الإفراج عن تسعة وعشرين أسيراً للنظام في سجون جيش الإسلام. هذه الصفقة – أعتبرها – “فاشلةً” وذلك نسبةً للعدد القليل الذي خرج من المرضى مقابل عدد – أعتبره – كثيراً من الأسرى .. لا أدري خلفيات الاتفاق، ولكن كان الأولى خروج على الأقل مئة حالة.

عندما أشاهد الصور والمقاطع المصوّرة التي يبثها النشطاء من هناك يوميًا .. أشعر بالحزن العميق، وينتابني شعور اليأس، وأعظّم مساعي الدفاع المدني المتواصلة لإنقاذ من به رمق حياة، وأتساءل ما ذنب الأطفال تُقطّع أشلاءهم؟! .. ما ذنب الحرائر تشرّد من نزوح لنزوح داخلي لا ينتهي هربًا من الموت من القصف إلى الموت من الجوع!!. صرخات متوالية، تهزّ ضمائر من كان به ضميرًا يعقل .. حملات مواقع التواصل الاجتماعي هي سبيل لإيصال الصرخات للعالم الخارجي الذي يعلم كلّ شيء لكنّه مصرٌ على الثبات في موقع المتفرّج، ومنهم من شارك بالحملات كغسل ماء الوجه لا أكثر، لاسيما الحملة الأخيرة للطفل الرضيع “كريم”.

تهجير قسري: نتساءل .. هل ستكون الحافلات الخضراء من نصيب ثوار الغوطة الشرقية، وخاصة بعد شبه إقفال ملف الغوطة الغربية وتهجير ثوراها، أم ستكون حلقة جديدة في عام 2018 تبدّل القرارات نحو صالح الشعب، ربّما ثورة الإيرانيون في بلادهم ستأثر حتمًا على ثورة السوريين.

برأيي .. الثوار لا يزالون لديهم الفرصة لاستعادة صفحتهم الأولى .. بتحقيق الانتصارات بيدهم، وليس عبر مخرّجات مؤتمرات أستانة وجنيف وغيرها.. نعم الحلّ السياسي مطلوب شعبيًا كون الجميع سأمَ الحرب .. لكن نرى كيف فشلت الجولات السياسيّة جميعها بسبب عرقلة النظام وإيران. فالحلّ لا يصنعه سوى السوريين أنفسهم.

ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة

عائشة الحمصي 01

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى