الشأن السوري

من جسد الثورة السورية … عربين

مقدمة :
تقع مدينة عربين في شمال شرق مدينة دمشق بين بلدات حرستا شمالا وحزة جنوبا وحمورية شرقا وزملكا غربا ضمن مساحة تقارب 620 هكتار وعدد سكان تجاوز الـ 40 الف نسمة في اخر احصائيات أجريت في المدينة , وتشتهر المدينة بوجود بعض المعالم الاثرية فيها ككنيسة القديس جاروجيوس للروم الأرثوذوكس والتي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1873م وبعض المقابر القديمة المغطاة بأحجار بازلتية سوداء تعود للعصر الروماني بحسب المؤرخين , كما تضم المدينة مركز ناحية الغوطة الشرقية عموما ويضم السجل المدني والعقاري، وتتوضع على أطرافها وزارة الري في حكومة النظام بالإضافة لبناء شعبة التجنيد المسؤولة عن ريف دمشق وجوبر وبعض مناطق دمشق الأخرى.

ﻛﺎنت المدينة سابقا تحمل اسم ” عربيل ” بحرف اللام بدل النون في نهاية الكلمة وهذا الاسم ظل باقيا على بعض معالم المدينة التي بنيت في فترة ما قبل الاستقلال من الاحتلال الفرنسي كمبنى الناحية ومدرسة عبد الرحمن الداخل , ويعود اصل كلمة عربيل الى اللغة السريانية بمعنى اختلف عليه المؤرخين فالبعض قال ان اصل الكلمة ” غربيل ” أي غربال واخرون قالوا ان الكلمة مشتقة من لفظ ” عربانة ” بمعنى الصفصافة كما حملت المدينة أسماء أخرى اشهرها ” ذات القرنفل ” .

ويعود ازدهار المدينة نتيجة لمرور فرعي نهر بردى منها وهما ﻧﻬﺮ ﺗﻮﺭﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻘﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﻋﺮﺑﻴﻦ ﻭ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﺪﻋﻴﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻘﻰ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺮﺗﺎﻳﺎ , كما تتميز عربين بوجود عائلات مسيحية منذ القدم تعايشت مع أهل المدينة وكانت حتى فترة قريبة ملتزمة بعادات وتقاليد أهلها , واشتهر عن المدينة عبر التاريخ انها تعرضت لمجاعة أودت بحياة المئات من أبنائها عام 1860 م كما وتعرضت لزلزال قوي عام 1173 هجري .


بداية الثورة في عربين :

بدأ الحراك السلمي في مدينة عربين بريف دمشق في جمعة الصمود  الموافقة لـ 8 نيسان 2011 حيث خرجت مظاهرة في ساحة المدينة بأعداد قدرت بما يقارب ال400 شخص من اهالي المدينة طالبت بإسقاط نظام الحكم ،وكان من رموز الثورة في المدينة آنذاك الشهيد أيمن الشريف الذي كان يعمل في ساحل العاج ومع بداية الثورة ترك عمله وعاد ليشارك في الثورة ويصبح من رموزها وفي 6 آب من عام 2011 قامت قوات النظام باغتياله ليشيع جثمانة بمشاركة عشرات الآلاف من أبناء المدينة والمدن والبلدات المجاورة لها , وتوالت المظاهرات السلمية في عربين بعدها وكان من اشهرها جمعة 20\1\2012  والمظاهرة التي خرجت بتاريخ 1\5\2012 عند حضور المراقبين الدوليين من هيئة الامم المتحدة للاطلاع على جرائم النظام بالمدينة والتي تم فيها اطلاق الرصاص على المظاهرة مما اسفر عن عشرات الاصابات ووقوع شهداء، وهو الامر الذي اعتادت عليه المدينة منذ أولى مظاهراتها المناهضة لنظام الحكم في سوريا، الامر الذي دفع العديد من أبناء المدينة الى حمل السلاح وتشكيل مجموعات صغيرة للدفاع عن احيائهم.


بداية الحراك المسلح في المدينة :

تسارعت الأحداث في المدينة وبدأت المجموعات الصغيرة المسلحة بالتوسع والتواصل مع مثيلاتها في البلدات المجاورة الى ان تم الإعلان عن تشكيل أولى الكتائب العسكرية هناك تحت اسم ” كتيبة أبو عبيدة ابن الجراح ” التي وقفت بوجه النظام، الى ان ازداد عدد الشبان المسلحين الذين اعلنوا لاحقا عن تشكيل ” لواء الحبيب المصطفى ” ، ثم ظهرت تشكيلات أخرى بأسماء مختلفة كان لأغلبها الدور في تحرير الغوطة الشرقية من حواجز النظام وطرد عناصره خارجها الأمر الذي دفع النظام لبدء حملات القصف العشوائي على المدينة، مما تسبب بنزوح معظم العائلات منها الى البلدات المجاورة وتمركز جيش النظام على طرف المدينة الغربي عند جامع غبير ومشفى الرجاء، وبدأ الثوار بصد محاولات النظام بالتقدم واقتحام المدينة وبدأت تظهر عدة كتائب أخرى منها كتائب ” شهداء عربين – ام القرى ومجموعات صغيرة أخرى ”  لينضموا بعدها لتشكيل الوية وكتائب الحبيب المصطفى.
شهدت المدينة عدة معارك للتحرير كليا كان اشهرها معركة إدارة المركبات وبعدها تحرير جامع غبير وإجبار النظام على التراجع إلى أطراف اوتوستراد دمشق حمص، وشارك في المعارك عدة فصائل منها جبهة النصرة وجيش الاسلام وفيلق الرحمن وحركة احرار الشام، وبعد المعركة الاخيرة في نهاية 2014 تم تحرير عدد كبير من الأبنية والوصول الى مبنى المخابرات الجوية في حرستا وتحرير مبنى النفوس ومبنى الزراعة وغيرها من قبل الوية الحبيب المصطفى و جبهة النصرة وفيلق الرحمن وعدة فصائل.
ويبقى اليوم بعد اندماج الألوية مع الفيلق وحل جيش الأمة، فيلق الرحمن وجبهة النصرة وجيش الاسلام هم من يتولى زمام الأمور في المدينة مع عدم وجود أي عناصر للنظام فيها .


خاتمة :

بلغ عدد شهداء مدينة عربين حوالي  1200 شهيد كما بلغ عدد المعتقلين من أبناء المدينة ما يقارب 230 معتقل لا يزال مصير الكثيرين منهم مجهول حتى اليوم , ويعد الناشط ” نور الدين الهرباوي” اول شهداء مدينة عربين والذي استشهد في جمعة ” الشهداء ” بتاريخ 1-4-2011 خلال المظاهرة التي خرجت في مدينة دوما حينها.

عربين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى