الشأن السوري

من جسد الثورة السورية … الحسكة – حي غويران

مقدمة :
تقع مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا على مسافة 600 كم عن العاصمة دمشق و179 كم شمال شرق دير الزور , ممتدة على نهري الخابور وجقجق اللذان يميزان المدينة بخصوبة أراضيها ووفرة مياهها وجمال طبيعتها ضمن الجزيرة السورية , كما وتتميز المدينة بكثرة مواقعها الاثرية حيث تحوي على ما يقارب 800 موقع اثري يعود بعضها الى الالف الثامنة قبل الميلاد
تبلغ مساحة المحافظة عموما والتي تعد مدينة الحسكة مركزها الإداري ما يقارب 23,334 كم2 , وقد شهدت بالسنوات الأخيرة قبل الثورة نهضة عمرانية وزراعية وصناعية.
بدء الحراك السلمي :
حي غويران احد اكبر احياء مدينة الحسكة والذي يشكل ما يقارب ربع مساحة المدينة ويقسم في شارع عام الى قسمين (غويران شرقي – غويران غربي ) عرف عن اهله بشراستهم ورفضهم للظلم مما جعلهم منارة الثورة السورية في محافظة الحسكة، واطلق سكان المحافظة على ذلك الحي في بدايات الثورة ” توأم بابا عمرو ” نسبة للحي الحمصي الثائر في وجه النظام ،حيث انطلقت أولى مظاهرات حي غويران في وجه نظام الحكم في بدايات عام 2012 ليقوم الامن على اثرها بحملة اعتقالات طالت المتظاهرين وعدد من أقاربهم , الا أن أبناء الحي اصرّوا على التظاهر بل جعلوا من الحي مكان لتجمع أبناء بقية الاحياء المنتفضة بوجه النظام في مظاهرات مسائية شبه يومية هناك بالإضافة الى مظاهرات حاشدة خرجت أيام الجمع وصل عدد المتظاهرين في بعضها الى ما يزيد عن 10 الالاف متظاهر والتي كان معظمها ينطلق من الجامع الكبير في الحي عقب صلاة الجمعة وينتهي في شارع السد بمشاركة من مختلف أطياف المدينة من المسلمين والمسيحيين والاكراد.
نال حي غويران نصيبه من قمع قوات النظام للتظاهر السلمي , حيث تحول القمع من اعتقالات وقنابل مسيلة للدموع ورصاصا مطاطي الى رصاص حي اودى بحياة ” عبد الرحمن النامس ” اول شهيد يسقط في محافظة الحسكة لتبدأ بعدها قوات النظام في سلسلة من الاعمال القمعية على مدى عامين حاول فيهما النظام وأد الثورة في محافظة الحكسة دون جدوى.

بدء الحراك العسكري :
نتيجة عنف الثورة في مقاومة انتشار الثورة لجئ العديد من أبناء حي غويران الى خارج المدينة متخذين من بعض قرى وبلدات المحافظة مركزا لهم لبدء عملهم المسلح كما انخرط قسم كبير من أبناء الحي في التشكيلات العسكرية التي ظهرت في محافظة دير الزور وبادية حمص، الى ان وصلت طلائع الثوار الى مدينة راس العين متمكنين من تحريرها من يد النظام حيث كان لواء ثوار حي غويران على راس قوات الثوار التي دخلت مدينة راس العين مقدمين العديد من الشهداء والتضحيات هناك , ثم انتقل الثوار الى داخل حي غويران واخذوا في مقاومة النظام من هناك حتى اعلنوا الحي محررا بالكامل ليكون هو الحي الوحيد الذي تم تحريره في عموم مدينة الحسكة وانتقلت السلطة فيه من يد النظام الى يد الثوار من أبناء الحي ضمن حاضنة شعبية كبيرة لهم هناك وانضمام معظم أبناء الحي الى فصائل الثوار فيه.
ما ان اعلن الثوار تحرير الحي حتى بدء النظام بسياسة الحصار والضغط على سكان الحي حيث نصب الحواجز التي فصلت حي غويران عن مركز المدينة ( حاجز حديقة الخابور ) تلاها نصب حاجز اخر عند دوار الرصافة المعروف باسم دوار الباسل نسبة لوجود تمثال لباس الأسد هناك والذي حاول الثوار استهدافه عدة مرات , بعد اشهر من الحصار تكمن النظام من فرض سيطرته على الفيلات الحمر من الجهة الشرقية للحي ناصبا حواجز له هناك ( حاجز دوار الجندي المجهول – حاجز الفيلات الحمر من الشرق )،أسس النظام ميليشيا الدفاع الوطني في الحسكة بقيادة بسام العرسان لتكون القوة العشائرية التي يضرب بها ثوار محافظة الحسكة وتمكنت تلك الميليشيات من خنق حي غويران بشكل كامل بعد ان نشرت عناصرها في الفيلات الحمر التي كانت معبرا للدخول والخروج من الحي.
واستمر الحال على ما هو عليه الى أن بدأت حملة تنظيم الدولة مؤخرا في محافظة الحسكة والتي تمثلت بهجوم عناصر التنظيم على فوج الميلبية 121 ومحاولة اقتحام المدينة وضرب حواجز النظام على أطرافها , مما استدعى النظام ان يعيّن احد قيادات الفرقة 17 سابقا بالرقة لاستلام زمام الأمور في مدينة الحسكة الى جانب الحاكم العسكري السابق وليد الدسوقي قائد فوج كوكب والمعروف بميوله الكبيرة لوحدات حماية الشعب الكردي مما يعزز تعاون النظام مع الوحدات الكردية في مواجهة تقدم تنظيم الدولة.
شكل الحاكم الجديد غرفه عمليات مشتركة ضمت رؤساء الافرع الامنية وقيادات الدفاع الوطني والسوتورو وجيش الكرامة اضافه الى الجيش النظامي والمحافظة والحزب، هذا الغرفة كانت اول قرراتها ان يتم تطهير المدينة من ” المجموعات المسلحة ” واولها حي غويران والعزيزية، وبدأت بعدها المواجهات القوية بين تنظيم الدولة من جهة وقوات النظام مع الوحدات الكردية من جهة والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم .

خاتمة :
تعرض حي غويران على مدار الأشهر السابقة للقصف بجميع أنواع القذائف من الهاون الى المدفعية الى الدبابات الى رشاشات الثقيلة مما جعل اكثر من نصف مساحة الحي مدمرة بشكل شبه كلي , وقد قدم الحي خلال الثوار ما يزيد عن 120 شهيد واكثر من 500 معتقل لا يزال مصير الكثيرين منهم مجهول حتى يومنا هذا.

حسكة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى