التقارير الكتابية

13 تشرين الأول 1990.. عندما أنهى النظام السوري تمرد ميشال عون بـ قصر بعبدا

لا يعتبر يوم الـ 13 تشرين الأول يومًا عاديًا بالنسبة لأنصار التيار الوطني الحر وقاعدته الشعبية، إنه الذكرى التي تعود بهم إلى عام 1990، وإلى قصر بعبدا، المكان الذي يعتبرونه “قصر الشعب”، الذي اجتاحته قوات النظام السوري في تلك السنة، قبل أن ينطلق ميشال عون في رحلته إلى المنفى الباريسي.

مجزرة 13 تشرين الأول

وقعت مجزرة 13 تشرين الأول عام 1990، خلال الفترة الأخيرة من الحرب الأهلية اللبنانية، عندما أعدم النظام السوري المئات من جنود الجيش اللبناني، بعد هروب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون من قصر بعبدا إلى السفارة الفرنسية واستسلامه.

ودعا عون في ذاك الوقت كافة قطع الجيش وألويته وأفواجه إلى أخذ الأوامر العسكرية من العماد إميل لحود، الذي كان يقود قسم من الجيش في تلك الفترة.

وقائع سابقة

في عام 1988، وقبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية أمين الجميل، جرت مفاوضات سورية – أمريكية لاختيار بديل يخلفه، فكان التوافق على نائب عكار مخايل الضاهر، لكن الزعماء المسيحيين (القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، الكتائب اللبنانية بقيادة أمين الجميل، البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، قائد الجيش العماد ميشال عون) رفضوا هذا الخيار، فكان التحذير الشهير المنسوب للمبعوث الأمريكي ريتشارد مورفي “مخايل الضاهر أو الفوضى”.

في هذا الوقت، كان يسعى أمين الجميل لدى السوريين والأمريكيين لتمديد ولايته سنة أو أكثر لحين الاتفاق على مرشح آخر، لكن جهوده باءت بالفشل، فعمد قبل انتهاء ولايته بساعات قليلة في ليل 22-23 أيلول 1988، إلى تسمية قائد الجيش العماد ميشال عون رئيسًا للحكومة لحين إجراء انتخابات رئاسية، وتعيين أعضاء المجلس العسكري وزراء في الحكومة.

لكن الضباط-الوزراء المسلمين الثلاثة في هذه الحكومة أعلنوا استقالتهم، وأصبحت حكومة عون تحكم المناطق المسيحية، وحكومة سليم الحص المستقيلة في المناطق الإسلامية.

حرب التحرير

في الـ 14 من آذار عام 1989، أعلن ميشال عون حرب تحرير لبنان من قوات النظام السوري “الردع”، فاشتعلت المعارك في بيروت والجبل بين الجيش اللبناني الموالي لعون وقوات “الردع” السورية والميليشيات المؤيدة لها.

بعد ذلك، وفي عام 1990، أقر النواب اتفاقية الطائف، وتم انتخاب النائب الياس الهراوي رئيسًا للجمهورية، وبقي عون في قصر بعبدا معلنًا نفسه رئيسًا شرعيًا للحكومة.

الاجتياح كما يرويه الهراوي

في كتابه “عودة الجمهورية من الدويلات إلى الدولة” يشرح الرئيس الأسبق الياس الهراوي عمليات التحضير لإنهاء “حالة العماد ميشال عون”.

ويروي، أنه في “الثامن من آب 1990 عقد مجلس الوزراء جلسة غاب عنها الوزير وليد جنبلاط لوجوده خارج لبنان وقرر خلالها الموافقة على إنهاء حالة التمرد العسكري ووضع خطة عسكرية مشتركة مع النظام السوري”.

وفي التاسع من تشرين الأول 1990 عقد مجلس الوزراء جلسة لحسم موضوع إنهاء حالة العماد عون بعد موافقة حافظ الأسد على ذلك، مع رغبة الأخير تزويد حكومته كتابًا خطيًا يطالب فيه لبنان رسميًا مساعدته في هذا العمل.

ويتابع الهراوي، “قرر مجلس الوزراء تأكيد قراره السابق المتعلق بإنهاء حالة تمرد بعض الضباط والجنود عسكريًا ووضع حد نهائي لحركة العصيان والتمرد التي يقودها عون، والطلب إلى القوات السورية المتمركزة في لبنان مؤازرة الجيش اللبناني في تنفيذ المهمة الموكلة وبسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية والتفويض إلى رئيس الجمهورية إعلام القيادة السورية العليا بمضمون هذا القرار”.

ويتابع الهراوي سرد ما جرى فيقول، “بعد جلسة مضنية بمجلس الوزراء، اتصلت بالرئيس الأسد وقلت له أن مستشاري فارس بويز سيحمل إلى دمشق القرار الذي تم الاتفاق عليه، وأني حملته رسالة موجهة إليك سيسلمها إلى عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي إذا لم يسمح وقتك باستقباله شخصيًا”.

وقد تم إعلام الهراوي بواسطة العميد غازي كنعان، أن قيادة النظام السوري حددت موعد الهجوم على قصر بعبدا ومناطق عون عند الساعة السادسة من صباح يوم السبت في 13 تشرين الأول.

بينما كانت مفاوضات سرية تجري بين ضباط من قبل عون وضباط سوريين، ما أشعر عون أن لا هجوم في القريب، كما يقول الهراوي.

ويضيف، أنه عند الساعة المحددة (6 صباحًا) لم تحصل أي تحركات فاتصل الهراوي بقيادة الجيش وقائده العماد إميل لحود فأكد أن العملية في موعدها بعد ساعة والسبب أن التوقيت في سوريا يختلف عن لبنان في ساعة.

اقرأ أيضاً : طائفية مذهبية .. الحرب الأهلية اللبنانية , حرب الآخرين على أرض لبنان !

أول غارة

عند الساعة السابعة بتوقيت بيروت، أغارت طائرة سورية على منطقة بعبدا وألقت قنابل على القصر، بينما كانت وحدات من الجيش السوري تتقدم نحو القصر الذي بلغته عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا، في وقت انتقل فيه عون وعدد من مساعديه إلى السفارة الفرنسية في الحازمية طالبًا اللجوء.

وطلب عون من قواته تلقي الأوامر من قيادة العماد إميل لحود، لكن هذا لم يمنع استمرار وحدات أخرى من القتال وحدثت معارك وحتى مجازر في عدة مناطق سقط فيها عشرات العسكريين والمدنيين اللبنانيين.

كما اعتقلت القوات السورية مئات العسكريين والضباط ونقلتهم إلى سوريا وتمكنت قوات حافظ الأسد من إحكام سيطرتها على المناطق الخاضعة لسلطة ميشال عون وبالتالي أحكمت سيطرتها على كل لبنان.

ومثل هذا الهجوم نهاية الحرب الأهلية في لبنان، حيث بقيت قوات النظام السوري والتي عرفت بقوات “الردع” مهيمنة على الحياة السياسية في البلاد للسنوات الخمس عشرة التالية، تحت رعاية اتفاق الطائف، حتى انسحبت عام 2005 بعد احتجاجات عارمة أعقبت اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

اقرأ أيضاً : بالفيديو|| عون: سيذهب لبنان إلى “جهنم”.. ومعضلتا تشكيل الحكومة وإلغاء المحاصصة الطائفية بلا حل

زر الذهاب إلى الأعلى