الشأن السوري

مدينة الأتارب المنكوبة …. تعرّف إليها في الماضي والحاضر

الأتارب مدينة تاريخية قديمة فيها العديد من الآثار والمواقع التاريخية والأثرية وهي مدينة و مركز ناحية في منطقة تابعة لمحافظة حلب و تقع بريفها الغربي شمال سوريا ، و يبلغ عدد سكانها أكثر من عشرين ألف نسمة.

وتحدث مراسل وكالة خطوة الإخبارية في المنطقة عن أنّ مدينة الأتارب تشتهر بأهميتها التجارية و يوجد فيها سوق كبير يعتبر سوق شعبي رئيسي للمناطق المحيطة بالمدينة يأمّه الناس من كافة الأماكن و يقام فيه بازار الأتارب ، ومن الناحية الزراعية تشتهر بكافة أنواع المزروعات حيث أن المساحات الأراضي الزراعية تمتد لمساحات كبيرة و تفيض بالخيرات.
كما تعرضت الأتارب منذ خروجها عن سيطرة النظام لقصف مدفعي و جوي ممنهج كما ارتكبت عدة مجازر بحق المدنيين من طائرات النظام السوري كان أكبرها بتاريخ 24-4-2014 باستهداف سوقها الشعبي موقعة مجزرة كبيرة سميت مجزرة سوق الدم التي راح ضحيتها 40 قتيلاً من المدنيين وعدد كبير من الجرحى آنذاك..

و أضاف مراسل الوكالة أنّ حمام الدم لم يتوقف عن استهداف المدينة يوماً ما و يعتبر الشهران الماضيان الأكثر دموية حيث تعرضت المدينة لسلسلة غارات جوية مكثفة هي الأعنف من نوعها من حيث الكم والكيف أوقعت مجازر عدة بحق المدنيين متمثلة في مجزرة السوق الشعبي الشريان الاقتصادي للمدينة فسوق الأتارب شهد أربع مجازر كان آخرها يوم الثلاثاء الثاني من الشهر الجاري.

وما زالت مدينة الأتارب التي يمكن أن تعد مدينة منكوبة نتيجة الغارات الجوية الروسية و السورية حيث تشن هذه المقاتلات الحربية عشرات الغارات الجوية يومياً على المدينة موقعة قتلى و جرحى بينهم نساء وأطفال امتلأت شوارع المدينة بأشلائهم وحيثما سرت في المدينة تجد بقايا المحال و المنازل التي اختلط بترابها دماء قتلى من المدينة أو نازحين فيها.

و أمّا عن الوضع الطبي و الإسعافي في المدينة فقال مراسل الوكالة إنّ رجال القبعات البيضاء في الدفاع المدني لم يكونوا بمنأى عن المجازر ببعيد حيث استهدف مركز الدفاع المدني في مدينة الأتارب أكثر من مرة و أصبحت منظومته شبه خارجة عن الخدمة إلا شيء يسير منها بعتاد و معدات بسيطة تستعمل لرفع الأنقاض للبحث عن ناجين كتبت لهم الحياة .. كما ولا يخفى على أحد صعوبة عمل متطوعي الدفاع المدني التي تتجلى أكثر في مناطق الاستهداف ناهيك عن وقوع قتلى، و جرحى في صفوفهم .
و أضاف مراسل الوكالة أنّ مشفى الأتارب المدني الوحيد لم يكن بمنأى عما يحدث في المدينة الثكلى بأبنائها حيث تعرض و بشكل مباشر إلى الغارات الجوية التي دمرت غرفة العمليات الوحيدة وغارات أخرى أخرجته عن الخدمة في الثالث والعشرين من شهر تموز الفائت، و من يصاب اليوم يتم نقله إلى تركيا الأكثر بعداً و بصعوبة بالغة .

و ذكر مراسل الوكالة إنّ الغارات الجوية العنيفة دفعت بسكان مدينة الأتارب إلى نزوح غالبيتهم إلى مناطق أقل قصفاً فمنهم دفعت به ذات ضيق اليد وعسر الحال إلى الالتجاء لمخيمات قريبة من المدينة فوق تلال لاهبة يسكنها نازحون فرّوا من جحيم القصف الجنوني في الشمال الحلبي لكن أبت طائرات النظام و حليفه الروسي إلا أن تطاردهم و تستهدفهم بعشرات الغارات الجوية حاصدة أرواحهم دون تمييز بين طفل أو امرأة و قد أحالت خيامهم رمادا أسوداً وحياتهم حزناً ومأتماً ، ويتساءل أحدهم بأي ذنب قتل أطفالي؟! و يقول آخر ودمعة في عينيه : أين المفر ؟
أما عن وضع الأهالي داخل المدينة والتي تأوي عدداً كبيراً من النازحين فقال مراسل الوكالة أنه أصعب من أن يوصف فالغارات الجوية المكثفة والعنيفة المتكررة يومياً فرضت عليهم وضعاً جديداً، مفنهم من اختار هجر مسكنه كلياً و منهم من بقي ينتظر قضاء الله و قدره، و يعيش على بعض ما يدّخره من قوت له و لأبنائه، و أما سوق المدينة الوحيد فيها قد أصبح مدمّراً بشكل كامل وأغلقت باقي المحلات التجارية أبوابها إلا النادر منها، فلا مساجد تقام فيها الصلاة و لا مدارس يقصدها الطلبة شوارعها حزينة تكاد تخلو من المارة ، و السائر فيها يتساءل أين أناسها ؟؟
و أشار مراسل الوكالة إلى أنّ من بقي منهم التزم بيته.. حقاً إنها مدينة منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة ..

وعند تجول مراسل الوكالة فيها لدقائق وقد راعه ما شاهد من دمار وخراب، فرائحة الدم تملأ شوارعها حيث سأل المراسل أحد قاطني المدينة لماذا تقصف مدينتكم هل يوجد فيها مقرات عسكرية ؟؟ أجاب : هل رأيت وأنت تتجول فيها أي ثكنة عسكرية باستثناء مجلس الحي الذي يتفقد البيوت ويحرسها ويساعد المنكوبين قال المراسل : لا.
وسأل آخرين جميعهم نفوا وجود أي تواجد عسكري باستثناء الشرطة المدنية التي كانت توفر الأمن للسكان قبل أن تنكل به تلك الغارات الآثمة، و الآن اقتصر دورها على مساعدة المنكوبين وحراسة ما تبقى من ممتلكاتهم.

كما سأل مراسل الوكالة بعضهم عن سبب قصف مدينة الأتارب فبعضهم أرجع ذلك إلى دافع الانتقام من أهل المدينة خاصة و بلداتها عامة لفرض حالة من اليأس على المناطق المحررة بإقامة أي شكل من الدولة المدنية المستقرة ، و بعضهم أرجع ذلك لتقدم الثوار في بعض الجبهات في مدينة حلب، فيما عزا بعضهم ذلك إلى اتباع النظام وحليفه الروسي إلى سياسة الأرض المحروقة التي استخدمتها روسيا في الشيشان وغيرها باعتبار هذه الطريقة ناجعة في إرغام الثوار على القبول بتسويات و مصالحات تمهيداً للقضاء على الثورة والعودة بالبلاد إلى عصا الطاعة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى