الشأن السوري

قراءة سياسية حول إقالة “أبو اليقظان المصري” والشكل الجديد لتحرير الشام !!

ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرًا، بخبر استقالة الشرعي العسكري في هيئة تحرير الشام “أبو اليقظان المصري”، والذي طالما أثارت تصريحاته وتسجيلاته المصورة سخط السوريين، وكان آخرها سجوده عند دوار مدينة دارة عزة غربي حلب فرحًا بالسيطرة عليها.

وبدأت تحرير الشام بالتراجع عن معتقداتها المتشدّدة تدريجيًّا، منذ فك الارتباط عن تنظيم القاعدة، وحتى تصريحات قائدها أبو محمد الجولاني الأخيرة، في محاولة منها للظهور بشكل معتدل، وللحديث عن هذا الشأن، أجرت وكالة “ستيب الإخبارية” استطلاع رأيٍ مع عدد من السياسيين المطلعين على الشأن السوري، وكانت الآراء التاليَّة:

الباحث في مركز عمران للدراسات “محمد منير الفقير”                                        1

لا يُمكن الاقتصار على الأسباب المسلكيَّة، أو التنظيميَّة في تفسير استقالة شرعي الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام “أبو اليقظان المصري” كونه رفض الامتثال للضوابط التنظيميَّة بالنسبة للتصريحات والمواقف المعلنة، بمعزل عن السياق السياسي العام سواء المرتبط بالمواقف الدوليَّة والإقليميَّة فيما يتعلَّق بمصير إدلب، وبقية المناطق الخارجة عن سيطرة النظام أو بتطورات المشهد الميداني في المحافظة وجوارها.

فعلى المستوى الإقليمي والدولي يُحاول الجولاني التكيُّف مع الضغوط المتصاعدة عند كل استحقاق سواء عبر تغيير العناوين، أو استبدال البنى والشخوص، أمَّا على المستوى المحلِّي، فتتناقص الحاجة لدى الجولاني للأدوات المتشدَّدة بالتوازي مع تزايد سيطرته ونفوذه، وهو إذ يتخلَّى عن أبي اليقظان كـ “عنوان للحالة الغير سوريَّة في المشهد العسكري المعارض”، ويُحاول تكريس نفسه كبديل محلِّي معتمد، ومشروع على الطريقة الحزبلاوية.

قائد حركة تحرير وطن المتواجدة شمالي حلب العقيد الركن “فاتح حسون”                              2

منذ فترة وهيئة تحرير الشام، تعمل على الانعطاف باتجاه الاعتدال في الخطاب، وأن تكون تصريحات قادتها مدروسة ومضبوطة، لكن كانت تصريحات البعض من قيادييها وشرعييها، تُثبت أنَّها “لم تفلح في ذلك”، وفي مقدمة هؤلاء أبو اليقظان بتصريحاته وإفتاءاته، وبالتالي أدَّت خطوة لجمه عن المضي بهذه التصريحات المتطرفة إلى استقالته من الهيئة، ولا أعتقد أنَّ ضبط أقوال قادة وشرعيي الهيئة يكفي، بل لا بدَّ أن يُواكب ذلك اعتدال بالأفعال، بعد تصحيح الأخطاء السابقة التي وقعت بها الهيئة مرارًا، وردّ المظالم لأهلها.

الباحث في مركز جسور للدراسات “عبد الوهاب عاصي”                                              3    

في حال ثبتت استقالة أو إقالة “أبو اليقظان المصري” فإنَّ هذا الحدث يندرج ضمن سلوك قيادة هيئة تحرير الشام الساعيَّة لإعادة تعريف نفسها كتنظيم سلفي جهادي – محلِّي لا يُشكّل خطرًا على السلم والأمن الإقليمي، أو على الأقل لا يتعارض معه، وهذا يتطلب بطبيعة الحال خطابًا إعلاميًّا مُغايرًا للخطاب الذي تتبناه “السلفية الجهاديَّة – العالميَّة”.

وفي حين كان العديد من الشخصيَّات داخل الهيئة تتماهى مع هذا التحوُّل مثل تصريح “الزبير الغزي” أحد أبرز شرعييها بقوله: إنَّ التنسيق مع تركيا بات ضرورة، كانت هناك شخصيَّات أخرى لا تسير مع حالة إعادة التعريف الذي تسير عليه الهيئة مثل أبي اليقظان الذي صرّح قبل أسابيع بأنَّ العمليَّة العسكريَّة التركيَّة شرق الفرات هي حرام، في تناقض تام مع تصريحات الجولاني اللاحقة التي أيَّد فيها تحرُّكات أنقرة.

وما إعلان لجنة الإشراف والمتابعة العليا في الهيئة عن منع وسائل الإعلام الشخصيَّة والعامة التابعة لها من عدّة أمور أبرزها “إصدار الفتاوى والأحكام قبل اعتماد المجلس الشرعي العام لفتوى معينة”، وما ذلك إلَّا لضبط سلوك التنظيم بشكل يتماهى مع التحوُّل نحو المحليَّة، وهذا بالضرورة سوف يدفع لخلافات داخليَّة من طرف ولاستقالات من طرف آخر، وقد يلجأ الرافضون لهذا النهج إلى تنظيم حراس الدين أو أحد تشكيلات “حلف الإسلام”، لكن أعتقد أنَّ قيادة تحرير الشام سوف تستبق هذا السيناريو بتقويض حركة ونشاط هذه التنظيمات الجهاديَّة التي تتبنى السلفيَّة المعولمة.

الناشط السياسي “خالد أبو صلاح”                                                                   4

أبو اليقظان المصري هو مجرَّد أداة من أدوات قيادة هيئة تحرير الشام، وكانت الهيئة بحاجته في مرحلة حشد الجنود لقتال الفصائل والتحريض عليها، وحاليًّا انتهت هذه المرحلة، وأصبح هذا الشرعي عبئًا على استراتيجيَّة الهيئة الجديدة التي تُحاول أن تتوسَّع في الجانب المدني، بعد ما اطمأنت على الجانب العسكري، عبر إنهاء جميع الخصوم وحتَّى المنافسين.

الباحث في الشأن السوري “عباس شريفة”                                                5

دائمًا ما كانت تنظيمات السلفيَّة الجهاديَّة تحمل في بنيتها عوامل التشظي والتشقّق بسبب البنيَّة الفكريَّة الهشة التي لا يُمكن أن تستوعب السياسة البرغماتيَّة الفاقعة التي ينتهجها الجولاني، لذلك كان لابدَّ من التخلُّص من الأصوات الشرعية المستهلكة بمرحلة ماضيَّة، ضمن سياسة تنتهجها قيادة تحرير الشام في استبعاد الشخصيَّات ومنها “أبو اليقظان” التي تؤثر سلبًا على هدفها في البحث عن التعويم السياسي بين الدول.

ومستلزمات الصراع الداخلي مع الفصائل الثوريَّة الذي حُسم لصالح تحرير الشام، كانت تستلزم وجود خطاب راديكالي مثل خطاب “أبو اليقظان”، بينما مستلزمات المرحلة القادمة التي تبحث فيها قيادة تحرير الشام عن دور وظيفي في المناطق التي تسيطر عليها سيكون مثل هذه الخطابات مضرة جدًا في الصورة التي تُريد رسمها، ولا سيّما مع استعداد تحرير الشام لخوض معركة ضد تنظيم حراس الدين التابع للقاعدة.

الكاتب والباحث السوري “أحمد طلب الناصر”                                        FB IMG 1549123320358

إقالة أو استقالة “أبو اليقظان المصري” ليست قضية داخلية مناطة بالهيئة، بل هي جزء من التفاهمات المطروحة حول مستقبل إدلب، وحلّ إشكالية تواجد الفرع “القاعدي” فيها، والمعروف بأنّه يُمثّل الجانب الأكثر تطرّفًا وتشدّدًا، بالإضافة إلى قيادات أخرى ستشهد الهيئة استبعادهم بجميع الطرق الممكنة والمتاحة لإنقاذ إدلب من المصير المدمّر الذي لقيته مؤخرًا المناطق المسيطر عليها من قبل تنظيم “داعش”.

وباعتقادي، سيتبع ذلك، حلّ لـ “حكومة الإنقاذ”، ليتم بعدها تشكيل حكومة جديدة (بديلة لها، وللحكومة المؤقتة) تقوم بإدارة كامل الشمال السوري المحرّر.

https://youtu.be/JJiqTp7W1xo

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى