الشأن السوري

حوران بين قهر الحصار وفتك ويلات الشتاء

مع دخول فصل الشتاء أسابيعه الأولى بدأت معه البرودة القاسية أوضاع إنسانية صعبة يعيشها أهالي المناطق المحررة من محافظة درعا مما تعرضت له من حصار من قبل قوات النظام و منع دخول المواد الأولية اللازمة للمعيشة من مواد غذائية و لوازم التدفئة من وقود وغيره حيث يمنع دخول الوقود إلى المناطق المحررة إلا عن طريق أشخاص محددة هم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وهم على صلة بعناصر قوات النظام الفاسدين الذين يسهلون لهم أعمالهم و يمدوهم بالوقود ولكن بأسعار مرتفعة ليعود التاجر الرأسمالي المحتكر ليبيعها لتجار صغار بأسعار مرتفعة أكثر أيضا من ذلك السابق لتصل للمواطن بسعر مرتفع جدا بحوالي 500 ليرة سورية للتر الواحد من الديزل وهو سعر مرتفع جدا لا تقوى أغلب العائلات على شرائه مما دفع العديد من العائلات إلى اللجوء لقطع الأشجار المثمرة أولا من الزيتون وغيره ومن لم تتوفر لديه أشجار في بيته أو بستانه فيدفع بأناس كثر إلى قطع الأشجار الحراجية من الأحراش و الحدائق الواسعة التي كانت تشتهر بها محافظة درعا مما أسفر إلى القضاء على الثورة الحراجية وفقدان محافظة درعا لمناظر خلابة كانت تشتهر بها .
حيث تلاحظ أن الحياة في أغلب البلدات قد عادت عقودا إلى الوراء في ريف حوران بعد ندرة مادة الوقود المخصص للتدفئة وارتفاع أسعارها وعدم قدرة المواطن على شرائها , وذلك بعد أن أصبحت الأخشاب وقود العائلات المحاصرة في جميع المناطق المحررة من أجل التدفئة كما أنه وبعد غلاء مادة الغاز المخصص للطبخ لتجد الأخشاب بديلا أيضا في عملية الطبخ .
في حين أنه هناك من هم حالهم أكثر سوءا وخاصة بعد منع قطع الأشجار الحراجية في المناطق المحررة من قبل عدد من الفصائل واحتكار قطع الأشجار وبيعها على عدد محدد من الأشخاص ليعود احتكار الأخشاب بالرغم من الاحتكار السابق للوقود مما دفع بعض العائلات إلى شراء الأخشاب ولكن يبقى بتكلفة أقل بكثير من الوقود بتكلفة تقارب عشرون ألف ليرة سورية للطن الواحد كمعدل وسطي ..
بينما هناك عائلات فقيرة فقدت معيلها أو فقد معيل الأسرة عمله السابق قبل الثورة مما لا يمكنه من دفع أي مبلغ من أجل شراء الأخشاب مما دفع بهؤلاء إلى اللجوء لتكسير أثاث بيتهم قطعة تلو الأخرى من أجل إيجاد شيء ما من أجل التدفئة أو طهي الطعام وإلى جانب ما يمكن تكسيره من خشب الأثاث، هناك ما يمكن العثور عليه في البيوت المدمرة من قطع خشب و أثاث مكسور يعد مصدرا للخشب الذي يعتبر ذو مصدر مجاني دون مقابل و هذه الأخشاب كانت في وقت سابق أثاثا في بيوت لعائلات تعيش حياة طبيعية، وكل ذلك في إطار الصمود في المناطق المحررة وتحدي الحصار الذي يفرضه قوات النظام ليعود التاجر المحتكر ليفرض حصارا آخر ضمن حصار .
كما تعاني العديد من المدارس التي تقع في المناطق المحررة والتي لا تزال خاضعة لحكم الأسد من فقدان مادة المازوت مما دفع الكثير من الطلاب للتغيب عن الدوام المدرسي بطلب غير مباشر من إدارة المدرسة وعدم الحضور عند انخفاض درجات الحرارة واشتداد برودة الطقس بسبب عدم وجود مادة المازوت في المدرسة , في حين أنه في مدارس أخرى وجدت استخدام الكتب القديمة والأثاث البالي لتدفئة الأطفال بعد تقديم كمية قليلة من الأخشاب من المجالس المحلية وعدد من اللجان لهذه المدرسة أو تلك .
في حين لا تزال مادة الديزل متوفرة وبشكل كبير جدا لآلات قوات النظام و مدرعاته الحربية وسلاح الجو الحربي من أجل قمع الثورة المباركة الذي يقصف بالمدنيين ليلا نهارا دون كلل أو ملل مما أسفر عن تدمير ما يفوق 80 % من الأحياء السكنية و المدارس و البنى التحتية في المناطق المحررة من محافظة درعا .
ربما لا يعرف أهالي محافظة درعا إلى متى ستطول معاناتهم، ولا أي غد ينتظرهم، فكل ما يمكنهم فعله هو تدبر أمور يومهم وفقا لما يتطلبه حصار جائر تشنه قوات الأسد بمساعدة غير مباشرة من تاجر محتكر على البشر والحجر غير مكترث ببقاء هؤلاء المدنيين على قيد الحياة أم لا .

 

20141220_080155

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى