تحميل سعر البتكوين... | تحميل الدولار مقابل الليرة التركية... | تحميل الدولار مقابل الليرة السورية... | تحميل الدولار مقابل الدينار الجزائري... | تحميل الدولار مقابل الجنيه المصري... | تحميل الدولار مقابل الريال السعودي...
مسابقة خطوة 2014

تقاسيم على لحن الكرامة ..

اسم المتسابق / ة : بهاء حمدان
ملاحظة : المقالة المشاركة بالمسابقة لا تمثل رأي الوكالة بل تعبر عن رأي المتسابق فقط دون ان تتبنى الوكالة اية افكار او اراءا شخصية مذكورة ضمن المقالة

تقاسيم على لحن الكرامة ..
لنبدأ بأمنية ..
تلك التي يحلم بها السوريون على انتشارهم القسري في هذا العالم ..
أظن بأنها تراودنا كلنا .. نحن الذين نسمي أنسفنا ” ولاد البلد ” ، في كلِ تفصيلٍ من تفاصيل حياتنا الجديدة القديمة .. تعود تلك اللحظات لتباغت شعورنا المزيف بالأمان وترميه بعيداً لتثبت لنا مجدداً أننا ” مهجرون ” .
فذلك واحدٌ من تلك الصباحات المكررة التي يعيشها ابن العشرينات في مغتربه ..
قهوته الجديدة .. ذات الرائحة التي مهما تكررت ستبقى تذكره بعبق قهوة أمه القديمة .. وألحان يعرفها تعود لتذكره أيضاً بالصباح السوري الذي اعتاد أن يبدأ أيامه به .
يحاول تفادي نداء الماضي ويصم آذانه عنه كي يستطيع متابعة نهاره كالمعتاد . وكالمعتاد يبدأ بروايته المهترئة محاولاً أن يتجنب رغبته بمعرفة ما حصل ليلة البارحة هناك .
يقرأ ويبحث .. يقرأ ما اعتاد عن أعداد الشهداء ويبحث بين أسمائهم وفي جوانحه يرتعد ذلك الخوف المؤلم الذي لم يستطع اعتياده بعد .
يمر على أسماء المناطق والمدن ومع كل مدينةٍ تعود ذاكرته لتخبره بمن يعرفهم هناك ..
تلك الذاكرة المتعبة بما تحمله من لحظاتٍ ومواقف تأخذهُ بعيداً عن واقعه الحالي وترميه في تفاصيل مر بها في تلك الرحلة العقيمة التي لا زال ندمه عليها ينخز خاصرته كل ليلة .
لن يستطيع الوصول الى حلمه بالنسيان .. كيف له أن ينسى تلك المشاهد المارة في ذاكرته بواقعيةٍ تفوق ما يدور أمامه حقاً .
فوجه ذلك الخمسيني .. صاحب التضاريس التي خطها الزمن في ملامحه ، بوقفته وانحنائت ظهره وصوته الخشن .. يحمل فوق كتفيه حفيدته السمراء .. مقاتلاً .. مكافحاً .. من أجل أن يقطع تلك الصحراء ليصل الى ما يسمى ” مخيم ” هارباً بحفيدته الى ما يأمل بأنه ” أمان ” .
وتلك النسوة اللاتي يعرفهن جيداً .. ويعرف كم تحمل الواحدة منهن من عنفوانٍ وطهارةٍ وكرامة .. يعاندن تلك الريح الصفراء الصحراوية المقيتة من أجل أن يعدن الى خيامهن بقليلٍ من الماء .
أما تلك الفتاة التي كانت أحلامها الحائرة في يوم من الأيام تأخذها شرقاً وغرباً. بذلك الوجه الذي تحاول ملامحه اخفاء الألم بلا جدوى . تقف مجبرة لتبيع ما تحمل في محاولةٍ لسد رمق أمها العجوز وأخيها المصاب بعد أن طحنت الحرب قدماه .
بين مخيمات صحراوية وأخرى ثلجية .. ومحاولات للعيش في وسط موبوء بالعنصرية . يحاولون فقط .. أن يبقو على قيد الحياة .
يترك روايته التي لم يعد يذكر منها شيئ . ويستسلم لتلك الطعنات التي يتلقاها من ذاكرته كل حين .
يتسائل مجدداً عن السبب الذي دعاه الى ارتكاب تلك الحماقة وعن الخواطر التي تداعت الى مَنطِقِه ليرى أنه ما من مهرب أمامه الا البحر . ذلك البحر الذي ابتلع ابناء جلدته أمام عينيه .. ذلك البحر الذي لازال يذكر جيداً كم من الآمال كان يزرع في نظرات الذين كانوا ينتظرون أن يقطعوه .
” مجانين ” قالها بصوتٍ سمعه من كان معه .
كيف لا وهم من اختاروا الموت غرقاً .. كيف لا وهم من ألبسوا اطفالهم ستر النجاة التي لم تنجيهم لاحقاً .
ضمن تلك الثورة التي اجتاحته ضد من قام بما قام به .. عاد لرشده قليلا ً وبدأ اعوجاج تفكيره بالاستقامة .. فهل هم المجانين أم من كان يعاملهم كالبضاعة في مركبٍ مهترئ هو كذلك ..
هل هم من فقدوا خوفهم من الموت أم من كان يمنع عنهم سبل الحياة في بلادٍ طالما اعتبروها ” شقيقة ” هو من جعلهم كذلك .
هل موتهم غرقاً في سبيل أن يشعروا بقيمتهم كبشر هو الخطيئة أم ذلك الذلُ الذي كانو يتجرعونه يومياً في تلك الخيام .
أدرك بعد أن أجاب على تلك الأسئلة بأنه إن وجد في هذا الكون شعباً عاقلاً فهم السوريون لاشك .
” يفكرُ منطقياً لوهلة ” …
كيف نقول بأن الانسان السوري ترك أرضه من أجل أن يعيش . لا هو لا يريد أن يعيش فقط ..
فالسوري هو من اختار الثورة .. والسوري هو من اختار أن يصرخ في وجه الظلم وهو من اختار أن يسافر من مدينةٍ الى أخرى كي لا يرى نفسهُ عاجزاً أمام من انتهك حقه بالكرامة .
والسوري هو من اختار أن يترك العرب بما حملوا .. ويخاطر بنفسه وبأولاده وبما يملك في سبيل أن يصل الى تلك المرحلة التي يستطيع أن يقول فيها ” أنا عايش” .
لأن الحياة في منظوره طالما كانت مقترنةً بالكرامة .. ولأن العيش في بلدٍ ظلمه وسلب حقه فيها لا يستطيع اعتباره عيشاً .. ولأن الموت يعتبر ثمناً منطقياً في سبيل ذلك الهدف الذي يسعى إليه … كل تلك الأسباب دفعت السوري الى اختيار ” الكرامة ” .
عاد الى واقعه .. هدء .. اطمئن .. أحس بأنه أقل غضباً .. وبدأت السكينة تدق باب خاطره لوهلة .. وكعادته عندما يكون هادئاً تذكر تلك الفتاة التي يحادثها من وقت لآخر .. عاد ليقول لها ” كيفك … لسا مصرة ما تطلعي ” .
hh

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى