الشأن السوري

سوريا تصبح ثلاثة بعد ميونخ .. و ماذا بعد ؟؟

تغيير استراتيجي مفاجئ , في موازين الحرب السورية التي هي بالأساس غير متوازنة ولم تعرف التكافئ يوماً, و لطالما كان اللعب بمكاييلها هو الطاغي على مدى السنوات الخمس الماضية , وتصاعدت بشكل واضح و فاضح من خلال ما وصل اليه الحال في كافة أرجاء سوريا بدء من أقصى الجنوب مروراً بدمشق و وصولا الى الشمال , علامات تعجب تسبقها اشارات استفهام و فواصل بين الاشتباك والآخر , و غموض يسطو على الحرب السورية , و أيدٍ خفية تلعب بالشعب السوري كما يلعب شخص باحتراف على مسرح الدمى و العرائس .

اليوم يطلق الثوار في درعا معركة ” و ان عدتم عدنا” لتبييض صفحاتهم بعد تخاذل دام اشهر , كان ينبغي أن تبدء المعركة منذ خمسة أشهر ,لتخفيف الضغط على داريا المكلومة , و ضرب النظام من القنيطرة و درعا من جهة و من الغوطة الغربية من جهة أخرى , لفك الحصار و الانتقال من مُحاصَر إلى محاصِر , فتخاذل ثوار درعا حينها تاركين داريا تصمد وحيدة بعد أن بدأت بالمطلوب منها بمعركة سميت حينها “لهيب داريا”
و التخلي عن داريا وحيدة ، جعل النظام يستفرد بها , ليبدأ الحملة الأشرس و الأعتى ، واستطاع النظام عزلها عن جارتها المعضمية ليقطع طريق الامداد الواصل بين البلدين في بداية الشهر الجاري , لتصبح أيقونة الثورة البقعة الوحيدة في وجه النظام في أقرب نقطة لمراكز قواته من القصر و الحرس الجمهوريين و فرقة “الموت” الرابعة.
هذا التطور الدراماتيكي جعل من المرجح سقوط المدينة اليتمية خلال أيام أو شهر على الأكثر , و تصبح حينها الغوطة الشرقية الوجهة الاخيرة للنظام , الذي سيستعيدها بعد أن مارس لعبة “كش ملك” بمشاركة المجتمع الدولي بحرفية لاعب الشطرنج .
فيما تشهد حلب وضع ضبابي , و حالة ذهول من قبل الجميع , كان آخرها تقدم جيش الثوار في مارع و تسلّمه مارع دون قتال من قبل الثوار اليوم , بعد ان أصبحوا في دائرة خانقة بين النظام و الاكراد و تنظيم الدولة , و سبقها تقدم وحدات الحماية الكردية في عزاز و وضعها تحت الحصار و تقدمها في كافة المناطق الحدودية , فيما سيطر النظام على المناطق التي استطاع الوصول اليها , و أمن الطيران الروسي الطريق بعدها للأكراد ليخفف العبئ عن قوات الأسد , وتبدأ وحدات الحماية بالتقدم , في فترة راحة للنظام بين شوطي المباراة .
حدث كل ذلك في ظل غياب واضح و صمت مطبق لفصائل الثوار في محافظة حلب و ريفها , و كأنهم ذرات ملح و ذابت , و السؤال المطروح أين النصرة و الأحرار و حركة الزنكي ووو وكافة الفصائل في حلب ؟؟ سؤال قد يحتاج للانتظار طويل لايجاد اجابة تقنع الثورة و أهلها .
من المضحك أننا نرقد في جحورنا , و سوريا كانت تقسم في ميونخ منذ أيام , تحت اجتماع يحمل مسمى “الدول المعنية بسوريا” , واالذي تم فيه تقسيم الكعكة بين الولايات المتحدة و روسيا , واللتان اتفقتا أن تقسمان سوريا الى ثلاث أجزاء , داعش في الشرق تتكفل بها السعودية , و منطقة تخضع للنظام السوري بعد استبدال الأسد , مع الابقاء على النظام الامني له , تمتد من الساحل وحتى درعا مرورا بدمشق و ريفها , و منطقة كردية في الشمال السوري , حسب ما جاء في صحيفة اسرائيلية .
و يبقى السؤال الأخير في أذهاننا , سوريا الى أين ؟ و الثورة الى أين ؟ و هل من سبيل للحفاظ على ثورة دامت خمس سنوات ؟؟ و هل ستكون نهاية الثورة السورية هنا و عند هذا الحد و تنصاع لما حيك لها أم سيكون هناك انتفاضة جديدة من الشعب السوري عما قريب ؟.

^80D136C549F54A55FF950794FFFE1F2336394E9B5CF0488859^pimgpsh_fullsize_distr

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى