حورات خاصة

إسرائيل تقرع طبول الحرب على إيران مع اقترابها من حلمها النووي.. والشرق الأوسط أمام كارثة

تتأهب إسرائيل منذ سنوات لتوجيه ضربة عسكرية محتملة لإيران توقف طموحاتها بإنتاج قنبلة نووية، ويرى خبراء بأن مساعي تل أبيب باتت “أكثر جدية” مؤخراً مع تعقد مفاوضات فيينا حول البرنامج النووي الإيراني.

وتشير معلومات وتقارير إلى أنه في حال وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، فإن سيناريو تدمير المنشآت النووية الإيرانية قد يكون بين الخيارات التي تدرسها واشنطن مع تل أبيب.

ومع تصاعد لهجة إسرائيل ضد إيران، حذّرت الأخيرة الأولى من مغبة اتخاذ ما وصفته بخطوة “خاطئة واحدة”، ونشرت وسائل إعلام مقربة من النظام الإيراني خريطة لأهداف محتملة داخل إسرائيل في حال نشوب أي تصعيد عسكري.

في وقت لا يعتقد فيه خبراء أمريكيين بهجومٍ وشيك على الرغم من زيادة حدّة التصعيد، تطرح الكثير من الأسئلة نفسها. للوقوف على المشهد الحالي والتصعيد الإعلامي بين إسرائيل وإيران، حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” كل من أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس وعضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي الدكتور مئير مصري، والخبير في الشأن الإيراني إسلام المنسي.

إسرائيل تقرع طبول الحرب على إيران مع اقترابها من حلمها النووي
إسرائيل تقرع طبول الحرب على إيران مع اقترابها من حلمها النووي.. ومنطقة الشرق الأوسط أمام كارثة طويلة الأمد

هل تشنّ إسرائيل ضربة على منشآت إيران النووية؟

يقول أستاذ العلوم السياسية مئير مصري: “أعرف أن لدى إسرائيل القدرة اليوم على توجيه ضربة قاسمة للنظام الإيراني من شأنها أن تعطل برنامجه النووي ذو الطابع العسكري لسنوات، من خلال حملة كبيرة و خاطفة على جميع المنشآت النووية وهي مرصودة”.

ويضيف: “عسكرياً، لدى إسرائيل الطائرات العابرة للرادارات، الوسائل اللازمة لتأمين العمليات من خلال تحييد منظومة الدفاع الجوي والقنابل الملائمة (وهي من نوع خاص وحديث) للأهداف النووية التي تقع جزئياً تحت سطح الأرض”.

ويتابع: “سياسياً، الظرف الدولي والإقليمي يبدو مواتياً. تستطيع إسرائيل في تقديري القيام بمهمة كهذه بشكل شبه انفرادي، بمساعدة دولة غير عربية قريبة وفي ظل وجود ضوء أخضر أمريكي، حياد خليجي وعدم تدخل روسي”.

ويرى المسؤول الإسرائيلي أن “التعقيدات تكمن في حتمية الرّد الإيراني”، مضيفاً “ليست لدى إيران قدرات جوية أو بحرية تذكر. لديها قوات برية ذات كفاءة عالية ولكنها غير مجدية في الصراع مع إسرائيل بحكم العامل الجغرافي، والسلاح الإيراني الوحيد الذي يهدد إسرائيل يكمن في ترسانة الصواريخ”.

ويزيد: “لدى إسرائيل القدرة على اعتراض الصواريخ الإيرانية ولكن الثمن باهظ، والشيء الذي يحتم على إسرائيل استهداف مواقع عسكرية عديدة ومتناثرة في العمق الإيراني لتدمير أكبر عدد من مستودعات الصواريخ، بالتوازي مع قصف المنشآت النووية، بالإضافة إلى تحييد أجهزة الدفاع الجوي كما أوضحت وذلك من خلال القصف الجوي”.

ويواصل حديثه: “العملية إذن غاية في التعقيد والتكلفة على أكثر من صعيد، ولكن النظام الإيراني لا يترك لإسرائيل خيارات كثيرة”.

هل توجه واشنطن ضربة لطهران

وحول إمكانية أن توجه الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً ضربة لإيران، يقول مصري: “لا أتصور ذلك، إلا إذا تهور النظام الإيراني واستهدف القوات أو المصالح الأمريكية في الخليج أثناء المعركة، ولكن بإمكان الولايات المتحدة تزويد إسرائيل ببعض المستلزمات وكذلك بدعمها في مرحلة مواجهتها للرد الإيراني، ولا سيّما من خلال تزويدها المستمر لإسرائيل بصواريخ منظومة القبة الحديدية، خاصةً في حال تم تفعيل ميليشيا حزب الله وهذا شيء وارد”.

وفيما يتعلق بوجود بدائل عن الخيار العسكري ضد طهران، لا يعتقد المسؤول الإسرائيلي وجود بدائل في حال استمر النظام الإيراني على نهجه “الحالي”.

مصير محادثات فيينا

في وقت لا تزال مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني معقدة وتواجه صعوبات، كيف سيكون مصيرها وسط تصاعد لهجة التهديدات؟

ردّاً على هذا السؤال، يؤكد مصري أنه “من الممكن أن تصل إلى نتائج متواضعة، أي إلى التوقيع على اتفاق سيء لا يحتوي على ضمانات كافية ولا يجبر النظام الإيراني على التراجع عن كل ما أحرزه من تقدم على طريق القنبلة النووية، وهذا ما أتوقعه ولكن لن يمنع التوقيع على اتفاق ضعيف إسرائيل من تفعيل الخطة باء، أي التدخل العسكري في إيران”.

المسؤول الإسرائيلي يرى أن الكرة في الوقت الحالي “بملعب إيران بدون شك”.

مخاوف إسرائيل من امتلاك إيران قنبلة نووية

وحول مخاوف إسرائيل من النووي الإيراني واقترابها في الواقع من امتلاك قنبلة نووية، يقول مصري: “السلاح النووي يُعد سلاح ردع، ولكن في الحالة الإيرانية ونظراً لتركيبة هذا النظام وسلوكه فسوف يصبح سلاح ابتزاز وسلاح تدمير عوضاً عن إمكانية إرسال النظام الإيراني، وهو نظام ميليشياوي لا يتعامل بمنطق الدولة (قنابل مصغرة) إلى أذرعه.

وأخيراً، دولاً أخرى كبيرة في المنطقة سوف تجد أنفسها مضطرة للتوجه نحو النووي خشيةً من اختلال التوازن الإقليمي. الشيء الذي سوف يكون كارثياً على مستقبل المنطقة بشكل عام وعلى أمن إسرائيل بطبيعة الحال، ولذلك أود أن أؤكد هنا أن إسرائيل لن تسمح بأي حال من الأحوال أن تصبح إيران قوة نووية”.

في أي موقع كانت رسالة إسرائيل الأقوى لإيران؟ تعليقاً على هذا السؤال يؤكد المسؤول الإسرائيلي أن “إسرائيل ليست معنية بإرسال رسائل للنظام الإيراني، وهي لا تلوح بالحرب وإنما تستعد لها”.

سيناريو الاستهداف العسكري

إلى ذلك، يقول الخبير في الشأن الإيراني إسلام المنسي: “بالتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لديهما القدرة على تنفيذ ضربة عسكرية على إيران، ولكن ما مدى تأثير الضربة العسكرية وما مدى شمولها لكل المواقع النووية الإيرانية أو قدرتها العسكرية الإيرانية وهل سيقتصر الأمر على توجيه ضربة واحدة أم سيحتاج ضربات متتالية وما مدى إمكانية ذلك؟. أعتقد أن هذه كلها أمور يجب أن تؤخذ في الحسبان وهذا ما يجعل سيناريو الاستهداف العسكري لا يتم اللجوء إليه”.

ويتابع: “أيضاً هناك اعتبارات حول ما إذا افترضنا نجاح إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية أولى لإيران وأَفقَدتْ قدرتها العسكرية طهران فعاليتها بشكلٍّ لافت، حينها ستكون إيران بمثابة الأسد الجريح الذي يحاول الانتقام في أرجاء المنطقة، حيث سنجد الأذرع العسكرية منتشرة في دول المنطقة مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان وغيرها، سيكون لها ردود أفعال غير متوقعة.

أيضاً سنجد الملاحة في مضيق هرمز تتأثر، وبالتالي إمدادات النفط العالمية وأسعار النفط وأشياء كثيرة ستتأثر في العالم كله بعد هذه الضربة.

هناك أيضاً عدم وجود رغبة أمريكية في الانخراط بحروب جديدة ونزاعات طويلة مثل ما حدث في العراق و أفغانستان. أمريكا لا تريد أن تتورط في حرب طويلة الأمد مع إيران، وبالتأكيد الحرب مع طهران لن تكون سريعة وخاطفة ومحسومة سلفاً، بل ستكون طويلة ومعقدة، وبالتالي إدارة بايدن وحتى الإدارات السابقة لا تريد مثل هذا السيناريو؛ فلذلك واشنطن تضغط على إسرائيل لكبح جماحها واختيار وسائل وأدوات أخرى لوقف الخطر”.

المنسي مضى في القول: “بالنسبة لسيناريو ضربة أمريكية فهو احتمال ضعيف جداً وضربة إسرائيلية احتمال وارد، ولكن هي أيضاً من المرجح أن يتم الابتعاد عنها بوسائل أخرى مثل هجمات سيبرانية مثلما حدث سابقاً وأخرت كثيراً المشروع النووي الإيراني وأيضاً هناك الاختراق الاستخباراتي، وشنّ هجمات سريّة دقيقة على أماكن حساسة تابعة للمشروع النووي الإيراني وهو ما حدث سابقاً ومراراً، وبالتالي هناك خيارات أقل كلفة وهي الأكثر ترجيحاً في أن يتم اللجوء إليها في حال فشلت الخيارات الدبلوماسية”.

هل سترّد إيران على إسرائيل!؟

الخبير بالشأن الإيراني، تعليقاً على احتمالية أن ترّد طهران على أي ضربة إسرائيلية محتملة، يعتقد أن الردود الإيرانية قد تكون ردود عسكرية أضعف بكثير من أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي “لأن قدرات إيران العسكرية النظامية ضعيفة جداً، ولكن هناك وسائل الحرب اللا متماثلة. هناك هجمات إرهابية محتملة وهناك هجمات من الميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وغيرها، بالإضافة إلى إعاقة تصدير النفط عبر مضيق هرمز وربما مضيق باب المندب وربما شنّ هجمات مختلفة حول العالم.

بالتأكيد هناك سيناريوهات كثيرة محتملة حول الرّد الإيراني على مثل هذه الضربة المفترضة، وهذا من ضمن الأسباب التي تمنع مثل هذه الضربة”.

لماذا تضغط إيران على أمريكا بفيينا!؟

وفيما يتعلق بمحادثات فيينا، يقول المنسي إنَّ إيران تريد الضغط بأقصى ما تستطيع للوصول لأقصى من المكاسب وتقديم أقل قدر من التنازلات.

ويضيف: “إيران تماطل وتعمل على عامل الوقت وتصعّد في الملف النووي عبر رفع تخصيب اليورانيوم واتخاذ خطوات أخرى تجعلها أكثر اقتراباً من إنتاج القنبلة النووية للعب على عامل الوقت والضغط على أعصاب المفاوض الأمريكي.

من المنتظر أن يتم الرجوع إلى الاتفاق النووي وهذا ما تريده جميع الأطراف، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تريد إبقاء قدر من العقوبات لتضغط به على إيران للتفاوض حول إضافة بنود أخرى إلى التفاهمات بينهما، مثل تقييد البرامج الصاروخي وتقييد التدخلات الإقليمية في المنطقة وأيضاً إيران تريد أن تضغط من أجل رفع جميع العقوبات كي لا تبقى في يد الولايات المتحدة أدوات ضغط اقتصادية جديدة يمكن عن طريقها أن تبقي إيران جالسة على مائدة التفاوض مرة أخرى وتقدم تنازلات جديدة وهذا سر تعثر المفاوضات”.

القنبلة النووية ستعسكر الشرق الأوسط

يرى المنسي أن سيناريو امتلاك إيران قنبلة نووية هو “سيناريو مكلّف جداً، لأنه بلا شك لن يؤدي إلى الاستقرار في المنطقة، بل سيؤدي إلى تداعيات كثيرة منها تشجيع دول أخرى على امتلاك قنابل نووية ومشاريع نووية.

حينما يكون هذا السلاح موجود مع إيران ستسعى دول الخليج العربي مثل ما أعلنت المملكة العربية السعودية مؤخراً -وإن كان بشكل غير رسمي- أن هذا سيكون مطروحاً في حال امتلاك إيران قنبلة نووية، وبالتالي سيسهم في عسكرة المنطقة.

هناك سيناريو آخر أيضاً، يبدو أن إيران تفضله لأنه قليل الكلفة وهي أن تكون دولة نووية كامنة، بمعنى أن تصبح لديها القدرة على امتلاك سلاح نووي وإنتاج قنابل نووية بشكل سريع، لكنها لا تفعل ذلك لأن كونها قوة نووية كامنة يحقق الردع في حد ذاته”.

حاورتهما: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى