الشأن السوري

الآلاف يفرون .. هجرة الأثرياء الروس تغير خريطة العالم الاقتصادية

إحدى عواقب الحرب الوخيمة التي تواجهها روسيا بعد العقوبات جراء غزوها لأوكرانيا، هي هجرة الأثرياء الروس خارج البلاد، وإيداع ثرواتهم الطائلة في دول أخرى، وفي تحليل لشركة الهجرة “هينلي آند بارتنرز” توقعت أن يفر أكثر من 15 ألف مليونير من روسيا هذا العام، ما قد يؤدي إلى تغيير خارطة العالم الاقتصادية.

هجرة الأثرياء الروس خارج البلاد

وقالت شركة هينلي في تحليلها إن حوالي 15٪ من الروس الذين لديهم أصول تزيد عن مليون دولار سيهاجرون إلى بلدان أخرى بحلول نهاية عام 2022 .

ومع بداية فرض الدول الغربية متمثلة بأمريكا وأوروبا للعقوبات على روسيا والتي شملت المقربين من الرئيس، فلاديمير بوتين، وأموالهم وأملاكهم بدأ الأثرياء الروس يبحثون عن وجهة جديدة لأموالهم واستثماراتهم خارج البلاد.

وتبعاً للعقوبات فإن وجهة الأثرياء الروس لم تكن أوروبا ولا أمريكا لأن أموالهم سوف تلاحق هناك أيضاً، لذلك اتجهت أنظارهم إلى الدول الشرقية، مما قد يغير خريطة العالم الاقتصادية، بسبب الاستثمارات الكبرى وتركز أصول مالية ضخمة في عدد قليل من الدول، بحسب الخبراء.

ومن أبرز الأثرياء المقربين من بوتين ممن استهدفتهم العقوبات نيكولاي توكاريف رئيس شركة (ترانسنيفت) للنفط والغاز، وسيرغي تشيميزوف، رئيس مجموعة (روستيك) للصناعات الدفاعية، ورجل الأعمال الروسي الأوزبكستاني، أليشر عثمانوف، وإيغور تشوفالوف، رئيس مصرف التنمية الروسي، ورومان أبراموفيتش، مالك نادي تشلسي البريطاني.

اقرأ أيضاً: بايدن يتحدث عن بديل الطاقة الروسية ويحسم مصير ممتلكات الأوليغارش الروس

وتستمر محاولات ملاحقة أموال الاثرياء المقربين من بوتين وتجميد أصولهم رغم أن تطبيق العقوبات على الأثرياء الروس فعلياً واجه عدة صعوبات تمثلت بإمكانية أن تنقل هذه النخبة الثرية أصولها إلى بعض أقاربها، أو في حالة اليخوت العملاقة والطائرات الخاصة فإنَّها قد تضعها في مناطق قضائية بعيدة المنال، هذا بالإضافة إلى العملات المشفَّرة التي تزيد من تعقيد عمليات البحث العالمي عن الأصول.

كما تمثل حقوق الملكية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأماكن أخرى أساس التحديات القانونية للاستيلاء على الأصول الروسية.

وجهة أموال الأثرياء الروس

وأشارت شركة هينلي في تحليلها إلى أن الإمارات ستصبح الوجهة الأولى للمليونيرات المهاجرين، متفوقة على الولايات المتحدة وبريطانيا.

كما توقعت الشركة أن ينتقل حوالي 4000 من أثرياء العالم إلى الإمارات بحلول نهاية العام، تليها أستراليا التي ستجتذب حوالي 3500، ثم سنغافورة حوالي 2800، وتأتي بعدها إسرائيل في المركز الرابع بحوالي 2500 مليونير.

اقرأ أيضاً:تسجيل صوتي لأوليغارش روسي يكشف المرض الذي يعاني منه بوتين

إضافة إلى هذه الدول تعتبر جزر المالديف إحدى الوجهات الآمنة للأموال الروسية حيث تجنبت الدعوات إلى فرض عقوبات على روسيا واستمرت في استقبال الأثرياء الروس، ولا تربطها معاهدة تسليم المجرمين مع الولايات المتحدة.

وقال أندرو أمويلز، رئيس الأبحاث في شركة “نيو وورلد ويلث”، التي جمعت البيانات لشركة هينلي: “روسيا تنزف مليونيرات، كان الأفراد الأثرياء يهاجرون من روسيا بأعداد متزايدة بشكل مطرد كل عام على مدى العقد الماضي، وهي علامة إنذار مبكر للمشاكل الحالية التي تواجهها البلاد”.

وأضاف: “تاريخيًا كانت الانهيارات الرئيسية في البلاد مسبوقة عادةً بتسارع هجرة الأثرياء، الذين غالبًا ما يكونون أول من يغادرون لأن لديهم الوسائل للقيام بذلك “.

يشار إلى أن، هينلي آند بارتنرز، هي شركة مقرها لندن تتخصص في مساعدة الأثرياء في الحصول على إقامات أو جنسيات أجنبية.
اقرأ أيضاً: أوكراني نفته روسيا سبع سنوات بسبب قصيدة كُتبت بنصف ساعة تحولت إلى نشيد رسمي لأوكرانيا

ويطلق على الأثرياء الروس اسم “الأوليغارش” وكان مركز الأبحاث الأمريكي “أتلانتيك كاونسل” قال إن هذه الفئة لديها نحو تريليون دولار مما يطلق عليه اسم “الأموال السوداء” المخبأة في الخارج، مشيراً إلى أن ربع هذا المبلغ يتحكم فيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وحاشيته المقربة.

وأوضح التقرير الصادر في عام 2020 أنه “يمكن استغلال هذه الأموال وتوجيهها من قبل الكرملين للتجسس والإرهاب والتجسس الصناعي والرشوة والتلاعب السياسي والتضليل والعديد من الأغراض الأخرى”.

وتاريخياً كانت قبرص الوجهة الأبرز للكثير من هذه الأموال، كونها تتمتع بنظام ضريبي يبدو مواتياً لأصحاب تلك الأموال، لدرجة أن تلك الجزيرة باتت تعرف باسم “موسكو البحر المتوسط”، إلا أن قبرص وافقت على اقتراح بقطع روسيا عن نظام سويفت ومنعت السفن البحرية الروسية من التزود بالوقود في الموانئ القبرصية.

ومع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا عقوبات عدة على روسيا، أهمها عقوبات على البنك المركزي الروسي وصندوق الثروة السيادي، بالإضافة إلى إزالة بعض البنوك الروسية من نظام “سويفت” للتحويلات المالية العالمية.

كما شملت العقوبات تجميد أصول الرئيس، فلاديمير بوتين، وعدد من المسؤولين البارزين، ووافق الاتحاد الأوروبي على تأسيس قوة تعمل عبر المحيط الأطلسي للبحث عن الأصول الروسية والعمل على تجميدها، سواء كانت مملوكة لأشخاص أو شركات روسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى