مقال رأي

طالما أنت تقاوم .. فأنت منتصر

بقلم الدكتور زكريا ملاحفجي

في ظلّ الظروف الراهنة وما آلت إليه الثورة السوريّة بعد دخولها العام السابع على التوالي، وسط جمود سياسي وعسكري على الساحة عموماً، بالإضافة إلى التراجعات الكبيرة بصفوف الثوار آخرها سقوط “غوطة دمشق الشرقية” بيد نظام الأسد وحلفائه بعد حرب إبادة بدأها في الثامن عشر من شهر شباط / فبراير الفائت، ولا سيما المجازر المروّعة التي ارتكبها وآخرها مجزرة الكيماوي في مدينة “دوما” التي بقيت صامدة حتّى آخر رمق وهُجرت كبقية أخواتها إلى الشمال السوري .. يتبادر السؤال ماذا بقي بيد الثوار والثورة وما الأشياء المتاحة بيد الثوار ليكملوا طريقهم من جديد.

أنا أعتقد أنّ المعركة العسكريّة هي في بداية النهاية، فصحيح لم ينتصر أحد وربّما انتصرت “الحرب فقط” لكن لو نظرنا بين الأهداف الساميّة التي يريدها الثوار لكلّ السوريين من حياة بـ “حرّيّة، وديمقراطيّة” وبين هدف النظام وحلفاءه بـ “القمع والقتل واستمرار حكم الاستبداد والديكتاتورية” والأساليب المتبعة في تحقيق ذلك من الإبادات الجماعية وتهجير كل معارض للاستبداد.

 وفي ظلّ هذا المعنى، النظام هوى بشكل سحيق أخلاقياً وإنسانياً وليس من السهل إعادة تعويمه .. وأعتقد أنّ الرغبة بالثأر والتخلّص من الواقع لن يغادر التفكير لدى السوريين من ذوي الشهداء والمعاقين والمهجرين واليوم بظلّ أيّ متغيّر دولي يؤدي بانسحاب أحد حلفاء النظام تعني “سقوطه الحقيقي”، فالنظام موجود بوجود “حلفاؤه فقط لا غير”.

الأمر الآخر، اليوم، هو وجود مناطق نفوذ دوليّة في سوريا لا يمكن للروس والنظام بسط سيطرتهما عليها ولا يمكن أن تكون هناك دولة سوريّة بمعنى الدولة إلّا بحلّ يُرضي الجميع .. كما أنّ الشعب السوري الثائر والمهجّر لديه كم كبير من القوّة الناعمة وكم من القضايا المرفوعة ضد “إجرام الأسد” وأيضاً هناك جموع من القوى المدنيّة والشعبيّة الرافضة للرجوع للاستبداد ولا يمكن يكون هناك إعادة ولا استقرار في ظلّ هكذا واقع.

 النظام اليوم، ممسك بمقود السلطة بمساعدة حلفاؤه فقط؛ لكنه غير قادر أن يمسك بالبلد ككلّ، كما أنّ سعي إيران لإغراق المجتمع السوري بمظاهر “التديّن الشيعي” لن يقبل به محلّياً ولا إقليمياً، وهناك رغبة دوليّة بـ “تقليم أظافر إيران في المنطقة”، وهناك إشكالات دوليّة تتصاعد مع الروس بدأت بحرب دبلوماسية، وأعتقد لن تتوقف بسهولة عند نقطة ما. و بالأمس تنفيذ دونالد ترامب تهديداته الصاروخية، بالاشتراك مع فرنسا وبريطانيا، هو رسالة لروسيا، وتم استهداف نحو اثني عشر موقعًا عسكريًا لنظام الأسد في أرياف دمشق وحمص والسويداء ودرعا، فرغم أنّ الضربة محدودة الأهداف باعتقادي، لكنها ليست محدودة النتائج؛ وما بعد الضربة ليس كما قبلها.

 فالمتغيّرات الدوليّة لن تُساعد النظام وحلفائه كما أنّ هناك قوى مدنية وشعبية في المناطق التي هي خارج سيطرة النظام تتصاعد لاسيّما بعد التغلّب على القوى المتطرّفة الإرهابية، وكذلك القوى الانفصالية اللتان سعى النظام لتمدّدهما في المناطق الخارجة عن سيطرته، وهناك إصرار شعبي لإبعاد كلّ المشاريع غير الوطنية عن الساحة، وهناك رغبة محلّية ودوليّة بتقليص الدور الإيراني وتطويق التمدّد الروسي في المنطقة، كما أنّ هناك إصرار عام، وواضح لرفض الهزيمة وهذا عامل مهم جدّاً، وبالنهاية “طالما أنت تقاوم فأنت منتصر”.

ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة

مدونة الأشخاص 3

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى