الشأن السوري

“العبّارات المائية” في الرقة بين الموت والنجاة

جسر “غيت” أو ما يعرف بجسري الرقة “الرشيد ، المنصور” كان لعشرات السنوات الشريان الرئيسي الذي يربط ضفتي الرقة تجارياً واقتصادياً وثقافياً، وبعد تدمير أهم جسور المدينة عقب معارك “تنظيم الدولة”، بات التنقّل بين ضفتي المنطقة أمراً صعباً قد يؤدي إلى الموت في بعض الأحيان.

حيث ما زال أهالي الرقة يعبرون نهر الفرات باستخدام (العبّارات المائية)، والتي أمست الحل الوحيد المتاح لعبور المدنيين في ظل خروج جسري “الرشيد، المنصور” عن الخدمة، اللذان انهارا منذ أشهر خلال معركة طرد تنظيم الدولة من المدينة جرّاء استهداف طيران التحالف الدولي لهما.

وعلى الرغم من خطورة عبّارات المياه وقلة عوامل الأمان فيها وأحياناً إنعدامها، إلا أنّ المدنيين لجؤوا لاستخدامها مُجبرين، بسبب عدم وجود جسر بريّ يربط المناطق فيما بينها، فقد وقعت عدة حوادث منها تسببت بـ بتر يد أحد المواطنين مؤخراً، فيما يعتبر الأهالي أنّ العبارات هذه ليست حلاً أبدياً، مطالبين ببناء جسر لإنهاء معاناتهم.

في حين، يعتمد اليوم معظم أهالي الرقة على “العبارات المائية” كـ وسيلة للتنقل بين ضفتي النهر، خصوصاً أنها صلة الوصل بينها وبين الريف القريب من جهة وبينها وبين المحافظات السورية الأخرى من جهة ثانية، كما أُحدِث على ضفتي النهر مهنٌ جديدة من (مطاعم و سائقي سيارات الأجرة والدراجات النارية) لنقل راكب واحد كونها أقل تكلفة من أجرة السيارة.

ومن جانبه التقى مراسل وكالة “ستيب الإخبارية” أحمد أبو الوليد مع أحد سائقي الأجرة (أحمد . ع) والذي يقطن عند جنوبي ضفة النهر، وتحدّت للوكالة: أنه يدفع يومياً (1000 ل.س) ثمن أجرة نقل سيارته ذهاباً وعودته قبل المساء، مما يضيف عليه تكلفة زائدة، قد لايستطيع في بعض الأحيان تعويضها، وكذلك يتم دفع مبلغ (100 ل.س) أجرة نقل الدراجة الناريّة، خلافاً عن ارتفاع سعر البنزين النظامي، والذي وصل سعر اللتر الواحد منه إلى (500 ل.س) بينما يباع المكرر منه بـ (250 ل.س)، في حين يستثني أصحاب ومالكي العبّارت موظفي المنظمات وسياراتهم ويتم اعفائهم من دفع الأجرة.

وأضاف (أحمد . ع): يدفع العمال يومية مقدّرة بـ (100 ل.س) للعبور نحو المدينة، وأخرى حين العودة، وفي كثير من الأحيان قد لايجدون عملاً مستمراً فيعود كل منهم إلى منزله دون تأمين ثمن وجبة الطعام لعائلته.

ونشطت هذه التجارة المربحة على مدار ساعات النهار، وسط شكاوي من الناس البسطاء الذين تضطرهم ظروفهم للقدوم إلى المدينة أحياناً بشكل يومي، بدءاً من المريض منهم والعاجز والطفل والرضيع، فضلاً عن معاناة النساء من الخوف الشديد من السفن الصغيرة الغير مهيئة للنقل بشكل سليم، خصوصاً بعد أن تكررت حالات الغرق التي أودت بحياة عائلات كاملة سابقاً.

ويعتبر أهالي الضفتين أنه من الضروري جداً إعادة تجهيز أحد الجسور لنقل الأهالي من الريف القريب نحو المدينة، رأفة بالمرضى الذين يضطرون للتنقل وهم في حالة صحية حرجة، وإلا فإنّ النهر سيبقى يبتلع العديد منهم، كما تستمر المناشدات من قبل الأهالي لـ المنظمات الدولية العاملة في مدينة الرقة بـ إعادة ترميم الجسور بعد تدميرها مؤخراً.

 

441 2

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى