مقال رأي

فصائل الجنوب ضحية التفاهمات الدوليَّة !!

بقلم الصحفية عائشة الحمصي

عندما لاح في الأفق الهجوم المحتمل لنظام الأسد على مواقع فصائل الثوار في الجنوب السوري، كان معظم القادة والسياسيين والمدنيين يقولون: إنّ المنطقة تحت رعاية دول اتفاق خفض التصعيد “روسيا – أمريكا – الأردن” الموقّع في تموز الماضي، ومن المستبعد شنّ هجمة عسكريّة تُفضي بتهجير الثوار وعائلاتهم إلى الشمال السوري على غرار أرياف حمص وحماة ودمشق وحلب.

جميع الوقائع منذ نهاية شهر أيار الفائت تُشير إلى تكرار المأساة في محافظتي درعا والقنيطرة، وخاصّة مع تعزيز ميليشيات إيران مواقعها في منطقة “مثلث الموت” بالتزامن مع تحذيرات أمريكية لم تتعدى الإعلامية لـ “بشار الأسد” من خرق الاتفاق المبرم؛ ثم تحذير أخير قالت فيه خارجيتها: إنّ واشنطن ستتخذ “إجراءات حاسمة ومناسبة” رداً على انتهاكات النظام في هذه المنطقة. وسرعان ما وجّهت رسالة إلى فصائل الجبهة الجنوبية وأهالي الجنوب بأنّ ليس لها علاقة بهم ولن تدّخل في الحرب التي اتفقت بها مع روسيا وإيران وإسرائيل والأردن وتركيا، ليصرّح “دونالد ترامب” بأنّه “قلق” على تلك المنطقة وتُشاطره “القلق” الأمم المتحدة الشريك الأكبر في الجرائم.

فحقيقة التفاهمات الدوليّة التي صدّعت رأسنا ما هي إلّا تكبيل فصائل الثوار بسياج من حديد، ومنعهم من شنّ أيّ هجوم على النظام أو حتّى الردّ على مصادر النيران، وجاء اتفاق “العار” ما يُسمّى “خفض التصعيد” الذي وقّعت عليه الفصائل في تاريخ “4 – 5 – 2017” في “أستانة” والقاضي بتقسيم مناطق سيطرة الثوار إلى أربعة أجزاء ليسهل قضمها واحدة تلوَ الأخرى.

وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” أعلنها صراحةً أنَّ قوّات النظام هي الوحيدة التي يجب أن تتواجد على الحدود الجنوبية من سوريا. وقالت تقارير إعلامية إسرائيلية: إنّ حكومة إسرائيل وافقت على نشر قوّات النظام عند المنطقة الحدودية. وكلّ ذلك يجري حول دائرة خروج الميليشيات الإيرانيّة من المنطقة حيث أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، مطلع حزيران الجاري التوصّل إلى اتفاق حول سحب الميليشيات الإيرانية من جنوب غرب سوريا قرب الحدود مع إسرائيل. وسرعان ما قامت الميليشيات بتغيير أعلامها ولباسها وحمل مقاتلوها بطاقات شخصيّة سوريّة لتبقَ في المنطقة على أنّها ضمن جيش الأسد.

وقبل ثلاثة أيام دخلت موسكو بشكل فعلّي إلى معركة الجنوب داعمةً ما تُسميه البطل الخارق المتعدد العميد “سهيل الحسن” قائد ميليشيات النمر؛ متذّرعةً كالمعتاد بشماعة “جبهة النصرة”، واستبقت ذلك بالحديث عن تحضيرات لهجوم كيماوي محتمل، ربّما لتستخدمه في درعا، وتُعيد رؤية مسلسل مجلس الأمن الدولي، ويبقى المدنيون هم الخاسر الوحيد في هذه التفاهمات الدوليّة التي يُنفذها الثوار.

وبدورها فصائل الجنوب، أعلنت مرارًا أنّها “مستعدةٌ للمعركة” وقامت بالتوحّد ضمن غرفتي عمليات في درعا والقنيطرة في العشرين من الشهر الجاري، ثم تشكيل جهاز أمن الثورة لضبط مستغلّي الحرب ومروّجي المصالحات، وأعلنت غرفة “العمليات المركزيَّة في الجنوب” مساء الثلاثاء، أنّ “الصمود” خيارها الوحيد في ظلّ الحملة العسكريّة؛ لكن سرعان ما تهاوت الجبهات شرق درعا وسيطر النظام الثلاثاء على بلدتي “بصر الحرير ومليحة العطش” وحاصر منطقة “اللجاة” ليسيطر الأربعاء على بلدات “ناحتة – صما – المليحة الشرقية – المليحة الغربية” فيما تستمر المعارك مع اشتداد وتيرة القصف وتشرّد الأهالي في عراء الحدود الأردنية والإسرائيلية المغلقة.

ويقول القادة: إنّهم في الجبهة الجنوبية ”التزموا باتفاق خفض التصعيد ورفضوا فتح أيّ معارك ضدّ النظام التزامًا بالاتفاق، وخاصّة عند اقتحام النظام لغوطة دمشق الشرقية حيث طالب الكثيرون بفتح جبهات الجنوب للتخفيف عنها، إلّا أنّ فصائل الجنوب مارست أعلى درجات ضبط النفس، ولم تقم بفتح أيّ عمل عسكري احترامًا لذلك الاتفاق“ الذي باعتهم أمريكا عند أول ضربة.

ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة

مدونة الأشخاص 3

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى