الشأن السوري

لقاء هام لـ”ستيب” حول تحديّات العمل الإنساني بالشمال وانسحاب المنظّمات

تُواصل المنظّمات الإنسانيّة الدوليّة الفاعلة في المناطق المحرّرة شمال سوريا تقليص دعمها، وتوقف معظم المشاريع الخدميّة، ولا سيّما عندما أعلن الرئيسان الروسي والتركي في 17 / 9 / 2018 اتفاق المنطقة العازلة بمدينة سوتشي، وسط صعوبات وتحديّات تُواجه العاملين في المنظّمات بسبب قلة الأمان والدعم، وفي هذا الصدد، التقت وكالة “ستيب الإخباريّة” مع السيّد “هيثم عثمان” أحد مسؤولي إدارة منظمة “أطفال عالم واحد” وكان الحوار التالي:

 

  • ماهي أبرز احتياجات الشمال السوري وفق دراسات لديكم أو حصلتم عليها؟

 

  • لطالما كانت دراسة الاحتياجات هي إجراء مستمرّ ضمن منهج علمي تقوم به عدّة جهات مختلفة بالاختصاص ومتفاوتة بالقدرات والكفاءات، فهناك دراسات للاحتياج تبدأ على مستوى المجالس المحليّة، والمنظّمات السوريّة والدوليّة العاملة في الداخل السوري، ومراكز الأبحاث والدراسات، انتهاءً بالمنظّمات الأمميّة، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة التابع للأمم المتحدة (أوتشا). فجميع هذه الدراسات بالمجمل تؤكد على الحاجة الكبيرة لجميع مقوّمات الحياة الأساسيّة من طعام ومياه نظيفة وبنى تحتية وكهرباء ومأوى وتعليم وصحة. أمّا نحن كمنظمة تُعنى بالطفل نرصد دائمًا الفجوات الهائلة في قطاعي التعليم وحماية الطفل، فالمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة تشهد تحدي دائم ومستمرّ من تأمين الاحتياجات التعليميّة الرئيسيّة كالرواتب ومصاريف تشغيل المرافق التعليمية وترميمها أو إعادة بناءها، توفير المناهج التعليمية، وعدم القدرة على اعتماد الشهادات الدراسيّة في المراحل المتقدمّة نهاية بعدم توفر فرص التعليم العالي. أمّا من ناحية الأخرى فهناك احتياجات على مستوى الوقايّة، أو إجراءات الحماية، أوالتدخل العلاجي فيما يخصّ الانتهاكات التي يتعرّض لها الطفل في ظلّ الظروف الأمنيّة والمعيشيّة الصعبة.

 

 

  • هل لديكم خطط بديلة للاستمرار بمساعدة المدنيين مع إيقاف أكثر من جهة دوليّة مساعداتها للسوريين؟

 

  • عندما بدأت المنظّمات السوريّة بمبادرات إمّا فردية أو ضمن مجموعات منظّمة صغيرة أو كبيرة للاستجابة للاحتياجات الانسانيّة للمتضررين منذ بداية الثورة السوريّة، لم يكن ذلك بإيعاز من الجهات الدولية ولا حتّى بدعم منها. علمًا أنّنا لا ننكر بأنّ الحالة التنظيمية التي فرضت نفسها لاحقًا، ودعم المنظّمات الأمميّة والدوليّة ساهمت كثيرًا بدعم قدرات المنظّمات المحليّة على الاستجابة الإنسانيّة كمًا وكيفًا. فيما يبقى الدافع الوطني والإنساني والأخلاقي لهذه المنظّمات المحليّة تجاه أهلنا هو المحرّك الرئيسي الذي سيستمر بالبحث عن الحلول والبدائل لتقديم أقصى ما يمكن في سبيل تسهيل سبل الحياة الكريمة ، بوجود المنظمات الدوليّة أو بعدم وجودها.

 

  • كيف تنظرون إلى العائلات التي كانت تعيش على ما تُقدّمه المنظّمات لهم من مساعدات، فهذه الفئة بالذات ما مصيرها؟

 

  • نحن كنا وما زلنا، نُؤكد على أنَّ الأولويّة هي دائمًا لتمكين سبل العيش الكريم، وليس بزيادة أو استمرار المعونات والمساعدات. لقد اختبر العالم بأسره قدرة السوريين على التكيّف والتأقلم وإيجاد الحلول والعمل الدؤوب وبأضعف الوسائل والموارد والإمكانات؛ لذلك علينا دائمًا أن نعمل ونُطالب بتأمين المناخات والموارد والوسائل الضروريّة للعمل والإنتاج، ونحن على ثقة بأنَّ المجتمع السوري قادر على ترميم ما استهدفته آلة الحرب ودمّرته من بنى تحتيّة واقتصاديّة وخدميّة، وبالتالي القدرة على الاكتفاء وتعزيز الصمود.

 

  • هل انسحاب معظم المنظمات الإنسانيّة من تقديم الدعم للشمال السوري هو نتيجة فشل في إدارة المنظمات أم بسبب الحالة الأمنية، أم أن هناك رؤية دولية تساهم في تجفيف الدعم عن الشمال المحرر لإجباره الدخول بالعملية السياسية المزمع تنفيذها بسوريا؟

 

  • لا أحد ينكر مدى تأثير التجاذبات السياسيّة على جميع مناحي الحياة، ومنها الناحيّة الإنسانيّة والإغاثيّة، فالقرار 2165 الذي أقرّت بموجبه الأمم المتحدة دعم وصول المساعدات الإنسانيّة عبر الحدود هو قرار سياسي، وتجديده وفق قرار 2393 أيضًا قرار سياسي، وفي حال عدم تجديد هذا القرار لاحقًا (الأمر الذي طالما كانت تُهدّد به روسيا عبر استخدامها لحق الفيتو) سيكون أيضًا قرار سياسي. إذن لا يمكن أن نستبعد تأثيرات القرار السياسي والمصالح السياسيّة على العمل الإنساني.أمَّا بما يخصّ قدرة المنظّمات السوريّة أو فشلها، فنحنُ نعلم بأنَّ هذه المنظّمات لم تكن موجودة لتثبت جدارتها وقوّة إدارتها، أيّ أنّها لم تنشئ ضمن ظروف طبيعية وعبر مدى زمني طويل، ففي ظل النظام البعثي القمعي، لم يعرف السوريون دورًا للمنظّمات المدنيّة والعمل المدني المنظّم والحرّ والمستقل. لذلك فإنَّ المنظّمات المدنيّة السوريّة التي نراها الآن هي استجابة ضرورية لحالة كارثيّة طارئة، وأنَّ الغالبيّة منها استطاع أن يطوّر من أدواته ووسائله وأنظمته ضمن ما هو متاح من موارد بشريّة وماديّة وزمنيّة وحتى إبداعيّة في سبيل أن يُقدّم أفضل ما يمكن من الخدمات ولضمان الأثر الأعلى.

 

  • ما هي الجهات التي ممكن مساعدتكم، وهل لديكم ارتباطات مع مؤسسات المجتمع المدني لنجاح عملكم كالمجالس المحلية وغيرها، وعلى ماذا تعتمدون في مشاريعكم؟

 

  • دول العالم كلّها مطالبة بتحمّل مسؤولياتها تجاه قضية الشعب السوري، وإيقاف معاناته وتمكينه من حقّه في الحرية والعدالة والكرامة، ونحن نتعاون مع كلّ من يمدّ يد العون في سبيل تحقيق هذه الأهداف وتمكين السوريون من حياة آمنة وكريمة. أمّا على المستوى المحلّي، فعمل المنظّمات السوريّة لا يكتمل ولا يمكن أن ينجح بدون التنسيق والتعاون والدعم من الأهالي والمجالس المحليّة والمنظّمات الشريكة العاملة.

 

  • يقول خبراء في المراصد الجوّية البريطانيّة: إنَّ هناك موجة برد شديدة لم تحدث منذ مئة عام ستضرب المنطقة خلال شهري يناير وفبراير القادمين .. هل ستساهمون بعدم وقوع كوارث بالمخيمات أم أنّ المشهد سيُعيد نفسه؟

 

  • هناك تحركات بدأت من الآن في المناصرة والمطالبة بالاستعدادات الضروريّة من خلال المنظّمات الإنسانيّة المعنيّة والمدنيّة والإعلاميّة وغيرها، ولكن غالبًا ما يكون نقص الدعم المادي واللوجستي والإجراءات الطويلة والمعقدة في الاستجابة الطارئة هو ما يُسبّب التأخر وعدم القدرة على تدارك مثل هذه الكوارث.

 

  • هل أثّرت المضايقات التي يتعرّض عمال المنظمات الإنسانيّة من خطف وقتل وتعذيب على عمل المنظّمات ككلّ في الشمال السوري؟

 

  • إنَّ بعض الأحداث التي تعرّض لها العاملون في المنظّمات الإنسانيّة من خطف واعتقال وتعذيب، تُؤثر كثيرًا على عمل هذه المنظّمات وقدرتها على الاستجابة بالشكل الصحيح والمستمرّ، بل وتعكس صورة سلبية عن قدرتنا على التنسيق والتعاون والتنظيم فيما بيننا، وبالتالي تُؤثر على قرارات المجتمع الدولي في إمكانيّة استمرار الدعم وعلى جميع الأصعدة.haytam16112018

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى