الشأن السوري

لماذا صعّد النظام من قصفه عقب قمة سوتشي برأي السياسيين؟

ضحايا بالعشرات تسقط يوميًا في مناطق خان شيخون ومعرة النعمان جنوبي إدلب، وريفي حماة الشمالي والغربي، في تصعيد مكثف لنظام الأسد عقب انعقاد قمة سوتشي الرابعة لرؤساء دول تركيا وروسيا وإيران، يوم الخميس الفائت، رغم اتفاق الزعماء على اتخاذ اجراءات “جديّة” من أجل تطبيق الاتفاق بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب.

ورأى حسام الحايك رئيس المكتب السياسي باللواء 51 في تصريحه لوكالة “ستيب الإخبارية” أنَّ قمة سوتشي كانت أقرب للغموض، حيث احتفظت كلّ دولة برأيها بما يتعلّق بملف إدلب، مع اتفاقهم جميعًا على وحدة سوريا، ومحاربة الإرهاب والحلّ السياسي، لكن دون ذكر الآليَّة أو التفاصيل الواضحة من أجل تحقيق السلام في سوريا، مما يدلّ على أنَّ هذه القمة لم تأتِ بجديد بل تمسّكت كلّ دولة برؤيتها مع المجاملة السياسيَّة للدول الثانيَّة.

كما كثرت التحليلات السياسيَّة حول تكثيف القصف على مناطق إدلب وحماة بعد هذه القمة، وفي هذا الصدد، أجرت وكالة “ستيب الإخبارية” استطلاع رأيٍ مع عدد من السياسيين المطلعين على الشأن السوري، وكانت الآراء التاليَّة:

مدير منظمة نبني للتنميَّة السياسيَّة بهاء الدين نجيب                                2 1                                               

تُمارس روسيا وإيران ضغوطها على تركيا من خلال تكثيف القصف على مناطق إدلب من قبل النظام الذي باتَ مجرَّد أداة لقتل السوريين، وتُعتبر عمليَّات القصف هي إسقاط واضح لعدم الوصول إلى تفاهم كامل في قمة سوتشي الأخيرة، حول إدلب ومناطق شرق الفرات، وهي رسالة واضحة لتركيا من أجل تقديم تنازلات جديدة لصالح النظام، وخلال الأيام القادمة سنتعرف أكثر ربَّما على سياق هذه التنازلات.

الباحث والسياسي السوري طلال عبد الله جاسم                                        3                                                     

ما يحدث من تصعيد في إدلب وحماة, هو تسخين للجبهات، واستفزاز جهات مُعينة لتقوم بردٍّ قاسٍ يعتمد عليه النظام وحلفاؤه كذريعة, لشنِّ حملةٍ عسكريَّة واسعة النطاق، ستدعمها كلّ الدول الكبرى والعربيّة إضافة لإسرائيل وإيران (مع اختلاف دوافعها)، ويُتوقع أن تكون على مرحلتين الأولى تُمكن النظام والروس من السيطرة على طريقي اللاذقية – حلب، وحلب – دمشق لفتح طرق التجارة، وهذا أمر لا يحتمل التأجيل كثيرًا مع الأخذ بعين الاعتبار التململ الشعبي لدى حاضنة النظام، ثم تُؤجل المناطق الباقية بحيث تستطيع تركيا تدبر أمر اللاجئين ضمن الأراضي السوريَّة، دون إحراجها أو إحراج العالم بموجة كبيرة من اللاجئين.

وهنا لا بدَّ من النظر لما يجري من خلال بُعد استراتيجي لا تكتيكي، فسياسة الدول الضامنة لمسار أستانا مهمتها هي أمنيَّة عسكريَّة، وهناك تفويض دولي لها بذلك وبقيادة موسكو، وهي تقوم بمهمة إعادة الأراضي لسيطرة النظام بعد إجراء مصالحات وتسويات، ولن يختلف الأمر في إدلب من حيث النتيجة، ولكنَّه يختلف من حيث “الأسلوب” الذي ستكون جبهة النصرة عنوانه الأساسي، و”التوقيت” فلن يكون هناك معركة قبل الانتخابات المحليَّة التركيَّة، وذلك تجنبًا لأيّ إحراج لتركيا، والداعمون للمعركة يُفضلونها “شرسة” يُقتل فيها أكبر عدد من المقاتلين من كلّ الأطراف، بينما الجانب الإنساني والأخلاقي يأتي لاحقًا بعد انتهاء المعارك، ولكن يجب أن يكون هناك رضا تركيا لتدبر أمور اللاجئين.

مدير مكتب العلاقات الخارجية في الحكومة المؤقتة ياسر الحجي                     4 1

إنَّ التصعيد في المنطقة هو محاولة من النظام المجرم في دمشق لخلق مشكلة لدى الأتراك وإحراجهم، واستعمال ذلك كورقة ضغط مستمرَّة، وفي الوقت ذاته الإساءة للعلاقة الروسيَّة – التركيَّة.

المعارض السياسي سمير نشَّار                                                                   5 1

ما نتج عن مؤتمر سوتشي الأخير يُوحي بأنَّ هناك توافق بين روسيا وتركيا وإيران على إجراءات عسكريَّة محدودة في منطقة إدلب، وأعتقد أنَّه ستجري محاولات قضم تدريجيَّة لبعض المناطق خاصَّة التي تُعيق فتح الطريق الدوليَّة بين حلب ودمشق لأهميته للنظام، وهو ما نراه بالقصف اليومي لتلك المناطق مثل خان شيخون ومعرة النعمان، وبذات الوقت يجري تقليص المساحة التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام.

الرئيس السابق للهيئة السياسية في إدلب رضوان الأطرش                     6

القصف الهمجي المستمرّ من قبل قوَّات النظام وحلفائه على المدنيين، والذي سبق انعقاد قمة سوتشي، وبعدها يظهر جليًّا هشاشة اتفاق أستانا، وتباين المواقف واختلافها أكثر بين دول محوره مع تضارب مصالح كلّ دولة، وغياب الرؤية المشتركة لملامح التسوية النهائيَّة التي باتت حديث الساسة بشكل يومي، بالتزامن مع إصرار الجانب الروسي على عمليَّة عسكريَّة، وحلّ أمني بذريعة تواجد الإرهاب، وإصرار تركي على ربط مسألة إدلب بشرق الفرات، والمنطقة الآمنة شمالًا، وأمام كل هذا  يبقى المدنيون هم الخاسر الوحيد، وكأنهم باتوا بين فكيّ كماشة.

الصحفي السوري إبراهيم الإدلبي                                                                 7

دائمًا قبل أيّ اجتماع دولي وبعده تقوم قوّات النظام بتكثيف قصفها على مناطق سيطرة المعارضة، وهذا يدلّ على أنَّ النظام لا يُوافق على المعاهدات الدوليَّة، ويُلقي بها عرض الحائط مستندًا على الإيرانيين، بالإضافة إلى أنّ شوكته قويت أمام مؤيديه، عقب إعلان روسيا نيتها شنّ عمليَّة عسكريَّة محدودة في إدلب، فقام باستهداف مناطق إدلب وحماة بوابل من الصواريخ وقذائف المدفعية، ليحاول من جديد إعادة هيبته التي فقد الكثير منها أمام الحاضنة الشعبيَّة لأنّه غير قادر على اتخاذ قرار معركة دون الرجوع لروسيا وإيران اللتين تعلمان مدى كلفة هكذا معركة إن حصلت، وقد تؤدي حقيقةً لخسارة النظام لأجزاء من الأراضي السوريَّة أمام تقدّم فصائل المعارضة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى