حورات خاصة

حوار خاص | حوار مع عضو مجلس الشعب السابق حول التمدّد الشيعي في الجنوب والدور الروسي بذلك

أجرت وكالة “ستيب الإخبارية“، حوارًا خاصًا مع الشيخ ناصر محمد خير الحريري، عضو مجلس الشعب المنشق، حول العلاقة (الروسية – الإيرانيّة) في الجنوب السوري، واستراتيجية التمدّد الشيعي العسكري في المنطقة، بالإضافة إلى الدور العشائري بالمساهمة في هذا التمدّد.

– منذ عقد اتفاق المصالحة بالجنوب السوري بين النظام والمعارضة برعاية روسية، نصَّ الاتفاق على عدم وجود مليشيات طائفية “شيعية”، بالإضافة إلى أهمية إبعادها عن الحدود، إلّا أنَّ ذلك لم يحدث حتى الآن، برأيك هل فشلت روسيا بهذا الأمر؟

نعم، تضمّن اتفاق المصالحة بين النظام وروسيا من جهة، وفصائل المعارضة من جهة ثانية، والأردن واسرائيل كدولتين حدوديتين، على إبعاد الميليشيات الإيرانية عن الحدين الجنوبي والغربي، لمسافة متفق عليها بضمانة روسية.

إلّا أنَّ ذلك كان اتفاق وهمي، فبعد تسليم سلاح المعارضة وبسط النظام نفوذه على الأرض، ظهر الجندي الميليشيوي الشيعي الذي كان يتخفى بلباس عسكري سوري على مختلف الانتماءات.

ومن المؤكّد أنَّ روسيا فشلت ظاهريًا بإبعاد هذه الميليشيات، فهذه القوّات باتت “فزاعة” تستخدمها روسيا وقتما تشاء للضغط على الأردن والسعودية، أمّا اسرائيل فتحمي حدودها في سوريا جوًا وأرضًا حتى أصبحت الأرض السورية مباحة لها.

ولا يغيب عن الذهن حجم المصالح المشتركة بين روسيا وإيران على الأراضي السورية، فلا خلاف بينهما إلّا على حجم المكاسب.

وإثباتًا لذلك، ظهر مؤخرًا التسابق للاستيلاء على المؤسسة العسكرية، وهذا بحث آخر، وبالناتج كلاهما محتل ويبحث عن الكم الأكبر من المصالح في الجنوب.

– تحاول المليشيات الإيرانية و”حزب الله” وضع قواعد عسكرية لها بالجنوب وتختار مناطق ذات تضاريس صعبة مثل اللجاة والتلول بالريف الشمالي، هل برأيك هذا جزء من خطتها للبقاء لفترات طويلة الأمد؟

منذ أن دخت هذه المليشيات أراضي حوران، وهي تسعى للسيطرة على اللجاة والتلول في الريف الغربي الشمالي، لتصنع لنفسها مقرات عسكرية دائمة وعصية على من يحاول اختراقها.

والمؤلم في الأمر، أنَّ اللجاة كانت عصية على طائرات فرنسا ودباباتها وجندها سابقًا، وكذلك على آلة الحرب التي استخدمها النظام، إلّا أنها وقعت لقمة سائغة للإيرانيين، ودون أي خسائر للنظام.

ونتيجة لأهمية اللجاة كونها معقل يصعب اختراقه، تسعى إيران لإقامة قواعد فيه وكذلك التلول في الريف الغربي الشمالي، التي تكشف ما حولها، مما يجعل سقوطها بالأمر الصعب، وهذا مؤشر على نية الاستقرار بشكل أكثر أمنًا، ورسالة على أنها لا تنوي الرحيل مبكرًا.

– تقوم هذه المليشيات بتجنيد أبناء الجنوب بصفوفها، برأيك هل وقع أبناء الجنوب بالفخ وانضموا لهم أم أنهم اجبروا على ذلك؟

قبيل اندلاع الثورة السورية، كان لإيران أنشطة واسعة لبث فكر “التشيّع” في الجنوب، مستخدمة وسائل الإغراء السلطوي والمادي لمن يتبع هذا المذهب. إلّا أنها وعلى مدى سنوات، لم تفلح بتشييع جمهور يرضي طموحها، فكل ما جنته عشرات المجندين، وخاصّة بعد تولي (بشار الأسد) للسلطة.

وما تفعله الآن، هو استغلال لبعض أبناء الجنوب بتقديم المغريات المادية في ظل القهر المعيشي الصعب، وكذلك تجنيد البعض منهم للتخلص من الخدمة العسكرية بصفوف جيش النظام.

ولا يغيب عن ذاكرتنا أنَّ البعض من الشباب الطائش تستهويه المظاهر الخادعة، فيرتدي زي من يدنّس الوطن مسترخصًا ذلك، لأنَّ نظام الأسد علّم الأجيال أنّ الولاء والوطنية لأشخاص ليس لأوطان.

– تعمل هذه الميليشيات إلى الجانب العسكري على نشر المذهب الشيعي أيضًا، فهل النظام المجتمعي العشائري بالجنوب السوري سيسمح بتمدد التشيّع هناك؟

برأيي رغم الترغيب والترهيب لنشر التشيّع في الجنوب، لن تفلح هذه المحاولات إلّا مع قلة من ضعاف النفوس الباحثين عن المناصب والمصالح.

وأما الشباب، فغالبيتهم يفرّون من الخدمة بجيش النظام، ولحماية أنفسهم من الاعتقال، فالتركيبة العشائرية للجنوب ومهما حاول النظام وحلفائه من صناعة شخصيات كرتونية، تتصدّر المشهد لصالحه، فلن تفلح.

– تبدي المملكة الاردنية من جهة وإسرائيل من جهة ثانية قلقلها من نشاط هذه المليشيات، فهل سيكون هناك تحرك إقليمي للحد من انتشارها، أو شن عملية لـ إبعادها عن الجنوب؟

منذ أن بدأت روسيا بالضغط العسكري المجنون فوق أرض الجنوب، واتباع استراتيجية تدمير البشر والحجر والشجر، أبدت المملكة الأردنية قلقها من التمدد الشيعي في الجنوب، وضغطت على الجانب الروسي للالتزام بتعهداته حول إبعاد هذه المليشيات عن الحد الأردني مسافة متفق عليها.

ولكن مع الأسف، الروس لا يلتزموا بوعود، رغم تكرار التنبيهات من الجانب الأردني.

أمّا اسرائيل فهي “العروس المدللة”، فلم ترفع أمريكا يدها عن حماية فصائل الجنوب وتسليم المحرر للنظام إلّا بتعهد من الروس يقضي بإجلاء القوات التابعة لإيران منه، حفاظًا على أمنها ولفسح المجال للطيران الإسرائيلي بتقليم أظافر التمدد الإيراني والمليشيات التابعة له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى