الشأن السوري

هل تستطيع روسيا إخراج إيران من سوريا؟

يُعقد في القدس الغربية بعد أيام، اجتماع ثلاثي يضم رؤساء مجلس الأمن القومي الأميركي جون بولتون ونظيريه الروسي نيكولاي باتروشيف والإسرائيلي مئير بن شبات، هو الأول من نوعه بين ممثلي الدول الثلاث المنخرطة في الملف السوري، بهدف بحث “ترتيبات إخراج إيران”.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية لـ “الشرق الأوسط” إنَّ مستقبل الوجود الإيراني في سوريا سيكون الملف الرئيسي على جدول الأعمال تحت عنوان عام يتعلق بـ “مناقشة الأمن الإقليمي” في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن اللقاء حصل بناء على “تفاهم” بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في قمة هلسنكي في يوليو (تموز) العام الماضي على إعطاء أولوية لضمان “أمن إسرائيل”.

ومنذ ذلك، جرت محادثات أميركية – روسية قضت بمقايضة إخراج فصائل معارضة وتنظيمات تابعة لإيران من جنوب سوريا مقابل عودة قوات الحكومة إلى الجنوب وإعادة “القوات الدولية لفك الاشتباك” (اندوف) إلى المنطقة العازلة في الجولان السوري.

وفي هذا السياق، قال المحامي محمد صبرا كبير مفاوضي المعارضة السابق لوكالة “ستيب الإخبارية“، إنَّ المفاوضات في جوهرها هي تفاوض “أمريكي – إسرائيلي – إيراني”، و الروس يمثلون في مفاوضات القدس الجانب الإيراني.

وأضاف، أنَّ إسرائيل لا تُعارض الوجود الإيراني في سوريا من حيث المبدأ، وإنَّما تُريد تكييف هذا الوجود بما يتوافق مع مصالحها وهواجسها الأمنية، وما يهم إسرائيل في هذه اللعبة هو “صواريخ حزب الله اللبناني”، وبالتالي المقايضة في حال وجودها هو الاعتراف بالوجود الإيراني وبالمصالح الإيرانية في سوريا مُقابل نزع صواريخ حزب الله في جنوب لبنان.

وأشار، إلى أنَّ الذي يُنشر في مراكز الدراسات الإسرائيلية المهمة يتحدث عن تقبل إسرائيل لوجود إيراني في سوريا شريطة تكيفه مع سياساتها الأمنية، ومشكلة جماعة موسكو هي تفكيرهم الرغبوي بدور روسي معادي لإيران وذلك ليبرروا وقوفهم المشين مع قوات الاحتلال الروسي وسياساتها الهمجية في سوريا.

من جهته، قال الباحث في الشأن السوري طلال عبد الله جاسم في حديثه لوكالتنا، إنَّ الحديث كثر في الآونة الاخيرة حول قدرة روسيا على إبعاد إيران من سوريا، “نعم هي قادرة رغم صعوبة المهمة” حيث سيدعمها في ذلك إسرائيل والعرب وحتى تركيا، ولكنها لا تُريد ذلك لأسباب عديدة.

وأضاف، أنَّه في أيّ حلّ مستقبلي لوقف الحرب في سوريا، سيتم خلاله تقاسم النفوذ والمصالح بين الفاعليين الدوليين، بالأخص أمريكا وإسرائيل وروسيا وتركيا وحتى إيران ستحصل على حصتها بعيدًا عن حدود إسرائيل.

ونوه جاسم إلى أنَّ مصلحة السوريين، من الواضح، ستكون الغائب الأكبر عن أيّ توافق دولي على أيّ حلّ في سوريا، ولا يُتوقع البدء بمسار حلّ قبل إنهاء ملف هيئة تحرير الشام في إدلب وملف شرق الفرات.

وبدوره، رأى الناشط السياسي عبد الكريم العمر، أنَّ روسيا لن تستطيع لوحدها إخراج إيران من سوريا بسبب تحكم إيران بمفاصل هامة وحيوية في بنية النظام الأمنية والعسكرية، وإخراجها يحتاج لجهود مشتركة بين القوى الدولية التي دخلت على دول المنطقة بموافقة أمريكية.

وقال إنَّ النظام الروسي يعيش أطول قصة حب مزيف مع النظام الإيراني غير مدركين أنٍ تلك القصص التهريجية مهما طالت مدتها ستبوء بالفشل، وبات واضحًا جدًا الصراع الخفي بين الثعالب. مشيرًا إلى أنَّ أمريكا هي التي سمحت لإيران بالسيطرة على سوريا واليمن والعراق، عندما أسقطوا صدام حسين جاؤوا بـ 150 الف جندي اليوم يأتون بـ 1500 لأجل إيران.. إنه الكذب الواضح.

من جهته، أوضح الكاتب السوري ماهر علوش، أنَّ إيران تتواجد بكثافة متباينة في أربع مناطق في سوريا، والمنطقة الوحيدة التي لا يوجد مطالبات لها بالخروج منها (سواء من حلفائها أو أعدائها) هي محيط إدلب وحلب، وهي المنطقة التي يمكن أن تغض الطرف عنها الولايات المتحدة، وروسيا والكيان الصهيوني، بينما باقي المناطق في الجنوب على حدود إسرائيل، أو الشرق على الحدود العراقية، أو الغرب على الحدود اللبنانية كلها مناطق يتعارض فيها الوجود الإيراني مع مصالح تلك الأطراف.

واعتبر، أنَّ وجود إيران كدولة يختلف عن وجودها كميليشيات إلى حد ما، لكن هذا لا يُحدث فارقًا كبيرًا في الأمر، نظرًا لأنَّ إيران الدولة تعتمد على الميليشيات كأدوات أساسية في تنفيذ سياستها في الإقليم، وبالتالي فإنّ التمييز بينهما لا يفيد إلا بشكل محدود جدًا.

وفي هذا السياق، أفاد محمد صبرا بأنَّ الاعتراض الإسرائيلي والأمريكي هو على الميليشيات العابرة للحدود وليس على الوجود الإيراني بحد ذاته، هذان موضوعان مختلفان، وإذا قررت إيران الاستغناء عن خدمات الميليشيات العابرة للحدود وتحويل وجودها لوجود دولة رسمي عبر مستشارين عسكريين تابعين للجيش الإيراني ووجود اقتصادي وسياسي، فسيوافق الأمريكان والإسرائيليون على ذلك، والنظام وإيران استبقوا هذا التطور ووقعوا بداية هذا العام اتفاقًا بهذا الشأن.

وذكر صبرا، أنَّ مشكلة الجميع الآن هي في عدم قدرة بشار الأسد على البقاء من دون وجود ميليشات إيران، لذلك يريدون تركيع المعارضة والدخول في تشاركية مع النظام ليتمكنوا من تنفيذ تفاهماتهم حول سحب الميليشيات العابرة للحدود من سوريا.. هذا ما يعمل عليه الأمريكيون والروس والإسرائيليون وجمع غير محدد من مدعي المعارضة السورية.

وفي أغسطس/ آب الماضي، قال مسؤول في وزارة الدفاع الروسية، إنّ “روسيا أجرت مشاورات مع إيران التي قالت بأنها لا ترى من الصواب تأجيج الأوضاع في المنطقة وأنها لا تحمل نوايا عدوانية تجاه إسرائيل.

وبالنتيجة، وبإسهام روسي، تم سحب التشكيلات الموالية لإيران مع أسلحتها الثقيلة من مرتفعات الجولان، وانسحبت الفصائل الإيرانية غير السورية مسافة 140 كلم باتجاه الشرق بعيدًا من حدود الأردن وخط «الفصل» في الجولان، وتم سحب 1050 عنصرًا و24 راجمة صواريخ و145 وحدة من الأسلحة الأخرى والتقنيات العسكرية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى