الشأن السوري

300 موقع أثري ومدينة عمرها 12 ألف عام ستغمرها الماء للأبد في تركيا

تغنّى الكثير من الشعوب الكردية بنهري الفرات ودجلة و توارثوا الأغاني و الأهازيج الشعبية و القصص من تراثهم الذي قدّس هاذين النهرين، لكنهم لم يعلموا أنها ستكون لعنة عليهم و سبباً في تهجير أبنائهم بعد بناء الحكومات التركية بشكل متتالٍ 22 سدّاً على النهرين، ليتم إجلاء عشرات القرى بسبب تلك السدود.

سدّ إيليسو

شرعت الحكومة التركية ببناء سد إيليسو على نهر دجلة عام 2006 وبدأت بتجميع مياه السد حينها ولكن تم تأجيل المشروع بسبب احتجاج السلطات العراقية عليه، وكانت فترة التأجيل حتى هذا العام.

ورغم جميع الاحتجاجات المحلية والدولية حول الآثار المدمرة ببناء السد إلا أن حكومة أردوغان استأنفت العمل به.

وفي عام 2008 انسحبت الشركات الغربية من السدّ ليتم الاستعاضة عن تلك الشركات التي أسست بداياته بشركات محلية تركية.

مدينة “حسنكيف التاريخية” ستنتهي

أعلنت الحكومة التركية عن إجلاء ساكني مدينة حسنكيف الكردية خلال مدة أقصاها اليوم الثامن من هذا الشهر وسيتم فرض طوق أمني على البلدة وقطع طرقاتها بعد التأكد من إخراج الجميع منها وذلك بسبب أنها ستصبح ضمن بحيرة السد مع 85 بلدة أيضاً.

وبدأ القائمون على المشروع بملء بحيرة السد، وقد يستغرق عامين وذلك حسب كميات الأمطار التي ستهطل، وأشارت صور الأقمار الصناعية التي التقطت حديثا إلى إرتفاع منسوب المياه في حوض النهر.

كما وتعتبر مدينة حسنكيف ذات الغالبية الكردية ذات حضارة عريقة تعود للعصر النيوليتي قبل 12 ألف عام، حيث اكتشف علماء الآثار مئات الكهوف المحفورة في المنحدرات الصخرية المجاورة للمدينة.

وتقع حسنكيف في الجزء الأعلى من وادي الرافدين وأكّد علماء الآثار من أنها أقدم مستوطنة بشرية منذ فترة تحول الإنسان من البداوة إلى الاستقرار واتخاذه البيوت وامتهان الزراعة إذ لم تخلُ المدينة من الحياة من ذلك الحين.

محاولات بائسة لسكان المدينة من الحفاظ عليها

توجه أهالي “حسنكيف” إلى القضاء التركي لوقف بناء السد بعد أن حشدت معها أنصار البيئة والمدافعون عنها لكن السلطات لم تقم بدراسة الأثر البيئي للسد كما كان يشترط القانون التركي للقيام به، حتى أن الحكومة ألغت القرار.

وتوجه ناشطون معارضون إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية العام المنصرم في أمل أخير لوقف مشروع السد، فكان جواب المحكمة: “إن حماية الإرث الثقافي للأفراد ليس من بين حقوق الإنسان الأساسية المعتمدة عالميا”.

أبرز الآثار التي ستغمرها الماء للأبد

أعطى الأشوريون مدينة حسنكيف اسم “كاستروم كيفا” وتعني بلغتهم القلعة الصخرية وفي عام 300 بعد الميلاد بنى الرومان في المدينة حصنا بهدف حماية حدود الإمبراطورية.

وسيطر البيزنطة على المدينة في القرن الخامس الميلادي وجعلها رجال الدين مقراً كنسياً، ليحولها العرب عام 640 ميلادي، إلى حصن كيفا وبعدها تولى حكم المدينة الأرتقيون التركمان والأيوبيون الأكراد وفي عام 1260 سيطر عليها المغول مع غيرها من مدن المنطقة.

فيما تحولت إلى جزء من الأمبراطورية العثمانية عام 1515 ومايزال حاضراً بها “قصر الملك الأرتيقي الذي بُني في القرن الثاني عشر ومسجد رزق الذي بناه السلطان الأيوبي سليمان عام 1409وقبر زينل المخروطي الذي تغطيه قطع الموزاييك الأزرق والفيروزي اللامع”.

والجدير ذكره، أنه ستتأثر نحو مئتي قرية وبلدة في أربع ولايات تركية من السد، وحسب دراسات حكومية ستغمر مياه البحيرة 85 قرية بشكل كامل وسيفقد 55 ألف شخص منازلهم وأراضيهم ويواجه 15 ألف شخص الترحيل القسري بمشروع سدّ إيليسو الذي سيولد 1200 ميغاواط من الكهرباء وهو ما يعادل واحد في المئة من حاجة تركيا.

6102019 3

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى