مقال رأيسلايد رئيسي

عندما يصرخ الموالي.. من يستجيب لصرخته ؟

بقلم: مصطفى الأبو حسنة

مع ارتفاع موجة الجوع التي بدأت تجتاح الشعب السوري في الداخل، نتيجة العقوبات الاقتصادية الشديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية مؤخّرًا على نظام الأسد، علت بعض الصرخات بين منطقة وأخرى، احتجاجاً على واقع معيشي فاق قدرة البشر على التحمل.

فبعد ٩ سنوات من الحرب الدامية، قدَّمَت فيها غالبية العائلات الموالية للنظام، معظم شبابها للموت في جبهات القتال على امتداد رقعة الوطن، وآثرت عائلات أخرى التزام الحياد عن المجاهرة بموقفها كما فعل أهالي محافظة السويداء.

في المقابل علَت الأصوات المعاكسة المستفيدة من النظام لتطلق الشتائم والتخوين والاتهامات بالعمالة بوجه من يصرخ قائلاً “ابني جوعان” ولا أستطيع إقناعه بأننا دولة ممانعة تعاني من حصار اقتصادي فُرض علينا بسبب مواقفنا الوطنية الثابتة المعادية للإمبريالية، ويصرخ آخر “مارح ينام الولد شبعان إذا سمع أغنية زمر لعلي الديك تتغنى بالقائد البطل”.

سارع بعض الشباب السوري في الداخل إلى إعلان الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، تنشر فيها خططًا لمواجهة الأزمة الاقتصادية وتفاديها، كالتشجيع على الزراعة ومقاطعة التجار ومحاربة الاحتكار، دون أن تتجرأ للتطرق إلى الحلول الحقيقية، والتي بات يعرفها الجميع.. وهي إزالة أسباب العقوبات الاقتصادية، كمجموعة “بدنا نعيش” على الفيسبوك، والتي انتشرت بشكل كبير ولاقت تفاعلًا ومتابعة من قبل السوريين في الداخل والخارج.

ومع كل الاحتياطات التي اتُخذت من قبل الناشطون أو المتظاهرين الذين اكتفوا بإطلاق الهتافات والمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي، دون المس أو الاقتراب من رأس النظام أو منظومته الفاسدة، أو ذكر أي مطالب تتعلق بالحقوق السياسية، ورغم ذلك، فإنَّ احتياطاتهم لم تقيهم من حملات التخوين والشتائم والوعيد بالانتقام والسحق من قبل بعض مؤيدي النظام المستفيدين.

وتزداد المعيشة ضيقًا، مع إصرار النظام السوري على الحل العسكري بمواجهة المعارضة، بعيدًا عن أي تسويات سياسية أو البدء بمفاوضات جدّية، تفضي إلى حل عام وشامل، ينهي مأساة الشعب السوري في الداخل والخارج.

فمثلًا، بثينة شعبان وغيرها من المسؤولين، حتمًا لن يشعروا بانعكاسات الأزمة، ولن تنسى ثلاجاتهم شكل الخبز ولون الفاكهة وطعم اللحوم وتنوع الحلويات، بل لن تتعكر حياة البزخ والرفاهية التي يعيشونها… طالما المتضرر الأول والأخير هو الجندي الذي يقاتل ليحمي وجودهم، وكذا عائلته وأطفاله الذين يعيشون أزمة الجوع أولًا ورعب تلقيهم خبر وفاة ابنهم في أي لحظة ثانيًا.. وأما إذا مات…راحوا يقلدوه وسام الشهادة.. فشرف اللقب يكفي لإطعام أبنائه وتأمين مستقبلهم على كافة الأصعدة.

بنظرة سريعة إلى المعطيات والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في سوريا ولبنان والعراق وإيران واليمن، لربما نجدُ قاسمًا مشتركًا بين مأساة تلك الشعوب، المأساة التي بدأت تأتي أُكُلها بعد إسقاط نظام صدام حسين في العراق سنة ٢٠٠٣، لتتحول المنطقة إلى ساحة صراعات مفتوحة، انهكت البلاد والعباد وتسببت بحروب دامية، وكان آخرها قدوم الأميركي والروسي ليحكموا سيطرتهم على الأرض السوريّة، ليتقاسموا النفوذ والثروات على ركام المدن السورية وعلى أشلاء شعبها.

ربما أرادت إيران أن تواكب ركب العولمة العالمية وتحذو حذو الدول الكبرى من تصدير لثقافتها الاجتماعية وأفكارها السياسية ومنتجاتها الصناعية، لكن العولمة الإيرانية من نوع آخر، عولمة فرضت الفكر والنفوذ بقوة السلاح تارةً، وبالمال وغسل الأدمغة تارةً أخرى.

أتساءل في نفسي، لماذا لم تختر إيران الطرق السلمية الأخرى في انفتاحها على شعوب المنطقة!، فنستقبل الأشقاء الإيرانيون في بلداننا سيّاحًا وتجار وطلابًا وباحثين!.. أي كما يقول الشاعر:
” ماضرَّ لو جعلوا العلاقةَ في غد… بين الشعــوبِ مــودّةً وإخـاء”

للأسف لم نرَ إلا تصدير السلاح بشتى أنواعه والميليشات الطائفية الحاقدة لتنشر القتل والدمار أينما حلّت على امتداد العواصم والمدن العربية.

والآن باتت المسرحية واضحة للجميع.. لمن يفقهون السياسة ولمن حتى لا يعرفون الكتابة… لكن متى تنتهي… لا أحد يعلم

نسأل الله معجزة من السماء… تعبنا جميعًا.. بل قَتلنا التعب.

ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى