الشأن السوريسلايد رئيسي

فرصة ذهبية لحزب “الاتحاد الديمقراطي” في الوقت بدل الضائع!

بقلم “علي تمي”

لاشك أنها فرصة ذهبية، جاءت على طبق من ذهب لحزب “الاتحاد الديمقراطي” عندما أعلن المجلس الوطني الكردي استعداده للتفاوض معه رغم كل ما قام به في وقتٍ سابق، من انتهاكات بحق أنصاره ومطاردة قياداته في كل زواية وغرفة، محاولاً تصفيتهم تارةً ورميهم إلى خارج الحدود تارةً أخرى، ولا سيما أن مصير العشرات منهم لايزال مجهولاً وغير معروف، في محاولة لإنهاء وجودهم على الأرض وبالتالي الاستفراد بقيادة المنطقة، إلا أنه وجد نفسه بين ليلة وضحاها معزولاً من المجتمع الدولي وفاقداً للثقة بالأمريكان بعد عمليتي (عفرين ورأس العين). هذا وبالمقابل فإن روسيا طالبت برأسهم وسلاحهم مقابل حمايتهم من المعارضة السورية والجيش التركي في شرق الفرات.

العودة إلى لغة العقل والابتعاد عن الغرور

رغم تأخر “الاتحاد الديمقراطي” في تحديد بوصلته بشكل يتوافق مع الوقائع السياسية والعسكرية في المنطقة التي لايمكن القفز عليه، فيما يرى المراقبون أن قيادة هذا الحزب بدأت تفهم المعادلة السياسية وتلعبها بشكل صحيح، رغم تأخرها عندما أقرّت في وثيقة التفاهم السياسية مع المجلس الوطني الكردي وبضمانات أمريكية، معتبرةً نفسها جزءاً من المعارضة السورية وبأن تركيا دولة صديقة للشعب السوري بما فيه الكرد، وهذا يعتبر الجسر الوحيد الذي يمكن أن يعبر عليه “الاتحاد الديمقراطي” نحو المحافل الدولية وإنقاذ مشروعه من الزوال، وبالتالي لا خيار ثالث إلا بالعودة إلى لغة العقل والمنطق وحماية نفسه وتاريخه من الزوال .

شروط أمريكية لاستمرار الدعم والحماية

من المعلوم للجميع أن التحالف بين أنقرة وواشنطن (قديم جديد) ومن يراهن على الخلافات بينهما فهو لايملك (ذرة عقل ) لأن تركيا وأمريكا حليفتان تجمعها الكثير من الأمور العسكرية والاقتصادية والأمنية) منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فتركيا دولة مهمة بالمنطقة ولديها تاريخ ممتد إلى ما قبل الإمبراطورية العثمانية، وبالتالي لديها جذور ثقافية واجتماعية مع المكونات والطوائف والقوميات في الشرق الأوسط، وبناءً عليه لا يمكن لواشنطن أن تتجاوز حليفتها في المنطقة لأهمية موقعها الجيوسياسي إرضاءً لبعض أحزاب كردية صغيرة لاحول لها ولا قوة، وهناك تجارب أخرى في المنطقة نجحت في تجاوز هكذا حالات، فمثلاً إقليم كردستان يمارس سياسة العقل والمنطق بشكلها المطلوب عندما فتح أبوابه أمام الشركات التركية والإيرانية، ومرر مصالحهما بشكل أو آخر لكي لاتعرقلا عجلة التطور في الإقليم والمحافظة على الأمن والاستقرار في عموم المنطقة، وبناء على ما ذكرت فــ واشنطن لديها الشروط التي من المطلوب أن ينفذه الاتحاد الديمقراطي لاستمرار الدعم والحماية له، وهي:

    • اعتبار تركيا دولة صديقة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
    •  أن يعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي نفسه جزءاً من المعارضة السورية.
    •  الابتعاد وفك الارتباط مع المحور الإيراني في المنطقة بما فيه ( العمال الكوردستاني).

وبناءاً على ذلك وجد حزب “الاتحاد الديمقراطي” نفسه أمام نارين أحداهما مرّ ( إما التصادم مع العمال الكوردستاني كونه محسوب على المحور الإيراني ) مقابل استمرار الدعم الاقتصادي والعسكري له من قبل التحالف الدولي، أو تركه فريسة جديدة لاجتياح المعارضة السورية والجيش التركي لبقية المناطق، وهو من أسوأ الخيارات المطروحة، فبالتالي اختار البند الأخير بعد إعلانه عن مبادرة لوحدة الصف الكردي، وهذا ما يفسره المراقبون ببدء حالة الطلاق مع المحور الإيراني والتقرب من المعارضة السورية، لأن النظام بحكم المنتهي وبقاءه في الحكم مسألة وقت فقط، ولأن مستقبله السياسي سيكون مع القوى المعارضة في سوريا والمجلس الوطني الكردي .

فرصة ذهبية وفي الوقت بدل الضائع

على ما يبدو أن “الاتحاد الديمقراطي” استغل الفرصة المواتية له على طبق من ذهب ودخل في أربع جولات ماراتونية من المفاوضات، وتم التوصل إلى وثيقة سياسية مع المجلس الوطني الكردي القريبة إلى الواقع وقابلة للتنفيذ على الأرض، تتضمن توزيع الإدارة والاقتصاد بالمناصفة مع تشكيل قيادة عسكرية مشتركة لإدارة جميع التنظيمات العسكرية على الأرض في شرق الفرات، ومن خلال هذا التطور الجديد في المنطقة يمكن أن تكون فاتحة خير للجميع وينقذ “الاتحاد الديمقراطي” نفسه والمنطقة من لعنة التاريخ فتجميع 24 حزب كردي سوري تحت اسم ( أحزاب الوحدة الوطنية الكردية ) فكرة جيدة وخطوة شجاعة وتوسيع أعضاء وفدها إلى سبعة أعضاء استعداداً لجولة جديدة من المفاوضات مع المجلس الوطني الكردي، دليل على ضبط البوصلة باتجاهه الصحيح والابتعاد عن سياسة الخداع والمناورة كما فعله في اتفاقيات ( هولير1- ودهوك 2 ) لأن الوقت ليس لصالحه، وبالتالي فتح المجلس الوطني الكردي أحضانه ومغامرته في الدخول في جولة مفاوضات تعتبر ورقة رابحة لحزب “الاتحاد الديمقراطي” لأن أي تراجع سيدفع واشنطن و أنقرة مجدداً بالهجوم على باقي المناطق وتحديداً ( كوباني والدرباسية ) بالتالي سيزول مشروع “قسد”ةفي سوريا دون رجعة، وستخسر مابناه طيلة الأعوام العشر الماضية رغم التضحيات التي قدمها، وبالتالي يجب أن يستمر الجميع في التفاوض والابتعاد عن لغة الخداع والمناورة لأن هناك لجنة (فرنسية أمريكية بريطانية تركية ) مشتركة تراقب الوضع عن كثب، وكل طرف يختار المراوغة والتهرب سيدفع الفاتورة، والثمن سيكون غالياً جداً كون لديهم مشروع مشترك في انجاح هذه العملية التفاوضية، و بالتالي تكون بوابة عبور الأحزاب الكردية إلى مستقبل سوريا وأخذ دورها بشكله المطلوب لكن حصراً بالإتفاق مع الوطني الكردي والمعارضة السورية وفك الارتباط مع المحور الإيراني في المنطقة.

اقرأ أيضًا:ما مصلحة إقليم كوردستان وتركيا من عقد أي اتفاق مشترك بين ” قسد ” و المجلس الوطني الكوردي ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى