حورات خاصة

هل تشتعل الحرب بين إيران وأذربيجان وما علاقة إسرائيل وتركيا بالمعركة… عاملان تخشاهما طهران و”قنبلة موقوتة”

ازدادت العلاقات توتراً بين إيران وأذربيجان مؤخراً وتبادلت الدولتان الجارتان التهديدات سياسياً وعسكرياً، حيث تتهم إيران جارتها بإدخال أطراف دولية معادية لها إلى حدودها، بينما ترى أذربيجان بأن جارتها تستفزها عسكرياً.

 يتخوف خبراء من أن يتطور التوتر الذي تشهده العلاقات بين إيران وأذربيجان إلى صدام عسكري بين البلدين، مشيرين في هذا الشأن إلى القضايا التي تفسد الود بين الجارتين.

وللحديث عن مدى التوتر بين البلدين (إيران وأذربيجان)، التقت وكالة ستيب الإخبارية، مع الباحث المختص بالشأن الإيراني، محمد شعت، والباحث السياسي ومدير نادي الخبراء الدولي EurAsiaAz ورئيس تحرير بوابة المعلومات والتحليل باللغة الإنجليزية باكو تريبيون، سيمور محمدوف.

تكتيكات الحرب بين ايران واذربيجان 20211004 192818028

إيران وأذربيجان الجديدة .. ليست التسعينات

بدأ التوتر بين البلدين يطفو على السطح بعد تحرك قوات إيرانية في اتجاه الحدود الأذربيجانية لإجراء مناورات “فاتحو خيبر”.

وكان رئيس أذربيجان إلهام علييف قد علّق على المناورات الإيرانية قرب حدود بلاده مطلع أكتوبر بالقول: “يمكن لكل دولة إجراء أي مناورات عسكرية على أراضيها. هذا هو حقها السيادي. لكن لماذا الآن ولماذا على حدودنا؟ لماذا يتم ذلك بعد أن حررنا هذه الأراضي بعد 30 عاما من الاحتلال؟”، في إشارة إلى سيطرة قوات بلاده على إقليم “ناغورو قرة باغ” الذي كان متنازع عليه مع أرمينيا.

وحول ذلك يقول سيمور محمدوف: أذربيجان تنتهج سياسة حسن الجوار في المنطقة. ويريد مسؤولو باكو إقامة علاقات طبيعية مع جيرانها. والدولة الوحيدة التي ليس لنا علاقات دبلوماسية معها هي أرمينيا.

ويضيف: لا أعتقد أن إيران تستطيع أن تفرض سياستها على أذربيجان. لقد أصبح هذا بالفعل شيئًا من الماضي ومن الضروري تطوير حوار متساوٍ. أذربيجان لاعب مستقل في جنوب القوقاز.

ويؤكد “محمدوف” أن حرب “قرة باغ” الثانية أظهرت كل القوة العسكرية للجيش الأذربيجاني. مشيراً إلى أن على طهران أن تفهم بأن هذه ليست أذربيجان في التسعينيات.

ويتابع: إنها أذربيجان الحديثة بجيش واقتصاد قويين. بالإضافة إلى ذلك، يجب على إيران أن تفهم أن أذربيجان دولة مستقلة وذات سيادة ولها الحق في أن تقرر بنفسها مع من تصادق ومن لا.

ويشدد الباحث الأذربيجاني على أن تعاون “باكو” مع دولة ثالثة ليس موجهاً ضد إيران، بل على العكس، فهي تريد علاقات حسن جوار مع إيران وليست معنية بتفاقم هذه العلاقات.

ويرى أن الوضع الجديد بعد السيطرة على مقطع بطول 134 كم من الحدود الإيرانية الأذربيجانية نتيجة حرب “قرة باغ” يجعلها تفتح نافذة إضافية لتعميق التعاون التجاري والاقتصادي، ويقصد تطور التجارة الحدودية بين الجزء الشمالي من إيران والمناطق المحررة في أذربيجان، لافتاً إلى أنه على بلاده اغتنام هذه الفرصة الجديدة.

 

هل تخاف إيران من أذربيجان؟

تشير التصريحات الإيرانية إلى غضب طهران من علاقات أذربيجان الوثيقة مع إسرائيل وتزويد تل أبيب لباكو بأسلحة حديثة بما في ذلك الطائرات المسيرة.

يقول “محمدوف”: “إيران مهتمة بشكل أساسي بعاملين الأول هو العامل الإسرائيلي، حيث تتعاون أذربيجان وإسرائيل بنشاط في مجال التعاون العسكري التقني. وقد سمحت السلطات الأذربيجانية لإسرائيل بالمشاركة في إعادة أعمار إقليم “قرة باغ”، وفي مدينة زنجيلان المحررة من الأرمن، والتي تقع على بعد حوالي خمسة كيلومترات من الحدود مع إيران، تقوم إسرائيل ببناء مزرعة جاموس”.

ويضيف: “إيران بالطبع، تشعر الآن بالقلق الشديد، لأنها تشتبه في أن المزرعة ستعمل كمكان خاص لجمع المعلومات الاستخبارية عن إيران. بالإضافة إلى ذلك، تعتقد طهران أن الأجهزة الخاصة الإسرائيلية تقوم بعمليات سرية ضد إيران، بما في ذلك استخدام أراضي أذربيجان لهذا الغرض. ويخشى مسؤولو طهران من أن إسرائيل ستنشئ بؤرة استيطانية على الحدود الشمالية لإيران، وبنية تحتية للاستخبارات والعمليات الخاصة، مثل تلك التي أدت إلى القضاء على الجنرال الإيراني قاسم سليماني”.

ويرى “محمدوف” أن التعاون بين أذربيجان وإسرائيل ليس موجهاً ضد إيران. فأذربيجان مهتمة بالحصول على التقنيات العسكرية الإسرائيلية، والتي تم تطبيقها بنجاح ضد أرمينيا خلال حرب قرة باغ الثانية. معتبراً أنه لن تصبح باكو جزءًا من الكتلة المعادية لإيران في إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى.

أما العامل الثاني الذي تهتم به إيران فهو الأذربيجانيون الذين يعيشون في إيران، ويعيش معظمهم في شمال غرب إيران. والأذربيجانيون أقلية قومية كبيرة، لا ينتمون إلى عائلة اللغة الإيرانية ويتحدثون اللغة الأذربيجانية.

ويتابع الباحث الأذربيجاني: “تخشى إيران تنامي الوعي الذاتي لدى الأذربيجانيين بعد الاستعادة الكاملة للحدود مع إيران نتيجة حرب قرة باغ الثانية. حيث كان موقف أذربيجانيي إيران من نزاع قرة باغ خلال حربي أبريل (2016) وقرة باغ الثانية واضحًا للجميع. فخلال الحرب التي استمرت 44 يومًا، دعم الأذربيجانيون الذين يعيشون في إيران مواطنيهم. وعندما كانت الأعمال العدائية جارية، خرج العديد منهم بالأعلام الأذربيجانية على الحدود الإيرانية الأذربيجانية، مرحِّبين بعملية الهجوم المضاد التي شنتها باكو ضد قوات أرمينيا”.

 

هل سنشهد مواجهة عسكرية؟

في ميزان القوة العسكرية هناك نقاط القوة لدى إيران التي تتمثل في آلاف من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز بعيدة المدى، مقابل عدم وجود دفاع جوي كافٍ وقوات جوية في أذربيجان، إضافة إلى تفوق إيران في بحر قزوين في عدد السفن وقوارب الصواريخ، ولكن ما مدى إمكانية حصول كواجهة؟

يقول “محمدوف”: من المستبعد حدوث صدام عسكري مباشر بين إيران واذربيجان. ويبدو لي أن إيران لن تهاجم أذربيجان، كما أن أذربيجان اليوم لن تهاجم، وهذا ليس في مصلحة البلدين، حيث تدرك إيران جيدًا أن اللاعبين الخارجيين في الغرب ينتظرون فقط أن تهاجم إيران أذربيجان. وفي هذه الحالة، سيتعين على طهران القتال مع لاعبين غير إقليميين، وهذا ليس في مصلحة كل من إيران وأذربيجان.

ويضيف: لا تزال إيران غير متأكدة تمامًا من الموقف الذي سيتخذه الأذربيجانيون المقيمون في إيران فيما يتعلق بالصراع الإيراني الأذربيجاني. بالإضافة إلى ذلك، أضرت العقوبات الأمريكية بشدة بمصالح إيران الاقتصادية. لقد عانى الاقتصاد الإيراني بشكل كبير. لذلك، من غير المرجح أن تتخذ إيران خطوات تجاه العمل العسكري.

فيسبوك 1

ويرى بأن كل ما في الأمر هو أن كلا البلدين بحاجة إلى الاجتماع في كثير من الأحيان، وعقد اجتماعات رسمية، واجتماعات على مستوى “مراكز الفكر” والنواب والصحفيين. ويجب أن يكون هناك حوار بين البلدين. إلا أنه يؤكد بأننا لن نشهد اشتباكات عسكرية مباشرة أو غير مباشرة بين الدول.

وفي ذات الوقت يؤكد “محمدوف” بأن إيران لن تذهب بعيداً في علاقاتها مع اذربيجان. مشدداً على أن هذا ليس في مصلحة إيران وأذربيجان. لكنه لا يتوقع استقرارًا طويل الأمد في العلاقات الثنائية.

 

أدوات إيران في المنطقة

من جانبه يتحدث الباحث السياسي المختص بالشأن الإيراني، محمد شعت، عن الأدوات الإيرانية التي تستخدمها لغرض سياستها.

ويقول: ” هيمنة إيران على القرار السياسي لأي دولة لا يتحقق بالمناورات، ولكن الأدوات الإيرانية التي تستخدمها لغرض سياستها واحدة في كل الدول التي اخترقتها من خلال أدواتها، وهذه الأدوات تتمثل في الميلشيات التي تصنعها إيران وتدعمها بالمال والسلاح وتستخدمها كاوراق ضغط على صانعي القرار، وربما تستخدم إيران هذه الورقة في أذربيجان،  خاصة بعدما تردد اسم ميليشيا “حسينيون” الشيعية في أذربيجان مؤخرا وبالتزامن مع تصاعد التوتران بين طهران وباكو، وهذه الحركة تطلق على نفسها اسم الحركة الإسلامية الاذربيجانية، وبدأت الحركة بالفعل توجيه تهديدات إلى السفارة الإيرانية في اذربيجان دعما للاتهامات التي ترددها طهران بشأن دعم أذربيجان لإسرائيل”.

ويضيف: إيران تستشعر خطرا كبيراً، وملف اليوميات غير الفارسية صداع في رأس إيران، وفيما يتعلق بالتوترات مع أذربيجان ففي اعتقادي أن أكثر ما يقلق إيران هي القومية الأذرية في إيران والتي تعتبر اذربيجان امتداداً قوميا لها، وهناك محاولات ودعوات من القومية الأذرية إلى الانفصال عن إيران وتشكيل دولة مستقلة تكون امتدادا لطالبان.

ويتابع: حال تقديم الدعم من أي قوى دولية لهذا المشروع ودعمه فإنها ستكون ضربة قاصمة لإيران وبداية للتفتيت خاصة في ظل دعوات قوميات أخرى للانفصال مثل عرب الأحواز والبلوش، لذلك ظهرت مجموعة حسينيون التي سبق الإشارة إليها في محاولة من إيران لتحريك ورقة الطائفية الشيعية وتمهيد الشارع في اذربيجان لأي صدام محتمل.

 

هل نقلت المعركة إلى قلب إيران؟

يشرح “الشعت” بأن علاقة باكو وتل أبيب مختلفة عن كونها علاقة تهدف لاستهداف إيران، بالوقت الذي وصلت به إسرائيل بالفعل إلى قلب طهران ونفّذت عمليات هناك.

ويقول: ” لا شك أن تطور العلاقات الإسرائيلية الاذربيجانية والحديث عن تفاهمات لشراء باكو أسلحة من تل أبيب أو استخدام إسرائيل لأراضي أذربيجان هي ورقة ضغط على ايران، خاصة في ظل استمرار إيران تطوير قدراتها النووية والمراوغة في محادثات فيينا،  لكن التوترات الحالية لا يمكن اعتبارها انها نقل إسرائيل المعركة إلى قلب طهران، خاصة وأن تل أبيب استطاعت احتراق الداخل الإيراني وتخريب منشآت نووية وسرقة وثائق نووية بعيداً عن ملف أذربيجان، وبدا مدى هشاشة الداخل الإيراني من خلال تجنيد عملاء لصالح إسرائيل في إيران، والمعركة حتى الآن تدور في إطار الحروب السيبرانية والجاسوسية بين تل ابيب وطهران”.

ويضيف: ” استبعد مواجهات عسكرية بين إيران واي طرف في المرحلة الحالية، خاصة وأن إيران لا تلجأ لهذا الخيار مهما كان حجم الصدام، لكن حروبها كلها تكون حروب بالوكالة عن طريق اذرعها والميلشيات التابعة لها، وأعتقد أن إيران لم تصل إلى هذا المستوى في اذربيجان، إضافة إلى تعاملها الحذر مع هذا الملف الذي قد يفجر قنبلة موقوتة لديها في الداخل والتي تتمثل في القومية الاذرية، إضافة إلى أن الشارع الإيراني يشهد نيران تحت الرماد بسبب تدهور الاقتصاد وتراجع مستوى المعيشة بسبب العقوبات المفروضة على ايران، وقد ينفجر حال تحمل الاقتصاد أعباء حروب جديدة.، خاصة في ظل تفتت الجبهة الداخلية الإيرانية”.

ويوضّح بأن الهواجس بأيران تتعلق بالقومية الأذرية ومخاوف الانفصال على أساس قومي وليس من اتباع المذهب السنّي فيها، مشيراً إلى أن الأمر مع أفغانستان يكون مذهبياً خاصة بعد سيطرة طالبان على الحكم، ورغم التفاهمات التي جرت بين إيران وطالبان واستضافة طهران لمفاوضات بين الحكومة والحركة قبل انسحاب القوات الأمريكية إلا أن إيران سارعت بدعم المقاومة في بنجشير ضد طالبان وأبدت رفضها لسياسة طالبان تجاه مقاومة نجل أحمد شاه مسعود، ما يشير إلى القلق الإيراني من سيطرة حركة سنّية والمخاوف من دعم حركات سنّية داخل إيران على رأسها جيش العدل البلوشي.

 

ورغم تأكيدات الخبراء حول أن المواجهة العسكرية المباشرة والتقليدية مستبعدة بين إيران وأذربيجان إلا أنه أثار ملفات تعتبر اختراقات للنظام الإيراني الذي طالما تباهى بوصوله وسيطرتها على 4 عواصم عربية وخاض حروباً عدّة بالوكالة.

هل تشتعل الحرب بين إيران وأذربيجان
هل تشتعل الحرب بين إيران وأذربيجان

حاورهم جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى