مقال رأيسلايد رئيسي

هل أسقط ترامب مبادئ ويلسون الــ14 في سوريا؟

من هو ويلسون؟

وودرو ويلسون، هو الرئيس الأمريكي الثامن والعشرين. دخل التاريخ من أوسع أبوابه.

وعبر إلى البيت الأبيض متسلحاً بخلفية أكاديمية لدراسة العلوم السياسية التي حصل فيها على درجة الدكتوراه من جامعة “جونز هوبكنز”.

تلك الجامعة التي تدرّج في مناصبها حتى وصل إلى منصب رئيس الجامعة لمدة 10 سنوات

قبل نجاحه في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1912، ثم ولاية ثانية في 1916 والتي شهدت إعلان دخول الولايات المتحدة للحرب العالمية الأولى في مايو/أيار 1917 .

مبادئ ويلسون

في عام 1918 قدم، ويلسون، مبادئه الـ 14 للكونجرس، وكانت بمثابة وثيقة للسلم وإعادة بناء أوروبا من جديد بعد الحرب العالمية الأولى.

وحصل على جائزة نوبل للسلام العام 1919، بعد أن أشرف على تأسيس “عصبة الأمم ” ليصبح ثاني الرؤساء الأمريكيين بعد تيودور روزفلت.

اليوم تدرس الجامعات سياسته الخارجية المعروفة باسم “الويلسونية” باعتبارها الأولى من نوعها

التي تعتمد على تعزيز مفاهيم وقيم الديمقراطية العالمية واحترام حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

وكان هذا الإعلان بمثابة قنبلة أعطت نورها لشعوب العالم المستعمرة، ومنحت لهم أملاً بالتخلص من العبودية والاستعمار .

هل أسقط ترامب مبادئ ويلسون الــ14 في سوريا؟
هل أسقط ترامب مبادئ ويلسون الــ14 في سوريا؟

ترامب يسقط مبادئ ويلسون في سوريا ؟

سقطت مبادئ ويلسون الـ14 التي كانت تتضمن حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام حقوق الإنسان.

لكن منذ انطلاقة الثورة السورية في 2011، وخروج الملايين من الشعب السوري إلى الساحات

مطالبين بالحرية والتغيير الديمقراطي في البلاد، إلا أن التدخل الخارجي المنظم وتبادل الأدوار

فيما بينهم ودعم كل طرف مجموعة معينة لمواجهة الآخر، حولوا سوريا إلى ساحة لصراع بين القوى الإقليمية والدولية.

و مع وصول رجل الأعمال الأمريكي ( ترامب) وهو الرئيس الامريكي الخامس والأربعون إلى الحكم في 2017، وكانت سوريا قد غرقت في مستنقع الحرب.

وجاء التدخل الروسي لإنقاذ النظام في 2014 لخلط الأوراق وعقد من المشهد، بينما المليادير الأمريكي ( ترامب )

الذي يتزعم دولة حرة كأمريكا ذات قيم ومبادئ تحترم حقوق الإنسان، إلا أن ( ويلسونية )

ومبادئه أسقطها ترامب في سوريا بعد تركيزه وهيمنته فقط على حقول النفط في شمال شرق سوريا

تاركاً مصير الملايين من السورين بين البقاء في المخيمات وبلاد اللجوء والمعتقلات.

مكتفيًا فقط بفرض قانون “قيصر” الذي ينعكس سلباً وبشكل مباشر على الحياة المعيشية للمواطن السوري – لاحول له ولا قوة – المتبقي على أرضه

وداخل منزله رغم الأزمات التي تعصف به، والذي بالأصل لم ينتخب بشار الأسد حتى يتحمل مسؤولية أعماله ومغامراته في المنطقة.

ساهمت واشنطن بشكل غير مباشر بإسقاط الأنظمة في تونس ومصر والسودان، ومنعت هذه الدول من الوقوع في مستنقع الحروب، وذلك من خلال (انقلاب أبيض).

بينما حولت سوريا قبل ليبيا إلى ساحة لحرب ( أهلية ) لضرب البنية التحتية، وتبادلت الأدوار مع موسكو في سوريا

خدمة للجارة الغربية ( إسرائيل ) تحت ذريعة محاربة ( داعش) وفيما بعد التغني بــ(قصيدة) إخراج إيران من سوريا ( والله عليم ماهي الحجة التالية ).

حيث دخل الشعب السوري في دوامة العنف، وأدخل ترامب سوريا إلى مستنقع يستحيل الخروج منها دون دفع الفاتورة.

الخلاصة – أسقط ترامب، مبادئ ويلسون في سوريا، وتحديداً في مدينة رميلان السورية

ودفن مبادئ حقوق الإنسان وقيم الحرية التي يتفاخر بها الشعب الأمريكي، أسقطها في شمال شرق سوريا بعد تركيزه فقط على النفط.

تاركاً الشعب الشعب السوري وحيداً في مواجهة أشرس نظام دموي حكم المنطقة منذ قرون

ويقف متفرجاً ومكتفياً بجمع غنائم الحرب، معلناً لذلك دون خجل من مبادئ، ويلسون، الذي كرس قيم الحرية في العالم.

وفرنسا التي قدمت تمثال الحرية كهدية للولايات المتحدة بمناسبة الذكرى المئوية لاستقلالها، ستندم يوماً ما على هذه الهدية الثمينة التي لا تقدر بثمن.

في الختام لا بدّ للمرء أن يتساءل، هل أسقط ترامب مبادئ، ويلسون، في سوريا ؟
أقول مع كل أسف نعم أسقطها ودفنها

وتحديداً في بلدة (رميلان ) السورية التي تشكل خزاناً طبيعياً للنفط والمواد الخامة وفرض سيطرته عليها

تاركاً الشعب السوري تحت رحمة الصواريخ والطائرات الروسية والميليشيات الإسلامية التي تدمر الأخضر واليابس، تنفيذاً لأجندات موكليها.

ولازال هذا الشعب ينتظر آملاً بعودة نظام ديمقراطي ليحقق الأمن والاستقرار ليتمكن من العودة إلى بلاده، وليتم الإفراج عن آلاف المعتقلين والكشف عن مجهولي المصير.

“علي تمي” / كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى