مقال رأي

هل بإمكان ” القيصر ” إسقاط النظام السوري؟

بقلم الكاتب: علي تمي

من هو القيصر؟

“القيصر” هو اسم مستعار لمصوّر عسكري سابق في الشرطة العسكرية التابعة للنظام السوري، استطاع الهرب من سوريا صيف عام 2013، حاملاً معه 55 ألف صورة مروعة تظهر جثثاً تحمل آثار تعذيب.

ويفرض هذا القانون عقوبات على بشار الأسد، وأركان نظامه والشركات الدولية التي تتعامل معه.

وكان قد أقرّ مجلس الشيوخ الأمريكي في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي من 2019، حزمة وثائق وتشريعات مختلفة لإركاع النظام وإجباره في الجلوس على طاولة المفاوضات في جنيف، وتطبيق قرار (2254 ).

الأبعاد السياسية لقانون ” القيصر “

يقول المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، في تصريح صحفي نقلت عنه وسائل إعلام دولية بتاريخ 7/6/2020، إنَّ بلاده قدمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة، وإنه إذا كان مهتماً بشعبه فسيقبل العرض.

وبحسب جيفري، فإن واشنطن تريد أن ترى عملية سياسية، ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى “للمنظمات الإرهابية”، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة.

معتبراً أن العقوبات المشمولة بقانون “حماية المدنيين السوريين” -المعروف بقانون قيصر- ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي، وكذلك أي تعامل مع النظام الإيراني.

القيصر ينشر الرعب الاقتصادي في سوريا

تطالب 10 دول بينها روسيا والصين وإيران من خلال رسالة رسمية وجهوها إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، في وقتٍ سابق، بالعمل الفوري على رفع العقوبات الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة على الدول، ومن بينها قانون القيصر على سوريا الذي يدفع بالليرة السورية نحو الهاوية.

حيث خسرت في 2019 ما يزيد عن 80 بالمئة من قيمتها ،و وصل سعر صرف الليرة السورية إلى 3000 مقابل الدولار الواحد، حتى تاريخ 9/6/2020.

وما هو مثير للضحك والاشمئزاز هي دعوة “بثينة شعبان” من خلال تصريح نقلتها صحيفة “الوطن” المقربة من النظام، للشعب السوري إلى الصمود والتصدي أمام تداعيات الأزمة الاقتصادية وقانون قيصر.

في الوقت الذي انتهز ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي الدعوة، بنشر صور نسبوها لابنها وهو برفقة سيارات فارهة، ساخرين من دعوتها هذه.

اقرأ أيضاً : هل أسقط ترامب مبادئ ويلسون الــ14 في سوريا؟

هل بإمكان ” القيصر ” إسقاط النظام السوري ؟

قبل بدء تنفيذ قانون القيصر بشهرٍ واحد – تحدثنا عنه آنفاً ، دفع الأمر بالاقتصاد السوري نحو الهاوية.

بينما أغلقت المصارف اللبنانية بدورها الطريق أمام عملية تبييض الأموال وتجارة الممنوعات، الذي كان يتنفس منه النظام في الفترة الماضية مع المعابر المشتركة مع لبنان.

أما رجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، الذي حركته واشنطن في الوقت المناسب خالقاً أزمة “مدبرة ” مع عائلة الأسد ليتحول إلى جزء من اللعبة لم يكن نابعاً من الفراغ، بل جاء بالتزامن مع قرب فرض قانون “قيصر” لدفع النظام وإجباره وجره إلى السقوط البطيء، من خلال انقلاب أبيض.

وبالفعل ملامح هذا القانون بدأ يعطي ثماره على الأرض، فتحرك الشارع وبدأت شرارة الاحتجاجات في السويداء، ومن ثم ريف دمشق ليخرج الناس إلى الشوارع صارخين بأنهم لا يملكون لقمة خبز ويعانون من الجوع.

وأبعد من ذلك، هو فرض الجيش الأمريكي طوق وحصار خانق على آبار النفط في شمال شرق سوريا، وتحديداً في ريف ديرالزور والحسكة، ويمنع تصدير النفط الخام إلى مناطق سيطرة النظام إلا بشكل قليل جداً مستخدماً سياسة ( العصا والجزرة).

بينما ( الإدارة الذاتية ) هي الأخرى التي توجهه الجيش الأمريكي بطريقة غير مباشرة، مدت أنابيب لنقل جزء من النفط الخام إلى إقليم كوردستان.

وتحولت هذه( الإدارة ) إلى جزء من عملية فرض العقوبات على النظام، و دخلت على خط لمحاصرته اقتصادياً من خلال دخولها في سباق رفع أسعار القمح والمواد الأساسية.

حيث حددت سعر القمح بالدولار، وهذا ما يفسره المراقبون بأن “الإدارة” أصبحت جزء من لعبة فرض الحصار الخانق على مناطق النظام، لمنع المزارعين من بيع موادهم الأساسية وتصديرها برياً إلى مناطقه، لدفعه إلى التفاوض لانتزاع الاعتراف السياسي منه، واستخدام البراغماتية في التعامل مع قانون ” القيصر ” للاستفادة من هذه المعطيات على الأرض.

وكل هذه الوقائع، تزامنت في نفس التوقيت لتقودنا إلى نتيجة واحدة آلا وهي بأن النظام بدء يلفظ أنفاسه الأخيرة رغم أن الشعب السوري البريء من كل ما يحصل يدفع فاتورة هذه العقوبات غالياً، لأنه لازال يحلم بأن يتنفس يوماً ما وينزل إلى صناديق الاقتراع لينتخب رئيساً جديداً يعبر عن تطلعاتهم وآمالهم كما تفعله الشعوب الحرة في العالم، ليتمتع بالأمن والاستقرار ضمن دولة تحترم حقوق مواطنيها بعيداً عن لغة العنف والاعتقال.

وفي الختام لا بدّ للمرء أن يتساءل :
هل بإمكان ” القيصر ” إسقاط النظام السوري؟

أقول نعم – لأن جميع المعطيات تقودنا إلى أن واشنطن تضرب هذه المرة بيد من الحديد، والسبب لأن النظام انتهى من مهمته بضرب البنية التحتية في سوريا، وتقسيمها بين 6 دول إقليمية ودولية وجعلها ساحة للحرب بين الأجندات والميليشيات المختلفة على الجغرافية السورية.

اقرأ أيضاً : لماذا فشلت المعارضة السورية بتأسيس أحزاب سياسية ديمقراطية بعيدة عن العنف والتطرف؟ 

ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى