الشأن السوريسلايد رئيسي

خاص|| المرتزقة السوريين في ليبيا.. من الاجتماع مع العقيد غازي وصولًا لتأسيس قوة تحمي مصالح تركيا حول العالم

تفتح وكالة “ستيب الإخبارية” تفاصيل ملف إرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا بعد أوامر من المخابرات التركية بهدف القتال إلى جانب قوات حكومة الوفاق الليبية الموالية لتركيا بقيادة، فايز السراج، ضد قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة، خليفة حفتر، منذ بداية الحكاية، وحتى إنشاء تركيا لجيش مرتزقة مدرب يدافع عن مصالحها حول العالم.

 

اجتماع طارئ لإرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا

وفي الـ 15من شهر ديسمبر/كانون الأول بالعام 2019، أبلغت المخابرات التركية قادات الفصائل الموالية لها، والذين كانوا في مدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي “عقب عملية نبع السلام التركية”، بضرورة الحضور لاجتماع طارئ داخل الاراضي التركية.

وقاد الاجتماع حينها كلًا من “الحجي ابو فرقان” وهو مسؤول الملف السوري لدى تركيا، و”العقيد غازي” مسؤول الدعم العسكري للفصائل الموالية لتركيا، وقيادات فصائل المعارضة الموالية، حيث تم إبلاغهم خلال الاجتماع بضرورة إرسال دفعات من العناصر السوريين إلى ليبيا مع اشتداد المعارك هناك والانحسار المتسارع لمناطق سيطرة حكومة الوفاق الليبية المدعومة تركيًا.

وعلى الفور ودون إبداء أي اعتراض، وافق كل من قيادات فصائل فيلق الشام، لواء المعتصم، لواء السلطان سليمان شاه (العمشات)، ولواء السلطان مراد، على الأوامر والتوجيهات التركية.

فيما رفض بالبداية هذه الأوامر كلًا من، سيف أبو بكر، قائد فصيل فرقة الحمزة (الحمزات)، وقيادات تجمع الجبهة الشامية، وتحفظ عن الإجابة قائد لواء صقور الشمالي، حسن الحاج علي (حسن الخيرية)، والقادة الممثلين عن فصيل جيش الإسلام (تشكيل عسكري مهجر من الغوطة الشرقية لدمشق إلى ريف حلب الشمالي، وقائد فيلق المجد، ياسر عبد الرحيم.

 المرتزقة السوريين في ليبيا
المرتزقة السوريين في ليبيا

تجهيز أول دفعة من المرتزقة السوريين للتوجه إلى ليبيا

وفي الثامن عشر من الشهر ذاته، أي بعد الاجتماع بـ 3 أيام، تجهزت أولى دفعات المرتزقة السوريين من عناصر الفصائل التي وافقت على التوجه إلى هناك، وضمت الدفعة الأولى ما بين 100 إلى 150 عنصرًا من كل فصيل، و300 عنصرًا من فيلق الشام المعروف بقربه الشديد من تركيا كونه يتسلم مهام مرافقة وحراسة الأرتال العسكرية والنقاط العسكرية التركية، وتم جمع هؤلاء العناصر من المقرات المنتشرة بمناطق ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، والمعروفة بالوقت الحالي بمناطق “درع الفرات وغصن الزيتون” نسبة لأسماء العمليات التركية التي أفضت لانتزاع السيطرة على المنطقة.

التقاط

أول قائد لفصيل سوري يصل الأراضي الليبية

وبتاريخ الـ23 من الشهر ذاته، أبلغت المخابرات التركية قادة الفصائل بأنَّ كل فصيل يمتنع عن إرسال دفعات من العناصر إلى ليبيا سيجري معاقبته بقطع الرواتب والدعم العسكري عنه، وهو ما أدى لانصياع قادة صقور الشمال وفيلق المجد للأوامر.

 ابو ليلى الحمصي
ابو ليلى الحمصي

حيث جمع حينها لواء صقور الشمال 50 عنصرًا من مدينة رأس العين لإرسالهم إلى ليبيا بقيادة، حسن زغيب (أبو ليلى الحمصي)، وهو من أبناء حي بابا عمرو الشهير بمدينة حمص.

 ابو ليلى الحمصي
ابو ليلى الحمصي

فيما استدعى فيلق المجد 100 من عناصره المنتشرين في منطقة الأتارب وريف حلب الغربي، وبالوقت ذاته كانت دفعات أخرى تتجهز من بقية الفصائل للتوجه إلى الأراضي الليبية، وكان أكبرها دفعة مؤلفة من 250 عنصرًا من عناصر فصيل السلطان سليمان شاه (العمشات) وعلى رأسهم قائد الفصيل، محمد الجاسم (أبو عمشة)، والذي كان أول قائد فصيل من المعارضة السورية الموالية لتركيا يصل ليبيا.

واستمرت بتاريخ الـ 30 من الشهر ذاته الفصائل الموالية لتركيا بإرسال دفعات من المرتزقة إلى ليبيا بقصد إرضاء المخابرات التركية، وخوفًا من انقطاع الرواتب الشهرية، حيث كان الطريق إلى ليبيا يبدأ من المعبر العسكري مع تركيا شمالي حلب “حوار كلس” نحو مطار غازي عينتاب، ومنه إلى مطار اسطنبول ثم المطارات الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق بالعاصمة طرابلس.

المرتزقة السوريين يخسرون أول قتلاهم في ليبيا

بتاريخ الـ5 من يناير/كانون الثاني 2020، سقط أول 3 قتلى من المرتزقة السوريين في ليبيا نتيجة اشتباكات مباشرة مع قوات الجيش الوطني الليبي “حفتر” على محور عين زارة بمدينة طرابلس، لتتكتم الفصائل السورية الموالية لتركيا عن نشر الخبر إلى حين وصول الجثث إلى الأراضي السورية، بعد 5 أيام من مقتلهم، وهم: أحمد جهاد عجي أوغلان من قرية طلف بريف حماة ويتبع لفصيل السلطان مراد، أحمد الملا من بلدة زملكا بالغوطة الشرقية لدمشق ويتبع للفصيل ذاته، ومحمد مصطفى الناصر من مدينة مارع بريف حلب ويتبع لفصيل فرقة المعتصم.

وبتاريخ الـ12 من الشهر ذاته، سقط 3 قتلى جدد من العناصر السوريين، وبالتحديد من فصيل صقور الشمال، وهم: سعيد شاليش من بلدة الموزرة جنوبي إدلب، بشار الحسين من بلدة حيش بريف إدلب، ومهند أحمد الهميد من مدينة حماة، بالإضافة لـ 32 قتيلًا من بقية الفصائل بينهم 18 عنصرًا من فرقة السلطان مراد وحدها.

وبعدها بـ 3 أيام، أبلغت المخابرات التركية الفصائل السورية الموالية لها عن مكافآت كبيرة لكل قائد فصيل يتوجه إلى ليبيا، ويبقى فيها لمدة لا تقل عن شهرين، حيث بلغت قيمة المكافأة حينها نحو مليون دولار، على أن تتم إدارة العمليات العسكرية من قبل، العقيد غازي، وهو المسؤول عن توجيه الفصائل السورية بحسب مصلحة تركيا.

مقتل العقيد غازي ضربة موجعة للمرتزقة

وفي الـ20 من الشهر ذاته، أفادت مصادر عسكرية عن مقتل العقيد غازي وعدد من الضباط الأتراك رفيعي المستوى بقصف للطيران الحربي التابع للجيش الوطني الليبي “حفتر” استهدف مطار معيتيقة الجوي وسط مدينة طرابلس أثناء اجتماع للضباط الأتراك مع قادة عسكريين بحكومة الوفاق الليبية، وآخرين من قادة المرتزقة السوريين، فيما رجحت مصادر إعلامية ليبية حينها بأنَّ العقيد غازي قتل باستهداف بارجة عسكرية تركية قرب ميناء طرابلس.

بتاريخ الـ25 من الشهر ذاته، كان قد مرَّ 55 يومًا على انقطاع الرواتب عن الفصائل السورية الموالية لتركيا، حيث أرسلت المخابرات التركية حينها رسالة تهديد حازمة بقطع الدعم المالي بشكل كامل ما لم يتم تجهيز أعداد كبيرة من كل فصيل، وبأضعاف أعداد الدفعات التي تم إرسالها سابقًا.

لتشهد الأيام الخمس التي تلتها توجه عدد كبير من قيادات الفصائل الموالية لتركيا إلى ليبيا، وكان بينهم قادة رفضوا بالاجتماع الأول إرسال دفعات من فصائلهم إلى ليبيا.

واستمرت الفصائل بعدها بإرسال دفعات بشكل أسبوعي، حتى استنفذت معظم مقاتليها في سوريا وبدأت بإرسال الإداريين وعناصر الحرس وحتى الطباخين من مقراتها إلى ليبيا إرضاءًا لتركيا، كما فعل لواء صقور الشمال.

التهافت للتجنيد من المخيمات

مع بداية شهر مارس/آذار، كانت أعداد مقاتلي الفصائل الموالية لتركيا في ليبيا قد تجاوزت 5 آلاف عنصر، وهو ما رافقه ارتفاع سريع بأعداد قتلاها وجرحاها.

لتبدأ الفصائل بعدها بالتهافت على مخيمات النازحين السوريين بالشمال السوري بغية إغراء الشبان والقاصرين بالمال الوفير، مستغلين ارتفاع معدلات البطالة بالمخيمات والفقر الشديد والوضع المعيشي السيء، ليقدموا للشبان عروضًا باستلام الراتب بشكل مسبق بحال موافقتهم على التطوع والذهاب إلى ليبيا.

كما وظفت الفصائل العسكرية عددًا من أصحاب سيارات النقل العام “السرافيس والفانات الخاصة” لمهمة التجول ضمن المخيمات وتجنيد أكبر عدد ممكن من النازحين على اختلاف أعمارهم (أطفال أو مسنين أو شباب)، مقابل مبلغ مالي يتقاضاه صاحب السيارة عن كل عملية تجنيد، ويتراوح ما بين 50 إلى 75 دولارًا أمريكيًا.

ومن أبرز مالكي سيارات النقل المسؤولين عن التجنيد من المخيمات كان: أبو وحيد من بلدة كورين غربي إدلب ، أبو جاد من مدينة أريحا جنوبي إدلب، أبو بشار من بلدة دركوش غربي إدلب.

وعند ازدياد أعداد المجندين من النازحين، بدأت الفصائل بفرض شروط صارمة على تسليم الرواتب، مثل تسليم راتب العنصر المتواجد في ليبيا لأحد أقرباءه من الدرجة الأولى في سوريا، وخصم ما بين 7 إلى 10 آلاف ليرة تركية شهريًا من راتب كل عنصر.

حيث كان الراتب للعنصر الواحد 2000 دولار أمريكي ممنوحة من حكومة الوفاق الليبية، إلا أنَّ المخابرات التركية بدأت بالالتفاف على الرواتب عبر تحويلها من الدولار إلى الليرة التركية بحسب سعر الصرف المحدد من البنك المركزي التركي، وهو ما يعادل 14 ألف ليرة تركية، ليتم سرقة أقسام منهم عن طريق المخابرات التركية، وأخرى عن طريق قادة الفصائل.

المرتزقة السوريين رأس حربة بالمعارك

مع بداية شهر مايو/أيار، تجاوز عدد المرتزقة السوريين في ليبيا الـ 13 ألف مقاتل غالبيتهم من نازحي المخيمات، واشتدت وتيرة المعارك في العاصمة الليبية طرابلس عقب الهجوم المعاكس الذي شنته الوفاق، وكان رأس الحربة فيه العناصر السوريين وبدعم من الغطاء الجوي التركي، كما ارتفع عدد المرتزقة مع بداية شهر الذي تلاه إلى قرابة 16 ألف عنصر.

وبمنتصف شهر يونيو/حزيران، ومع هدوء الجبهات وانخفاض حدة المعارك، بدأت القوات التركية في ليبيا بترحيل الأطفال ممن هم دون سن الـ20 عامًا، وكبار السن ممن هم فوق سن الـ45 عامًا، ومع ترك حرية الاختيار لبقية العناصر ما بين البقاء في ليبيا أو العودة إلى سوريا.

ومع هدوء المعارك، ارتفعت نسبة الانتهاكات التي يرتكبها المرتزقة بحق المدنيين الليبيين، وهو ما تسبب باستياء شعبي ليبي واسع من حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس، بعد انتشار عمليات السرقة و”التعفيش” والسطو على المنازل وعمليات تجارة الحشيش والمخدرات من قبل المرتزقة وقياداتهم.

قوات الردع الليبية تعتقل آلاف العناصر السوريين

وهو ما أجبر حكومة الوفاق الليبية على إعطاء أوامر لقوات الردع التابعة لها بإلقاء القبض على مرتكبي الانتهاكات وعدد من القادة المرتزقة بالفصائل الموالية لتركيا، وحجزهم داخل مطار طرابلس لعدة أيام، ومن ثم ترحيلهم إلى مطار إسطنبول ومنه إلى الأراضي السورية/ حيث شهدت نهاية شهر يونيو/ حزيران أعلى نسبة ترحيل للمرتزقة السوريين بحوالي 3500 عنصر بينهم أكثر من 300 طفل.

وبالوقت ذاته، أبلغت المخابرات التركية قيادات الفصائل الموالية لها بتجهيز معسكرات تدريب قبل حلول شهور سبتمبر/أيلول الحالي، ليتم خلالها تدريب جميع عناصر الفصائل من أصحاب الأعمار المناسبة، وتحت إشراف مباشر من ضباط أتراك بالقوات الخاصة.

والجدير بالذكر أنه لن يتم قبول أي عنصر بتلك الفصائل أو إرسال دفعات لـ”الدفاع عن المصالح التركية” في ليبيا والعراق أو اليمن وبقية الدول مالم يكون العنصر خضع للتدريب بتلك المعسكرات.

ونذكر هنا بأنَّ وكالة “ستيب الإخبارية” تعتذر عن كشف القوائم بأسماء المقاتلين وصورهم (تضم أكثر من 500 اسم)، وبقية الصور الخاصة والمعلومات المؤرشفة خوفًا على سلامة المصدر وحفاظًا على استمرارية المعلومات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى