الشأن السوريسلايد رئيسي

أبرز المحطات التي مرت بها عفرين خلال سنين الثورة السورية

كانت منطقة عفرين بريف حلب الشمالي على مر العقد الأخير، والذي تخلّله أحداث الثورة السورية، لما مرت به من تبدل السيطرة فيها بين أطراف النزاع، وعدد من النقاط التي كانت علامات فارقة جعلتها بعدّة مواضع حديث سياسيي العالم وزعماءه.

وتقع المنطقة على ضفتي نهر عفرين بأقصى شمال غرب سوريا، وهي محاذية لمدينة أعزاز من الجهة الشرقية، ولمدينة حلب التي تتبع لها إدارياً من ناحية الجنوب، ومحافظة إدلب من جهة الجنوب الغربي، كما تحدها الحدود التركية من جهة الغرب والشمال.

خاص|| عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا
عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا

وهي منطقة جبلية تبلغ مساحتها نحو 3850 كيلومترًا مربعًا “2% من مساحة سوريا”، ويبلغ عدد سكانها 523,258 نسمة بحسب إحصائية النظام السوري بالعام 2012، وكانت حين سيطرة الميليشيات الكردية عليها منفصلة جغرافياً عن بقية مناطق سيطرة الميليشيات على طول الحدود مع تركيا.

وتضم المنطقة نحو 350 قرية وبلدة صغيرة وكبيرة ومن أهمها، عفرين المدينة، جندريسة، بلبلة، شية، راجو، شرا، كما يوجد فيها سد 17 نيسان في منطقة ميدانكي، والذي يشكل خلفه بحيرة تعتبر موقع اصطياف وتنزه.

وهي مشهورة بإنتاج زيت الزيتون، وزراعة الحمضيات والكروم، كما تحتضن عدداً من المواقع الأثرية مثل قلعة سمعان وقلعة النبي هوري وتل عين داره والجسور الرومانية على نهر عفرين وجسر هره دره الذي بنته ألمانيا قبيل الحرب العالمية الأولى، إلى جانب مرور سكة الحديد القادمة من تركيا منها وصولاً إلى حلب المدينة.

خاص|| عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا
عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا

منطقة عفرين خارج قبضة النظام السوري

خرجت المنطقة عن سيطرة النظام السوري في مطلع العام 2012، كسيطرة شكلية وعسكرية، بعد أن قام النظام السوري بتسليمها لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، والذي كان يتولى قيادته حينها، صالح مسلم، لكن مؤسسات الدولة وشعب التجنيد والانتخابات الرئاسية والبرلمانية كانت تقام فيها رغم خروج قوات النظام السوري بهدف تعزير الجبهات في أحياء مدينة حلب وريفيها الشمالي والغربي.

وقام النظام السوري بتسليم مقاطعة عفرين ومناطق شرق حلب والحسكة ذات الغالبية السكانيةالكردية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي لعدّة أسباب ، نذكر منها:

– لزيادة الشرخ بين العرب والأكراد عبر تعزيز الفكر الانفصالي الذي يتبناه الحزب في بناء دولة كردية تضم أجزاء واسعة من شرق وشمال سوريا.

– تحييد الأكراد عن الانخراط بالثورة السورية والانتفاضة الشعبية بعد خروج عدّة مظاهرات في مناطق كردية ضد النظام السوري مثل عامودا والدرباسية وعين العرب (كوباني) وعفرين، والتي أكدت على وحدة الشعب والأراضي السورية وتضامنت مع بقية المدن والمحافظات الثائرة .

– اتباع الحزب سياسة التجنيد الإجباري للشباب الكرد لضمان عدم انخراطهم بالعمل المسلح مع فصائل الجيش السوري الحر ضد النظام السوري، وإشغالهم بتبني أفكار الحزب الإنفصالية، ومحاربة وطرد فصائل الجيش الحر من المدن الكردية وقمع أي حراك شعبي ضد نظام الأسد.

وبهذا، كان النظام السوري نجح بجميع خططه بتحييد الكرد عن الانخراط بالثورة، ليبدأ حزب الاتحاد الديمقراطي بالدخول بتحالفات علنية مع النظام السوري ضد فصائل المعارضة.

كما سيطر الحزب على تجمعات سكانية عربية كاملة في مناطق شرق سوريا وجرف فيها القرى العربية وهجر سكانها لإحداث تغيير ديموغرافي، بالإضافة لقيام الحزب بمحاربة فصائل الجيش الحر كلواء التوحيد وكتائب الفاروق وغرباء الشام التي كانت متواجدة في أرياف حلب والحسكة والرقة .

وعمل الحزب على اغتيال واعتقال عدد كبير من الشخصيات الكردية المناهضة للنظام السوري والتي كان لها كلمتها بين الأهالي، واتهام العرب بتنفيذ هذه العمليات لتعميق الشرخ بينهم وبين الأكراد.

وفي فترة سيطرة الحزب الديمقراطي الكردي على مقاطعة عفرين، فرض الحزب سياسات صارمة على المدنيين العرب الداخلين للمدينة وفرض وجود كفيل على النازحين ،كما قام بفصل المنطقة جغرافيًا، وتمزيق الخريطة مابين ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب الخاضعتين لسيطرة المعارضة.

وساند حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الفصائل الشيعية وعناصر قوات النظام السوري المحاصرين في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين عبر إمدادهم بشاحنات الطعام والمساعدات الطبية واللوجستية، وكسر طوق الحصار الذي فرضته الفصائل العسكرية على المدينتين المواليتين للنظام السوري.

وعمل الحزب على فرض التجنيد الإجباري على الفتيان والفتيات القاصرين في عفرين ما أدى لهجرة معظمهم لدول أوروبا، كما فرض الحزب ضرائب مالية على أشجار ومحاصيل الزيتون الذي يعد من أهم الزراعات التي تشتهر بها المدينة وريفها.

محطات خلال سيطرة الاتحاد الديمقراطي على عفرين

في مطلع العام 2016، بدأ النظام السوري وبمساندة جوية روسية ومشاركة ميليشيات شيعية إيرانية ولبنانية بعمل عسكري بريف حلب الشمالي بهدف فك الطوق الحصار الذي تفرضه فصائل المعارضة على بلدتي نبل والزهراء المواليتين.
حيث استغلت الوحدات الكردية انشغال فصائل المعارضة بالتصدي للهجوم الشرس وقامت بهجوم بري واسع بدعم جوي روسي بمئات الغارات الجوية على مدن ومناطق استراتجية في ريف حلب الشمالي.

لتتمكن الوحدات الكردية وبتاريخ 1016/2/15 من فرض سيطرتها على مدينة تل رفعت وكفرنايا ودير جمال وبلدة منغ ومطارها العسكري ، بالإضافة لعدّة مدن وبلدات أخرى بعد تدميرها وحرقها وتهجير سكانها العرب، وقطع الإمداد العسكري على فصائل المعارضة بالمناطق الواصلة مابين محافظة إدلب وريف حلب الشمالي، وحصرهم في مدينتي أعزاز ومارع، ليتمكن النظام السوري وحلفائه من فك الطوق والحصار عن بلدتي نبل والزهراء والاتجاه لحصار أحياء حلب الشرقية الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة.

ومع توسع سيطرة الوحدات الكردية واقترابهم أكثر من الحدود التركية، بدأت تصريحات وتهديدات المسؤولين الأتراك تتعالى بالتحرك العسكري ضد القوات الكردية ومنعهم من دخول مدينتي أعزاز ومارع شمال حلب، وعدم السماح لهم بوصل المنطقة الممتدة من عفرين إلى المحافظات الواقعة أقصى شمال شرق سوريا والتي كانت جميعها تحت سيطرة الواحدات الكردية.

لتبدأ تركيا بإرسال تعزيزات وقوات عسكرية على طول الحدود مع سوريا، وخاصةً المناطق المحاذية لريف حلب الشمالي ، وتعمل بعدها المدفعية التركية المنتشرة بالداخل التركي قرب الحدود السورية بدك مواقع الواحدات الكردية التي كانت تحشد قواتها للسيطرة على مدينتي مارع وأعراز شمال حلب ما تسبب بتراجع العملية العسكرية للوحدات الكردية.

خاص|| عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا
عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا

وفي فجر يوم 24 أغسطس/آب 2016، أطلقت القوات التركية بمشاركة فصائل المعارضة عملية عسكرية حملت اسم “درع الفرات” لاستعادة مدينة جرابلس السورية الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات والمتاخمة للحدود التركية بريف حلب الشمالي، من قبضة تنظيم الدولة (داعش)، وتأمين المدن التركية الحدودية، ومنع الميليشيات الكردية التي حملت اسم “قوات سوريا الديموقراطية” من الاستيلاء على المدينة وضمها لمدينة منبج (36 كيلومترًا جنوب جرابلس)، بعد أن انتزعت الوحدات الكردية المدينة من قبضة تنظيم “داعش” ووسعت نطاق نفوذها بأجزاء مختلفة من شمالي البلاد، خاصًة ما بين كانتوني عين العرب (كوباني) وعفرين الكرديين.

ومع سقوط مدينة أحياء مدينة حلب بيد قوات النظام السوري وحلفائه وانتزاعها من فصائل المعارضة السورية، والتي كان للواحدات الكردية المتواجداة في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية دور كبير بمساندة جيش النظام السوري بحصار أحياء المدينة، بدأت مناطق المعارضة بالانحسار أكثر بعد أن خرج المدنيون والمقاتلون من أحياء حلب باتجاه محافظة إدلب وريفي حلب الشمالي والغربي.

خاص|| عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا
عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا

وبعد سقوط مدينة حلب، زاد توسع ونفوذ قوات المعارضة المدعومة من تركيا على حساب مناطق سيطرة تنظيم الدولة “داعش” في ريف حلب الشمالي الشرقي تحت اسم عملية “درع الفرات”، وتمكنت قوات المعارضة من وصل مدن جرابلس والباب والراعي وأعزاز ومارع ببعضها البعض، وأصبح يفصلها عن محافظة إدلب مقاطعة عفرين الخاضعة لنفوذ الواحدات الكردية.

وفي العام 2017 مرت فترة هدوء تبعها اتفاقية خفض التصعيد للمدن الأربعة التي توصلت اليها الدول الثلاث الراعية لمفاوضات “أستانا 4″ (تركيا وروسيا وإيران).

وباعتبار ان مقاطعة عفرين نقطة الوصل بين منطقتي نفوذ المعارضة في منطقة (درع الفرات )ومناطق محافظة إدلب وغرب حلب وريف حماة الشمالي ،أصحبت المنطقة طريق عبور لصهاريج النفط القادمة من شرق سوريا، وللشاحنات والبضائع مابين المنطقتين، مع فرض رسوم عبور كبيرة من قبل الواحدات الكرية على الشاحنات وسيارات نقل الركاب، وهو ما تسبب بغلاء كبير للأسعار في محافظة إدلب.

كما شهدت تلك الفترة تعرض مخيمات النازحين في بلدة أطمة شمالي بمحافظة إدلب لقصف صاروخي متقطع من قبل الوحدات الكردية المتمركزة في منطقة جنديرس بريف عفرين، ليتسبب القصف المتكرر بسقوط العديد من القتلى والجرحى وإحراق خيام النازحين المدنيين.

مجزرة عين دقنة بعناصر فصيل جيش السنة

ارتكبت الوحدات الكردية بتاريخ بتاريخ 2016/4/28 مجزرة بحق عناصر فصيل جيش السنة التابع للمعارضة السورية، والذي فقد أكثر من 60 مقاتلًا بقيت جثثهم مع الميليشات الكردية.

عفرين.. محطات هامة من لحظة خروجها من قبضة الأسد وصولًا لتهجير أهلها على يد المعارضة الموالية لتركيا
مجزرة عين دقنة بفصيل جيش السنة

من هو فصيل جيش السنة

برز اسم فصيل جيش السنة عند تحرير مدينة إدلب عام 2017، حيث اشتهر مقاتلو حمص المتمرسون بحروب المدن في اقتحام الشوارع وتمشيط الأحياء السكنية، كما ساهم الدعم المالي والتسليحي القوي الذي يحظى به تشكيل جيش السنة من دولة قطر بتعزيز دوره في غرفة عمليات “جيش الفتح ” قبل حل هذا الجيش.

بعد سقوط مدينة تل رفعت “شمال حلب” بيد الميليشيات الكردية منتصف شهر شباط عام 2016 سمحت تركيا بعد مرور عدّة أشهر لبعض الفصائل بالدخول إلى مدينة أعزاز الحدودية عبر الأراضي التركية، وبحكم الثقة القوية بين قيادة فصيل جيش السنة وبين قطر الحليف الرئيسي لتركيا، كان مقاتلو ذلك الفصيل في طلائع قوات المعارضة السورية التي دخلت إلى أعزاز، إلى جانب مقاتلين من حركة أحرار الشام وفيلق الشام.

وبلسان مقاتل حمصي في مقابلة خاصة على إحدى وسائل الإعلام والذي شارك في معركة عين دقنة التي تبعد عن بلدة منغ 2 كم شرقاً، قال إنَّ المعركة أُعلن عنها وكان شعوره قبلها بوجود شيء غريب “في إنَّ” كما قال حرفياً، وذلك لعدم وجود الزخم ومحاولة بث المعنويات في المقاتلين كما كان يحصل معهم عادةً، على حد تعبيره.

يتابع المقاتل وصفه للمعركة: “أول ما بدأت الاشتباكات صار الهاون علينا مثل المطر وين ما نروح يلاحقنا وقتل شباب كتير بالهاون”، كما أكد المقاتل تفجير مقاتلي الميليشيات لعرباتهم ومعرفتهم بمكانهم قائلاً :”الأكراد فجروا بي إم بي فيا شباب انغماسية وفجروا مفخخة قبل ماتوصل والسلاح التقيل يرش علينا مطر كأنه عرفانين وين نحنا”.

وختم هذا المقاتل شهادته حول جثث القتلى التي عرضتها الميليشيات الكردية قائلاً :”انسحبنا مدري شلون وكثير جثث ضلت ورانا ماقدرنا ناخذها”.

أما أحد قادة كتائب جيش السنة والذي رفض الكشف عن اسمه فأكد أن مقاتليه قد تعرضوا لـ”خيانة” من جهة وسوء تنسيق من جهة أخرى ، حيث أكد هذا القيادي أن تسلّل المقاتلين باتجاه عين دقنة بدأ في الساعة الخامسة فجراً، في الوقت الذي كانت قوات من الجبهة الشامية تسيطر فيه على تلة مشرفة ، وبدأ المقتحمون “جيش سنة وفيلق الشام” بالاشتباك مع الميليشيات الكردية وكانت الأمور “جيدة” بحسب تعبيره حتى ظهر الأربعاء، حيث بدأت نيران المقاتلين الكرد تستهدفهم في أماكنهم وكأنها تعرفها مسبقاً.

وتابع القيادي وصفه لما حدث في المعركة قائلاً: “تبين لنا أن مقاتلي الشامية قد انسحبوا من التلة دون أن يخبروا المقتحمين، الأمر الذي أدى إلى سيطرة الميليشيات الكردية عليها واستهداف شبابنا منها”.

وحول سبب هذا العدد الكبير من القتلى قال القيادي الحمصي: “انفجرت عربة كان المقاتلون قد استخدموها لتخزين قذائف جهنم مما سبب مقتل العديد من المقاتلين، والأكراد استخدموا صواريخ التاو الأمريكية لتفجير عربة الانغماسيين وسيارة مفخخة”.

“انحصر شبابنا في عين دقنة، ونكل بهم الأكراد، ولم تصل أي مؤازرات رغم أنهم كانوا يطلبونها من كل الفصائل، إذا ماكانت هذه خيانة.. فما هي الخيانة؟ كانوا عرفانين محلات الشباب ومن وين فايتين” بهذه العبارات ختم القيادي في التشكيل المنكوب شهادته .

وبالنسبة لغدر الجبهة الشامية بالفصيل الحمصي وتعاونها مع الوحدات الكردية ، كانت قيادة الجبهة الشامية يتزعمها القيادي البارز بالمعارضة، أبو علي سجو، المتعاون مع الواحدات الكردية في عفرين وكان يبيعهم شاحنات السلاح التركي والأمريكي التي كانت تصل كدعم عسكري لفصائل المعارضة السورية من غرفة “الموم”، بالإضافة لبيع قاطرات إغاثية وطبية كان يتم سرقتها ومصادرتها من المنظمات الإغاثية العاملة بالمنطقة والشاحنات القادمة من الأمم المتحدة .

وسجو كان مدير الطورائ بفصيل الجبهة الشامية وأمير معبر باب السلامة الحدودي، وهو من بلدة سجو المتواجد فيها المعبر، ويعتبر من أمراء الحرب الذين اكتنزوا الأموال بعد الثورة السورية من السرقات والفساد وصفقات بيع السلاح والغذاء للوحدات الكردية بعفرين بالإضافة لعشرات الآلاف من الدولارات كان يجنيها من ضرائب رسوم العبور للسيارات والمشاة من معبر باب السلامة.

غضب ومطالبات بالثأر والمحاسبة

فور انتشار صور جثث المقاتلين على وسائل التواصل الاجتماعي وإعلاميو الوحدات الكردية يلتقطون “السيلفي” أمامهم، ويحتفلون بقتلهم متجولين بجثثهم على متن شاحنة جابت مدينة عفرين وهلل لها عدد من سكان المدينة الأكراد، عمت حالة من الغليان في أوساط نشطاء حمص، مع مطالبات بالثأر من تلك الميليشيات.

وهو ما سبب نقمة كبيرة من قبل العرب المتواجدين بمحيط عفرين تجاه سكان المدينة، وتسبب بالكثير من الانتهاكات التي طالتهم من قبل الفصائل، بعد اعتبار قادة الفصائل المدعومة من تركيا جميع أكراد المنطقة إما موالين للنظام السوري كون الحزب موالي له، أو مهللين لمقتل العناصر العرب في عين دقنة.

روسيا وتركيا يتهافتان لشمال حلب

في العام 2017، دخلت قوات روسية إلى شمال حلب، وتمركزت في معسكر الطلائع بكفرجنة مابين مدينة أعزاز وعفرين وفي ناحية جنديرس بالمنطقة الفاصلة إدلب عن مناطق عفرين.

وبنهاية العام ذاته، أقامت القوات التركية أول قاعدة عسكرية لها في جبل الشيخ بركات على خط إدلب عفرين حلب، بهدف تحرّكات مقاتلي حزب الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية.

تحركات على الرقعة السورية لها علاقة بما جرى بعفرين

مع بداية العام 2018 وبدء قوات النظام وحلفائه الروس والإيرانيين بهجوم بري واسع على مدن الغوطة الشرقية المحاصرة، بدأت تهديدات المسؤولين الروس والنظام السوري بالتمهيد لعمل عسكري بهدف اجتياح محافظة إدلب.

كما أبدت قيادة الواحدات الكردية في عفرين استعدادها للمشاركة في معركة إدلب، ليصرح حينها زعيم الحزب الديمقراطي الكردي السابق، صالح مسلم ، لوسائل الاعلام قائلاً إن الدخول إلى إدلب مدرج على جدول القوات الكردية شمالي سوريا.

متابعًا: ” إنَّ إدلب هي منطقة جغرافية مميزة بجبالها ووديانها وسهولها، ونحن سنكون على قدر المسؤولية في طرد جميع القوات (الإرهابية) منها”.

تركيا تجتاح عفرين بمساعدة المعارضة

مهدت هذه الأحداث ليوم السبت بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني عام 2018، والذي بدأت فيه عملية الجيش التركي ضد الوحدات الكردية بمدينة عفرين تحت اسم “غصن الزيتون”، بعد تدشين المرحلة البرية، حيث أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن عملية عفرين قد بدأت على الأرض، وستتبعها مدينة منبج، وستستمر حتى حدود العراق، وذلك لطرد وحدات حماية الشعب الكردية من تلك المناطق، وتحصين الأمن القومي التركي، وفق تصريحه حينها.

وسبق العملية البرية قصف مستمر بالطيران والمدفعية لمواقع عسكرية كردية بالتزامن مع بدء القوات الروسية الانسحاب من القواعد التي تمركزت فيها بنواحي عفرين، بعد اتفاق روسي تركي يسمح للطيران التركي باستخدام المجال الجوي السوري، بحسب تصريحات للمسؤولين الأتراك ، ويعلن وزير الدفاع التركي حينها، نور الدين جانيكلي، أن (الجيش السوري الحر) يشارك بشكل فعال في عملية عفرين.

وعند بدء العملية البرية، أعلنت السلطات أن 15 منطقة جنوبي تركيا على الحدود مناطق أمنية خاصة لمدة أسبوعين، وفي 20 يناير/كانون الثاني نفذت تركيا قصفاً جوياً مكثفاً على عفرين.

وقالت مصادر عسكرية حينها إن القصف استهدف 108 أهداف عسكرية من أصل 113، وكانت أبرز المواقع المستهدفة: محطة الإذاعة في ناحية شيخ حديد، ومقر حجيكو في راجو، وحاجز الغزاوية، وجبل برصايا، ومعسكر قيبار، وقرية المالكية، وحمدية، وحاجيلار، وتل سللور، وفريرية، واللواء 135 قرب قيبار، وتل رفعت، ومطار مينغ العسكري، لتتمكن القوات المهاجمة من السيطرة على قمة الجبل يوم 28 يناير.

ويعد هذا الجبل استراتيجياً بالنسبة للواحدات الكردية، حيث كانوا يستهدفون من قمته ولاية كللس التركية ومدينة أعزاز السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة.

بعدها بأيام قليلة تمت السيطرة على مركز 6 بلدات، وبعد 3 أيام، استطاعت القوات المهاجمة السيطرة على مركز بلدة بلبل شمالي عفرين في الأول من فبراير/ شباط، عبر تقدّم من الجهات الشمالية والغربية والشرقية للبلدة.

ويوم 26 فبراير، تمكنت القوات بدعم الجيش التركي من فصل مركز مدينة عفرين براً عن محافظة إدلب ومناطق عملية (درع الفرات) الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.

وعقب السيطرة على المناطق المحاذية للحدود التركية من قبضة “قسد”، بدأ الزحف نحو المناطق الداخلية لعفرين بسرعة كبيرة.

ففي الثالث من مارس/ آذار 2018، استطاعت القوات التركية وعناصر المعارضة السيطرة على مركز بلدة راجو الواقعة شمال غرب عفرين، وبعدها بيوم تمت السيطرة على مركز بلدة الشيخ حديد.

وبعدها بفترة قصيرة، دخلت قوات “غصن الزيتون” بلدة شيران شمال شرق عفرين، وذلك في السادس من مارس، حيث تمكنت من دخولها عبر عملية زحف من مدينة أعزاز.

وبعد يومين فقط، أي في الثامن من الشهر ذاته، بسطت القوات المهاجمة السيطرة على أهم بلدات عفرين، وهي جنديرس الاستراتيجية.

وبعد السيطرة على مراكز 5 بلدات، بات الطريق ممهداً للقوات المهاجمة للزحف نحو مركز مدينة عفرين، حيث بدأت العملية تأخذ وتيرة أسرع.

وفي معرض تعليقها على مجريات العملية، قالت رئاسة الأركان التركية في بيان، إن مركز مدينة عفرين باتت مطوّقة من كافة الجهات اعتبارا من تاريخ 12 مارس.

وفي خطاب ألقاه يوم 18 مارس/آذار، في ولاية جناق قلعة بمناسبة إحياء الذكرى 103 للانتصار بمعركة جناق قلعة، قال الرئيس أردوغان: “أودّ أن أبشركم بأن قواتنا المسلحة بالتعاون مع الجيش السوري الحر، بسطت سيطرتها على مركز مدينة عفرين هذا الصباح في تمام الساعة 08:30(بالتوقيت المحلي)”.

وبالتوازي مع سيطرة القوات المشاركة بالعملية العسكرية على مركز مدينة عفرين، تمت السيطرة على مركز بلدة معبطلي التي كانت آخر معاقل الوحدات الكردية في منطقة عفرين.

إيجابيات المعركة بالنسبة للثورة السورية والأهالي بمناطق المعارضة شمالي البلاد

– فتح الطريق الواصل مابين ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي (طريق المحروقات) وانخفاض أسعارها وأسعار جميع المواد بشكل كبير بعد أن كانت الواحدات الكردية تفرض ضرائب كبيرة كـ رسم عبور على شاحنات البضائع والصهاريج النفطية.
– وصل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في الشمال السوري ببعضها البعض، لتصبح المنطقة الجديدة الخاضعة للنفوذ التركي الكامل خالية من التنظيمات الإسلامية المتشددة مثل جبهة النصرة وتنظيم حراس الدين وتنظيم “داعش”، ويقتصر الأمر على وجود خلايا لتلك التنظيمات متواجدة في المدن.

– توقف القصف المدفعي الذي كانت تنفذه الميليشيات الكردية على مخيمات النازحين في مدينة أطمة ومخيمات شمال إدلب، بعد مقتل وجرح العشرات من النازحين جرّاء القصف المتقطع الذي كانت تنفذه تلك الميليشيات.

– فك جبهة رباط طويلة كانت تتطلب عدد كبير من المقاتلين بفصائل المعارضة للرباط على الخط الفاصل مابين إدلب وعفرين.

– تخفيف الضغط الناتج عن أعداد كبيرة جداً من المهجرين و النازحين في المخيمات بأرياف إدلب، وذلك بعد أن كانت المخيمات تعاني من ضغط سكاني كبير جداً نتيجة عمليات التهجير التي فرضها النظام السوري وحلفائه على المدن السورية الثائرة وتهجير ملايين السكان من محافظات حماة وحلب وحمص وريف دمشق ودرعا، حيث كانت الميلشيات الكردية تمنع دخول المدنيين العرب لعفرين إلا بوجود كفيل .

– إفشال مخطط روسي كان يهدف لإكمال طوق كامل على محافظة إدلب والاقتراب من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وبدء عمل عسكري وحشد قوات من جيش النظام وميليشيا “قسد” للهجوم باتجاه الشريط الحدودي مابين إدلب وتركيا انطلاقاً من عفرين.

سلبيات سيطرة فصائل المعارضة المدعومة تركياً على عفرين

اعتمدت تركيا في معركتها بالهجوم على مقاطعة عفرين على فصائل معارضة غالبية عناصرها من أهالي المنطقة الشرقية بسوريا ومناطق ريف حلب الشمالي والذين تم تهجيرهم في وقت سابق على يد الوحدات الكردية التي جرفت منازلهم وقراهم وقتلت الكثير من أقربائهم واستولت على أملاكهم.

وذلك بهدف خلق شرخ عربي -كردي سعى إليه الأتراك، بغية إحداث تغيير ديمغرافي في المناطق الكردية وتهجير أهلها بحجة أنهم وقفوا مع الميليشات الكردية وقوات النظام السوري ضد الثورة السورية وارتكبوا المجازر بحق السكان العرب في الحسكة ومنبج والرقة.

– ارتكبت فصائل المعارضة السورية عند دخولها المدن والبلدات الكردية انتهاكات كبيرة جداً بحق الأهالي والمدنيين في عفرين وريفها من خلال عمليات نهب وسرقة منازلهم ومحلاتهم التجارية وأرزاقهم وأراضيهم الزراعية والاستيلاء على قسم كبير منها.

– انعدام الأمن والأمان وانتشار فوضى السلاح والفلتان الأمني في المنطقة بسبب العداوات بين الفصائل العسكرية وقياداتها، ومحاولة الجميع الاستيلاء على أكبر قدر من المساحة البرية في عفرين لنهب محاصيل الزيتون والاستيلاء على منازل المدنيين.

– ارتكاب الفصائل العسكرية انتهاكات بحق النازحين والمهجرين السوريين في المنطقة وطردهم من المنازل التي يقطنون بها بحجة أنَّ مقاتلي الفصائل هم من “حرروها”، ليتم لاحقاً بيع هذه المنازل أو منحها لأقرباء وعائلات محسوبة على الفصائل العسكرية أو تأجيرها للنازحين واكتناز عوائدها بشكل شخصي.

– انتشار العبوات الناسفة والمفخخات التي أرهقت الأهالي، وأزهقت حياة السكان الأصليين والمدنيين النازحين في عفرين وريفها على حد سواء، وذلك بسبب فساد القيادات العسكرية التي تسمح لعناصر وخلايا تابعة للوحدات الكردية بإدخال المتفجرات مقابل مبالغ مالية معينة يتم دفعها رشاوي للقادة العسكريين والأمنيين والحواجز، بالإضافة للعداوات بين قادة الفصائل، والتي وصلت بهم للسعي لإظهار القطاع والمدينة الخارجة التي يسيطر عليها فصيل آخر على أنها فاشلة إدراياً، وتضربها التفجيرات المتكررة، لإيصال رسالة للوصي التركي بضرورة طرد الفصيل المسيطر وتسليم إدراتها لفصيل آخر.

مواضيع ذات صِلة : “إسرائيل ما عملت هيك، ضربوا النساء ومزّقوا الملابس”.. فرقة السلطان مراد تعتدي على عائلة بعفرين

– إعطاء أبشع وأفظع عن الثورة السورية ومقاتليها وفصائلها الذين ضحوا على مدار السنوات السابقة في مواجهة النظام السوري وحلفائه، ليصبحوا بنظر المجتمع الدولي، خلال السنين التي تلت العمليات العسكرية التركية، على شكل مرتزقة مأجورين تتحكم بهم المخابرات التركية وتديرهم حسب مصالحها داخل الحدود السورية وخارجها، كما عكست الفصائل المدعومة تركياً صورة فاشلة عن طريقة إدارة الثورة السورية للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري والواحدات الكردية أو حتى التنظيمات المتشددة (كون الفصائل المدعومة تركياً ترفع علم الثورة السورية ويرتديه مقاتلوها على بزاتهم العسكرية إلى جانب العلم التركي)، وفشل هؤلاء بتأمين الأمن والأمان وحماية المواطنيين في مناطقهم، على عكس بقية القوى المسيطرة في سوريا .

– ارتكاب الانتهاكات الجسيمة بحق السكان الأكراد الأصليين في عفرين وعدم التمييز بين المدني والعسكري، وذلك بإيعاز وضوء أخضر تركي، وتحريض من قبل الاستخبارات التركية، مما أظهر فصائل المعارضة بشكل طائفي إجرامي، وأكسبها صفات الميليشيات المسلحة العشوائية وقطاع الطرق.

إعداد: يزن توركو

شاهد أيضاً : أطلق رصاصتين أشعلتا أوربا كلها.. وكانتا السبب في اندلاع الحرب العالمية الأولى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى