أخبار العالم العربيسلايد رئيسي

خاص|| الميليشيات المسلحة في العراق بالتفاصيل.. تاريخها ودعمها ونفوذها ومالها وعليها

مرّ 18 عاماً على سقوط نظام الرئيس العراقي، صدام حسين، وبقي العراق حتى اليوم يعيش أزمات تتلو الأخرى، حتى بات أشبه بأرخبيل من الطوائف والميليشيات والأحزاب، بل حتى أن الميليشيات المسلحة في العراق وصلت البرلمان والحكومة وسيطرت على مفاصل الدولة، لتنخر بها أفكارها وأيديولوجياتها المختلفة، والتي بعضها نبع من خارج الحدود.

والناظر اليوم إلى العراق يرى حجم الفوضى والتدخلات الخارجية التي انعكست على اقتصاد البلاد ومعيشة المواطن، حتى بات من أفقر الدول العربية رغم غناه بالموارد الطبيعة.

فكيف نشأت الميليشيات المسلحة بالعراق ومن يدعمها مالياً ولوجستياً، ومن أين تستمد قوتها حتى سيطرت على مفاصل الدولة وبدأت تشارك باتخاذ القرار، بل وأنها تُحرج الحكومات المتتالية بالعراق مع المجتمع الدولي.

نشأت الميليشيات المسلحة في العراق

في بحث أجرته وكالة ستيب الإخبارية مع باحثين وناشطين عراقيين، ومن خلال أبحاث تاريخية أخرى، تبيّن أن نشأت الميليشيات المسلحة في العراق مرّت عبر عدّة مراحل.

المرحلة الأولى:

بدأت عمليات تشكيل ميليشيات مسلحة في العراق قبل سقوط النظام السابق “نظام صدام حسين”، حيث نشأت أولى تلك الميلشيات في إيران تحت اسم “منظمة بدر” الجناح المسلّح لما يُعرَف الآن بالمجلس الأعلى الإسلامي العراقي عام 1981، والتي انبثقت مع عدد آخر من الميلشيات بين عامي 1958 حتى 2003، وجاءت امتداداً من “حزب الدعوة” الذي يُعتبَر التنظيم الأم لجميع الإسلاميين الشيعة، والذي تأسّس في عام 1958.

وتأسست منظمة بدر على يد عالم الدين الشيعي محمد باقر الحكيم الذي اغتيل في عام 2003، بعد أشهر من الدخول الأميركي للعراق، وكان يتلقى الدعم والتدريب من إيران، ويشن عمليات عسكرية ضد نظام صدام حسين.

المرحلة الثانية

بدأت هذه المرحلة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، حيث كان قياديو منظمة بدر الأكثر استعداداً لتولي أمور البلاد بعد انهيار مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، وتأسست حينها عدة ميليشيات أخرى أبرزها “جيش المهدي”، الجناح المسلّح للتيار الصدري، حيث انبثق الصدريون عن تيار أنشأه محمد صادق الصدر الذي أصبح نجله مقتدى الصدر رمزاً للتيار.

المرحلة الثالثة

بدأت حين وصل نوري المالكي إلى رئاسة الوزراء في العراق، حيث يربط العراقيون اسم المالكي كعرّاب لعشرات الميليشيات، نتيجة اتجاهه إلى إيران واستجداء الدعم منها.

وبدأ المالكي يرعى الميليشيات ويسهّل دخولها إلى المعترك السياسي، والتحالف معها من أجل الاستفادة منها في الهيمنة على البرلمان والحكومة وباقي مفاصل الدولة برعاية إيرانية.

وبحلول يونيو 2014، عندما انهارت فرق الجيش التي كانت تدافع عن الموصل، وتراجعت أمام الهجوم الذي شنّه تنظيم داعش، وكان قد أصبح لمنظمة بدر وعصائب أهل الحق وميليشيات شيعية أصغر حجماً حضور راسخ في العراق.

بعيد ذلك، أنشأ المالكي المنظمة الجامِعة للميليشيات المسمّاة الحشد الشعبي، والتي تُعرَف اختصاراً بالحشد، وقد عرض المالكي نحو 750 دولاراً في الشهر على المتطوعين تشمل الراتب وتعويض المخاطر وبدل الطعام.

تلي ذلك انخراط السواد الأعظم من المتطوعين في القوات غير النظامية، وأبرزها المجموعات التي تدين بالولاء لإيران والتي تشمل منظمة بدر بقيادة العامري، العرّاب السياسي لقوات الحشد، وعصائب أهل الحق.

ميلشيات أخرى

لكن على الرغم من بروز المجموعات الموالية لإيران، ثمة مجموعة أخرى من القوات الشيعية التطوعية التي تتماهى بوضوح مع الدولة الإسلامية، إنها مرتبطة إما بمؤسسة السيستاني في كربلاء وإما بالأحزاب الشيعية الراسخة، لاسيما الصدريين والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، حيث أنشئت ميليشيا الصدر الأساسية، “سرايا السلام”، خلفاً لجيش المهدي.

التنظيم و”التأميم” عام 2017

أقرّ البرلمان العراقي في السادس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016 القانون المقدم من قبل حكومة رئيس الوزراء العراقي حينها، حيدر العبادي، المتضمن تشريع عمل مليشيات الحشد الشعبي في العراق واعتبارها قوات رسمية مستقلة لا ترتبط بوزارتي الدفاع والداخلية إنما بمكتب رئيس الوزراء بشكل مباشر.

وبدأت الحكومة العراقية بعملية اعتماد تلك المليشيات وتسجيل أسماء أفرادها ومناطق تواجدهم بما فيها تلك التي شكلتها إيران بعد يونيو/حزيران 2014 وأشرفت على تدريبها وتمويلها، ويدين أفرادها بالولاء لما يُعرف بنظام ولاية الفقيه.

ومطلع شهر شباط/فبراير عام 2017، اعتمدت الحكومة العراقية رسمياً عشرات المليشيات المسلحة وضمتها إلى ما يُعرف بـ “هيئة الحشد الشعبي”، وبات أفرادها يتقاضون مرتبات شهرية ثابتة وبعضهم مرتبين: الأول من بغداد والثاني من طهران. وبلغ عددها 61 مليشيا مسلحة فضلاً عن 6 مليشيات صغيرة أخرى لا يتجاوز عدد أفرادها بضعة مئات من المسلحين.

قائمة أسماء الميليشيات المسلحة في العراق

وخلال البحث والتدقيق، وجدت وكالة ستيب الإخبارية عشرات أسماء الميلشيات المتشعبة والتي يتبع السواد الأعظم منها إلى إيران، وأثبت الجنرال الإيراني، رحيم صفوي، ذلك من خلال حديثه في ذكرى مقتل قائد ميليشيا فيلق القدس، قاسم سليماني، العام الفائت، حين ذكر أن سليماني ساهم بتشكيل 82 مليشيا في العراق وسوريا.

الميليشيات المعتمدة من الحكومة العراقية

 

العدد الاسم القائد أو المرجعية ساحة العمل
1 بدر المرجعية الدينية إلى المرشد الإيراني / القائد: هادي العامري قاطع صلاح الدين / ديالى / سوريا
2 حزب الله المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ له أكثر من فصيل وقائد قاطع الأنبار/ صلاح الدين/ النخيب / سوريا
3 عصائب أهل الحق المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: قيس الخزعلي / قاطع صلاح الدين/ النخيب/ سوريا
4 سرايا الخراساني المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: علي الياسري حزام ومركز بغداد
5 سيد الشهداء المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: هاشم بنيان الولائي حزام بغداد/ صلاح الدين
6 سرايا السلام التيار الصدري محمد صادق الصدر / القائد: كاظم حسين العيساوي قاطع سامراء
7 النجباء المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: أكرم عباس الكعبي حزام بغداد / سوريا
8 أبو فضل العباس المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: أوس الخفاجي حزام بغداد/ سوريا
9 كتائب الإمام علي المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: شبل الزيدي حزام بغداد / سوريا
10 سرايا الجهاد المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: حسن راضي الساري الأنبار
11 فرقة العباس المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: ميثم الزيدي النخيب
12 جيش المختار المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: واثق البطاط العراق وسوريا
13 كتائب مالك الأشتر المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: جعفر عباس الموسوي حزام بغداد
14 حركة الأبدال المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: جعفر الموسوي حزام بغداد
15 كتائب جند الإمام المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: أحمد الأسدي الأنبار / صلاح الدين
16 أنصار العقيدة المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: جلال الدين الصغير ألأنبار
17 سرايا أنصار عاشوراء المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: كاظم الجابري النخيب
18 كتائب التيار الرسالي المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: عدنان أرميض الشحماني العراق / سوريا
19 كتائب الشهيد الأول المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: واثق الفرطوسي النخيب
20 كتائب الشهيد الصدر الأول المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: عبد الكريم الغزي سامراء
21 كتائب النخبة المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: عبد الكريم العنزي ومناف الحسيني الأنبار
22 لواء الشباب الرسالي المرجعية الدينية لليعقوبي/ القائد: ميثم العلاق كربلاء
23 أنصار المرجعية المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: حميد الياسري سامراء
24 أسد الله الغالب المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: سهيل الأعرجي العراق وسوريا
25 فيلق الوعد الصادق المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: عمار الحداد العراق وسوريا
26 كتائب أنصار الحجة المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: محمد الكنامي حزام بغداد
27 كتائب قمر بني هاشم المرجعية الدينية كمال الحيدري/ القائد: أبو طالب المياحي الأنبار
28 حزب الله الثائرون المرجعية الدينية نصر الله والكوثراني/ القائد: رحمن الجزائري حزام بغداد
29 عماد مغنية -كتائب حزب الله العراقي المرجعية الدينية حسن نصر الله/ القائد: سعد الفتلاو الأنبار
30 لواء قاصم الجبارين المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: محمد الموسوي النخيب
31 لواء الإمام القائم المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: طالب العلياوي حزام بغداد
32 كتائب أئمة البقيع المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: جهاد التميمي العراق
33 حركة أنصار الله المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: حيدر الغراوي حزام بغداد
34 لواء المنتظر المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: داغر الموسوي حزام بغداد
35 كتائب ثائر الله المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: وليد الحلي حزام بغداد
36 كتائب القصاص المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: عبد الله اللامي سامراء
37 كتائب أشبال الصدر المرجعية الدينيةكاظم الحائري/ القائد: محمد حسين الصدر سامراء
38 كتائب ثائر الحسين المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: غسان الشاهبندر النخيب
39 كتائب الدماء الزكية المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: مؤيد الحكيم حزام بغداد
40 لواء ذو الفقار المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: حسين التميمي حزام بغداد
41 كتائب مسلم بن عقيل المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: أحمد الفرطوسي حزام بغداد
42 لواء أنصار المهدي المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: ناجي الحلفي حزام بغداد
43 لواء المؤمل المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: سعد سوار العراق
44 كتائب العدالة المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: سمير الشيخ علي حزام بغداد
45 كتائب الفتح المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: السيد علي حزام بغداد
46 سرايا الزهراء المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: ممتاز الحيدري حزام بغداد
47 حركة العراق الإسلامي المرجعية الدينية صادق الشيرازي/ القائد: جمال الوكيل حزام بغداد
48 العتبة الحسينية المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: عبد المهدي الكربلائي حزام بغداد / بيجي / كركوك / الانبار / القيارة
49 لواء زينب المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: حسن الشكرجي حزام بغداد
50 لواء الطف المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: مصطفة الموسوي حزام بغداد
51 كتائب الإمام الغالب المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: محمد اللامي حزام بغداد
52 كتائب الإمام الحسين المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: حسن الربيعي حزام بغداد
53 كتائب القيام الحسيني المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: محمد الخفاجي حزام بغداد
54 كتائب درع الولاية المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: علاء المهلهل حزام بغداد
55 كتائب القارعة المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: أحمد الزاملي حزام بغداد
56 كتائب يد الله المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: أحمد الساعدي حزام بغداد
57 كتائب بقية الله المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: مصطفى العبيدي حزام بغداد
58 كتائب الشبيبة الإسلامية المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: مصطفى الموسوي حزام بغداد
59 كتائب الطفل الرضيع المرجعية الدينية كمال الحيدري/ القائد:وسام الحيدري حزام بغداد
60 سرايا المختار الثقفي المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: عبد المهدي الكربلائي حزام بغداد
61 سرايا لواء السجاد المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: عبد المهدي الكربلائي حزام بغداد
62 كتائب وعد الله المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: سامي المسعوي حزام بغداد
63 كتائب جمعية آل البيت المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: موسى الحسني حزام بغداد
64 سرايا الدفاع الشعبي المرجعية الدينية للمرشد الإيراني/ القائد: مزهر الخافجي حزام بغداد
65 كتائب الغوث الأعظم المرجعية الدينية للسيستاني/ القائد: فراس العلاق حزام بغداد
66 بابليون المسيحية القائد: ريان الكلداني حزام بغداد
67 لواء علي الأكبر المرجعية الدينية صادق الشيرازي/ القائد: علي الحمداني النخيب

ميليشيات تحت حماية الدولة

يقول الباحث السياسي العراقي، نظير الكندوري، خلال حديثه مع وكالة ستيب الإخبارية، إن “المليشيات المسلحة في العراق، تتخذ من هيئة الحشد الشعبي كمظلة لها تمارس عملها من خلالها بشكل رسمي، ويوفر هذا الأمر إمكانية الحصول على رواتب لأفرادها، بالإضافة إلى الدعم التسليحي من معدات الجيش الرسمية”.

ويؤكد أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فلهذه المليشيات مكاتب اقتصادية، و(هي عبارة عن إدارة اقتصادية خاصة بكل ميليشيا على حدا)، تحصل من خلالها على العطاءات الحكومية من المشاريع المختلفة، بالإضافة إلى مشاركة المقاولين في مشاريعهم التي ترسو عليهم مع الدولة بطريقة تشبه ما تفعله عصابات “المافيا”، كما تفرض هذه المكاتب الاقتصادية على المقاولين وكذلك أصحاب المشاريع الصغيرة وأرباب الأعمال البسيطة وصغار التجار من المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها، أتاوات غير محددة بحجة توفير الحماية لهم.

ويتابع: “استمرار هذه المليشيات وعدم حلها، حتى بعد انتفاء الحجَّة التي كانت من وراء تشكيلها، وهي مقاتلة عصابات داعش، رغم المطالبات العديدة بحلها، يدل بشكل واضح على أنها من وراء بقائها، اجندة سياسية تبتغي صبٍغ العراق بصبغة سياسية من لون واحد، تتمثل بتكريس السيطرة الشيعية على جميع أجزاء العراق، وهذا يصب تمامًا في مصلحة النظام الإيراني الذي يريد تمكين هذه المليشيات التي تدين له بالولاء، لتثبيت سيطرة إيران على العراق على اعتباره إحدى الدول التي تمتلك فيه نفوذًا كبيرًا لها”.

ويلفت “الكندوري” إلى أن بسبب السيطرة العسكرية والاقتصادية التي تمتلكها المليشيات، بالإضافة إلى الدعم الإيراني المعنوي والمادي لها، جعلها الفاعل رقم واحد في العراق، ولا يمكن لأي حزب سياسي ولا حتى الحكومة العراقية أن تتجاوز هذه المليشيات، فهي مؤثرة في القرار السياسي والعسكري في البلد.

ويقول: “وحينما جرب مصطفى الكاظمي التصدي للمليشيات، خاصة في موضوع استهدافها للسفارة الأمريكية في بغداد، فشل فشلًا ذريعًا في ذلك، بل وتعرض لإهانات شخصية من قبل بعض قادة تلك المليشيات، ولم يستطيع الرد عليها. وكان لهذه المليشيات دورًا كبيرًا في قمع التظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت ضد أحزاب السلطة وميلشياتها، ولم تستطيع أية جهة محاسبتها على قتل وسفك دماء الناشطين في تلك التظاهرات”.

اقرأ أيضاً : معركة النجف ..يوم تحول الصدر إلى جني عجزت أمريكا عن قتله..ماذا حدث!؟

أهداف ونفوذ الميليشيات المسلحة في العراق

وفي حديث لوكالة ستيب الإخبارية مع الباحث والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، يقول: “الأهداف كثيرة لوجود تلك الفصائل منها سياسي، ومنها اقتصادي ومنها هدف ديني حيث عمدت تلك الجهات المسلحة على القيام بحملات ممنهجة وغير مباشرة أحياناً في عملية التغيير الديموغرافي في الكثير من المناطق وخصوصاً في صلاح الدين وديالى وبما أن داعش تعد ذريعة للإعلان عن تلك الجهات المسلحة والإبقاء على بعض بؤره يطيل عمر وتواجد تلك الفصائل خاصة في المناطق العربية السنية، حيث أنّ الكثير من الفصائل قد تأسس قبل مرحلة داعش أو حتى قبل العام 2003”.

ويؤكد أنه لا توجد تحالفات معلنة لتلك الفصائل وإنما هنالك أهداف مشتركة في كل مرحلة وهذا متوقف على الجهات السياسية والدينية التي تتبعها تلك الفصائل، لأن الحال فيما بينها أشبه بالصراع كل جهة أو فصيل يحاول بسط نفوذه وإعلاء كلمته على الآخر، وهذا يتوقف على حجم الدعم والإمكانيات والخطط التي تنفذها إضافة إلى مساحة جمهور تلك الفصائل على الأرض

ويتابع: “تتمتع تلك الفصائل بنفوذ كبير على المستوى السياسي، الاقتصادي وحتّى المستوى الاجتماعي وكذلك لديها أجندات خاصة في مجال الرياضة والأدب وكذلك الفن، ولديها ممثلين في شتى المجالات وهذا ما قوض سلوكياتها، إذ أنها دأبت على تقويض الحياة المدنية في العراق وأصبحت تنفذ أجنداتها في أبسط التفاصيل عبر فرض هيمنتها وتصفية كل من يعترض طريقها”.

ويشير “البيدر” إلى أن وجهات النظر السياسة، لتلك الفصائل مختلفة، فبعضها يتواجد ضمن المنظومة السياسية بشكل رسمي، في حين أن جزءً آخر من هذه المنظومة لا يعترف بتلك الفصائل أصلاً.

النفوذ داخل البرلمان والحكومة

يؤكد “الكندروي” أنه بعد نجاح تلك المليشيات في حصولها على الشرعية من خلال تشريع قانون الحشد الشعبي في البرلمان العراقي، قامت بالمشاركة بانتخابات 2018 عبر تنظيمات سياسية تابعة لها، واستطاعت الحصول على عدد لا يستهان به من المقاعد البرلمانية في تلك الانتخابات التي شابها الكثير من شبهات التزوير، واستطاعت أن تشكل ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان العراقي وهي كتلة “الفتح” بقيادة هادي العامري.

ويشير إلى أن هذا ما جعلها متحكمة بشكل كبير في تشكيلة الحكومة العراقية، ومتحكمة أيضًا في توجيه القرارات السيادية الكبرى في البلد من خلال أغلبيتها في البرلمان، مثل قرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية (القوات الأمريكية) بالرغم من مقاطعة النواب الكرد والسنة لهذا القرار.

ويلفت إلى أن المليشيات تتحكم عبر ممثليها السياسيين، في التشكيلة الحكومية وأغلبيتها في البرلمان العراقي، تمكنها من التحكم بخيارات العراق السياسية، الخارجية منها والداخلية إلى حدٍ بعيد.

وبدوره يؤكد “البيدر” أن “تحالف الفتح” الذي يعتبر أبرز الممثلين لتلك الفصائل ويضم أكثر من أربعين نائباً في البرلمان العراقي، استطاع من خلالها الحصول على أربع وزارات (نقل وزراعة وثقافة وكذلك الموارد المالية)، بينما يعتبر أن هنالك الكثير من الفصائل التي تمتلك أحزاب سياسية لكنها لم تستطع الحصول على تمثيل برلماني وحتى وزاري لأنها تمارس عملاً سياسياً ممنهجاً وتعمل على بسط نفوذها السياسي في الشارع العراقي تهيداً للمرحلة المقبلة.

3 أصناف للميليشيات في العراق

يرى الكاتب العراقي، جاسم الشمري، خلال حديثه مع “ستيب الإخبارية”، أن تلك الميليشيات لا يوجد لها أعداد حقيقة، وذكر حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي السابق، أن بغداد وحدها تحوي 100 ميليشيا على الأقل، حسب تعبيره.

ويقول: “لا يمكن إحصائها رغم وجود قوى كبرى واضحة منها مثل منظمة بدر وسرايا السلام وعصائب أهل الحق وغيرها، أما تمويلها غالباً يكون من الموازنة العامة نظراً لاعتبارهم جزء من وزارة الدفاع”.

ويتابع: ” يمكن تقسيم الميليشيات المسلحة في العراق الى 3 أصناف هي (1-الفصائل التابعة لوزارة الدفاع، 2-الفصائل الولائية التابعة لولاءات خارجية وخصوصاً إيران، 3-الفصائل المرجعية التابعة للمرجعية الدينية في النجف)”.

ويؤكد الشمري أن هذه الفصائل تؤثر بشكل لا يمكن إنكاره في الملفين الأمني والسياسي والاقتصادي، وحتى باتوا يضغطون في عملية تسمية رئيس الوزراء ضمن الاستحقاق السياسي القادم، ومجلس النواب، حتى أنهم يمثلون أكثر من نصف البرلمان العراقي، حسب تعبيره.

الدعم والموارد المالية

يتحدث “علي البيدر” حول أن هنالك الكثير من الجهات الداعمة منها أطراف داخلية ومنها خارجية، أما داخلياً بحسب البيدر، فهناك جهات سياسية ودينية تتبادل المنفعة مع تلك الفصائل.

أما خارجياً فهنالك الكثير من الحضور والنفوذ والرؤية الإيرانية في دعم وتمويل تلك الفصائل وتسليحها وتدريبها من قبل إيران، وهذا الأمر واضح للعيان حيث تتبجح تلك الجهات بالولاء السياسي والعقائدي والمذهبي والعسكري والأمني لإيران التي لا تخفي بدورها هذا الشيء وقد تراه تلك الفصائل أشبه بحسنة كونها تمتلك دولة إقليمية كبيرة مثل إيران تدعم وجودها، وترعى مصالحها في العراق أو حتى خارجياً.

بينما يوضح “نظير الكندوري” بأن فرض الأتاوات والمكاتب الاقتصادي، هو إحدى سبل الدعم المالي لهذه التشكيلات، ويقول: ” أما المليشيات الكبيرة مثل مليشيا بدر والعصائب وغيرها من المليشيات ذات النفوذ الكبير والقوي، فهي تمول نفسها بطريقة أخرى من خلال سيطرتها على أبار النفط في بعض المناطق مثل آبار منطقة الفرحاتية، وحقول نفط غرب الموصل، وحقول عجيل وعلاس الواقعة في محافظة صلاح الدين، وحقول نفطية بالقرب من كركوك”.

ويتابع: “كما تسيطر هذه المليشيات ايضًا على معابر حدودية عديدة مع دول الجوار وتستفيد من فرض الجمارك لصالحها من مرور البضائع التجارية إلى العراق“.

اقرأ أيضاً : خاص|| “حيلة ذكية”.. بهذه الطريقة تقوم إيران بنقل شحنات الصواريخ من العراق إلى سوريا

الموقف الأمريكي من الميليشيات المسلحة في العراق

يعتبر الموقف الأمريكي أكثر وأبرز المواقف الدولية الهامة تجاه تلك الفصائل، إل أنه متباين نسبياً، فهناك حدة وخشونة في التعامل مع بعضها خصوصاً الولائية منها، والتي تقاتل في سوريا ودول أخرى مثل اليمن، ووصلت إلى حد استهداف زعاماتها وعناصرها بعقوبات أو بالتصفية المباشرة، فيما تتخذ الإدارة الأمريكية موقفاً إيجابياً في دعم وإسناد المنضبطة منها، والخاضعة لإشراق القائد العام للقوات المسلحة كما في “حشد العتبات”.

يرى “علي البيدر” أن واشنطن تعتبر أن تلك الفصائل تمثّل أذرع إيران في المنطقة والتي يجب بترها لتحجيم النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وخصوصاً في العراق الذي يعتبر المنطقة الأكثر قلقاً للولايات المتحدة الأمريكية التي تقوم بعمليات منظمة لتحجيم دورها الإعلامي والسياسي وحتى الأمني عبر زيادة الدعم لـ القوات الأمنية العراقية كالجيش والشرطة المحلية، والشرطة الاتحادية، إضافةً إلى جهاز مكافحة الإرهاب، لكن تلك الفصائل تمتلك الكثير من الإمكانيات التي تضاهي بها المؤسسة الأمنية العراقية الرسمية وهذا ما يزعج واشنطن وأطراف محلية.

ويتفق “الكندوري” أيضاً حول ذلك معتبراً أن الموقف الأمريكي حاسمًا من المليشيات ونشاطاتها في العراق طيلة الفترة التي اكتسبت بها الشرعية بالعمل، بل أن تعاونًا أمريكًا معها كان مستمرًا طيلة فترة الحرب على تنظيم داعش.

ويلفت أن تلك المليشيات تلقّت دعماً عسكرياً أمريكياً غير مباشر، لكن هذا الموقف الأمريكي عاد وتغير في الفترة الأخيرة بسبب الضربات المستمرة من قبل تلك المليشيات على التواجد الأمريكي وبالأخص السفارة الأمريكية في بغداد.

ويقول: “مع إدراك الأمريكيان بأن تلك الضربات التي تقوم بها المليشيات هي بدفع من إيران، فإن واشنطن كانت تحمل مسؤولية تلك الهجمات على النظام الإيراني، ولم تفعل شيئًا لتلك المليشيات، سوى الضربة التي طالت قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، لكن ومع نهاية فترة ترامب قامت الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على بعض قادة المليشيات العراقية بسبب انتهاكاتها لحقوق المتظاهرين”.

ويتابع: “أما الإدارة الأمريكية الجديدة فإنه من المرجح أنها ستنتهج نفس نهج ترامب في تعاملها مع المليشيات العراقية، وهذا ما توقعه جيمس جيفري، المبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش، من استمرار لنهج دونالد ترامب في تعاملها مع إيران أو سوريا والعراق في إدارة بايدن، وبالتالي فإن الضغط على المليشيات العراقية وداعميها الإيرانيين، سوف يستمر ولكن لا نتوقع أن تقوم إدارة بايدن بعمل عسكري كبير ضدها بالأخص في بداية توليها الإدارة في واشنطن”.

ختاماً، وسواء أحب العراقيون أو كرهوا تواجد هذه الميليشيات في العراق فإنها اليوم تفرض سيطرتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بخلفيات دينية وطائفية على البلاد، ورغم بعض المحاولات التي تأتي بين الفينة والأخرى من قبل بعض الساسّة لفك ارتباط العراق بإيران إلا أن استمرار تشابك تلك الميليشيات ومرجعياتها الدينية مع إيران سيبقي العراق منعزلاً عن المحيط وغارقاً بالمشاكل الداخلية والخارجية حتى لا تقوم له قائمة.

اقرأ أيضاً : وثائقي – العراق هل كُتب عليه الأسى والحزن لأبد الآبدين؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى