حورات خاصةسلايد رئيسي

قضية أليكسي نافالني كانت الشرارة فهل تحولت لثورة بروسيا.. خبير روسي يكشف تفاصيل هامّة

تشهد روسيا احتجاجات واسعة مؤخراً، خرج خلالها آلاف المتظاهرين المناصرين للمعارض الروسي أليكسي نافالني، بينما ردّت السلطات باعتقال المئات منهم بحجّة المظاهرات غير المرخصة وقيود فيروس كورونا المستجد.

 

احتقان هل يتحول إلى ثورة في قضية أليكسي نافالني

 

ووصلت حالة الاحتقان في الداخل الروسي لدرجة اتهام السلطات بضلوع أيدي خارجية لتحرك الأوضاع في روسيا، واتهمت خارجية روسيا الولايات المتحدة بمحاولة زعزعة استقراراها.

 

وفيما لم تنتهي بعد قضية المعارض الذي لمع نجمه مؤخراً، أليكسي نافالني، بينما تستمر السلطات الروسية بالتعنّت واستعمال الحلول الأمنية لقمع الاحتجاجات، فهل تتحول هذه الاحتجاجات إلى ثورة ضد النظام الحاكم في روسيا، وهل نافالني قادر أن يقود تلك الثورة؟

قضية أليكسي نافالني كانت الشرارة فهل تحولت لثورة بروسيا.. خبير روسي يكشف تفاصيل هامّة
قضية أليكسي نافالني كانت الشرارة فهل تحولت لثورة بروسيا.. خبير روسي يكشف تفاصيل هامّة

بداية جديدة وشكل فريد

 

المحلل والخبير الروسي، دينيس كوركودينوف، في حديث مع وكالة ستيب الإخبارية أكد أن حركة الاحتجاج في روسيا منذ 23 يناير 2021، اكتسبت بداية جديدة وشكلاً فريدًا، مختلفًا عمّا كان عليه في الماضي القريب.

 

ويقول: “أظهرت جائحة كورونا بوضوح الأخطاء الجسيمة للدولة في تنظيم أنظمة الرعاية الصحية والتعليم والمجال الاجتماعي والقيود المتعلقة بالفيروس التاجي، في المقام الأول على الحركة والاتصالات الاجتماعية، مما أدى إلى تشكيل الشعور بالإرهاق والقلق الشديد لدى الناس”.

 

ويضيف: “في الوقت نفسه، رفضت مؤسسات الدولة تشكيل أجندة متفائلة، حيث باتت تخيف السكان يوميًا بعدد كبير من المرضى ووفيات COVID-19، والتحذير من هجمات إرهابية يحظّر لها وقوعها، وقد حرمت هذه الحملة الإعلامية السلبية الناس من الشعور بالأمان وتحسين نوعية الحياة والوضع الوبائي العام، كما أقنعتهم بأن الدولة تركتهم بالفعل لمصيرهم”.

 

ويشير كوركودينوف إلى أنّ عام 2020 أظهر الحكومة الروسية بشكل فظيع، حيث توضّحت حالة الفساد وانعدام القانون، بينما اختفى فجأةً الوعي بالأمن الاقتصادي الذي غرس في نفوس الناخبين الروس على مر السنين، ونتيجة لذلك بدأ الناس يشعرون بالخوف.

 

ويوضحّ أن الخوف لدى الناس في روسيا تمحور حول فقدان وظائفهم، والخوف من الموت بسبب فيروس كورونا، والخوف من فقدان سبل عيشهم، والأهم من ذلك، الخوف من العزلة، بعد عودة غالبية سكان روسيا إلى إجراءات مكافحة فيروس كورونا التي نظمتها الحكومة الروسية.

 

التنسيق المعارض منذ عام 2011

 

ويقول كوركودينوف، إن المعارضة الروسية بدأت تشكّل تنظيماً للاحتجاجات من عام2011، إلا أن السلطات الروسية كانت تلاحقهم وتتعرف على قادتهم بسرعة للحيلولة دون وقوع أي أعمال مناهضة للحكومة.

 

أما اليوم وبسبب إجراءات كورونا، انتقلت المعارضة الروسية إلى تنظيم الاحتجاجات والاعداد لها من خلال منازل قادة العارضة، ويرى الخبير الروسي أن المعارضة اكتسبت فرصة لمناقشة سيناريوهات عنيفة لانقلاب، أو التحضير لهجمات، والعمل على زعزعة استقرار الدولة، حسب وصفه.

 

ويرى كوركودينوف أن حالة العزلة والاحتقان لدى الناس ضد السلطات جعلتهم ينزلون للشارع، وهذا ما كان سيحصل عاجلاً أو آجلاً، بالمقابل فإن السلطات أظهرت “وحشاً متعطشاً للدماء” قابل تلك الاحتجاجات بقوة بحجّة إجراءات العزل.

اعتقال أحد المحتجين الروس
اعتقال أحد المحتجين الروس

أسباب الاحتجاجات غير قضية أليكسي نافالني

 

ويؤكد أن قضية أليكسي نافالني لم تكن سبب الاحتجاجات وحدها بينما كانت محفّزاً لها، في حين أن أسباب الاحتجاج تتمثل في تدهور كارثي في حياة الروس، وقد ذهب الناس إلى المسيرات ليس من أجل أليكسي نافالني، ولكن ضد الفقر المدقع والعزلة، حسب وصفه.

اقرأ أيضاً: قضية أليكسي نافالني تتحول لحربٍ إعلامية بين القطبين الروسي والأمريكي

 

ويلفت إلى أن الحكومة الروسية لا تزال تملك القدرة على الحفاظ على النظام، حيث يوضّح بأن الأداة الرئيسية لسلطتها هي الجيش والخدمات الخاصة، والتي تتيح للدولة الشعور بالأمن المطلق، بينما سيناريو ثورة على غرار “الربيع العربي” يقودها الجيش أمر غير متوقع في روسيا.

القوات الخاصة الروسية متجهة إلى قمع الاحتجاجات
القوات الخاصة الروسية متجهة إلى قمع الاحتجاجات

ويبيّن الخبير الروسي بأن الوضع في روسيا مختلف ولا ينذر بثورة، حيث لا توجد مقومات تلك الثورة على السلطات، بالوقت التي تواصل الحكومة العمل بحزم لإنهاء الاحتجاجات التي تعتبرها خرقاً غير مقبول للقانون.

 

ثورة روسية بمعايير مختلفة

 

وفي مقاربة للوضع يشير كوركودينوف إلى أنّ الزعيم الروسي فلاديمير لينين، وهو من قيادات ثورة القرن الماضي في روسيا في عام 1913، حيث يعتبر أنه حينها كانت هناك “حالة ثورية” ساهمت بتلك الثورة، وهي غير متوفرة الآن بروسيا.

 

ويقول: “لا يوجد لحركة الاحتجاج الحديثة في روسيا زعيم، مثل فلاديمير لينين أو ماكسيميليان روبسبير، يمكن أن يقود الشعب ويكون لها نموذجًا للصدق والفخر والشجاعة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاحتجاجات في روسيا ليس لديها برنامج عمل وأجندة واضحين، مما يربك المحتجين تمامًا، الذين لا يفهمون في كثير من الأحيان من يجب الوثوق به وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها”.

جانب من مواجهة المحتجين لقوات الامن الروسي
جانب من مواجهة المحتجين لقوات الامن الروسي

ويتابع: “تسعى المعارضة الروسية إلى تحقيق هدف تنظيم انقلاب في البلاد والإطاحة بحكومة فلاديمير بوتين، وقد بدأ نشر مثل هذه الخطط بشكل علني، بدءًا من عام 2011، عندما لم يخفِ منظمو الحركة الاحتجاجية خططهم لإجراء تغيير في السلطة”.

 

ويؤكد خلال حديثه وجود مخططات غربية لمساندة مثل تلك الاحتجاجات لزعزعة روسيا محلياً وإقليمياً، مشيراً إلى معلومات عن خطة وضعها الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ألين دالاس، لا تزال تستخدمها واشنطن ضد بوتين.

 

أليكسي نافالني قد يواجه السجن وخطط غربية لإنقاذه

 

وحول قضية أليكسي نافالني التي أثارت الجدل في روسيا وسلطت وسائل الإعلام الضوء عليها، حيث أنه لا يزال معتقل منذ عودته قبل نحو أسبوعين، كما تعرض أشقائه وزوجته ورفاقه للاعتقال أيضاً، إلى جاني العديد من المحتجين الذين خرجوا نصرةً لقضيته.

اقرأ أيضاً: السلطات الروسية تداهم وتعتقل شقيق ورفاق المعارض أليكسي نافالني بحجّة واحدة

 

يوضّح كوركودينوف أن محامي أليكسي نافالني قدّموا استئنافًا لطلب إلغاء قرار محكمة خيمكي باحتجاز المعارض لمدة 30 يومًا، وستنظر محكمة موسكو الإقليمية في هذه الشكوى في 28 يناير 2021، وفي غضون ذلك، فإن الحكومة الروسية ليست مصممة الآن على تحرير عدوها الرئيسي من المسؤولية الجنائية، حتى على الرغم من أعمال الاحتجاج الشعبية.

 

وبناءً على ذلك، فإنه في 2 فبراير 2021، قد يُحكم على أليكسي نافالني بالسجن لمدة 3.5 سنوات في قضية اختلاس أموال من شركة Yves Rocher. نظرًا لحقيقة أنه خدم بالفعل لمدة عام واحد فيها، وقد يُسجن لمدة 2.5 عامًا. بالإضافة إلى ذلك، يواجه أليكسي نافالني 10 سنوات أخرى في السجن بتهمة الاحتيال بتبرعات لصندوق مكافحة الفساد.

 

ويبيّن الخبير الروسي أن إجمالي مدة السجن الحقيقية لأليكسي نافالني ستكون بنحو 12.5 سنة. مع ذلك يرى أنه من الواضح تمامًا أنه من غير المرجح أن يكون المعارض في زنزانة سجن طوال هذا الوقت، يقول: في أفضل الأحوال، سيتم العفو عنه مسبقًا، وفي أسوأ الأحوال، سيقتحم الحشد سجنه ويطلق سراحه، حيث تعرف روسيا أن الولايات المتحدة وألمانيا وإسرائيل والمملكة المتحدة، بشكل مستقل عن بعضها البعض، “تعد فصائل خاصة من الجنود المكلفين بتنظيم هجوم سراً على السجن الذي يقع فيه أليكسي نافالني من أجل إطلاق سراحه”.

 

رغم شخصيته لا يمكنه منافسة بوتين

 

ويؤكد أن أليكسي نافالني يتمتع بكاريزما معينة وهو قادر على خلق خلفية إعلامية احتجاجية تثير الفضول أو حتى الصدمة بين مؤيديه، ومع ذلك يشير إلى أنه في أذهان المواطنين العاديين، من الواضح أنه مرتبط بالمخابرات الأمريكية، مما يجعله شخصًا غير مرغوب فيه.

شاهد أيضاً: أليكسي نافالني خصم بوتين الأول في روسيا والطامح للوصول للكرملين

 

ويلفت إلى أنه قد تطورت كراهية “التأثير الخبيث للغرب” بين المواطنين الروس على المستوى “الجيني”، وذلك بفضل الدعاية السوفيتية التي أكدت على مدى 70 عامًا أن “أمريكا هي العدو”، ومن الصعب للغاية إقناع الروس بخلاف ذلك، لأن أليكسي نافالني مرتبط بشكل واضح بالولايات المتحدة، فإنه يُنظر إليه على مستوى اللاوعي من قبل غالبية المواطنين الروس على أنه “عدو”.

 

ويشدد على أن نافالني لا يمكنه منافسة فلاديمير بوتين، بعد كل شيء، من حيث مستوى الدعم وموارد الضغط، حيث يتفوق رئيس روسيا الحالي مرات عديدة على المعارض الروسي، الذي يحاول تعزيز موقعه في الدولة بالمال.

 

وعلى الرغم من ألا نتائج إيجابية متوقعة قد تفضي إلى تغيير في سياسة روسيا بسبب الضغط الدولي والشعبي بقضية نافالني، إلا أن القضية كشفت القبضة الأمنية الكبيرة التي يملكها بوتين في روسيا وعلى غرار الأنظمة التي شهدت ثورات الربيع العربي وغيرها فإن بوتين يمسك بعصا الجيش والقوات الخاصة لقمع أي احتجاجات قد تثير البلبلة بالبلاد، ومع ذلك يرى مراقبون أن نوعاً من اللين بملفات داخلية أو خارجية قد تبديها القيادة الروسية لوقف أي تدخل بقضية نافالني ووأدها، ولعل الملف السوري قد يكون أبرز القضايا التي تنتظر ليناً من الروس من أجل إنهاء صراع مستمر منذ 10 سنوات كلّف الروس الكثير فيما باتت الحاجة الداخلية أكثر إلحاحاً من قضايا خارجية عالقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى