إزالة جماعة الحوثي في اليمن من قوائم الإرهاب.. بين توضيحات الخارجية الأمريكية ورؤية الشعب اليمني
قبل يومين أبلغ الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الكونغرس الأمريكي، عزمه رفع اسم جماعة الحوثي في اليمن من قوائم الإرهاب، بعد نحو شهر ونيّف من وضعها بالقائمة بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب، ليكون هذا القرار ضمن خطّة إدارة بايدن التي وضعت ملف اليمن ضمن أولوياتها، رغم ما تشكّله جماعة الحوثي من خطر إقليمي على حلفاء أمريكا في الخليج.
توضيح قرار إزالة جماعة الحوثي في اليمن من قوائم الإرهاب
أجرت وكالة “ستيب الإخبارية” لقاءين، مع المتحدثة الإقليمية في وزارة الخارجية الأمريكيّة، جيرالدين جريفيث، لتوضيح الموقف الأمريكي حيال إزالة جماعة الحوثي في اليمن من قوائم الإرهاب، والآخر مع الباحث اليمني في القضايا الدولية، عبد الكريم الانسي، وموقف الشعب اليمني من القرار.
قالت جريفيث: “موضوع رفع اسم الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية متعلق بالوضع الإنساني الكارثي في اليمن”.
وأضافت: “أشار الرئيس بايدن في خطابه يوم 4 فبراير، إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن، التي تسببت في كارثة إنسانية واستراتيجية حقيقية، ومع الأسف فإن نسبة كبيرة جداً من الشعب اليمني يعيش في مناطق تحت سيطرة الحوثيين وقد قام الجانب الحوثي بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين الذين هم في أمس الحاجة إليها”.
خطة أمريكية شاملة للحل في اليمن
وأكدت أن هذه الخطوة (إنهاء تصنيف جماعة الحوثي في اليمن منظمة إرهابية) هي جزء من خطة أمريكية شاملة للتوصل لحل دبلوماسي وسلمي.
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أنّ الإدارة الأمريكية الحالية تقوم بمراجعة ودراسة بعض القرارات التي اتخذتها الإدارة السابقة، معتبرةً أنه في نهاية المطاف، ستحاول أمريكا التركيز على الأهداف التي تتماشى مع سياستها والمبادئ والقيم الأمريكية ومن وجهة نظر إدارة بايدن، وشددت على أنّ الحرب في اليمن لا تصب في مصلحة أحد، والمتضرر الأكبر منها هو الشعب اليمني وجيران اليمن.
ما الفرق بين جماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان؟
وعلى اعتبار أنّ جماعة الحوثي في اليمن قد لا تكون بعيدة عن ذات التبعية والإيدلوجية التي تسير فيها جماعات أخرى مثل “حزب الله” المصنّفة إرهابياً في القوائم الأمريكية، إلا أن إدارة بايدن بحسب غريفيث تنظر لكل ملف على حدة، وفقاً لمعطيات وخصائص كل قضية.
وأشارت إلى أنّ الوضع الإنساني الكارثي في اليمن يحتم على المجتمع الدولي اتخاذ كل الخطوات اللازمة لمساعدة الشعب اليمني وتحقيق حل سلمي وفقاً للقرارات الأممية، ولا بدَّ من إنهاء الحرب في اليمن.
تأثير القرار على علاقة أمريكا مع الحلفاء
أما في معرض ردّها على طبيعة العلاقة بين الإدارة الأمريكية الجديدة والحلفاء في الخليج، وتأثير قرار إزالة جماعة الحوثي في اليمن من قوائم الإرهاب على تلك العلاقة، قالت: “المملكة العربية السعودية شريك مهم للولايات المتحدة ونحن ندعم حقها في الدفاع عن نفسها ضد هجمات الحوثيين وسنواصل دعمها ومساعدتها في الدفاع عن سيادتها وعن سلامتها الإقليمية وعن شعبها”.
ولفتت إلى أنّ أمريكا والمملكة العربية السعودية شركاء في العديد من القضايا والأولويات، وأنّ حديث وزير الخارجية “بلينكن” مؤخراً مع نظيره السعودي لمناقشة عدة قضايا من ضمنها الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب وإنهاء الحرب في اليمن.
خطوات تمرير قرار إنهاء تصنيف جماعة الحوثي في اليمن منظمة إرهابية
ومن جانبه أوضح الباحث اليمني في القضايا الدولية، عبد الكريم الانسي، في حديث لوكالة “ستيب الإخبارية” أنّ اتّخاذ هذا القرار أو تصنيف أي منظمة من قبل أمريكا كقائمة سوداء أو إرهابيّة، يعتمد على ثلاث وزارات.
وقال الانسي: “إن تمرير القرار يحتاج إلى وزارة الخارجية التي تقوم بتقديم بيانات مُعينة إلى وزارة العدل والتي تدرسها من جهتها ومن ثمّ تُقدمها بالمشاركة مع الخزانة الأمريكيّة ووزارة المالية؛ والوزارات الثلاث يدرسون هذا التصنيف والأدّلة والإثباتات وكافة الإجراءات الداخلية ثمّ تُعرض وتُقدم للكونغرس، وأذكر هنا أنه كان هناك بيانين علنيّ وسريّ”.
القرار كان خطة من ترامب
وأضاف: “كان قرار إنهاء تصنيف جماعة الحوثي في اليمن منظمة إرهابية، أشار به ترامب قبل فترة بتغريدات معينة، ولكنه أجله لآخر أيّامه، وكان عبارة عن حنق من ترامب أو بمعنى أصح (وضع العصا في الدولاب) بين أي مفاوضات ما بين بايدن وإيران، لأنه يعلم أنّ إيران تعتمد الآن كلياً على ذراعها السيء في المنطقة وهي جماعة الحوثيين في اليمن، فلا يمكن أن يكون هناك أي تفاوض ما بين أمريكا وإيران إلا إذا أُزيل هذا التصنيف”.
وتابع في ذات السياق: “نعلم أنّ الدعم اللوجستي والعسكري والاستخباراتي، الذي تقدمه إيران لليمن هو لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وهذا يعطيها قوة، ونعلم جميعاً أنّ إيران لا تُقاتل ولا تحارب في أرضها وإنما تفعل ذلك عبر أذرعتها، فـ بايدن رفع شعار البالستي والأذرعة أولاً قبل النووي، هذا يعود في السياسة الكاملة للإدارة الأمريكيّة ومصالحها ورؤيتها للحلّ السلمي في المنطقة”.
وحول إذا ما كان القرار سيُغيّر من تصرفات الحوثيين، أوضح الانسي: “جماعة الحوثيين أيديولوجية إرهابيّة لا تحمل أي فكر دولة ولا أعباء الدولة؛ جماعة مستأجرة لتنفيذ دور معين وبالذات بعد وصول، حسن إيرلو، وهو الحاكم العسكري والرسمي للميليشيا في اليمن، لاحظنا بأنها تابعة تماماً للسياسة الإيرانيّة وما تُمليه عليها طهران، وما يحاولون من تجريف هوية وإزالة بعض الأجنحة منهم أنفسهم، وبعد وصول إيرلو لا يريدون إلا الأشخاص أو الولاءات المُطلقة لهم، بالأوّل والأخير هم جماعة تابعة لإيران وما تُمليه عليهم برفع سقف الاعتداء الخارجي أو الداخلي وتخفيض هذا الأمر”.
أمريكا لم تحلّ قضية عربية
الباحث اليمني، قال: “بكل تأكيد ميليشيا الحوثيين منظمة إرهابيّة، ما قام به داعش في سوريا والعراق، الحوثيين قاموا بأضعاف هذه الأشياء في هذه المنطقة، وهناك الآن هاشتاغ عالمي يتصدر خمسين مدينة عالمية بأن الحوثيين جماعة إرهابيّة موثّقة باعتداءات بنهب بقتل بتهجير قسري والإعدام شنقاً ومقابر سريّة واعتقال نساء بزراعة الألغام إلى مليون ونصف لغم، كلّ ما تقوم به جماعة إرهابيّة من إبادات جماعية تقوم به هذه الميليشيات”.
وتابع: “الهاشتاغ الذي أصبح ترند عالمي، يمثّل الرغبة والإرادة والرأي الحقيقي للشعب اليمني بكافة أطيافه ومكوّناته، وموثّق بجرائم شخصية ومتحدثين شخصيين لما قامت به هذه الجماعة تجاه الشعب اليمني، ومطالبة شعبية ليست سياسية رغم الفرقاء السياسيين، لكن هذه الحملة تعبير حقيقي للشعب الذي يُطالب إدراج الحوثيين جماعة إرهابيّة”.
وختم الانسي حديثه، قائلاً: “نحن لا نعول على السياسة الأمريكيّة كثيراً، لأننا نعلم أنها لم تحلّ أي قضية عربية، بل نعول على صحوات الشعب ورفضه لهذه الجماعة”.
اجتماعات عربية لبحث الأوضاع الإقليمية
وما أن تلقّت دول المنطقة بعض الإشارات حول سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة حتى سارعت لعقد اجتماع، انطلق الأحد في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية العرب بدعوة من مصر والأردن، لبحث قضايا المنطقة.
وخرجت بعض البيانات على رأسها ما حمله بيان مجلس التعاون الخليجي، الذي اعتبر تعيين مبعوث أمريكي إلى اليمن، وهو مساعد وزير الخارجية تيموثي ليندركينغ، أمراً إيجابياً ومرحّباً به.
وشدد البيان على أهمية دور الولايات المتحدة ومساعيها في إنهاء الأزمة اليمنية ومساعداتها الإنسانية والتنموية للشعب اليمني، معتبراً أن تعيين المبعوث سيشكل إضافة إيجابية للجهود الإقليمية والدولية للوصول إلى الحل السياسي الذي ينشده مجلس التعاون، وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216.
وكان الرئيس بايدن قد أوضح يوم الخميس الفائت أن قرار سلفه ترامب كان من باب الضغط على إيران التي تدعم الجماعة الحوثية، إلا أن هناك تخوّف من إدارته حول مدى تأثير القرار على الأوضاع الإنسانية في اليمن وفي مناطق سيطرة الحوثي، وخصوصاً في ظل انتشار فيروس كورونا.
إلا أنّ مراقبون قد قرأوا أنّ قرار بايدن واحداً من عشرات القرارات التي تدرسها إدارته من أجل تخفيف العقوبات على إيران والتي كان قد شددها الرئيس السابق دونالد ترامب قبل رحيله، والهدف البعيد ربما محاولة العودة للاتفاق النووي معها، حيث أن إيران تشترط العودة للاتفاق برفع العقوبات، ويبقى قرار الرئيس الأمريكي ربما ورقة من أوراق التفاوض في خطة الإدارة الأمريكية الجديدة وسياستها الخارجية على مدى 4 سنوات قادمة، والتي لم تتوضح معالمها كاملةً بعد.
حوار: سامية لاوند وجهاد عبدالله