حورات خاصة

مجلس عسكري بقيادة مناف طلاس خلال مرحلة انتقالية مع الأسد أو بدونه.. حقيقة أم إشاعة

انتشرت مؤخراً تسريبات وتلويحات حول خطة جديدة في خارطة طريق الحل السوري، تقتضي بتشكيل مجلس عسكري بقيادة العميد المنشق، مناف طلاس، بعد زيارة غير معلنة الأهداف والأسباب له إلى موسكو.

 

مجلس عسكري بقيادة العميد المنشق مناف طلاس

تباينت الآراء حول هذه التسريبات والفكرة القديمة نسبياً والتي أُعِيدَ طرحها بعد مقالة في صحيفة نيزلفيسمايا الروسية حملت عنوان “يمكن أن يكون مجلس عسكري بديلاً للأسد”، وتقرير آخر على صحيفة الشرق الأوسط أكدت التسريبات من خلال مصادر الصحيفة ووثيقة حصلت عليها تتحدث عن طرح منصات تابعة للمعارضة خطة مشابهة على موسكو لتسوية الصراع السوري بعد فشل التوصل إلى أي اتفاق سياسي ووصول اللجنة الدستورية إلى طريق مسدود.

 

ولبحث حقيقة الأنباء المتداولة حول المجلس العسكري بقيادة مناف طلاس، حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” المحلل العسكري العميد المنشق، أحمد رحال، والخبير والمحلل السياسي، وعضو مجلس الشؤون الدولية الروسي “RIAC”، أندري تشوبريجين، وشخصية قريبة من العميد، مناف طلاس، فضل عدم الكشف عن هويته.

مجلس عسكري بقيادة مناف طلاس خلال مرحلة انتقالية مع الأسد أو بدونه.. حقيقة أم إشاعة
مجلس عسكري بقيادة مناف طلاس خلال مرحلة انتقالية مع الأسد أو بدونه.. حقيقة أم إشاعة

العميد أحمد رحال يكشف حقائق حول التشكيل العسكري

قال المحلل العسكري العميد المنشق، أحمد رحال، حول التسريبات: “حاولنا في السنوات الماضية بناء مجلس عسكري وتواصلنا مع الائتلاف حوله، على أن يكون جناحاً عسكرياً وجناح قوة يستطيع استخدامه أثناء المفاوضات، لكن لم نستطع فعل ذلك إما لأسبابٍ خارجية أو هناك حزب فيه وجد أن الضباط عثرة في طريق وصوله إلى السلطة، وبالتالي أبعدوا الضباط عن كلّ شيء حتى عن المجلس العسكري”.

وأضاف: “بالنسبة للمجلس العسكري الذي يتمّ الحديث عنه، كلنا نتذكر أن العميد، مناف طلاس، قام بجولتين واحدة عام 2013 والأخرى عام 2014، شملت الولايات المتحدة الأمريكية وموسكو وتركيا والأردن والسعودية وقطر، وبالتالي جُمد هذا الموضوع ولم يؤتِ بنتيجة. لم يكن هناك اعتراض على العميد مناف، ولكن لم تكن هناك موافقة أيضاً”.

وحول وجود أعضاء من المعارضة والنظام والإدارة الذاتية في التشكيل العسكري المطروح، توقّع المحلل العسكري أن يكون المجلس العسكري الذي يجري الحديث عنه، بدايةً لتشكيل “جيش وطني” في سوريا، وبأنه سيكون موزعاً على ثلاث مناطق (مناطق سيطرة النظام السوري، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية قسد، ومناطق فصائل المعارضة السورية)، بمعنى أن تكون المكوّنات الثلاثة مشتركة في ذلك التشكيل المستقبلي وبشروط تناسب المرحلة وأبرزها، فكّ ارتباط “قسد” بتنظيم حزب العمال الكردستاني وإبعاد “الفاسدين والمجرمين” من تلك المكوّنات الثلاثة.

 

تطبيق النموذج السوداني

المحلل العسكري أشار إلى طروحات عديدة جرى تداولها في الفترة الماضية، تحدث بعضها عن تطبيق النموذج السوداني في سوريا، والمتمثل بمجلس سياسي ومجلس عسكري يقودان المرحلة الانتقالية وينطلقا إلى الحل، وبين من تحدث عن مجلس عسكري توافقي -أي لا يكون مناصفة بين النظام والمعارضة- في حين طرح آخرون خيار تشكيل مجلس ثلاثي يجمع كلاً من المعارضة والنظام وضباط خبراء من المتقاعدين، لافتاً إلى نقطة مهمة يجب على الشعب السوري معرفتها والتأكيد عليها وهي القرار (2254).

وقال: “بكل وضوح هناك ست دول تتحكم في الملّف السوري؛ الدرجة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والدرجة الثانية السعودية وتركيا والدرجة الثالثة إسرائيل وإيران، وهؤلاء بما يتفقون عليه يمكن أن ينتج حلّ، وإذا لم يتفقوا ستستمر الحرب”.

وتابع: “لا يمكن لأي حلّ داخلي أو إقليمي أو عربي أو دولي بدون مجلس عسكري. الجيش لا يمكن أن تتخلى عنه”، مُضيفاً “أقول هنا الضباط لا خلاف بينهم إذا ابتعدوا عن الأجندة التي تتحكم بهم”.

طلاس يمتلك نقطة قوة

وبحسب المحلل العسكري: “يشكل العميد مناف طلاس حالتين؛ حالة توافق دولي وحالة امتلاك نقطة قوة مميزة باعتباره من الطائفة السنية يثّق به العلويين، وبالتالي لا تعارض روسيا ولا النظام قيادته للمجلس العسكري المتوقع تشكيله”، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة دعم ذلك المشروع للوصول إلى المرحلة السياسية في سوريا وتشكيل لجنة دستورية وإجراء انتخابات برلمانية، والتخلص من النظام الذي يقوم بتضييع الوقت.

كما أشار إلى أنه في حال وجود أنباء حقيقة عن تشكيل المجلس فهذا يُعطي دلالة على وجود ضباط داخل النظام السوري ينتظرون الإشارة للانضمام للمجلس الجديد الذي سيقود المرحلة وبالتالي الانشقاق مباشرةً.

وحول سبب تداول الخبر مؤخراً، قال رحّال: “يجب الانتباه لنقطة مهمة، وهي هل هذا المجلس العسكري بديل عن المرحلة الانتقالية وهيئة الحكم الانتقالي أو القرار 2254 (أي لجنة إعادة صياغة الدستور المقسم بإشراف موسكو)، إذا كان بهذا الشكل يعني أننا ندعم النظام وروسيا وننسف القرارات الدولية، أما إذا كان من ضمن مدرجات القرار 2254 فأهلاً به”.

بشار الأسد غير قادر على إجراء الانتخابات الرئاسية

وفيما يخصّ وجود صِلة بين هذه التسريبات واقتراب الانتخابات الرئاسية في سوريا، أوضح العميد المنشق: “بالنسبة لبشار الأسد لا توجد مؤشرات حالياً أنه اقتربت نهايته أو عملية إزاحته، إنما نحن نلتقط إشارات معينة”، مُضيفاً “حتى الانتخابات لا أتوقع أن تحدث، وحسب قراءتي للأحداث هناك تلميحات روسية أن بشار الأسد غير قادر على إجراء الانتخابات وبأن البيئة لا تسمح بذلك، وعدم اعتراف أمريكا وأوروبا بالانتخابات مُشكلة، لكن هذا لا يعني أنهم وضعوا الأسد على طرف وبدأوا يفكرون بالبديل”.

وتابع “حتى الآن لا يوجد مثل هذا الكلام إنما المؤشرات تقول انسداد الأفق ووصول روسيا لمرحلة الغوص في المستنقع السوري وإيران الموضوعة على طاولة الخروج من سوريا والتي أصبحت هدفاً إسرائيلياً أمريكياً وحتى روسياً تقريباً”.

وختم حديثه، قائلاً: “بشار الأسد الذي لم يعدّ قادراً على معالجة الوضع، وحتى الموالين له في كارثة ووضع يرثى له”.

 

روسيا لا تعمل على أي مشروع سرّي

بدوره قال الخبير والمحلل السياسي، وعضو مجلس الشؤون الدولية الروسي “RIAC” القريب من الكرملين، أندري تشوبريجين، لوكالة “ستيب الإخبارية”: “من جميع القضايا الساخنة التي كان العالم يعاني منها ولا يزال، القضية السورية ليست الأقدم منها من ناحية المرحلة التاريخية، لكنها من أشدها قساوة. ولا شك في أن هناك المحاولات غير معلنة تجري بين الأطراف المعنية الموجهة نحو إيجاد الطريقة الفعالة لحل الأزمة السورية، ولكنها أولاً غير منسقة على المستوي المطلوب وهذا واضح من قلة النتائج المكشوفة، وثانياً تتجه في الاتجاهات المتعارضة آخذاً بعين الاعتبار النفوذ المتعاكسة لجميع المشاركين محلياً ودولياً”.

 

وتابع: “في عهد الشبكات الإلكترونية وسرعة انتشار المعلومات لا توجد الإمكانية لتخبئة خبر محاولات إيجاد الحلول للأزمة لمدة طويلة. لذلك لا اعتقد أن هناك تطورات لا نعرف عنها، وقادرة على صنع الحل المفاجئ الفعال”.

 

موسكو لا تعلم بالمجلس العسكري المزعوم

وحول خبر المجلس العسكري بقيادة “طلاس” أكد تشوبريجين أنّ هذه الأخبار غير واردة وغير متداولة في موسكو، معتقداً أنها غير صحيحة، ولفت إلى أن موسكو لا تحتاج أن تدعم أية محاولات سرّية في إطار السياسة السورية لأنها تحتل موقع التأثير الواقعي، معتبراً أن موسكو تنفذ مهامها السياسية بنجاح بدون اللجوء إلى “المؤامرات غير منطقية”.

وقال: “بالأخص المتعلقة بالعميد مناف طلاس (ولا أعرف إذا ما زال يحمل هذه الرتبة بعد الهروب إلى باريس)، وهو خارج البلاد وفي وسط الصراعات المستمرة بين أطراف المعارضة، أما التسريبات عن تجهيز مجلس عسكري فمثل هذه الأخبار تتسرب من بداية الأزمة منذ ١٠ سنوات على الأقل مرة في السنة، وأين هذه المجالس الآن؟”.

 

المعارضة لا تملك بديلاً عن الأسد

وأوضح الخبير الروسي أنه لا يوجد أية شخصية من شخصيات المعارضة الموجودين خارج البلاد ويحاولون قيادة العملية السياسية داخل البلاد، تملك القاعدة الانتخابية ولهم الحلفاء على مستوي كافٍ لتأمين التمسك الإيجابي على وسائل السلطة الفعالة.

وبيّن أنه إذا كانت المعارضة السورية راغبة بالوصول إلى السلطة في سوريا يجب عليها الاتفاق على المرشح الموحد والتمسك بهذا الاتفاق ووقف الصراعات الداخلية، مشيراً بذات الوقت أنه لا يوجد على الطاولة حالياً.

وفي موضوع العميد مناف طلاس، يتساءل الخبير الروسي كيف يرغب الوصول إلى السلطة؟ هل عن طريق الانتخابات؟، مؤكداً ألا قاعدة انتخابية كافية له، أو إذا فكّر عن طريق الانقلاب، فإن هذا هو الطريق المباشر إلى الديكتاتورية، معتقداً أن هذا الطريق غير موجود بالحسبان.

اقرأ أيضاً: استطلاع للرأي في عدة محافظات سورية حول موضوع قبول مناف طلاس بديلاً عن بشار الاسد

 

وحول قرب الانتخابات الرئاسية في سوريا وعدم الوصول إلى حل قبلها قال: “لا شك في أن هناك مشاورات بين الأطراف المعنية حول الإمكانيات المختلفة للحل، لأن الانتخابات القادمة ستكون نقطة الالتفاف إلى مرحلة الحلول العملية للأزمة السورية”.

 

بشار الأسد لن يتنازل

وأضاف: “بشار الأسد من المستحيل أن ينزل من المنصة السياسية إذا لم تتشكل الظروف الموضوعية لذلك، ولكنني لا أرى حتى الآن بديلاً فعالاً له، والذي يعبر عن الموقف الوسط بين نوايا اللاعبين الداخليين والخارجيين. بينما الضغوط على بشار كانت ولا تزال مستمرة على مدي السنين الأخيرة ولا أظن أن هذه الضغوط تلعب دوراً كبيراً في اتخاذه للقرارات”.

وشدد تشوبريجين على أن طبيعة السياسة الخارجية الروسية تكمن في تجنيب إجبار العوامل في الخارج من تغيير طبيعة السلطة في الدول الأخرى، معتبراً أن موسكو تفضل التنسيق مع الواقع الذي يتولد داخل البلاد ويستحسن أن يحصل بدون التدخل الخارجي أو على أقل مع تأثير الغير ملحوظ.

وأكد على أن هذه السياسة هي الطريقة التي تأمّن الاستقرار الأكثر للسلطة، لذلك تعتبر روسيا أن وجود أو عدم وجود بشار الأسد يعود قراره إلى الشعب السوري والمجموعات السياسية السورية، وأية إرادة سورية تتوافق معها روسيا في آخر الأمر، مشيراً إلى الصلة التاريخية العميقة بين البلدين.

 

خطة المجلس العسكري ليست جديدة

ومن جهته، كشفت شخصية قريبة من العميد مناف طلاس، فضّل عدم الكشف عن اسمه وهويته، بأنّ خطة تشكيل المجلس العسكري للإشراف على المرحلة الانتقالية في سوريا “ليست بالجديدة وتُعتبر أفضل الحلول”.

وأوضح المصدر أنّ “شخصية العميد مناف متفقٌ عليها دولياً وداخلياً، وتوجد شخصيات بالنظام السوري توافق أفكاره ورؤيته، كما أنّ المعارضة لا تملك خياراً ومشروعاً أفضل”.

ولفت إلى أنّ المعارضة فشلت على مدى سنوات من إيجاد طريق حلّ وبديل منطقي وفعّال عن النظام السوري يُرضي المجتمع الدولي ويضمن مصالح الدول عموماً.

وبيّن أنّ أطروحة المجلس العسكري “ليست خارج قرارات الأمم المتحدة وجنيف، وكانت من بين خطط المبعوث الأممي السابق، ستيفان ديمستورا، من ضمن ثلاث مراحل: مجلس عسكري وهيئة حكم انتقالي ومؤتمر وطني”.

وقال إنّ: “العميد مناف حافظ خلال سنوات وبعد انشقاقه على عدم الانخراط أو الانجرار مع أي تيّارٍ كان وبقي حاملاً لرأي ثابت، ويرغب بالعمل لأجل كلّ السوريين وليس لفئة على حساب أخرى”.

 

تقسيم البلاد

وبحسب المصدر، فإن الحل البديل عن المجلس العسكري المطروح على الطاولة هو “تقسيم البلاد وحينها ستزيد الكارثة ولن تقبل كل الأطراف بها، ويُعتبر أمراً مرفوضاً من السوريين”.

وأشار المصدر إلى أنّه “لا يوجد أحد قادر على إيجاد حل يخرج السوريين من نفق المعاناة على مدى 10 سنوات، لذلك لابدَّ من القبول بالحل الأفضل وإنهاء المأساة ولو تدريجياً؛ وذلك أفضل من الاستمرار بالسير بدائرة مغلقة بحثاً عن مطالب غير مدروسة”.

وأكّد أنّ المجلس العسكري هو الضامن الأفضل للمرحلة الانتقالية والقادر على نزع السلاح العشوائي حتى لا تتجه البلاد إلى الانفلات الأمني، كما أنه قادر على توحيد وإعادة تشكيل الجيش السوري وفق الرؤية الشعبية المطلوبة، وقادر على الحفاظ على مؤسسات الدولة، ويستطيع أن يحمي البلاد حتى تنتقل إلى مرحلة “تصبح جاهزة لانتخابات نزيهة وحرّة تقود إلى الهدف المنشود”.

 

بديل للأسد أم مجرد أطروحة

ومع استمرار الحديث بتباين حول أطروحة المجلس العسكري بقيادة مناف طلاس، فلا بدَّ من التذكير هنا أن أخباراً مماثلة طرحت خلال عامي 2015 و2017.

 

وعلى الرغم من أنّ طلاس انشق عن النظام السوري عام 2012، إلا أنه بقي بعيداً عن وسائل الإعلام وعن الأضواء، وآخر ظهورٍ علني له كان في شهر مايو من العام الفائت، حين طرح ذات الفكرة المتمثلة بمجلس عسكري يقود المرحلة، ويتكون من 12 ضابطاً من الداخل والخارج، ويضمن تنفيذ الاتفاقيات الدولية وأبرزها القرار 2254.

اقرأ أيضاً: بعد غياب طويل.. مناف طلاس يتحدث عن سيناريو المرحلة المقبلة والحل الوحيد في سوريا

 

وبدوره يستمر النظام السوري بتجاهل الحديث عن أي مرحلة دون الأسد، حيث يواصل استعداداته لإجراء انتخابات رئاسية منتصف العام الجاري، يجدد خلالها الأسد ولايته الرئاسية شكلياً ويضرب بعرض الحائط القرارات الدولية، ويزيد بذلك من معاناة السوريين المعيشية والاقتصادية وعزلته السياسية.

 

إعداد: سامية لاوند – جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى