علوم وتكنلوجيا

إحياء صور الموتى بتقنية التزييف العميق تثير جدلاً بين إعادة الأحبة أو استخدامها للخداع والابتزاز

 

تعتمد تقنية “التزييف العميق” الحديثة على فكرة إحياء وتحريك صور الراحلين، إن كانوا من الأقارب الذين نشتاق لرؤيتهم، أو الشخصيات العالمية البارزة.

 

تقنية التزييف العميق

 

قدّم موقع علم الأنساب “ماي هريتج”، أداة تستخدم تقنية التزييف العميق، لتحريك الوجوه في الصور، وأقرّت الشركة أن بعض الأشخاص قد يجدون الميزة، المسماة “ديب نوستالجيا” مفزعة، بينما قد يعتبرها آخرون “سحرية”.

وقالت إن الميزة لم تتضمن إضافة الكلام، لتجنب خلق “أشخاص مزيفين” واستخدام الثور بطرق غير مشروعة، و ذلك بالتزامن مع دراسة الحكومة البريطانية تشريعات بشأن تقنية التزييف العميق.

وتدرس اللجنة القانونية مقترحات لجعل إنشاء مقاطع فيديو مزيفة دون موافقة أمراً غير قانوني، ومنع الإقدام على ما ينتهك خصوصية الآخرين.

 

مخاطر تضمين الكلام

 

وأشارت شركة “ماي هريتج” إلى أنها تعمّدت عدم تضمين الكلام في الميزة “من أجل منع إساءة استخدام التطبيق، مثل إنشاء مقاطع فيديو مزيفة لأشخاص أحياء”.

وكتبت في خانة الأسئلة الشائعة حول التكنولوجيا الجديدة “هذه الميزة مخصصة للنوستالجيا، أي لإعادة الأسلاف المحبوبين إلى الحياة”.

اقرأ أيضاً:

علماء الأحياء: الديناصورات ربما سبقت الإنسان في الوصول إلى القمر

وتطرقت إلى أن “بعض الناس يحبون ميزة ديب نوستالجيا ويعتبرونها سحرية، بينما يجدها آخرون مفزعة ولا يحبونها”.

وأضافت: “النتائج يمكن أن تكون مثيرة للجدل، ومن الصعب البقاء غير مبالين بهذه التكنولوجيا”.

 

مقاطع فيديو للأسلاف

 

التزييف العميق هو مقاطع فيديو يتم إنشاؤها عبر الكمبيوتر باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتم تطوير التكنولوجيا الكامنة وراء “ديب نوستالجيا” بواسطة شركة “دي- آي دي” الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً:

للمرة الأولى فيديو يظهر أرض المريخ بوضوح

واستخدمت الذكاء الاصطناعي ودربت خوارزمياتها على مقاطع فيديو مسجلة مسبقاً لأشخاص أحياء يحركون وجوههم ويومئون بأيديهم.

وقام موقع “ماي هريتج”، بإحياء الشخصيات التاريخية مثل الملكة فيكتوريا وفلورنس نايتنغال، وفي وقت سابق من هذا الشهر، احتفالاً بعيد ميلاده، وضعت الشركة مقطع فيديو، لأبراهام لنكولن، على يوتيوب باستخدام هذه التكنولوجيا، ويظهر الرئيس الأمريكي السابق بالألوان، وهو يتحدث.

وبدأ الناس في نشر مقاطع فيديو أسلافهم المعاد إحيائهم على تويتر، مع ردود متباينة، ووصف البعض النتائج بأنها “مذهلة” و”عاطفية” بينما أعرب آخرون عن قلقهم.

وأنشأت القناة الرابعة البريطانية، نهاية العام الفائت، ملكة مزيفة قامت بتوجيه رسالة بمناسبة عيد الميلاد، كجزء من تحذير حول كيفية استخدام التكنولوجيا لنشر أخبار مزيفة.

 

بحث يكشف خطورة التزييف العميق

 

ومن جانبها، قامت مؤسسة “ديب تريس” للأمن الإلكتروني، بإجراء بحث على تقنية التزييف العميق، ورصد الباحثون إنتاج 14698 مقطع فيديو على الإنترنت، مقارنة بـ 7964 مقطعاً في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وقال الباحثون إن 96 في المئة من المواد كانت إباحية في طبيعتها، وغالباً ما يكون الوجه لشخصية شهيرة يستبدل بها وجه الممثل الأصلي المصور في المشهد الحقيقي.

وعلى الرغم من أن العديد من الموضوعات المعروضة كانت لممثلات أمريكيات وبريطانيات، إلا أن الباحثين وجدوا أن مغنيين بوب من كوريا الجنوبية قد استُخدموا أيضاً بكثرة في إنتاج مقاطع فيديو مزيفة، مما يؤكد أنها ظاهرة عالمية.

وسلط البحث الضوء على إمكانية استخدام تقنية “التزييف العميق” في الحملات السياسية، وعلى الرغم من ذلك من الواضح أن الخطر الحقيقي في الوقت الراهن يكمن في استخدام التكنولوجيا في أغراض الانتقام الإباحي والابتزاز والتنمر عبر الإنترنت.

ومن جانبه، قال رئيس تحليل الأبحاث في في مؤسسة “ديب تريس” هنري أجدر: ” إن الكثير من المناقشات التي تثار بشأن تقنية التزييف العميق تخطىء الهدف.

وأضاف : “يدور النقاش حول السياسة أو الاحتيال والتهديد على المدى القريب، لكن الكثير من الناس ينسون أن المواد الإباحية المثيرة للقلق تعد ظاهرة حقيقية للغاية، وتؤذي الكثير من النساء”.

 

مقاطع مزيفة مقابل أموال طائلة

 

ويعد وجود مؤسسة “ديب تريس” في حد ذاته دليلاً على سرعة انتشار ظاهرة “التزييف العميق” على نحو أصبح مصدر قلق للشركات والحكومات.

وتصف المؤسسة مهمتها بأنها تهدف إلى “حماية الأفراد والمنظمات من الآثار الضارة الناجمة عن الوسائط التي تستعين بتقنيات الذكاء الاصطناعي”.

واستخدم مصطلح “التزييف العميق” لأول مرة في تقرير نشره موقع “ريديت” في عام 2017، وأوضح هذا التقرير أنه في غضون عامين فقط، سيستفيد قطاع التكنولوجيا بأكمله من هذه الظاهرة.

اقرأ أيضاً:

بعد أيام من الوصول إلى المريخ الإمارات تحدد موعد إطلاق القمر الصناعي “ظبي سات” ومصادر تكشف التفاصيل

واكتشفت مؤسسة “ديب تريس” أن مواقع الإنترنت الإباحية الأربعة الرائدة التي تستخدم تقنية التزييف العميق، وتدعمها الإعلانات، جذبت 134 مليون مشاهدة لمقاطع الفيديو الخاصة بها منذ فبراير/شباط 2018.

وتنتشر حالياً التطبيقات التي تجعل من الممكن إنتاج مثل هذه المواد، وأحد هذه التطبيقات يسمح للمستخدمين بخلع ملابس موضوعة بطريقة مصطنعة على صور ثابتة لنساء، ويصل سعر التطبيق إلى 50 دولارا، مقابل إزالة العلامة المائية من على كل منتج نهائي لمادة.

وسجلت زيارات موقع التطبيق زيادة بعد كتابة مقال نقدي بشأن هذا الموضوع.

لكن البرنامج لا يزال موجوداً، حيث تم إعادة إصداره من جانب منتجين آخرين يسعون إلى الاستفادة منه.

وأكد خبير مستقل أن البرامج الأخرى سهلت إنتاج مقاطع فيديو مزيفة مقارنة بما سبق.

وقالت كاتيا بيجو، الباحثة الرئيسية في مؤسسة”نيستا” للابتكار: “أصبح من الممكن الآن إنتاج مادة باستخدام التزييف العميق عن طريق الاستعانة بكم صغير فقط من مواد الإدخال، إذ تحتاج الخوارزميات إلى كم أقل من مقاطع الفيديو أو الصور لمعالجتها”.

وأضافت: “بما أن التكنولوجيا تتقدم بسرعة كبيرة، فمن المهم بالنسبة لصانعي السياسة أن يفكروا الآن في الاستجابات المحتملة. ويعني ذلك النظر في تطوير أدوات الاكتشاف ورفع الوعي العام، والنظر أيضاً في الديناميكيات الاجتماعية والسياسية الأساسية التي تجعل التزييف العميق المحتمل يتسم بالخطورة الشديدة.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى