حورات خاصةسلايد رئيسي

من يحكم الجزائر اليوم وماهي الفئات الثلاث التي خرجت في الاحتجاجات ومصير إصلاحات الرئيس “تبون”

لا تزال الجزائر تتنفس نسمات الثورة الناعمة، التي حصدت جزءاً من حقوق الشعب خلالها، بعد أن أطاحت بالرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة وبعض رموز نظامه، إلا أن الشعب الجزائري يطمح للمزيد من الإصلاحات والتغييرات الجذرية التي تنهض بالبلاد.

ورغم أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تبنّى مسيرة إصلاح وتطوير إلا أن المحتجين في الجزائر يؤكدون على أن نهج التغيير بطيء مقارنة بهمم الجزائريين، فيما يرى تيار جزائري أن النظام الجديد يعتبر امتداداً لنظام عبد العزيز بوتفليقة مع تغيير بعض الأسماء فقط.

ولمعرفة من يحكم الجزائر فعلياً اليوم وماهي مطالب الشعب الجزائري من الرئيس “تبون” ومدى قدرته على الاستجابة، وفعالية التغييرات التي جرت خلال عامين، حاورت “وكالة ستيب الإخبارية”، الدكتور إدريس ربوح، رئيس جمعية الجزائريين الدولية ومجلس العمل الأفريقي بمجلس التعاون الأفروآسيوي.

من يحكم الجزائر اليوم وماهي الفئات الثلاث التي خرجت في احتجاجات ومصير إصلاحات الرئيس "تبون"
من يحكم الجزائر اليوم وماهي الفئات الثلاث التي خرجت في احتجاجات ومصير إصلاحات الرئيس “تبون”

الحراك الشعبي في الجزائر مستمر

يقول الدكتور إدريس: “الحراك الشعبي لم يتوقف إلا بسبب ظروف الأوضاع الصحية التي فرضتها ولازالت جائحة كورونا سنة 2020 حتى وإن تراجع قبل ذلك في سنة 2019 لأسباب تتعلق بأنه لم تعد المطالب موحدة بعد دخول شعارات ومطالبات لم تُجمع عليها مكونات الحراك، خاصة بعد تحقيق هدف استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الحراك الشعبي القوي وانحياز المؤسسة العسكرية لمطالب الشعب، ثم بداية محاكمة رموز حكمه من رؤساء الحكومات والوزراء والولاة والمجموعات المالية المستفيدة من نظامه، والذين شكّلوا عصابة كانت تحكم خارج الأطر الدستورية مستغلين وضعه الصحي، حيث مكّن لهم قبل تدهور وضعيته الصحية ليستمروا في الحكم بالفساد، مما أوصل الأمور إلى درجة التعفن لمّا أرادوا أن يرشحوه لعهدة خامسة وهو الشخص المقعد”.

ويؤكد أن الحراك بعد أسابيعه الأولى لم يعد حراكاً شعبياً جامعاً، حيث بقي جزء من الشعب في الشوارع والجزء الآخر انخرط في المسار الدستوري عن طريق المشاركة في الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر 2019، والتي أوصلت الرئيس عبد المجيد تبون لرئاسة الجمهورية، والذي سعى أن يعمق شرعيته من خلال تنظيم استفتاء للدستور، لكن نسبة المشاركة كانت ضعيفة وكذلك نسبة المشاركين بالموافقة عليه.

وأضاف: “ساهم كذلك غياب الرئيس عبد المجيد تبون لعدة أشهر خارج الوطن بسبب العلاج، في إبطاء الحركة السياسية التي أحدثتها الانتخابات الرئاسية وتراكم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمتها جائحة كورونا وتراجع النشاط الاقتصادي وغلق الحدود البرية والجوية للبلاد وتضرر الكثير من هذا الوضع الاستثنائي، ليجد الكثير من الذكرى الثانية لانطلاقة الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019 فرصة للاحتجاج والعودة إلى الشوارع حتى وإن اختلفت الأهداف والمطالب”.

 

المتظاهرين في الشارع ثلاثة أنواع

يعتبر “ربوح” أن المتظاهرين أنواع وأشكال منهم من ينطلق من حالة الغضب من تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتداعيات تراجع النشاط الاقتصادي، ومنهم من خاب أمله في الفريق الحاكم رغم انخراطه في المسار الدستوري ويريد الإتيان بحكومة قوية وقرارات أقوى لمواجهة الوضع، ومنهم من مازال مُصرّ على مسارات سياسية أخرى تتنوع بين المطالبة بمرحلة انتقالية وبين المطالبة بمسار تأسيسي.

اقرأ أيضاً: قرار رئاسي حول 59 معتقلاً في الجزائر شاركوا بمظاهرات ضد الحكومة

 

وحول الإصلاحات التي بدأ العمل عليها الرئيس “تبون” يشير إلى أنها جاءت متأخرة ولم تستفد من زخم المسار الدستوري الذي أحدثته الانتخابات الرئاسية إضافة لعدم القراءة السليمة لرسائل عملية الاستفتاء على الدستور، والهروب نحو الأمام وعدم الحرص على الحوار الدائم مع مختلف الشركاء في الطبقة السياسية والمجتمع المدني ومكونات الحراك الشعبي في فترة توقف الحراك بسبب الجائحة، والتي تعتبر كانت فرصة لكسب المزيد من ثقة أكبر قدر ممكن من الفاعلين.

ويقول: ” الإصلاحات رغم أهميتها فهي متأخرة وتحتاج المزيد من القرارات والإجراءات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، لإعادة تفعيل المسار الدستوري وتقويته، ورغم ذاك هناك شريحة لن تتنازل عن مطالباتها الراديكالية لأنها ترى الفرصة تاريخية لها لفرض شروطها، وهي شريحة تعرف محدوديتها الشعبية رغم قوتها المالية والسياسية والدعم الخارجي الذي تحظى به”.

ويتابع: “على السُلطة أن تحرص على تلبية المطالب المشروعة للقوى الأكثر تمثيلاً للشعب والتي أكدتها أكثر من ثلاث عقود من التعددية السياسية ولا تكون أسيرة ابتزاز الأقلية حتى وإن امتلكت وسائل التأثير، لكن الذهاب إلى انتخابات حقيقية للمجالس الشعبية الوطنية والولائية والبلدية كفيل بوضعها في مكانها الطبيعي”.

 

من يحكم الجزائر اليوم

في ظل الحديث حول نظام الرئيس الجزائري “تبون” ووجود شرائح مختلفة من المحتجّين ومن السياسيين في البلاد، يتبادر السؤال حول من يحكم الجزائر اليوم، وهل السُلطة الحالية هي امتداد للنظام القديم؟

وحول ذلك يجيب الدكتور إدريس ربوح: “التيارات السياسية والإيديولوجية متواجدة في دواليب الحكم المختلفة، حيث يسمح النظام السياسي بتواجده وفق مقارباته لتسيير الحياة السياسية، فمنها من يحرص على المشاركة في الحكم ويتحمل تبعات ذلك، ومنهم من يحرص على البقاء ظاهرياً في المعارضة ويضغط ويبتز السُلطة للسماح له بالتواجد في منظومة الحكم دون أن يتحمل تبعات ذلك، فالسُلطة الحالية لا لون سياسي لها وتتعامل مع الجميع وفق موازين القوى التي تحددها هي لأنها مازالت لها اليد العليا على الأيادي السفلى لمكونات الطبقة السياسية التي لم تصل بعد إلى القوة الكافية إلى الوصول إلى انتقال ديمقراطي حقيقي مما يساهم في بقاء نفس النخب الحاكمة في السلطة”.

 

ديمقراطية جزائرية بنفس طويل

يتحدث “ربوح” أيضاً عن أنّ الجزائر منذ بداية التعددية السياسية التي جاء بها دستور 1989 بعد حوالي ثلاث عقود من حكم الحزب الواحد وهي تعيش عملية ديمقراطية بطيئة لم تستطع أن تصل إلى تحول ديمقراطي حقيقي، وهذا ما يؤدي إلى انتفاضات شعبية لتسريع مسار الانتقال الديمقراطي والمزيد من تكريس الحريات العامة والخاصة وتحقيق العدالة الاجتماعية والمطالبة بتوزيع عادل للثروة والسُلطة.

ويضيف: ” ما يميز الحراك الشعبي الجزائري، وهو أطول حراك في العالم، بأنه حراك سلمي وذو نفس طويل ومتنوع بين الحضور في الشوارع والميادين وبين من يتعاطى مع مقترحات السُلطة والجميع في تحالفات متحركة تبعاً لتطور الأحداث محلياً وإقليمياً ودولياً، فهو حراك شعبي واعي استفاد من تجارب الشعب الجزائري السابقة ولهذا فإن المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية تتعامل هي الأخرى بسلمية مقارنة بتجارب الجوار العربي”.

 

هل من ثورة جديدة في الجزائر؟

حول نجاح التعاطي مع تطلعات الشعب الجزائري أو اندلاع ثورة شعبية جديدة يؤكد أن الأمر متعلق بنجاعة الإجراءات والقرارات التي يتخذها الرئيس وحكومته في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، كما أن سرعة التكفل بجميع المطالب والمضي قدماً في إطلاق موقوفي الحراك وبسط مناخ من الثقة التي ترضي الأغلبية الشعبية، ويشير هنا إلى أن ذلك لا يهم في إرضاء أصحاب الأجندات العدمية الذين لابد أن تدرك السلطة أنها تتحرك في محيط معادي للجزائر نظراً لموقفها من القضية الفلسطينية مما يجلب لها متاعب من دول لا يرضيها تفرد الجزائر بموقفها المتميز في دعم القضايا العادلة.

 

حاوره: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى