حورات خاصةسلايد رئيسي

خبير اقتصادي يشرح أسرار الأزمة الاقتصادية في لبنان وأسباب انهيار الليرة اللبنانية وسقفها المتوقع

وصلت الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى مستويات تاريخية نتيجة تراكم للمشاكل السياسية والمالية، وتعطيل بعض الأطراف للعمل على تحسين الأوضاع في البلاد حتى تبقى تعود عليه بالفائدة، مما سبب بكوارث معيشية على الشعب اللبناني، كما أوقع ذلك الليرة اللبنانية بانهيار تاريخي قد يستمر في ظل غياب مؤسسات الدولة الفاعلة التي تلاحق الفساد والفاسدين.

 

ولمعرفة تفاصل الأزمة الاقتصادية في لبنان وكيف تحولت من مشاكل مصرفية إلى انخناق تاريخي للعملة الوطنية، ومن هي تلك الجهات المستفيدة من الوضع الراهن في لبنان ومستقبل هذا الوضع، التقت وكالة ستيب الإخبارية، الخبير الاقتصادي والمالي اللبناني، الدكتور بشير المر.

أسباب انهيار الليرة اللبنانية وسقفها المتوقع.. خبير اقتصادي لبناني يشرح أسرار الأزمة الاقتصادية في لبنان
أسباب انهيار الليرة اللبنانية وسقفها المتوقع.. خبير اقتصادي لبناني يشرح أسرار الأزمة الاقتصادية في لبنان

الأزمة الاقتصادية في لبنان متراكمة منذ التسعينات

يوضح الدكتور بشر المر أنّ أسباب أزمة لبنان هي سياسية وجيوسياسية في المنطقة، أدت إلى وضع اليد على المصارف ووضع يد المصارف على الودائع لتشعل فتيل الأزمة في لبنان.

ويقول: “المشكلة الحقيقية ليست مالية بقدر ماهي مشكلة سيولة مصرفية بدأت منذ 1992 بعد توظيفات غير صحّية لسندات الخزينة”.

ويتابع: “بدأ الدولار في لبنان بعد الحرب عام 1990 بقيمة نحو 500 ليرة، ثم قفز قفزة خلال عامين لأكثر من 3000 آلاف ليرة، ثم أعيد تخفيضه لحدود 1005 ليرة مقابل الدولار عام 1999، وخلال هذا الوقت أعطيت فوائد عالية جداً على سندات الخزينة، مما أجبر الاقتصاد اللبناني لاحقاً ليصبح اقتصاد ريعي غير مُنتج”.

ويتحدث عن أنه وبعد أن وضع اللبنانيين أموالهم في المصارف تم توزيع الأرباح بشكل غير سليم، حيث كانت الدولة تدفع سنوياً شيء بسيط للمصارف من أرباح الفوائد “الوهمية”، مقابل شراء سندات بباقي الأموال، وتراكمت السندات لدى المصارف مقابل تسجيل الأرباح بالميزانيات، وبالتالي قامت تلك المصارف بتوزيع أرباح من الودائع لعدم وجودة السيولة النقدية الكافية، حتى تراكمت أيضاً كميات كبيرة من السندات فاقت الدين العام نفسه.

ويشير إلى أنه في بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان كان حوالي 140 مليار دولار ودائع للمصارف في مصرف لبنان، مقابل 185 مليار دولار ودائع للناس لدى المصارف.

ويضيف: “نتيجة انخفاض تحويلات اللبنانيين من الخارج بدأت تتضح الضغوطات على المصارف، حتى تم وضع اليد عليها مما خلق أزمة سيولة هائلة، وحاول بعدها المركزي عبر بيانات “ملغومة” تدارك الأمر”.

ويؤكد الخبير الاقتصادي اللبناني أنّ كل هذه العوامل المتراكمة منذ عام 1992 حتى 2019 جعل اقتصاد لبنان اقتصاد ريعي غير مُنتج، حيث كان سعر 1005 ليرة للدولار هو سعر سياسي غير حقيقي، وقد استفاد منه الكثير ببناء ثروة من خلال التحويل من الليرة إلى الدولار، وإلى جانب “وهم الخطر” المحيط بالليرة تمكّن المصرف المركزي من الحفاظ على هذه الأسعار كل هذه المدة رغم التكاليف، ليتحول البلد إلى بلد مُستهلك بالدرجة الأولى يصل نسبة المواد المستوردة فيه إلى 85 بالمئة من المواد المتوفرة بالسوق المحلية.

 

السياسية هي الدور البارز في الانهيار

وحول اللعبة السياسة وتشتت الأطراف الفاعلة في لبنان، وتعطيل بعضها لتشكيل حكومات وأخرى تماطل في الدور الموكل إليها، يشير الدكتور “المر” إلى أن الجانب السياسي له دور كبير بالأزمة.

ويقول: “سابقاً كان هناك تعتيم حول ما يجري بالمصارف، وحين جاء الوقت للضغط سياسياً في لبنان استعملت المصارف تحت مظلة أزمة سيولة، واليوم الأزمة ليست أزمة مالية حيث لا زال يوجد بحدود 145 مليار دولار بالبلد رغم الأزمة”.

 

إلى أين سيصل سعر الصرف وما الإجراءات العلاجية؟

وصل مؤخراً سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل العملات إلى أرقام تاريخية، حيث تجاوز قيمة 11 ألف ليرة مقابل الدولار، ثم عاد ليتراوح بين رقمي 10 آلاف إلى 10800 ليرة، فيما تشهد الأسواق مضاربات بين الصرافين ومحاولة سحب الدولار من الأسواق.

ويقول الدكتور “المر”: “ما يجري لقيمة الليرة لا يمكن توقعه في ظل الوضع السياسي الضبابي، ولا أحد يستطيع تقدير ما يمكن الوصول له نتيجة قطع الطرقات وتلاعب المنصات وغيرها، وعلى سبيل المثال يوم السبت الفائت رفع قيمة الدولار ألف ليرة لبنانية إضافية بدون مبرر رغم عدم وجود الطلب والعرض”.

اقرأ أيضاً: انهيار تاريخي.. الليرة اللبنانية تسجّل أدنى مستوى لها أمام العملات مع إغلاق تعاملات السبت

 

ويوضّح بأن القضاء اللبناني بدأ إجراءات رغم تأخرها، مثل إيقاف منصات محددة ومتابعة بعض الصرافين، ورغم ذلك لا تزال الإجراءات خجولة، ويشر إلى أن مؤسسات الدولة لم تقوم بدورها، مثل المجلس النيابي الذي لم يلعب دوره بالأمر، بينما بعض وزراء الحكومة كان لهم دور سلبي بالأزمة.

ويلفت الخبير الاقتصادي اللبناني إلى أن المصرف اللبناني قام خلال الأزمة الاقتصادية في لبنان بسياسات “مشبوهة”، من خلال مشاركة المصارف وكبار الصرافين بالتلاعب بالأسعار، وضخ الليرة بكميات كبيرة ليأمن شراء كل الدولار بالسوق، مقابل الزعم بأن المخزون يتناقص.

 

هل هناك ارتباط بين الأزمة الاقتصادية في لبنان ونظيرتها في سوريا؟

يؤكد الدكتور بشير المر أن هناك ارتباط كبير بين الوضع القائم في لبنان والوضع القائم في سوريا، ويتحدث عن أنه منذ عام 2011 واندلاع الاحتجاجات في سوريا انتقلت أموال السوريين إلى المصارف اللبنانية، ووضعت اليد عليها مثل أموال اللبنانيين، إضافة إلى قانون قيصر الذي أدى إلى قطع العلاقات.

ويقول: “الوضع سيبقى قائماً مادام الوضع الجيوسياسي بالمنطقة كما هو دون تغيير، وأي حلحلة تلوح بالأفق ستنعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي”.

ويشير في ذات الحديث إلى أن الأزمة الاقتصادية في لبنان سببت انخفاض بالدخل، مما أدى إلى هجرة أصحاب الخبرات، معتبراً أن هذا وضع كارثي أدى إلى إفراغ البلاد من الأموال ومن طاقاتها الإنتاجية وهي مقومات اقتصادية أساسية، وهذا خطر كبير على مستقبل لبنان.

اقرأ أيضاً: ماذا يحدث في لبنان.. تهافت على شراء المواد المدعومة وضرب وتكسير من أجل علبة حليب (فيديو)

حكومة جديدة بالانتظار والمحتجون فقدوا “الصبر”

ومع استمرار رئيس الحكومة اللبنانية المكلّف، سعد الحريري، مشاوراته المحلية والإقليمية في محاولة لإيجاد بارقة أمل من أجل إعلان عن حكومته الجديدة التي ستتسلم ملفات اقتصادية منهكة وأخرى منهارة في وضع جيوسياسي معقّد، واصل المحتجون اللبنانيون الضغط من خلال قطع الطرقات والخروج باحتجاجات بالعديد من المناطق اللبنانية، فيما تحاول بعض الأطراف استغلال هذا الفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي في لبنان من أجل مصالحها، وفي ظل ذلك سيبقى لبنان على وقع الأزمة الاقتصادية إلى حين الانفراجة الأولى المنتظرة.

 

حاوره: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى