أخبار العالم العربي

ماذا فعل قائد فيلق القدس الإيراني في بيت مقتدى الصدر بالنجف؟

في الثامن من فبراير/شباط الماضي، التقى رجلان من ذوي النفوذ، أحدهما رجل الدين العراقي البارز مقتدى الصدر، والآخر قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني وكلاهما من أبناء الشيعة، لمناقشة مستقبل السياسة العراقية ودور إيران المهيمن فيها “لكن الأمور لم تسر على ما يرام”، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

ماذا فعل قائد فيلق القدس الإيراني في بيت مقتدى الصدر؟

في التفاصيل، قال التقرير إن اللقاء كان في منزل رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي قاتل القوات الأمريكية خلال سنوات الاحتلال الأمريكي للعراق، وله ملايين من المؤيدين المخلصين في أنحاء البلاد ذات الأغلبية الشيعية، بعضهم عناصر بفصائل مسلحة.

أما إسماعيل قاآني فهو قائد فيلق القدس، جناح الحرس الثوري الإيراني المسؤول عن العمليات العسكرية والاستخباراتية خارج الحدود الذي يستخدمه نظام الحكم الشيعي في طهران لبسط هيمنته في الخارج، وهو المكلف من قِبل طهران بالحفاظ على نفوذها في العراق.

ونقلت رويترز عن أربعة مسؤولين عراقيين وإيرانيين مطلعين على تفاصيل المقابلة التي استغرقت نصف الساعة بمدينة النجف، استقبل الصدر القائد الإيراني “بجفاء واضح”.

وأوضحت المصادر الأربعة أن الصدر وضع على كتفيه كوفية الجنوب العراقي بلونيها الأبيض والأسود وعباءة بنيّة، في هيئة محلية متعمدة تتناقض مع الثياب السوداء بالكامل والعمامة الشيعية التي يعتمرها عادة في المناسبات العامة.

كان ملبس الصدر، حسبما قال المسؤولون، ينقل رسالة سياسية قومية خلاصتها “العراق كدولة عربية ذات سيادة، سيشق طريقه بنفسه، دون تدخلات من جارته الفارسية، على الرغم من الروابط الطائفية بين البلدين”.

ووفق أحد المسؤولين “تحدى الصدر القائد الإيراني وقال: ما علاقة السياسة العراقية بكم؟… لا نريدكم أن تتدخلوا”.

وكان مقتدى الصدر “يغمره شعور بالثقة بعد سلسلة من المكاسب السياسية حققها تحالفه العراقي الناشئ (إنقاذ وطن) أمام إيران وأنصارها العراقيين من الشيعة مثله لكنهم يرون طهران أفضل حليف للحفاظ على السلطة وكبح نفوذ متجاوز سواء من الغرب أو من دول عربية سنية”، حسبما ذكر المسؤولون.

كما أوضح التقرير أنه رغم مساعي الصدر للبقاء في موقع يتجاوز معترك السياسات التحزبية، ورغم إحجامه عن السعي لاقتناص منصب لنفسه “ظل قوة حاسمة في العراق طوال العقدين الماضيين منذ الغزو الأمريكي والإطاحة بصدام حسين”.

وأضاف: “بالإضافة إلى ما حققه من سطوة في صندوق الاقتراع عبر جحافل الناخبين الصدريين، تمكن من إدخال مساعديه في وزارات مهمة ووظائف حكومية عليا أخرى، بما يضمن له إحكام قبضته على جانب كبير من مفاصل الدولة العراقية”.

ففي عام 2019، انضم أنصار مقتدى الصدر إلى احتجاجات مناهضة للفساد أطاحت بحكومة قادتها أحزاب متحالفة مع إيران.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تفوق مؤيدوه على تلك الأحزاب في الانتخابات البرلمانية، مما فتح الباب أمام تشكيل حكومة يمكن أن تُخرج العراق بالكامل من فلك إيران.

ماذا فعل قائد فيلق القدس الإيراني في بيت مقتدى الصدر بالنجف؟
ماذا فعل قائد فيلق القدس الإيراني في بيت مقتدى الصدر بالنجف؟

قائد فيلق القدس الإيراني انتظر الاجتماع لأشهر!

وفقاً للتقرير، كان القائد الإيراني “متوجساً، وظل يسعى إلى الاجتماع لأشهر، ودأب على زيارة العراق، وفي مرة صلى علانية عند قبر والد الصدر”.

ونقل المسؤولون الإيرانيون عن قاآني، قوله إنه “إذا ضم مقتدى الصدر حلفاء طهران إلى أي ائتلاف، فستعتبر إيران الصدر الشخصية السياسية الشيعية الرئيسية بالعراق”، وهي إيماءة ليست بالهينة بين القيادة الشيعية المنقسمة، بحسب رويترز.

يذكر أنه في الأشهر الأخيرة، لم يشكل مقتدى الصدر وحلفاؤه ولا الأحزاب المتحالفة مع إيران ائتلافاً لخلافة الإدارة المؤقتة بقيادة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وهو مرشح توافقي يدير الحكومة إلى أن يقر البرلمان إدارة جديدة تحل محله حكومته.

مخاوف من حرب أهلية في العراق

تثير حَميّة مقتدى الصدر قلق الكثيرين ممن يخشون أن يؤجج التوتر الحالي مزيداً من القلاقل وربما مزيداً من العنف داخل العراق وفي أنحاء الشرق الأوسط.

ونقلت رويترز عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت: “إذا كنا نريد الاستقرار في الشرق الأوسط، فلن يتحقق هذا طالما تعتمل الاضطرابات العامة والمنافسات على السلطة في العراق، الذي سيصبح بعد ذلك ساحة للمنافسات الإقليمية”.

داخلياً، تخيف احتمالية تجدد إراقة الدماء الكثيرين، فالغزو الأمريكي هذا القرن والحرب الطويلة مع إيران في القرن الماضي ما زالا عالقين في الأذهان.

قائد أحد الفصائل المتحالفة مع إيران في جنوب العراق، قال لرويترز: “الصدر يمكن أن يقودنا إلى حرب شيعية على الشيعة”.

مقتدى الصدر

هذا وسطع نجم مقتدى الصدر (48 عاماً) لأول مرة باعتباره ابن السيد محمد صادق الصدر، الشخصية التاريخية في العراق التي ساعدت في قيادة المقاومة الشيعية لصدام. وقُتل الأب واثنان من أبنائه بالرصاص في كمين عام 1999 يُعتقد على نطاق واسع أن حكومة صدام دبرته.

ورث الصدر، الذي كان هو نفسه رجل دين شاباً بارزاً في ذاك الوقت، ولاء العديد من أتباع والده، وبعد الغزو الأمريكي عام 2003، عمل شيعة العراق على الخروج من هيمنة السُنة خلال سنوات حكم صدام، وارتبط الصدر بعلاقات طيبة مع إيران.

ويقول مستشارون ودبلوماسيون سابقون إنه “نجح بمساعدة طهران في تقديم نفسه كزعيم شعبوي يقاتل لطرد المعتدين الغربيين، ورأى في مقتدى الصدر الآلاف من المسلحين، الذين لا يزال كثير منهم يشكلون الفصيل المسلح التابع للصدر المعروف باسم سرايا السلام، زعيماً لهم”.

وتولى الشيعة زمام السلطة في بغداد اعتباراً من عام 2005، وفازوا بأغلبية في أول انتخابات برلمانية تحت الاحتلال الأمريكي.

بينما عززت الأحزاب الشيعية قبضتها في الانتخابات التالية اعتبر كثير من العراقيين على نحو متزايد أن حكوماتهم فاسدة ولا تركز إلا على السيطرة على الثروة النفطية والمحسوبية التي تتيحها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى