تحقيقات ستيبسلايد رئيسي

حراقات ترحين.. السوق المحلية لتجارة الذهب الأسود في شمال سوريا وجوكر النظام السوري المُنقذ بالأزمات

استدعت أزمة المحروقات في سوريا العودة إلى البدائل المتوفرة وخصوصاً بمناطق المعارضة السورية، حيث أقيم سوق نفط محلّي يوجد فيه حراقات بترول “حراقات ترحين”، وهي طريقة بدائية يتم من خلالها تكرير النفط يدوياً وضخه بالسوق المحلية ضمن مناطق المعارضة، في محاولة للتغلب علة نقص هذه المواد

 

سوق نفط الشمال.. حراقات ترحين

تقع منطقة ترحين بالقرب من مدينة الباب شمال حلب، وتسيطر عليها قوات المعارضة المدعومة تركيّاً، ويوجد فيها عدد كبير من مخيمات النازحين من مناطق السفيرة بحلب، ودير الزور، وحمص.

يقول النقيب أبو أسعد، وهو أحد ضبّاط قوات المعارضة المسيطرة على المنطقة، خلال لقاء مع “وكالة ستيب الإخبارية”: “منطقة ترحين تبعد عن منطقة الباب بمسافة ما يعادل تقريباً 20 كيلومتر شمال مدينة الباب، وأقرب النقاط عليها لقوات قسد هي منطقة ريف منبج في قرى أم جلود وأم عدسة والفارات، والمسافة بين ترحين وهذه القرى 25 كيلومتر خط نظر”.

ويضيف: “أقرب نقاط النظام السوري على ترحين هي السكرية في ريف الباب، والعريمة في ريف منبج، بمسافة ما يعادل 20 كيلومتر، إن كان من اتجاه الباب أو ريف منبج”.

صورة لأحد الحراقات البدائية وعامل سوري
صورة لأحد الحراقات البدائية وعامل سوري

معبر الحمران

يعتبر معبر الحمران هو نقطة الفصل بين مناطق سيطرة قوات قسد وقوات المعارضة الموالية لتركيا، وتمنع قوات المعارضة دخول الشاحنات من مناطق قسد، حيث يجري تفريغ حمولة النفط بشاحنات أخرى ضمن المعبر تنقلها إلى حراقات ترحين وحراقات الكوسا.

ويوضح النقيب أبو أسعد بأن كراج الحمران محاذي لمدينة منبج ويبعد عن القرى المسيطرة عليها قوات قسد بمسافة نحو 1 كيلومتر، من جهة قرية أم الجلود وقرية أم عدسة والفارات.

أما أقرب نقاط النظام السوري إلى معبر الحمران فهو في قرية أم جلود، ويشير القيادي ذاته إلى أن تلك النقطة شكلية وغير مفعّلة، بينما النقطة الثانية هي السكرية بريف الباب مع اختلاف المسافة بين السكرية وترحين وبين السكرية والحمران ما يعادل 30 كيلومتر.

ومن جهة جرابلس فهناك قوات قسد في قرية الشيوخ، والتي يفصل بينها وبين نهر الفرات، وتقدر المسافة بين الشيوخ وترحين مسافة ما يعادل 70 كيلومتر.

شاحنات على معبر الحمران
شاحنات على معبر الحمران

كيف يصل النفط إلى ترحين

تبدأ العملية بنقل النفط الخام من دير الزور وتحديداً من حقل العمر، إلى الرقة ثم الطبقة على جسر قلوزاق، ثم إلى منبج وبعدها إلى معبر (أم جلود) وهو ذاته معبر الحمران، والذي يقع بين مدينة منبج ومناطق “درع الفرات” التي يسيطر عليها قوات المعارضة المدعومة تركياً، ثم تقوم الشاحنات بتفريغ حمولتها في المعبر إلى شاحنات من طرف مناطق المعارضة والتي تنقلها إلى حراقات ترحين وحراقات أخرى تدعى “حراقات الكوسا” بريف جرابلس.

محمود سعيد، أحد سائقي الشاحنات التي تنقل النفط، يقول لـ”ستيب”: “حراقات ترحين فيها أكثر من ألف حراقة، أما حراقات الكوسا بحدود 500 حراقة، ويصل النفط الخام من دير الزور بشكل يومي”.

ويضيف: “يكلّف الطن الواحد من النفط الخام نحو 350 دولاراً أمريكياً، ويقدّر بنحو 5 براميل من النفط، أي أن البرميل الواحد يعادل تقريباً 70 دولار، ويستخرج منه بعد التكرير في الحراقات مواد البنزين والمازوت والكاز والفحم بنسبة 75%”.

ويوضّح “سعيد” بأنّ عدد الشاحنات التي تعمل في مجال النقل من وإلى دير الزور وترحين تصل بين ألف وألف وخمسمئة شاحنة نقل مخصصة لنقل النفط، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من الشاحنات تعود ملكيتها إلى فصائل مقاتلة في المنطقة.

وبحسب المعلومات المتطابقة من السائق ومصادر محلية فإن فصيل “أحرار الشرقية” و”الجبهة الشامية” و”السلطان مراد” و”فرقة الحمزة” يملكون السواد الأعظم من الشاحنات.

 

أتاوات طيلة الطريق

يتحدث محمود السعيد عن أن الطريق إلى ترحين يمر عبر حواجز متعددة لعدّة فصائل من قوات المعارضة الموالية لتركيا، وكل فصيل يفرض أتاوات عبور على الشاحنات لصالحه.

يقول السعيد: ” إن الأتاوات غير موجودة بمناطق قوات قسد ولا حواجز تعيق المرور، وهذه الأمور موجودة فقط في مناطق المعارضة الموالية لتركيا، حيث يُفرض دفع ١٠٠ دولار لكل حاجز تعبره من الحمران إلى أم جلود حتى ترحين، ومن ترحين إلى منطقة توزع بها المحروقات لمحطات الوقود، وعلى كل المواد حتى الشاحنات التي تحمل فحم تدفئة وهذا سبب غلائها للمواطن نتيجة دفع الأتاوات”.

ويشرح عن الحواجز وتبعيتها مشيراً إلى أن هناك حواجز لفصيل “أحرار الشرقية” تعمل بالدرجة الأولى كحماية وترفيق، ثم حواجز لفصيل “السلطان مراد” في مناطق تخضع لفرقة “السلطان مراد” في المنطقة قرب الراعي، وحواجز لفصيل “أحرار الشام” و”الجبهة الشامية” مع أنهم ضمن فصيل واحد لكنهم في عمليات فرض الأتاوات منفصلين، وأغلبهم من أبناء المنطقة في القرى المحيطة لترحين.

ومن جهته السائق محمود الخالد، قرر ترك العمل نتيجة الأتاوات التي تفرض عليهم خلال الطريق، ويقول: “آخر حمولة لي كانت من إدلب باتجاه منبج، وقد تعرضت لدفع ما يقارب 2000 دولار ضرائب فقط”.

ويشرح تفاصيل الضرائب والأتاوات، حيث يتحدث عن دفع 300 دولار لحواجز هيئة تحرير الشام في إدلب، ثم حواجز المعارضة فرضت بين 20 إلى 40 دولار لكل حاجز، ويبقى ذلك بحسب “الخالد” حتى الدخول لعفرين.

ويتابع: “مجرد الدخول لعفرين يجب دفع 25 دولار، بينما في اعزاز يفرض دفع 100 دولار على أحد حواجز قوات المعارضة “حاجز المعتصم”، أما في ساحة الغندورة يتم دفع 100 دولار ترفيق دون أي مرافقة، وفي ساحة الحمران فرض دفع 1500 دولار على صاحب البضاعة من أجل السماح لها بالدخول إلى منبج”.

 

تكلفة التكرير وخط ثاني للنقل

توضح المصادر المتطابقة خلال إفادتها لوكالة ستيب الإخبارية بأنّ كل حراقة كلفتها بين خمسة عشر ألف دولار إلى عشرين ألف وحتى خمس وعشرين ألف دولار أمريكي، بينما تحتاج كل حراقة عمالة بين ستة أشخاص إلى العشرة، وتشير المصادر إلى أن أغلب العاملين في حراقات ترحين من أهالي مدينة السفيرة.

أما تكلفة البرميل كما ذكرنا فتتراوح حتى 70 دولاراً للبرميل الواحد وتختلف بحسب الطريق والأتاوات التي تدفع على الحواجز.

فهد مسعود، سائق شاحنة يعمل بنقل النفط إلى الحراقات، يقول: “يوجد خط ثاني لنقل النفط يبدأ من محافظة الحسكة في بئر الرويس والذي يقع تحت سيطرة قوات قسد، وتبدأ الرحلة بتعبئة النفط الخام والمسير إلى الرقة ثم إلى منبج، وتحويلها من منبج إلى معبر الحمران لتفريغ الحمولة بصهاريج أخرى”.

ويبيّن أن هذه المرحلة الأولى وكلفة أجور النقل من المصدر إلى منبج حتى معبر الحمران نحو 15 دولار على الطن الواحد من النفط الخام، وتأخذ الشاحنة على حسب الحجم بين 30 إلى 40 طن، وثمن طن النفط الخام يتراوح بين 300 إلى 350 دولار.

أما المرحلة الثانية فتبدأ معبر الحمران إلى منطقة الكوسا التابعة لريف جرابلس، وأيضاً تل شعير التابعة لريف جرابلس، وترحين التابعة لريف الباب، بكلفة أجور النقل 6 دولار للطن الواحد، مع دفع صاحب الحمولة لحراقته الأتاوة للحواجز المنتشرة على الطريق والترفيق التابع لأحرار الشرقية، أما قبل انطلاقها يلزم التاجر بدفع رسوم دخول مادة النفط إلى المنطقة.

شاحنات نقل النفط شمال سوريا
شاحنات نقل النفط شمال سوريا

من هو محمود خليفة “هامور حراقات ترحين”

معظم من التقتهم وكالة ستيب الإخبارية أكدوا أن هناك شخصية تعتبر أكبر تجّار النفط من قسد إلى حراقات ترحين وغيرها، ويدعى محمود خليفة، ووصفوه بـ”هامور حراقا ترحين”.

يقول مصدر محلي من أبناء المنطقة، فضّل عدم ذكر اسمه، إن محمود خليفة من أبناء مدينة جرابلس، وهو أكثر من ينقل النفط الخام من قوات قسد إلى مناطق المعارضة، ورغم وجود العديد من التجّار إلا أن خليفة أشهرهم، كما أنه يمتلك عدداً واسعاً من حراقات النفط في ترحين.

 وتشير المصادر إلى أن “خليفة” ليس إلا أحد أذرع مجموعة “القاطرجي” في المنطقة، والتي تعبر أكبر الشركات التي تتاجر بالنفط وتتبع للنظام السوري، وتعمل ضمن مناطق النفوذ الثلاث (قسد والمعارضة والنظام).

ولا يقتصر عمل “خليفة” على إدخال النفط فقط، حيث يمتد إلى إدخال مواد البناء والقمح والشعير وغيرها من مناطق قوات قسد إلى مناطق المعارضة، وقد بنى ثروة هائلة خلال هذه العملية.

وعلى الرغم من أن المعلومات بيّنت أن قوات قسد تعاقدت مع تاجر آخر يدعى “أحمد جبان” إلا أن “خليفة” الذي يملك أسطول النقل وعدد كبير من الحراقات بقي صاحب اليد الطولى بهذه التجارة.

 

آلية تكرير النفط الخام البدائية

تعتبر الطريقة المستخدمة في تكرير النفط الخام ضمن حراقات ترحين، من الطرق البدائية والمضرّة جداً، إضافة إلى أنها تسبب ضياع نسبة كبيرة من المواد النفطية بدون فائدة وتقدّر بـ 25 بالمئة، كما أنه عادةً لا تعمل على فصل المواد النفطية بالشكل السليم.

يقول عمر السعدي، وهو صاحب إحدى الحراقات في منطقة ترحين: “يتم طبخ الفيول ضمن الحراقات بشكل شبه يومي، وأولى المواد الناتجة هو البنزين، ثم الكاز، ثم المازوت القرح، ويليه المازوت الزهرة، وأخرها المازوت الأحمر، وما يتبقى يتم تحويله لفحم، بينما لا يتم استخراج الغاز لعدم القدرة على ذلك بهذه الطريقة”.

ويوضح أنه يومياً يدخل أكثر من 150 شاحنة محملة بالنفط إلى ترحين، بينما تحتاج الحراقات لنحو ثلاثة أيام حتى تنتهي من عملية التكرير وبيع المنتجات.

إحدى حراقات النفط شمال سوريا
إحدى حراقات النفط شمال سوريا

قصف متكرر يوقع مجازر

تعرضت منطقتي حراقات ترحين ومعبر الحمران لقصف عدّة مرات من قبل قوات النظام السوري، وقع على إثرها عدد كبير من القتلى ضمن العاملين في المنطقة، واستخدمت قوات النظام السوري صواريخ من نوع “توشكا” لقصف المنطقين.

اقرأ أيضاً: فيديو وصور || خسائر كبيرة بعد القصف الروسي على منطقتي ترحين والحمران بريف حلب

 

وجاءت الاستهدافات بتاريخ 9 شباط و5 آذار من العام الجاري، و20 كانون الأول من العام الفائت، واستمرت فرق “الدفاع المدني” لأكثر من 20 ساعة في العمل حتى تمكنت من إخماد الحرائق وتبريدها.

وتسبب آخر قصف باحتراق أكثر من 200 صهريج لنقل المحروقات، وتضرر عدد كبير من المصافي البدائية لتكرير المحروقات، إضافة إلى احتراق إحدى آليات “الدفاع المدني السوري” وتضرر أخرى.

مصطفى الخليل، وهو أحد التجار العاملين في المنطقة، يقول لـ”سيب”: “كل مدّة زمنية يتم قصف ترحين بصواريخ بالستية أو بطيران مسيّر، لأسباب تتعلق بقانون قصير الذي يمنع تزويد النظام السوري بالمشتقات النفطية، وبهذا تدخل مناطق المعارضة عبر منبج قادمة من حقول دير الزور حيث حقل العمر، ولا تدخل مناطق النظام، وهنا كل ما اشتد الأمر على النظام يقصف ترحين وتتحول الحمولة إلى صهاريج القاطرجي ومنها إلى مصفاة حمص وبانياس”.

ويؤكد مصطفى خليل أن ليلة آخر قصف كان هناك أكثر من ٤٠٠ صهريج للقاطرجي على حدود منبج، وبعد القصف تم تحويل الحمولة من قبل “قسد” من المعارضة إلى النظام، وفي كل قصف يستفيد النظام السوري من تحويل الحمولة لأكثر من شهرين إلى أن يستقر وضع ترحين، وتعود لطبيعتها وعودة الثقة وذهاب الخوف وانتهاء عمليات الترميم وإصلاح الآليات وعودة السائقين وآلياتهم.

أحد صهاريج النفط المحترق نتيجة القصف
أحد صهاريج النفط المحترق نتيجة القصف

وللتأكيد على كلام مصطفى خليل، تحدث مصدر عسكري من قوات المعارضة فضّل عدم ذكر اسمه، معتبراً أن استهداف حراقات ترحين لإيقاف الحراقات وعملها إن لم يكن بشكل دائم يكون بشكل مؤقت لتحويل الحمولة من المعارضة إلى النظام السوري عبر شاحنات القاطرجي إلى مصفاة حمص وبانياس.

ويلفت إلى أنه حتى الأتراك لا مشكلة لديهم بذلك، لأنه من صالحهم أن تباع محروقاتهم التي تدخل من معابرهم الحدودية عبر التجّار، حيث تدخل إلى مناطق المعارضة كميات جاهزة من المحروقات بشكل يومي في محاولة للاستفراد في السوق.

شاهد أيضاً: بالفيديو|| طيران مجهول يستهدف مواقع نفطية في بلدة ترحين شمال حلب

ولكن يتبادر للأذهان سؤال بعد تكرار عمليات القصف على ذات المكان، لماذا لا يقوم التجّار بنقله إلى مكان آخر أبعد من أن تتمكن صواريخ النظام السوري من استهدافه مثل الحدود التركية مثلاً؟

وحول ذلك يجيب المصدر العسكري ذاته: ” الأمر ليس بالسهولة إيجاد هذه المساحة الكبيرة والبعيدة عن المدن والقريبة من مدينة منبج، وإيجاد هذا الكم الهائل من العمال في المخيمات، ومنطقة تستوعب مئات الصهاريج والشاحنات، وسهولة حركتها بين ترحين ومنبج، وقد تم إنشاء مئات الحراقات ومن الصعب نقلها خاصة أنها يمكن أن تستهدف في أي منطقة بالطيران والموضوع ليس محدد بالمكان إنما في عملها”.

 

القصف بتوجيه روسي

اختلفت الروايات حول عملية القصف على منطقة ترحين، حيث تحدث البعض بأن روسيا استهدفت المنطقة بصواريخ من بوارجها في المتوسط، وراحت أخرى لتطرح رواية بأن الاستهداف من قاعدة حميميم العسكرية، بينما يرى آخرون أن الاستهداف جاء من مطار كويرس.

شاهد أيضاً: بالفيديو || سلسلة صواريخ باليستية روسية تستهدف مناطق الحمران وترحين بريف حلب

 

يقول النقيب أبو أسعد: “الاستهدافات لحراقات ترحين كانت من قبل القوات الروسية، عبر صواريخ بالستية من مطار كويرس، واستهدافات سابقة عبر الطيران الحربي الروسي، وأيضاً عبر طيران مُسيّر، وقذائف صاروخية من القرى القريبة من قبل قوات قسد وهي (أم الجلود وأم عدسة والفارات)”.

ويتابع: “بالمجمل الأهداف التي تقصف لا علاقة للجبهات واستراتيجية الجبهات بها، فالقصف جوي إما من طيران وإما من صواريخ بالستية من البحر ومن قواعد القوات الروسية والنظام السوري، وهي ليست لأغراض عسكرية بينما لأغراض سياسية واقتصادية بين دول، وعملية ضغط لإنقاذ النظام السوري من وضعه الاقتصادي المتدهور”.

هل تسبب هذا الحراقات أضرار صحّية؟

على اعتبار أن حراقات ترحين قريبة من عدّة مدن وبلدات إضافة لمخيمات للنازحين، وكون العملية في تكرير النفط بدائية وتعتمد على إحراق النفط بطرق معيّنة مما يسبب خروج غازات منها فما الأضرار التي قد تسببها؟

يقول الدكتور أحمد منصور لـ”ستيب”: “ينبثق من الحراقات غازات أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت، وهي غازات تعتبر خطيرة على صحّة الإنسان”.

ويشرح بأن غاز أول أكسيد الكربون: هو غاز ليس له لون ولا رائحة، ومصدرة عملية الاحتراق الغير كامل للبترول، وهو أخطر أنواع تلوث الهواء وأشدها سمّية على الإنسان والحيوان، حيث يتحد أول أكسيد الكربون مع الهيمجلوبين مكوناً كربوكسي هيمجلوبين، وبذلك يمنع الأكسجين من الاتحاد مع الهيمجلوبين، وفي هذه الحالة يحرم الجسم من الحصول على الأوكسجين، وتعتمد سمية أول أوكسيد الكربون على تركيزه في الهواء المستنشق فتركيز 0, 01% من أول أكسيد الكربون يعادل 20% من كربوكسى هيمجلوبين، ويؤدي إلى:

  1. شعور بالتعب.
  2. صعوبة التنفس.
  3. طنين في الأذن.

في حين تركيز 0.1% من أول أكسيد الكربون يعادل 50% من كربوكسي هيمجلوبين ويؤدي إلى:

  1. ضعف في القوة، ارتخاء في عضلات الجسم وبذلك لا يستطيع المصاب المشي خارج المكان.
  2. ضعف في السمع.
  3. نقص في الروية.
  4. غثيان وقيء.
  5. انخفاض ضغط الدم.
  6. انخفاض في الحرارة.
  7. ازدياد النبض مع ضعف في إحساسه.
  8. أخيراً الإغماء والوفاة خلال ساعتين، فالنتيجة النهائية الوفاة لمن يتسمم بهذا الغاز ولذلك تتضح خطورته.

أما غاز ثاني أكسيد الكربون، فزيادته تؤدي إلى صعوبة في التنفس والشعور بالاحتقان مع تهيج للأغشية المخاطية، والتهاب القصبات الهوائية وتهيج الحلق، حيث يتكون غاز ثاني أكسيد الكربون من احتراق زيت البترول، ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من الوقود من أهم الملوثات الضارة بالإنسان والحيوان.

بينما غاز ثاني أكسيد الكبريت فهو غاز حمضي يعتبر من أخطر ملوثات الهواء وأكثرها سمّية للإنسان، وينطلق من البترول ويسبب:

  1. يؤثر على الجهاز التنفسي للإنسان محدثاً آلام في الصدر.
  2. التهاب القصبات الهوائية وضيق التنفس.
  3. التركيز العالي يسبب تشنج الحبال الصوتية وقد تؤدي إلى تشنج مفاجئ واختناق.
  4. التعرض الطويل للغاز يؤثر على حاسة التذوق والشم ويؤدي إلى التصلب الرئوي.
  5. يسبب تهيج العيون وكذلك الجلد.
  6. تراكمه في الأجنة يؤدي إلى تشوه الجنيين وإلى إجهاض الحوامل.

ويضيف الدكتور “منصور”: رأيت بحكم عملي داخل إحدى المستشفيات حالات تسمم من هذه الروائح الكريهة والسموم والدخان المنبعث من الحراقات المستخدمة للتكرير، حيث أنها تضر بجهاز الإنسان التنفسي وتسبب أحياناً السرطانات والربو والتهاب القصبات الحاد والمزمن، وتشوهات للأجنّة في بطون أمهاتهم”

ويتابع: “رأينا حالات اختلاج إحداها لعامل يقوم بابتلاع لسانه من شدة غاز ثاني   الكربون والسموم المنبثقة مما يتسبب في نقص الأوكسجين داخل الرئتين، كما أنها تسبب حروق جلدية وأمراض طويلة الأمد من حكة حادة إلى تحسسات وتهيجات مؤلمه وظهور الحبوب والدمامل، وربما تنتقل العدوى من المريض إلى العائلة، إضافة إلى أن هذه السموم والغازات تؤذي العين، وقد رأينا حالات تحسس واحمرار والتهاب وبعضها من وصل به الحال إلى فقدان البصر نتيجة لذلك”.

عامل في أحد حراقات النفط قي سوريا والدخان الناتج عنها
عامل في أحد حراقات النفط قي سوريا والدخان الناتج عنها

أضرار على البيئة والحيوانات

يؤكد الطبيب العامل في مستشفيات الشمال السوري أن الأضرار لا تقتصر على الإنسان جرّاء السموم الصادرة من حراقات ترحين ومعظم الحراقات البدائية المشابهة.

يقول: “إن إنشاء أي مصنع أو معمل داخل المدينة آمر شبه ممنوع في كافة الدول نتيجة الأضرار البيئية الناتجة، إلا أننا نرى حراقات منطقة ترحين التي تضم حولها العشرات من المخيمات، حيث يستنشق الناس من هذه السموم، لكننا لا نرى هذه الأضرار في الدول المتقدمة لأنها تتمتع بقوانين صارمة مثل اختيار مكان في الصحراء وفي الأماكن التي تخلوا من السكان، أو في المرتفعات ورفع أعمدة المداخن عالياً”.

ويوضح أحد الأطباء البيطريين بأن قطعان الماشية التي تقطن مناطق الحراقات معرضه للأوبئة والأمراض وإسقاط الأجنة قبل أوانها بفارق 50% من غيرها.

ومن جهة أخرى اشتكى عدد من الفلاحين في بعض المناطق القريبة من ترحين من تدهور المحاصيل وتلفها وأهمها أشجار الفستق الحلبي والزيتون بعد تساقط الأزهار بسب المواد اللزجة التي التصقت بها من هذه الأدخنة.

 

حراقات ترحين تجارة رابحة للمعارضة وجوكر للنظام السوري

وعلى الرغم من تكرار القصف من قبل قوات النظام السوري ووقوع ضحايا في منطقة ترحين والحمران عدّة مرات، إلا أنه لا يبدو أن هناك بديل عن عمليات تكرير النفط بهذه المنطقة كونها تدر أرباحاً كبيرة على التجّار وعلى قوات المعارضة من جهة وقوات قسد من جهة أخرى، بينما المتضرر منها هم العمّال فقط والذين معظمهم من النازحين في المخيمات الموجودة بالمنطقة، أما النظام السوري وحليفه الروسي فوجدها ورقة رابحة للضغط كلما اشتدت عليه العقوبات وافتقرت أسواقه لمواد النفط، حيث يكفي قصفها بعدّة صواريخ لإيقافها عن العمل وتحويل وجهة النفط من قسد إلى النظام السوري.

حراقات ترحين.. السوق المحلية لتجارة الذهب الأسود في شمال سوريا وجوكر النظام السوري المُنقذ بالأزمات
حراقات ترحين.. السوق المحلية لتجارة الذهب الأسود في شمال سوريا وجوكر النظام السوري المُنقذ بالأزمات

 

إعداد: جهاد عبد الله – محمد عرابي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى