تحقيقات ستيب

اللجنة الدستورية السورية.. من هي وما سبب فشل 5 جولات وتفاصيل كاملة على لسان أعضائها

مرّت العملية السياسية في سوريا بعد اندلاع الثورة السورية بالعديد من المراحل، ولعلّ أبرزها حين أُعلن عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية، والتي اعتُبِرت أول تنفيذ لأحد مقررات الاتفاق الدولي في جنيف ومن مخرجات القرار الأممي حول سوريا 2254، ورأى فيها البعض بارقة أمل تنهي معاناة عقد من الزمان للسوريين، لكنّها سرعان ما اصطدمت بعثرات عديدة نتيجة نوايا “خبيثة” يكنّها بعض المستفيدين بهدف إطالة أمد الصراع.

 

  • تاريخ تأسيس اللجنة الدستورية السورية

يمكن إرجاع اقتراح إنشاء اللجنة الدستورية السورية إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي تمّ تبنّيه في ديسمبر 2015، حيث وفّر القرار إطاراً لإنشاء مثل هذه اللجنة، لكن تمّ تأجيل تنفيذها إلى ما بعد محادثات السلام في جنيف حول سوريا ثم تأخر لاحقاً حتى تم التوصل إلى اتفاق إطاري تقريبي في روسيا في يناير 2018.

وتم الاتفاق على النسبة النهائية وعملية الترشيح لأعضاء اللجنة، وكذلك قواعد عملها في 23 سبتمبر 2019 بعد اجتماع بين مبعوث الأمم المتحدة “جير بيدرسون” ووزير الخارجية السوري السابق وليد المعلم، بعد اجتماعات مع المعارضة السورية والدول المعنية بالقضية السورية.

واجتمعت اللجنة الدستورية السورية لأول مرة في 30 أكتوبر 2019، الساعة 12:00 بالتوقيت المحلي في مكتب الأمم المتحدة في جنيف.

ويعتبر هدف اللجنة الدستورية السورية الأول هو صياغة دستور جديد للبلاد أو إعادة صياغة الدستور الحالي بشكل يتوافق عليه جميع الأطراف في سوريا، بما يضمن بعدها إجراء انتقال سياسي وانتخابات حرّة.

 

  • من هم أعضاء اللجنة الدستورية السورية

تتألف اللجنة بأكملها، التي يشار إليها باسم اللجنة الموسعة، من ثلاث مجموعات تضم كل منها 50 عضواً، حيث تم ترشيح المجموعة الأولى مباشرةً من قبل الحكومة السورية، والثاني تم ترشيحه مباشرة من قبل الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية، والثالث يضم شخصيات من المجتمع المدني السوري، اختارتها الأمم المتحدة، وتم اختيار حصّة الأمم المتحدة من أعضاء من خلفيات دينية وإثنية وجغرافية متنوعة، نصفهم تقريباً من النساء.    

كما أنّ 30 ٪ من جميع أعضاء اللجنة الدستورية السورية هم من النساء و7 أعضاء من الأكراد السوريين. 

ويرأس اللجنة رئيسان مشاركان، أحدهما من قبل الحكومة السورية والآخر من المعارضة السورية، وهما هادي البحرة من طرف المعارضة وأحمد الكزبري من الحكومة السورية، ويساعدهم جير بيدرسون، مسؤول الأمم المتحدة كرئيس لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة في سوريا، إلا أنه ليس لديه أي منصب أو سُلطة رسمية في اللجنة ودوره هو فقط أن يكون وسيطاً طوعياً نزيهاً بين الجانبين.

  • اللجنة المصغرة

الهيئة المصغرة للجنة هي نسخة مختصرة من الهيئة الكبيرة، تشبه لجنة برلمانية، تضم 15 عضواً من كل مجموعة من مجموعات الهيئات الكبير (المعارضة والحكومة والمجتمع المدني)

ونشرت دراسة حول خلفيات أعضاء اللجنة الدستورية السورية جميعاً من معهد الشرق الأوسط للدراسات وفق أداة تفاعلية يمكن الوصول إليها هنا باللغة الإنكليزية، واللغة العربية.

  • أسماء أعضاء اللجنة الدستورية السورية:

أسماء أعضاء اللجنة المصغرة

تضم اللجنة من الوفد الحكومي: أحمد فاروق عرنوس، أحمد كزبري، أشواق عباس، أمجد عيىسى، أمل ياز جي، جمال قادري، جميلة الشربجي، دارين سليمان، رياض طاوز، عبد الله السيد، محمد أكرم العجلاني، محمد خير العكام، محمد عصام هزيمة، نزار السكيف، هيثم الطاس.

كما تضم اللجنة من وفد المعارضة: أحمد العسراوي، بسمة قضماني، حسن الحريري، حسن عبيد، ديما موسى، صفوان عكاش، طارق الكردي، عوض العلي، قاسم الدرويش، كاميران حاجو، محمد أحمد، محمد جمال سليمان، مهند دليقان، هادي البحرة، هيثم بن محمود رحمة.

أما ممثلو المجتمع المدني فهم: أنس زريع، إيلاف المحمد، إيمان شحود، خالد عدوان الحلو، رغداء زيدان، سمر الديوب، صباح الحلاق، صونيا حلبي، عصام الزيبق، علي عباس، عمر عبد العزيز، مازن غريبة، ماهر ملندي، موسى متري، ميس الكريدي.

وفيما يلي جدول بأسماء جميع أعضاء اللجنة الدستورية السورية من الوفود الثلاثة (الحكومة السورية، والمجتمع المدني، والمعارضة السورية).

وفد الحكومة السورية وفد المعارضة السورية وفد المجتمع المدني
1 – أحمد نبيل كزبري  -هادي البحرة  انصاف حمد
2  إيهاب حامد  أليس المفرج  إبراهيم الدراجي
3  أمجد ياسين عيسى  بشار الحاج علي  جمانة قدور
4  أمل فؤاد يازجي  حسن الحريري  جورج الياس شمعون
5  أيهم عبد الرحمن الحوراني  ديما موسى  حازم فصيح العشي
6  بشير الحلبوني  رياض الحسن  خالد عدوان الحلو
7  تركي عزير حسن  صفوان عكاش دحام احمد الهادي
8  جازية الشيخ علي  طارق الكردي دورسين حسين الأوسكان
9  جانسيت عدنان قازان  عبد الأحد اسطيفوا ربا عبد المسيح ميرزا
10  جمال عبد الرزاق قادري  عبد الحكيم بشار رشا يونس لحلح
11  حسن عبد اللـه الأطرش  عروب المصري  رغداء زيدان
12  حسين فوزي فرحو  عوض العلي  رئيفة سميع
13  خالد خزعل خزعل  فراس الخالدي  سليمان عبد الله القرفان
14  خالد موسى العبود  قاسم الخطيب  سمر جورج الديوب
15  دارين عبد السلام سليمان  كاميران حجو سميرة مبيض
16  رائدة ياسين وقاف  كبرائيل كورية سومر منير صالح
17  رضوان إبراهيم مصطفى  محمد رشيد سونيا محمد سعيد الحلبي
18  رياض علي طاووز  محمود عطور صابر علي بلول
19  ريمون صبرة هلال  مهند دليقان  صباح الحلاق
20  سعيد عبد الواحد نحيلي  نبراس الفاضل عبد الاحد سمعان خاجو
21  شيرين عبد العزيز اليوسف  هيثم رحمة  علي أحمد عباس
22  صفوان محمد القربي  ياسر الخميس  علي محمد اسعد
23  طالب قاضي أمين  ياسر الفرحان انغام ابراهيم نيوف
24  طريف عبد المجيد قوطرش  يحيى العريضي  فائق حويجة
25  عيسى مد اللـه المخول  يحيى عزيز  مازن درويش
26  غسان سليمان عباس  يوسف سلمان مازن غريبة
27  فهد أحمد العدوي إبراهيم الجباوي  محمد خير ايوب
28  محمد أكرم العجلاني إدوار حشوة محمد غسان القلاع
29  محمد براء أحمد رشدي القاطرجي أحمد الأحمر  ممدوح الطحان
30  محمد خير أحمد العكام أحمد العسراوي  منى اسبيرو سلوم
31  محمد خير فارس كنهير أحمد طعمة منى جندي
32  محمد عصام أحمد هزيمي أنس العبدة منى فضل الله عبيد
33  محمد علاء محمد محجوب التيناوي بدر جاموس ميس نايف الكردي
34  محمد ماهر عبد اللـه العلبي بسمة قضماني إيلاف ياسين
35  محمد ماهر قباقبي بشار الزعبي نائل جرجس
36  موسى إليان عبد النور جمال سليمان حلا نعوم نهمة
37  موعد محمد ناصر حسن عبيد عبود السراج
38  نزار صادق صدقني سامي بيتنجانة عصام التكروري
39  نزار علي سكيف عبد الباسط الويس عصام الزيبق
40  نورا أريسيان عبد المجيد بركات  عمر عبد العزيز الحلاج
41  هيثم حسن الطاس عشتار محمود محمد ماهر قباقيبي
42 إيمان يحيى حمدان عمار النحاس منى خيتي
43 أحمد محمد فاروق عرنوس محمد السعدي موسى خليل متري
44 أشواق أيوب عباس محمد علي الصايغ هادي قاوقجي
45 أنيسة عبود محمد نوري أحمد  إيمان شحود
46 جميلة مسلم الشربجي محمد ياسر دلوان  هيثم محمد محروس حسن
47 عبد القادر عمر قبلان مرح البقاعي أحمد طالب الكردي
48 عبد القادر محمد شعبان عزوز هشام مروة انس غسان زريع
49 عبد اللـه محمد السيد هنادي أبو عرب  بهجت حجار
50 مهى العجيلي يوسف قدورة  جافية علي

 

  • العملية الإجرائية المتفق عليها بعمل اللجنة
  • يجب تقديم جميع المقترحات أولاً في اللجنة المصغرة، وإذا تم قبول مسودة الاقتراح من قبل اللجنة المصغرة، يتم تمريرها للتصويت في اللجنة الموسعة، ولا يتم اعتماد الاقتراح إلا إذا قبلته كلتا اللجنتين.
  • أي قرار من كل من اللجنة الموسعة أو المصغرة لا يمكن أن يمر إلا إذا كان يتمتع بدعم الأغلبية العظمى التي تتكون من 75 ٪ من أعضاء اللجنة المعنية، ومع ذلك، يتم توجيه اللجنة لاتخاذ القرارات بتوافق الآراء كلما أمكن ذلك.
  • إذا تمكنت اللجنة الدستورية السورية من صياغة دستور سوري جديد كامل، فسيتم طرحه بعد ذلك على استفتاء تحت مراقبة الأمم المتحدة للموافقة عليه من قبل الشعب السوري.
  • على الرغم من ذلك، تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدستورية السورية ليس لها وضع قانوني رسمي داخل سوريا وأن القرارات التي اتخذتها ليست ملزمة في القانون السوري حتى الآن، حيث أن تشكيل اللجنة لا يتماشى مع عملية التعديل الدستوري المحددة من الدستور السوري الحالي 2012.

 

  • جولات خمس.. أبرز ما جرى فيها

  1. الجولة الأولى:

بدأت الجولة الأولى من اللجنة الستورية السورية بحديث الرئيس المشارك، الذي رشحته الحكومة السورية، أحمد كزبري، عن “الإرهاب” وأشاد بـ “تضحيات والأعمال البطولية” للجيش السوري، بينما صرّح الرئيس المشارك المرشح للمعارضة، هادي البحرة، بأنّ الوقت قد حان “للاعتقاد بأن النصر في سوريا الذي يحقق العدالة والسلام وليس الانتصار في الحرب”. ولم يتصافح الرئيسان المشاركان في نهاية حفل الافتتاح الذي استمر 45 دقيقة.

وفي ختام الجولة الأولى لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا جير بيدرسن إن طرفي الاجتماعات وافقا على أمور عدة، لكنه أكد صعوبة المحادثات ووجود ملفات لم تفتح بعد.

  1. الجولة الثانية:

استمرت العشوائية بين الوفود وفشل مسؤولو الأمم المتحدة بقيادة بيدرسون من عقد اجتماعي ثلاثي بين الوفود الثلاثة (النظام والمعارضة والمجتمع المدني)، واشتدت الخلافات من جديد.

وحاول وفد الحكومة تقديم أوراق خارج سياق اللجنة مثل طلبات برفع العقوبات وإدانة الإرهاب وإدانة ما وصفه بالغزو التركي، وأمور أخرى سياسية لا علاقة لها بهدف الاجتماع.

ومن جهتهم حاولت وفود المعارضة والمجتمع المدني تقديم جداول واقتراحات مبدأية للتشاور من أجل استمرار عمل اللجنة، فيما لم يتمكن أحد من إيجاد الثغرة للحل وانطلاق الاجتماعات الرئيسية.

وفي تصريح صحفي، قال المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون: “اختتمنا الدورة الثانية من اللجنة الدستورية السورية، ولم يكن من الممكن الدعوة إلى عقد اجتماع المجموعة المصغرة، لأنه لم يكن هناك اتفاق على جدول الأعمال”.

  1. الجولة الثالثة

لم تشهد الجولة الثالثة ما هو جديد سوى إصابة بعض أعضاء وفد الحكومة السورية بفيروس كورونا، بينما تواصلت الخلافات رغم الاجتماع بين أعضاء وفود اللجنة المصغرة برعاية أممية، وحول ذلك صرّح بيدرسون قائلاً: “لم نصل لمرحة كتابة الدستور، نعمل على بناء الثقة بين الأطراف بسبب وجود اختلافات عميقة في وجهات النظر”.

  1. الجولة الرابعة

شهدت الجولة الرابعة الاتفاق الأول من نوعه والذي كان حول موعد الجولة الخامسة وجدولها الزمني، بينما قدّمت الأطراف في هذه الجولة بعض القضايا التي يجب بحثها.

وركّز وفد الحكومة خلال المناقشات بهذه الجولة على العقوبات وعودة اللاجئين، فيما سعى وفد المعارضة، برئاسة هادي البحرة، للتركيز على ملفات الحل السياسي، وضرورة أن يضمن الدستور الجديد حقوق اللاجئين والنازحين، ويمنع تكرار عمليات الاختطاف والاعتقالات ويحقق العدالة.

وقال بيدرسون عن هذه الجولة إنه لاحظ مع فريقه “أرضية مشتركة” حيال بعض القضايا بين المشاركين.

  1. الجولة الخامسة

عُقدت الآمال على الجولة الخامسة بالاتفاق على المضامين الدستورية، والبدء بمناقشة قضايا رئيسية تخص الدستور وفق الهدف الأساسي للجنة بعيداً عن التجاذبات السياسية والأطروحات والتفاصيل التي لا تمت للّجنة بصلة.

وحاول بيدرسون دفع العملية السياسية في اللجنة الدستورية السورية إلى الأمام من خلال زيارات مكوكية إلى عواصم البلدان المعنية بالقضية السورية، إلا أنّ الجولة انتهت بتأكيده أنها كانت “مخيبة للآمال” ولم يتم الاتفاق على موعد الجولة الجديدة حتى، نتيجة استمرار إغراقها بتفاصيل بعيدة كل البعد عن الهدف الرئيسي.

 

  • كيف تتم الجولات بين الوفود؟

منذ إطلاق الجولة الأولى وما حملته من مشاحنات لاتزال الأمم المتحدة ومبعوثها تحاول جمع الأطراف على طاولة واحدة لمناقشة سبل التوصل لاتفاق يقضي بالبدء بتناول مضمون الدستور المنتظر.

وحول ذلك يقول عضو اللجنة الدستورية السورية، بشار الحاج علي، خلال لقاء مع وكالة ستيب الإخبارية: “الحضور يتم في قاعة الأمم المتحدة في جنيف، من جميع الوفود وجهاً لوجه، ويقوم المبعوث الأممي بنقل الأفكار بين الأطراف فقط، بينما يتدخل حينما يكون هناك شيء معطل”.

ويلفت الحاج علي إلى أنه يجري مناقشات سياسية عامّة خلال الاجتماعات، مؤكداً أن المعارضة تعمل بجد وتتبع الأمل من أجل الوصول إلى حل.

ويوضح بأن وفد المجتمع المدني شبه منقسم حيث يوجد طرف يعمل وأقرب للمعارضة ومع التغيير، وطرف يعمل بحيادية وهم قلّة، وطرف آخر مع النظام السوري وهم مُعطِّلين.

بشار الحاج علي - عضو اللجنة الدستورية
بشار الحاج علي – عضو اللجنة الدستورية السورية

اقرأ أيضاً: رسالة وفد النظام السوري خلال الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية يكشفها عضو اللجنة لـ”ستيب”

 

ويضيف: “الجولة الرابعة كانت فيها أجواء إيجابية دون أي نتيجة حقيقة، وكانت مستندة إلى أن الجولة الخامسة ستدخل في لُبّ اختصاص اللجنة، لكن من يعرف النظام يعلم أنه لا يمكن لوفده أن يدخل في نقاش دستوري حقيقي، وهذا هو جوهر الخلاف، رغم أن السقف الزمني المفترض لعمل اللجنة هو 6 أشهر”.

 

  • أبرز نقاط ضعف اللجنة الدستورية السورية

سادت خلال الجلسات الخمس السابقة حالة المماطلة والتسويف وفرض وفد النظام مناقشة ما سماه بالمبادئ “الوطنية” والتي أفضت إلى أوراق قدمها كلاً من المعارضة والنظام في الجلسة الرابعة.

وتقول عضو اللجنة الدستورية عن قائمة المجتمع المدني، سميرة المبيض، خلال لقاء مع وكالة “ستيب الإخبارية”: “أظهرت هذه الاوراق تناغماً في المفاهيم المطروحة من الوفدين بعيداً عن مصالح السوريين وعن هدف التغيير الجذري في سوريا، مما أدى إلى حالة توجّس محقّة بين السوريين بكون المسار يتجه نحو إعادة تدوير أطر المنظومة السابقة”.

وتشرح المبيض بأنّ أبرز نقاط ضعف اللجنة الدستورية السورية كانت بعدم شمولها لكافة أطياف الشعب السوري، وبشكل خاص غياب منطقة شمال شرق سوريا “قوات سوريا الديمقراطية” عن اللجنة، أما تواجد المرأة تقول: “جاء ضعيفاً غير كافٍ وغير فاعل ولا يحقق النسبة التي نطالب بتحقيقها في مستقبل سوريا وهي خمسين بالمئة، وذلك توجه ينتقص من انعكاس صوت الشارع الحقيقي في اللجنة الدستورية ويعيق النهوض بمطالب السوريات لتكون ذات أولوية في الدستور السوري الجديد”.

وتنتقد عضو اللجنة أداء وفد المعارضة معتبرةً أنه اتسم بانعدام الشفافية وبعدم الحزم تجاه طروحات النظام السوري، وتبيّن أنه نتيجة الانجرار في حالة المماطلة والتسويف، غاب وجود أي صوت مستقل للوفد المدني لأن اختيار أعضاؤه جاء بشكل حصري من طرفي المعارضة والنظام بما يتلاءم مع توجهات كلا القطبين، في حين كان من الضرورة الحفاظ على صوت مستقل يرفع مصلحة السوريين كأولوية قصوى في أي ظروف.

وتؤكد أن النظام السوري كسب الوقت لغاية الانتخابات الرئاسية القادمة والتوجس الأكبر هو أن تدخل المعارضة الرسمية في اللعبة الانتخابية الفاقدة لأي شرعية نحو تقاسم السلطة مع “نظام الأسد”.

وترى سميرة المبيض أن اللجنة الدستورية السورية تسير على مسار مفاوضات جنيف بتتابع لا جدوى منه وسينتهي دون أي منجز يصب بعملية تغيير حقيقي، لذلك تعتقد أنه يتوجب تقويم هذا المسار والتصدي لإطالة معاناة السوريين وأخذ العبرة من المسارات السابقة التي انتهت بفشل وصراعات بينية ضمن صفوف المعارضة.

سميرة المبيض - عضو اللجنة الدستورية السورية
سميرة المبيض – عضو اللجنة الدستورية السورية

 

  • 9 أخطاء ارتكبتها المعارضة خلال التفاوض

من خلال الجولات الخمس الفائتة التي أكدت فشل المسار حتى تاريخ آخر جولة “الجولة الخامسة”، بدأت تتحدث بعض أصوات المعارضة عن أخطاء ارتُكِبت خلال المفاوضات ومن بينها الدخول بـ”اللجنة الدستورية” ذاتها.

وحول ذلك قدّم الحقوقي وعضو اللجنة الدستورية السورية، إدوار حشوة، ورقة يشرح فيها الأخطاء التسعة التي ارتكبت خلال التفاوض، وقد خصّ “وكالة ستيب الإخبارية” بنسخةٍ منها.

  • الأخطاء الـ 9 بحسب إدوار حشوة هي:
  1. أخطأت هيئة التفاوض العليا في قبول طريقة السلال الأربع بديلاً عن الانتقال السياسي وحسب القرار ٢٢٥٤.
  2. أخطأت هيئة التفاوض في قبول عكس التسلسل الوارد في القرار الدولي من انتقال سياسي إلى انتخابات إلى دستور إلى لجنة دستورية، ودستور وانتخابات، ثم انتقال سياسي.
  3. أخطأت هيئة التفاوض في طريقة تشكيل اللجنة الموسعة على أساس الحصص بين مكوناتها دون اشتراط الكفاءة الدستورية.
  4. أخطأت هيئة التفاوض في اعتماد الحصص في تشكيل اللجنة المصغرة المفاوضة، فجاءت ضعيفة في كفاءتها الحقوقية والدستورية.
  5. أخطأت هيئة التفاوض في قبول طريقة التفاوض “المهينة” بحيث لا يسلّم أو يتحدث رئيس وفد الحكومة ولا وفده مع رئيس ووفد المعارض إلا عبر المبعوث الدولي.
  6. أخطأت رئاسة اللجنة في العودة إلى بحث الثوابت خارج الدستور بحجة تشجيع وفد الحكومة على العودة للتفاوض.
  7. أخطأت رئاسة اللجنة في اعتماد سياسة كسب رضى المبعوث الدولي والظهور كطرف ايجابي على حساب كرامة المعارضة.
  8. أخطأت رئاسة اللجنة في اتباع طريقة تبادل الخطابات وتحويل عمل اللجنة من الدستور إلى منابر سياسية فيها الكثير من الشتائم والخلافات.
  9. أخطأت اللجنة في قبول اقتراحنا بضرورة وقف أي تبادل للخطابات منذ اليوم الأول لا الأخير، والصمت مع الإعلان بالحضور والجاهزية حتى يوافق وفد النظام على البحث في الدستور.
إدوار حشوة - عضو اللجنة الدستورية السورية
إدوار حشوة – عضو اللجنة الدستورية السورية

اقرأ أيضاً: عضو اللجنة الدستورية السورية يكشف “الخطأ القاتل” الذي وقعت فيه هيئة التفاوض المعارضة

 

وختم الحقوقي السوري حديثه بالمطالبة بحجب الثقة عن اللجنة المصغرة أو إعادة تشكيلها، لإعادة التوازن إليها بين السياسي والحقوقي الدستوري من ضمن الكفاءات الموجودة في اللجنة الموسعة وبنسبة ٥ للمكونات السياسية و١٠ الكفاءات بغض النظر عن حصص المكونات، وإيداع هذه المذكرة إلى هيئة التفاوض بعد التصويت على الاقتراح سلباً أو إيجاباً.

 

  • أبرز معوقات العمل في اللجنة الدستورية السورية

انتهت الجولات الخمس خلال فترة نحو 7 أشهر دون تحقيق أي نتائج تذكر، رغم أن الحديث جرى عن سقف زمني لا يتعدى 6 أشهر يتم خلالها تعديل الدستور الحالي “دستور 2012” أو إعداد دستور جديد ثم الانتقال إلى تنفيذ نقطة أخرى من القرارات الدولية، فما الذي يعيق عمل اللجنة حتى الآن؟

يقول الحقوقي حسن الحريري، عضو اللجنة الدستوري لـ”ستيب الإخبارية”: “تتمثل المعوقات بشكل مباشر بعدم تجاوب وفد الحكومة بالانخراط وتقديم نصوص دستورية تقدم لولادة دستور جديد وهذا الموقف من قبل وفد الحكومة يقف خلفه قوة دولية هي روسيا التي لم تقم بالضغط على النظام السوري للانخراط بجدية، وهذا يعود إلى عدم تفاهم الأطراف الدولية على اعتبار أن النزاع السوري بثق منه نزاع دولي على الأرض السورية”.

ويلفت الحريري إلى أن النظام السوري يأمل من خلال تعطيل عمل اللجنة الدستوري أن تتغير الموازين الولية بما يحقق له مكاسب سياسية.

ويؤكد بذات الوقت بأن إقرار عمل اللجنة الدستورية وبدء المفاوضات من خلال الجولات، هو أول اتفاق سياسي بين النظام وقوى الثورة والمعارضة، وهو يمثل بوابه لتنفيذ القرار الدولي ٢٢٥٤ من وجهة نظر المبعوث الدولي والدول الراعية، من خلال انتاج فكرة السلال الأربعة ومن ضمنها السلة الدستورية.

ويلفت إلى أن هذا المسار لا يقفل الباب أمام فتح باقي السلل ومنها هيئة الحكم، حيث هناك اتفاق تم بموجبه إقرار مبدأ “لن يتم اقرار شيء ما لم يتم الاتفاق على كل شيء”، بينما يعتبر بأن وفد الحكومة لا يملك الحرية في التعاطي بالنقاشات الدستورية، كما هو الحال لدى وفد المعارضة، وهو لدية استراتيجية معينه تم تقييده فيها من قبل الجهات الأمنية وقيادتها، وعليه هذا الوفد لا يمتلك القرار الحر والجرأة في التعاطي مع انتاج دستور لسورية الجديدة.

ويشدد الحريري على أن اللجنة الدستورية السورية لن تبقى بدون سقف زمني لعملها وهو أمر تطرحه هيئة التفاوض المعارضة بشكل مستمر، أما بخصوص إمكانية انسحاب وفد المعارضة فهو بيد هيئة التفاوض العليا.

حسن الحريري - عضو اللجنة الدستورية السورية
حسن الحريري – عضو اللجنة الدستورية السورية

 

  • لم تحظى بمشروعية سورية

بدأت اللجنة الدستورية السورية أعمالها بقرار وتوافق أممي ودولي على أمل أن تكون بوابة للدخول إلى مراحل الحل السياسي المنصوص عليها بالقرار 2254 وقرار جنيف، لكنّها ليست جسم مشروع بحسب الخبراء وفق القوانين السورية.

وحول ذلك يتحدث المحامي وعضو اللجنة الدستورية السورية، سليمان القرفان لـ”ستيب الإخبارية”، مؤكداً أنّ وجود هذا الجسم لم يحظى بأي مشروعية سورية إلا أنه يحظى بشرعية دولية، وبمجرد لحظة توافق دولي على الحل في سورية فممكن أن تنقلب هذه اللجنة إلى هيئة حكم انتقالي أو برلمان خاص.

ويقول: ” لو أمعنا النظر في تشكيلتها فهي تم اختيارها بعناية حيث تم اعتماد التمثيل الاثني والديني والعرقي والجغرافي بحيث باتت أكبر جسم تمثيلي للسوريين”.

ويجدد القرفان التأكيد على أن وفد الحكومة يضع العراقيل للدخول بمناقشة المضامين الدستورية وهو يصر على إضاعة الوقت أملاً بإطالة أمد النظام القائم، ويساعده في ذلك عدم وجود ضغوط حقيقية من الطرف الروسي الذي أجبره على الموافقة على المشاركة باللجنة الدستورية.

ويعتبر أن المعارضة اضطرت الدخول والقبول بالبدء باللجنة الدستورية في حين كان يفترض أن تكون اللجنة بعد هيئة الحكم الانتقالي، ولا يعتقد عضو اللجنة أن الموافقة هو بالخطأ الكارثي كما يراه آخرون، معللاً ذلك بأنّ النظام السوري ما كان يريد للجنة الدستورية أن تتشكل أو أن تبدأ أعمالها، ويحاول النظام السوري اليوم إفشال عملها على أمل أن تكون مبادرة التعطيل والانسحاب هي من وفد المعارضة.

ويشدد القرفان بأن على الأمم المتحدة العمل والضغط على وفد الحكومة لمنع استمرار تعطيل عمل اللجنة ووضع سقف زمني لها أو الإعلان صراحةً عن فشل اللجنة والقول بشكل جلي وواضح أن النظام السوري وحلفائه غير جادين وهم المسؤولين الوحيدون عن تعطلها، ويرى أن الجولة القادمة ستكون حاسمة حيال الأمر.                                                                   

سليمان القرفان - عضو اللجنة الدستورية
سليمان القرفان – عضو اللجنة الدستورية السورية

 

  • استقالات بالمعارضة ووفد الحكومة يرفض التعليق

مع وصول اللجنة الدستورية السورية في نهاية الجولة الخامسة إلى طريق مسدود، كان وفد المعارضة يشكو من بعض الخلافات الداخلية بين منصاته المختلفة، وسط تعالي أصوات تطالب بوقف ما وصف بـ”المهزلة العبثية”.

وعلى إثر ذلك خرج العميد عوض العلي، عضو اللجنة المصغرة عن وفد المعارضة في اللجنة بقرار وصفه البعض بـ”الشجاع”، حيث أعلن نهاية الشهر الفائت استقالته من اللجنة.

ووفق بيان له أكد العلي أن رئيس وفد الحكومة المشارك قد صرح منذ، بداية الجولة الأخيرة أنهم موجودون لإجراء مناقشاتٍ ومداولاتٍ وليس لصياغة دستور، وهو ما يعطي الجلسات “عبثية” بدون جدوى.

وحاولت وكالة ستيب الإخبارية التواصل مع العميد عوض العلي ومعرفة إمكانية عودته عن استقالته، إلا أنه رفض التصريح واكتفى بالتأكيد على بيان الاستقالة في المرحلة الراهنة.

العميد عوض العلي - عضو اللجنة الدستورية
العميد عوض العلي – عضو اللجنة الدستورية السورية

أما وفد الحكومة السورية والذي يتألف من أعضاء بمجلس الشعب وقياديين من حزب البعث، فقد رأى المراقبون بأنهم لا يمثلون سوى أداة للنظام السوري لهدف محدد لهم ولا يملكون جرأة لتغيير موقف أو التعبير عن رأي مستقل، وقد حاولت “وكالة ستيب الإخبارية” الاتصال بطرق “مختلفة” ببعض شخصيات الوفد لمعرفة وجهة نظرهم أو تعليقهم على ما يجري، مع العلم أنهم ينظرون لوسائل إعلام خارج عباءتهم بأنها “إرهابية”، إلا أنّ الرد كان متوقعاً برفض التصريح، بل وحتى رفض الرد على الرسائل والاتصالات.

اقرأ أيضاً: عضو اللجنة الدستورية السورية يكشف عن إمكانية استبدال الأسد بمجلس عسكري إذا فشلت الدستورية

 

  • معركة سياسية ومسارات رديفة

في أجواء تسودها السلبية على المستوى السياسي مع نهاية الجولة الخامسة ومحاولة المبعوث الأممي من خلال جولات مكوكية، إحياء عمل اللجنة وتحديد موعد جديد، تبقى باقي سلال القرارات الأممية حول سوريا المتفق عليها مجمدة تماماً.

وكانت وكالة ستيب الإخبارية قد أجرت حواراً مع رئيس وفد المعارضة، هادي البحرة، أكد خلاله أن المعركة حالياً هي معركة سياسية، ولها مسارات رديفة، وهي المسار الدبلوماسي والمسار الاقتصادي (العقوبات)، والمسار القانوني (العدالة والمساءلة والمحاسبة)، وتصّب نتائجها بما يخدم تفعيل العملية السياسية بكامل أقسامها الواردة في قرار مجلس الأمن 2254، أي إقامة الحكم الانتقالي الشامل للجميع وذو مصداقية وغير قائم على الطائفية.

هادي البحرة - رئيس وفد المعارضة في اللجنة الدستورية
هادي البحرة – رئيس وفد المعارضة في اللجنة الدستورية

اقرأ أيضاً: هادي البحرة يكشف مكامن الخلل في عمل اللجنة الدستورية وكيف قَبِلَ النظام السوري بتجاوز دستور 2012

 

ويقول البحرة: “العملية الدستورية التي بدأت عملها في اللجنة الدستورية السورية لإنجاز مشروع دستور جديد لسوريا يعرض للقبول العمومي (الاستفتاء)، والعملية الانتخابية التي تجري وفق الدستور الجديد وتحت إشراف الأمم المتحدة، وأخيرًا مكافحة الإرهاب وبناء جيش وقوى أمن وطنية”.

وأوضح أن اللجنة الدستورية السورية، هي “الجزء الحي حالياً من العملية السياسية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، التي يوجد توافق دولي بخصوصها، والنظام يهدف لتعطيل ذلك القرار وتجاوزه، وبالتالي تجاوز أهداف وتطلعات الشعب السوري السياسية والقانونية والإنسانية، وتحويل المفاوضات إلى مفاوضات عسكرية وأمنية وتبادل مصالح بين النظام وباقي الدول”.

وختم الرئيس المشارك لوفد المعارضة في اللجنة الدستورية السورية حديثه لستيب، قائلاً: “نستطيع القول إنه في حالة إنجاز اللجنة لمهمتها، فذلك سيفعل العمل على باقي المحددات في العملية السياسية كما وردت في قرار مجلس الأمن، مما سيحدِث عملية انتقال سياسي منظَّم عبر الدستور والقوانين المنبثقة عنه، وفي حال إفشالها بشكل واضح من قبل النظام، فذلك سيعيد الملف إلى مجلس الأمن ويؤدي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة”.

  • الخُلاصة

يؤكد أعضاء وفد المعارضة ووفد المجتمع المدني أن العمية السياسية في اللجنة الدستورية السورية لا تخلو من الأخطاء والتجاوزات والتلاعب في الوقت والتفاصيل بعيداً عن المضمون، وسط اتفاق كامل على أن وفد الحكومة مسؤول بشكل مباشر عن عملية التعطيل لأهداف وغايات معيّنة، بينما لا يزال المسؤولون الأمميون برئاسة المبعوث “بيدرسون” هم مجرد أداة تقارب دون أن يعوا بأن وفد الحكومة لم يأتي إلى جنيف لذات الغاية التي جاءت بها باقي الوفود، وحتى تصل تلك الفكرة إلى بيدرسون يعزم النظام السوري في الصيف المقبل إجراء انتخابات رئاسية متذرعاً بفشل المسار السياسي التفاوضي من جهة وشرعيته المُطلقة بالحكم وعدم وجود علاقة بين “الدستورية” وتجديد ولاية متوقعة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد بتلك الانتخابات، وعليه استطاع النظام السوري الوصول إلى مرحلة تنسف كل المراحل التي وصل إليها المسار السياسي وسيعيده للصفر من جديد ليستمر بحكم أنقاض بلد شبه منهار اقتصادياً، وستشهد الأيام والشهور القليلة قبل إجراء تلك الانتخابات محاولات إجراء جولة جديدة يتوقع ألّا تختلف عن سابقاتها.

 

إعداد: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى