تحقيقات ستيبالتقنية

ما الذي يجب أن يعرفه الفرد قبل التعامل مع العملات الرقمية.. وما أفضلها للاستثمار وجني الأموال!؟

¶ ما هي العملات الرقمية؟

العملات الرقمية (Digital currency)، هي نتاج الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، ويتمّ إصدارها بصورة غير مركزية، من خلال خوارزميات رياضية عن طريق برامج الكمبيوتر.

وهي نوع من العملات المُتاحة فقط على شكل رقمي، وليس لها وجود مادي (مثل الأوراق النقدية والنقود المعدنية)، ولها خصائص مماثلة للعملات المادية.

العمل بهذه العملات، تطور على مدار العقد الماضي، حيث نظمت نوعاً ما عمليات التداول والرقابة عليها من خلال دفترٍ عام يُسمى (Blockchain)، الذي يرصد عمليات التبادل ومعرفة كل حساب، وتكون هذه البيانات مُتاحة لكل المتعاملين من خلال كلمة السر واسم المستخدم اللذين يتمّ الحصول عليهما للمتعامل على الشبكة.

وتعد فئة المعدّنين (مصدري العملات الرقمية) هي عصب سوق العملات الرقمية، لأن أفرادها هم من يقومون بتكوين العملات.

ما الذي يجب أن يعرفه الفرد قبل التعامل مع العملات الرقمية.. وما أفضلها للاستثمار وجني الأموال!؟
ما الذي يجب أن يعرفه الفرد قبل التعامل مع العملات الرقمية.. وما أفضلها للاستثمار وجني الأموال!؟

¶ انواع العملات الرقمية

1- العملة الافتراضية:

البنك المركزي الأوروبي عرّف العملة الافتراضية عام 2012، بأنها “نوع من الأموال الرقمية غير المنظمة، والتي تصدر وعادةً ما يسيطر عليها المطورين. يتمّ استخدامها وقبولها بين أعضاء مجتمع افتراضي معين”.

وعرفتها وزارة الخزانة الأمريكية عام 2013، بأنها “وسيلة للتبادل تعمل كعملة في بعض البيئات، ولكنها لا تملك جميع خصائص العملة الحقيقية”.

2- العملة المعماة (المشفرة)

العملة المشفرة هي نوع من الرمزية الرقمية التي تعتمد على التشفير لتسلسل معاً التواقيع الرقمية للتحويلات رمزية، الند للند الشبكات واللامركزية. في بعض الحالات يتم استخدام مخطط إثبات العمل لإنشاء وإدارة العملة.

العملات الرقمية
صورة متداولة تظهر شكل عملة الريبل الرقمية المشفرة

¶ أبرز العملات الرقمية

تعدّ عملة البيتكوين هي العملة الأولى التي تمّ إصدارها بين العملات الرقمية، وتمَّ ميلادها بنجاح عام 2009.

وجاء بعد البيتكوين عدد كبير من العملات الرقمية، وإن لم تحظَ بزخم البيتكوين، منها: إيثريوم (Ethereum)، وريبل (Ripple)، ونيم (NEM)، ولايتكوين (Litecoin)، فضلاً عن نيو (NEO)، وداش (Dash)، وبي(bee)، وغير ذلك.

العملات الرقمية
صورة متداولة تظهر مجموعة كبيرة من العملات الرقمية المشفرة

¶ ما الذي يجب أن يعرفه الفرد قبل التعامل بالعملات الرقمية؟

تعدّ العملة الرقمية بمثابة رصيد مالي مسجل إلكترونياً على بطاقة ذات قيمة مخزنة أو جهاز آخر أو عن طريق الشبكة، وقبل أن يخوض الفرد في هذه التجربة ويستثمر بها يجب أن يكون على دراية تامّة بالتكنولوجيا.

يقول الباحث في علوم حاسب والبيانات محمد فؤاد فخرالدين، لوكالة ستيب الإخبارية: “يجب أن نحدد من هو الفرد المقصود أولاً، فإن كان القصد هو المضارب في بورصات تداول العملات الفوركس، فالعملات الرقمية عموماً تتبع نفس قواعد المضاربة والمعلومة له بالضرورة، إن كانت له المعرفة الأساسية بقواعد التداول”.

ويُضيف: “أما إن كان المقصود به هي شريحة المعدّنين عن العملات (miners)، وهي الطريقة الوحيدة للحصول على ما يتمّ إصداره من عملات رقمية موثوقة، فالأمر يلزم معرفة بكيفية عمل أجهزة التعدين وهي أجهزة كمبيوتر مزودة بكروت جرافيكس قوية جداً، حيث يتمّ صفها في مزارع تنقيب ضخمة وتحتاج إلى مصادر طاقة كهربائية وخبرات تقنية ضخمة، وهو يختلف عما تُسمي نفسها عملات رقمية تدعي قدرات هاتفك المحمول على تعدين العملات الرقمية بلا أي دليل”.

إصدار وتداول وحتى ما يملكه شخص ما من أي عملة رقمية قابل للتأكد من قبل جداول بيانات موزعة عبر مئات الآلاف من الأجهزة لا يمكن التلاعب بخوارزمياتها (hash function).

كما يجب أن يعلم من يريد دخول هذا المجال أنه لا مجال للثراء الفاحش المرتبط بالأخبار المنشورة عن هذا المجال إلا وكان مقابلها جهد ومعرفة تقنية أو ربما ضربات الحظ، وفي حال الأخيرة فضربات الحظ لا تستلزم أي معرفة مسبقة، يقولها فخرالدين.

العملات الرقمية
صورة متداولة تظهر عملة البيتكوين الرقمية المشفرة

بدوره، يقول محمد كمال عقدة نائب الرئيس للشؤون الاقتصادية والتعاون الدولي لدى حزب غد الثورة المصري: “الفرد يجب أن يكون حذِّراً جداً في التعامل مع هذه العملات الرقمية، يجب أن تكون لديه خبرة تنكولوجية وأن يكون مستخدماً عالياً في التكنولوجيا ويفهم الفرق بينها، وثم عندما يستثمر بها يستثمر ما هو مستعد أن يخسره. رأينا كيف أنها ارتفعت بدرجات جنونية وهبطت في أوقات مختلفة بدرجات جنونية”.

يُتابع: “أنا أقول استثمر في العملات الرقمية عندما لا يكون هناك كلام عليها في الإعلام ولا في المحطات ولا في السوشال ميديا، لكن عندما يكون الكلام كثيراً عليها إذاً سعرها سيكون غالياً جداً، ولا أحبذ الاستثمار فيها في هذا التوقيت، لكن عموماً هي نوع من أنواع الاستثمارات الموجودة وكل الاستثمارات فيها مخاطر وفيها محاسن والشخص يقرر هنا مدى تقبله للمخاطرة ومدى تقبله لاحتمال الخسائر”.

العملات الرقمية
صورة متداولة تظهر عملة داش الرقمية المشفرة

¶ مخاطر العملات الرقمية اقتصادياً وفنياً

الخبير الاقتصادي محمد كمال، يوضح لوكالة “ستيب الإخبارية” أن من مخاطر العملات، هي أولاً أنه لا توجد سلطة مركزية، ويعتبره بعض المتحمسين لها أنها شيء جيد، ولكن الواقع يقول إننا بحاجة إلى سلطة مركزية من ناحية الإجراءات والتقنين والمحاسبة، والشيء الآخر أن العملات تحتاج أن تكون سهلة التداول ووحدة قياس، والوحدات الرقمية حتى الآن لا نستطيع أن نستخدمها لا وحدة قياس ولا يسهل تداولها. مازال هناك عقبات أمام التداول في المحافظ الرقمية سواء كان يقوم بحملها شخص أو عن طريق شركة تداول، وأصبح هناك أزمات كثيرة حولها وتمّ اختفاء عدّة محافظ سواء سرقات أو عن طريق خلل تكنولوجي.

وبحسب متداول العملات الرقمية أحمد السقال، لا توجد أي مخاوف في الوقت الحالي أو في المستقبل، لأن الرقابة على البلوك تشين، صعبة جداً وهي عبارة عن محفظات وشبكة إلكترونية من الصعب أن يتمّ مراقبتها، قائلاً: “لا أعتقد أن هناك أية مخاوف حيال ذلك”.

ويضيف لوكالة ستيب: “لكن من مخاطرها والتي تأثر سلبياً، هي ما تتعلق بتناقل الأموال بين الإرهابيين بشكل أسهل، كما أن تبييض الأموال أصبح سهلاً باستخدامها”.

الباحث محمد فؤاد فخرالدين، يُشير إلى أن العملات الرقمية حتى الآن لم تدخل في حيّز التداول كما يفترض بالعملات، حتى وإن توفرت بعض الخدمات التي تقبل بها كوسيلة دفع، ولكن من الجانب التقني فمشاكلها تنحصر في احتمالية قيام جهة ما أو دولة بتوفير أكثر من 50% من أجهزة التعدين وحفظ السجلات، فبالتالي تستطيع التحكم الكامل في مجمل السلسلة أو تشجيع العمليات غير شرعية على الإنترنت أو غسيل الأموال، ولكن تظل أكبر مشكلة هي عدم ارتباطها بقيمة ما.

إلى ذلك، يؤكد رجل الأعمال العراقي عامر الداؤودي لوكالة “ستيب الإخبارية” أن مخاطر العملات الرقمية المشفرة على القطاع المالي “مرتبط باستخدام العملات وبتقلب الأسعار، ونظراً للتزايد الكبير في حجم المتداول في الأسواق يمكن أن تشكل هذه العملة تهديداً للاستقرار المالي إن لم يتمّ السيطرة عليها ووضعها في قوالب قانونية تحكمها تشريعات واضحة”.

العملات الرقمية
صورة متداولة تظهر عملة الإيثريوم الرقمية المشفرة

¶ نقاط ضعف العملات الرقمية

لكل العملات نقاط ضعف عند صدورها أو تداولها بشكل رسمي لأوّل مرّة، وهو ما يجعل التعامل أو الاستثمار بها محاطاً بالقلق.

كمال عقدة، يقول إنَّ نقطة ضعف العملات الرقمية هي أنها ليست وحدة قياس وليست سهلة التداول وغير مفهومة، مثلاً عندما يقول أحدهم 10 دولار في أي مكان بالعالم معروف ما هو والعقل يفهمها فوراً، ولكن لو قال 10 بيتكوين هنا نسأل كم من البيتكوين يشتري هاتفاً أو قهوة أو أي شيء!؟.

ويواصل كلامه: “الشيء الآخر هو مسألة تأمين العملات الرقمية، هناك كلام أنها مؤمنة وأنه يصعب التجسس عليها، وأثبت أن كل هذا الكلام خطأ ويمكن أنها ليست مؤمنة بدرجة كبيرة ويمكن القرصنة الإلكترونية على العملات الرقمية وشركات تداولها طبعاً بسبب غياب الرقابة عموماً”.

ومن جانبه يرى فخرالدين أن عدم ارتباطها بغطاء من القيمة، مثل الذهب أو البترول يمثل نقطة ضعف كبيرة.

العملات الرقمية
صورة متداولة تظهر عملة النيم الرقمية المشفرة

¶ إيجابيات العملات الرقمية

كما أن للعملات الرقمية مخاطر ومخاوف وسلبيات كثيرة تمّ ذكرها آنفاً، لها محاسن أيضاً.

حيث أصبح من السهل نقل الأموال من جهة لجهة؛ وكذلك لتحويل الحوالات أو الرواتب خلال ثوانٍ معدودة، فمثلاً الراتب الذي كان يستغرق وقتاً طويلاً عن طريق البنك بالإضافة إلى التعرض للمسألة، هنا يمكنك تحويلها خلال ثواني لأي محفظة ثانية، يقولها السقال.

ويتابع: “لم تبقَ هناك رسميات تتعلق بالفواتير، بات بإمكانك تحويل أي مبلغ خلال مدة زمنية قصيرة، وبالتالي الطرف الآخر يستطيع تلقيها بسهولة”.

¶ ماذا عن التطبيقات المرتبطة بالعملات!؟

ظهرت الكثير من التطبيقات على التواصل الاجتماعي لا سيّما التلغرام، تتعلق بالعملات الرقمية ويفيد أصحابها أن الضغط المستمر عليها يمنحك الفرصة للحصول على عملات رقمية كالبيتكوين من خلال تطبيق “بوت” والبي الصيني، وغيرها الكثير.

العملات الرقمية
صورة لتطبيق “بوت” يقول مالكوها إن الضغط عليها يمنحك عملة البيتكوين

يقول متداول العملات الرقمية أحمد السقال، إنَّ هذه التطبيقات لا يوجد منها أي فائدة، وما هي إلا لجذب الزبون وتنشيط تلك المجموعات والتطبيقات.

العملات الرقمية
صورة لتطبيق البي الصيني ويقول مالكها إنها تمنحك عملة البي

¶ تأثير العملات الرقمية على الدولار

يقول كمال عقدة: “لا أعتقد أن العملات الرقمية ستؤثر صعوداً وهبوطاً على العملات الأساسية مثل الدولار الأمريكي والعملات الأخرى، إذا أثر هنا على حجم الاقتصاد وصحة الاقتصاد وصحة التعامل والإنتاج”.

ويضيف: “عموماً العملات الرقمية غير مربوطة بإنتاج، وهي مكان لتخزين الأصول والأموال أكثر من أنها مكان للاستثمار”.

¶ الفرق بين العملات الرقمية وأفضلها للتداول والاستثمار

هناك أربعة الجوريزم (algorithm)، يتمُّ تطبيقها على العملات الرقمية، وهي:
1- Proof of Work (PoW).
2- Proof of Stake (PoS).
3- Tokens.
4- Stablecoins.

ـPow: يعتمد عليه تقنية (Blockchain)، مثل البيتكوين
و هو نظام آمن جداً حتى الآن ولن يستطيع أحد تغييره إلا إذا قام بالتحكم في أكثر من 50% من أجهزة الشبكة، ولكن هذا الجوريزم (خوارزمية) يتطلب أجهزة قوية جداً.

ــPos: أسرع في تنفيذ العمليات ولا يحتاج إلى أجهزة قوية جداً، ولكن يُعيبها أنها أقل أماناً من البروف أوف ورك (pow)، وأيضاً تميل إلى تركيز الأرباح في التحكم في عمليات السلسلة إلى مستوى مركزي على عكس لا مركزية العملات الأخرى، والأمثلة عليها هي عمالة (dash) وعملة إيثريوم، حيث تحاول الانتقال لهذه التقنية.

ــTokens: ما يتمّ بناؤه على السلاسل القائمة بالفعل وله تطبيقات عديدة مثل تسجيل الأصول العقارية أو حسابات الشركات، وأشهر عملاتها (BAT) و (ether).

ــStable coins: يتمّ ربطها بقيمة حقيقية للعملات والشركات المصدّرة لها، تروج لنفسها بثبات قيمة عملتها وأحياناً يتمّ ربطها بأصول ذات طبيعة إبداعية مثل الصور والرسوم، ويُعيبها تحكم الشركات فيها، وأشهر مثال لها هي عملة (Libra) المعلن عنها من الفيسبوك، يقولها الباحث الاقتصادي محمد فؤاد خيرالدين.

العملات الرقمية
صورة متداولة تظهر عملة ليبرا الرقمية الخاصة بموقع فيس بوك

وبحسب الخبير الاقتصادي محمد كمال عقدة، توجد فروق بسيطة نسبياً بين العملات الرقمية المشفرة، غير أن هناك فرقين كبيرين بين البيتكوين والإيثريوم.

يقول: “نظام العملات الرقمية كتكنولوجية ممتازة جداً ولها تطبيقات مختلفة يمكن استخدامها في عدّة مجالات بعيدة عن المجال المالي وبعيدة عن مجال التداول، عموماً هي تكنولوجيا مهمة جداً، وهنا يجب أن نفرق ما بين التكنولوجيا والعملات نفسها”.

ويتابع: “عملة الإيثريوم فيها ميزة، وهي أن لغة البرمجة فيها قابلية أن يتمّ بناء تطبيقات كثيرة جداً عليها. شخصياً أرى أن المستقبل سيكون لإيثريوم وليس للبيتكوين، عموماً البيتكوين كانت البداية ويوجد ألغاز حولها حتى الآن لا يعلم كم من متداول منها تحديداً، ولا يعرف من هو مصممها ومخترعها ومن هم المحتفظين بالكود الأصلي البرمجي لها”.

¶ الدول المستفيدة وغير المستفيدة من العملات الرقمية

بحسب خبراء اقتصاديون، الدول التي تمتلك تكنولوجيا عالية، هي غالباً المستفيدة أو التي ستستفيد من هذه العملات، على عكس ذلك الدول المتخلفة تكنولوجياً هي غير المستفيدة عموماً.

وفق الباحث في علوم البيانات محمد فؤاد فخرالدين، فإن جميع دول العالم تقريباً لها مشاريعها المتعلقة بإصدار عملتها الرقمية المبنية على تقنية الــ(block chain)، وجميعها متضررة بالتأكيد حيث أن هذه العمليات لا تحتاج إلى بنك مركزي وتفقده سلطته.

وهناك عامل مهم وهو أن إصدار العملات الرقمية يحتاج إلى معرفة وخبرات تقنية وبنية تحتية مناسبة لا تُتاح بسهولة لدى الدول الفقيرة، وتعدين هذه العملات وإنشاء شبكات ضخمة من مزارع التعدين يحتاج إلى استثمارات ضخمة، وقدرة (Processing power) لا تُتاح في معظم الدول الفقيرة،

بالإضافة إلى تزويد الطاقة.

shutterstock 508153846

إلى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي محمد كمال عقدة أنه حتى الآن لا توجد دول مستفيدة من العملات الرقمية المشفرة، وحتى الآن غير واضح إذا كانت ستؤثر على بعض الدول، لكن دولة مثل الصين جربت العملات المشفرة واستخدمتها وخزنتها، من الممكن أنها ستسفيد منها.

يرى السقام، أن دولة مثل سوريا سيكون تداول العملات الرقمية فيها مطولاً، لأنها متأخرة عن باقي الدول.

إلى ذلك، يقول الداؤودي: “إننا في الشرق الأوسط وخاصةً في العراق من الناحية العملية متأخرين جداً عن مواكبة التطور السريع الذي يشهده الاقتصاد العالمي، فجميع الشركات المحلية في العراق هي خدمية أو إنتاجية صغيرة لتلبية جزء صغير من الاحتياجات المحلية، وبما أن النظام الاقتصادي العراقي لازال على النمط التقليدي القديم لذلك نظام الشركات المحلية لازالت متأخرة جداً عن نظيراتها العالمية”.

¶ تعامل الدول المعاقبة اقتصادياً مع العملات الرقمية

يقول متداول العملات الرقمية أحمد السقال، إنَّ إيران وكوريا الشمالية بدأتا باستخدام العملات الرقمية منذ سنوات، لافتاً إلى أن كوريا الشمالية والجنوبية من الدول التي تستخدم العملات الرقمية منذ 5 سنوات، وهي إحدى أكبر الدول التي أثبتت قوتها باستعمالها، وكذلك الفيتنام والصين من أكبر الدول التي تستعملها.

ويُضيف: “كوريا الشمالية تستعملها حتى تنقل أموالها من بلد لبلد، إيران مؤخراً بعام 2019 بدأت تستعمله لتمويل بعض المجموعات مثل حزب الله وغيرها، لأنه أصبح من الأسهل نقل ملايين الدولارات من مكان لمكان بدون حوالات أو تبييض أموال”.

ويتابع: “بالنسبة لسوريا لم يصل هذا الاختراع بعد إليها، ولكن رؤوس الأموال الكبيرة المحيطة بالنظام السوري يستخدمونها لنقل أموالهم من بلد لبلد، مثلاً من دبي لسويسرا أو لباريس عن طريق استخدام العملات الرقمية، طبعاً أقصد رؤوس الأموال الكبيرة المرتبطة بالنظام السوري”.

¶ العملات الرقمية والاستثمار بها من الناحية الشرعية

يبدو أنّ الجدل المحتدم حول العملات الرقمية، وفي القلب منها البيتكوين، لن ينتهي بسهولة، فلم يعدّ قاصراً على الخلاف حول مخاطرها ومستقبلها، بل امتد إلى مدى جواز الاستثمار بها من الناحية الشرعية.

في يناير الفائت، أصدرت دار الإفتاء المصرية بياناً حرّمت فيه تداول العملة الرقمية المشفّرة محددةً على وجه الخصوص عملة “البيتكوين”، والتعامل معها بالبيع والشراء والإجارة والاشتراك فيها، وفقاً لما ذكره الموقع الرسمي لاتحاد الإذاعة والتلفزيون حينذاك.

بعد ذلك، قال عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، عبد الله المنيع، إن التعامل بالعملات الرقمية، مثل البيتكوين، يعتبر “محرماً”، كما صدرت فتاوى مماثلة في عدد من الدول العربية منها ليبيا والكويت وغيرهما.

يقول الدكتور في إدارة الأعمال محمد سهيل الدروبي، وهو أستاذ في قانون الأعمال والشركات وتمويل الأعمال وإدارة المخاطر والتمويل الإسلامي والصيرفة الإسلامية والتأمين التعاوني والإسلامي، لوكالة ستيب الإخبارية: “أنا مع تحريم المضاربة بالعملات الرقمية، ليس فقط لأنها عالية المخاطر وإنما لأن فيها أيضاً جهالة واضحة وغرر من حيث الماهية والقيمة الحقيقية، وهي بالتأكيد تشبه القمار وتشاركه علل تحريمه”.

ويُضيف: “الاستثمار بالعملات الرقمية صراحة لا يمكن لعاقل نزيه متخصص أن ينصح بها، فما قيمة البيتكوين الحقيقية في الواقع لا قيمة لها إلا من خلال المضاربة والطلب، وارتفاع سعرها في السنوات الماضية لا أساس موضوعي له ولا مبرر ملموس سوى زيادة الطلب وانخفاض العرض وزيادة الطلب إن وجد له سبب غير المضاربة وهوي الربح السريع، فليس سوى محاولات لتهريب أو تغطية مصادر الأموال المشبوهة”.

ومن الممكن أن تنخفض قيمتها بشكل كبير وأيضاً دون أسباب ذات معنى أو قابلة للقياس، على عكس العملات التقليدية التي تصدرها الدول وبنوكها المركزية التي تعتمد في قياس قيمتها بالحد الأدنى على الناتج القومي، بالإضافة إلى ما تملكه البنوك والدول من احتياطيات من العملات الصعبة والمعادن الثمينة، إضافةً إلى مخاطر العملات الرقمية النابعة من فقدان أي أساس ذو قيمة تعتمد عليه، يمكن تصور مخاطر أخرى على سبيل المثال الفيروسات الرقمية أو فقدان رمز الدخول إلى الحافظة والكل لا بدّ سمع بالذي فقد الملايين من العملات الرقمية نتيجة نسيانه رمز الدخول وآخر لضياع أو تلف (هارد ديسك)، يقولها الدروبي.

ويتابع: “أعتقد أن أي استثمار بالمضاربة بالعملات الرقمية وحتى بغيرها مصيره الخسارة في نهاية الأمر”.

¶ تأثير الدول على الفتاوى الخاصة بالعملات

وحول تأثير الدول على الفتاوى الخاصة بالعملات، يرى الدروبي أنه ربما يكون هناك تأثير، ولكن بالنسبة للعملات الرقمية الأمر واضح وأن يكون للعملة الرقمية قيمة حقيقة إلا أو أصدرتها واعتمدتها دولة معينة وبنك مركزي يوماً ما كبديل جزئي أو كلي عن عملتها الوطنية وخضعت لرقابة المصارف المركزية.

ويتابع القول: “كما أن ارتفاع قيمة البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى وعدم استقرار قيمتها، إضافةً إلى انسياق البعض إلى المضاربة الهوجاء، يعود في الأساس إلى أن أصحاب الأموال غير مشروعة المصدر كأموال المخدرات والفساد والمنظمات الإجرامية وجدوا في هذه العملات وسيلة سهلة لنقل وتحويل وتداول الأموال القذرة خارج رقابة وسيطرة البنوك المركزية وجهات الرقابة، وخاصةً أن بعض الجهات والشركات أصبحت تقبل الدفع بالعملات الرقمية مقابل شراء أصول”.

¶ الحكم القانوني لمتداولي العملات الرقمية في بعض الدول العربية

∆ العراق: أكد البنك المركزي العراقي، أنه لا يتعامل مع عملة البيتكوين (Bitcoin)، محذراً من أن المتعاملين بها سيخضعون لإحكام قانون غسل الأموال رقم (13) لسنة 2015 والقوانين ذات العلاقة بهذا الخصوص.

∆ السعودية: لم يتم حظر البيتكوين من قبل أي طرف حكومي في المملكة العربية السعودية، ولكن حذرت سلطة النقد العربي السعودي فقط من استخدامها لأنها عالية المخاطر، ولن يستفيد تجارها من أي حماية أو حقوق.

∆ الأردن: يحظر البنك المركزي الأردني على البنوك وصرف العملات والشركات المالية وشركات خدمة الدفع من التعامل بالبيتكوين أو العملات الرقمية الأخرى، محذراً الجمهور من مخاطر البيتكوين، وأنها ليست عملة قانونية.

∆ لبنان: أصدرت الحكومة اللبنانية، تحذيراً يثني عن استخدام بيتكوين وأنظمة أخرى مماثلة.

∆ مصر: حذر البنك المركزي المصري، من تداول العملات الافتراضية المشفرة مثل “البيتكوين” أو الاتجار بها نظراً لـ”المخاطر المرتفعة بشأنها”.

وأكد البنك على أهمية الالتزام بما تقضي به المادة (206) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020، والتي تحظر إصدار العُملات المشفرة أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها، وتؤكد اقتصار التعامل داخل جمهورية مصر العربية على العملات الرسمية المعتمدة لدى البنك المركزي.

¶ مستقبل العملات الرقمية

يرى الخبير الاقتصادي محمد كمال عقدة، أن مستقبل العملات الرقمية المشفرة “سيكون كبيراً، لأن هذا هو مستقبل العملات عموماً”.

في حين يعتقد رجل الأعمال العراقي، عامر الداؤودي أن تطورها سيكون إيجابياً جداً على الأسواق العالمية ومحفزة للاقتصادات، وبأن التطور التكنولوجي في عالم الاتصالات والبرمجيات في العقود الأخيرة غيرت وجهة العالم عن سابق عهدها؛ لذلك كان لا بدَّ من التحول النوعي في التعامل النمطي مع العملات الملموسة (المادية).

من جهته، يؤكد الباحث محمد فؤاد فخرالدين، أنه لو لم تكن هناك حاجة لنظام مالي وبنكي جديد لما ظهرت العملات الرقمية من الأساس، قائلاً: “ربما كانت المضاربات الضخمة قد تسببت في صعود أسعارها، وهناك العديد من التقنيات الرائدة والهامة التي تقوم بالاعتماد على تقنيات الـ(block chain)، فالتقنية باقية لكن تطبيقاتها مثل العملات الرقمية قد تشهد تطوراً مثلما رأينا مؤخراً من عام 2018 في (stablecoin) وربطها بغطاء من القيمة المرتبطة بالعمليات الإبداعية”.

ويضيف: “لا يوجد من يستطيع التنبؤ بقيمة العملات في المستقبل في حال العملات الورقية فما بالك بالرقمية التي تتميز بتقلبها الشديد في الأسواق”.

إعداد: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى