حورات خاصةسلايد رئيسي

قضية سد النهضة من وجهة نظر أثيوبيا.. ما شروطها وأهدافها وهل من حل عسكري

ما تزال مجريات المفاوضات حول سد النهضة تتعثر بين الدول الثلاث “مصر والسودان وأثيوبيا”، وكل منها تحمل وجهة نظرها الي تشبث بها دون تنازل، بالتزامن مع استمرار الاستعدادات الأثيوبية لعملية الملء الثاني خلال الأشهر القادمة رغم التحذيرات السودانية والمصرية.

وعلى إثر تجري مصر والسودان لقاءات عسكرية وسياسية وفنية متواصلة لبحث سبل الرد وإيجاد حل، بينما تؤكد أثيوبيا طرحها لمبادرات حسن نيّة مع الاحتفاظ بحقها في مياه النيل.

فهل قد نشهد صراع عسكري بين الدول الثلاث على سد النهضة، وما وجهة النظر الأثيوبية من المفاوضات، وللحديث عن ذلك حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” كل من ياسين أحمد، رئيس المعهد الأثيوبي للدبلوماسية الشعبية، وموسى شيخو، الكاتب والباحث السياسي الأثيوبي.

 

إعلان المبادئ حول سد النهضة عام 2015

يوضح رئيس المعهد الأثيوبي للدبلوماسية الشعبية، ياسين أحمد، أن أثيوبيا تنطلق من إعلان المبادئ العامة التي تم الاتفاق عليها في 2015 في الخرطوم والذي يعطي لأثيوبيا الحق بالملء الأول والثاني والثالث والرابع على اعتبار أن الاتفاق نص على التعاون في التشغيل وملء خزان سد النهضة خلال مرحلة بناء السد.

ويقول: “اعتقد أن أثيوبيا كما صرح آبي أحمد، فإن الملء الثاني لن يضر في دولتي مصر والسودان لأن ذلك سيكون في موسم الأمطار، كما يعتبر الملء الثاني من ضمن عملية البناء حيث أنه إذا لم يتم الملء الثاني فسيؤثر على العملية الإنشائية من الناحية الفنية، وبما أن الملء الثاني خلال فترة موسم الامطار حيث سيكون لمدة ثلاث أشهر بدءاً من شهر يوليو القادم، وبالتالي الملء الثاني طبيعي ولن يضر بمصر والسودان”.

ويؤكد أن ملء سد النهضة سيكون خلال 7 سنوات وكل سنة سيكون هناك نسبة من مياه النيل، حتى الوصول إلى 64 مليار متر مكعب، والملء المرحلي لسد النهضة لن يكون له تأثير على دولي المصب “مصر والسودان”.

 

مخاوف مصر والسودان من سد النهضة وطموح أثيوبيا

يتحدث ياسين أحمد حول مخاوف مصر والسودان من سد النهضة، معبراً أنها غير منطقية.

ويقول: ” مصر لديها احتياطي من مياه النيل في السد العالي حيث يوجد فيه 162 مليار متر مكعب من مياه النيل وبحيرة ناصر والتي تكفي لمصر لمدة 5 سنوات، والملء الثاني لن يضر بمصر باعتراف وزير خارجيتها سامح شكري”.

ويضيف: ” مصر اليوم تتكلم عن مخاطر الملء الثاني على السودان وهو نوع من الوصاية المصرية على السودان، رغم أن وزير الري السوداني السابق، عثمان التوم، قال إن سد النهضة مفيد للسودان، بينما وزير الري الحالي، ياسر عباس، تحدث عن تهديداته”.

وأكد “أحمد” أن أثيوبيا تراعي مخاوف دولتي المصب “السودان ومصر” وتتفهم هذه المخاوف، ولذلك أقدمت على مبادرة تحدث عنها وزير الري الأثيوبي حول تبادل البيانات والمعلومات مع دول المصب، وبالتالي تبديد المخاوف، لكن مصر والسودان رفضتا المبادرة الأثيوبية، وأصبح بذلك موقف الدولتين هو المتعنت بينما أثيوبيا أثبتت حسن نيّهتا.

ويشير إلى أن هدف أثيوبيا من سد النهضة هو انتاج الكهرباء وليس حجز المياه، ولم يتم بناء السد من أجل الاستهلاك المحلي، بينما سيتم حبس المياه لمدة محددة لإنتاج الكهرباء وبعدها ستدفق المياه من خلال التوربينات الخاصة بالسد إلى مصر والسودان.

 

سبب فشل المفاوضات وتدويل القضية

شهدت المفاوضات حول سد النهضة مؤخراً حالة من الشد والجذب بين مصر والسودان اللتان تسعيان لإشراك المجتمع الدولي والأمم المتحدة في مراقبة المفاوضات والوساطة بها، وأثيوبيا التي تسعى لإبقاء القضية في البيت الداخلي الأفريقي.

يقول ياسين أحمد: ” أثيوبيا ترفض الوساطة الرباعية الدولية وتدويل القضية في مفاوضات سد النهضة لسببين، الأول هو بإعلان المبادئ بنصوصها العشرة تم الاتفاق خلالها على أن التفاوض يكون بين الدول الثلاثة برعاية الاتحاد الأفريقي أو في حالة اللجوء لطرف رابع يجب أن يكون باتفاق الأطراف الثلاثة، بينما ما تقوم به مصر والسودان هو خرق لاتفاق 2015، لذلك أثيوبيا ترفض نتيجة عدم التوافق وكونها تعتبر هذه القضية من ضمن المشاكل الأفريقية، وهناك المجتمع الدولي يمثل كمراقبين في المفاوضات”.

ويتابع: ” أما السبب الثاني هو الخوف من تداخل الأجندات الخارجية والتعارض بين المصالح الدولية والمحلية والإقليمية”.

ويشرح “احمد” أن من أفشل مفاوضات كينشاسا هم مصر والسودان، حيث أن أثيوبيا طرحت أن يكون هناك اتفاق مرحلي قبل الملء الثاني إلا أن مصر والسودان رفضتا، وحاولتا فرض الوساطة الرباعية الدولية.

ويشير إلى أن أثيوبيا بادرت وحاولت إنجاح مفاوضات كينشاسا وما تزال لديها أمل في رئاسة جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ترأس دول الاتحاد الأفريقي، وكان هناك حديث بأن رئيس الكونغو سيقدم خارطة طريق للمفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

ويتوقع رئيس المعهد الأثيوبي للدبلوماسية الشعبية، الوصول لتفاهمات خصوصاً مع جدّية المجتمع الدولي، معتبراً أنه لا يلزم سوى بعض التنازلات وإعادة بناء الثقة بين الأطراف والإرادة السياسية وتقديم المصالح المشتركة وتقديم التعاون الاقتصادي الإقليمي.

اقرأ أيضاً: بيكيلي يؤكد أن المخارج السفلية لسد النهضة بدأت العمل.. ويكشف تأثيره على مصر والسودان

 

الخيار العسكري في قضية سد النهضة

يؤكد ياسين أحمد خلال حديثه مع وكالة ستيب الإخبارية بأن الخيار العسكري للتعامل في قضية سد النهضة غير وارد لسببين.

ويقول: “السبب الأول هو أن سد النهضة هو مشروع مدني لا يشكل خطراً أمنياً أو عسكرياً على دولتي المصب، وأثيوبيا كانت قد حرمت لأكثر من 100 عام من الاستفادة من مياه النيل وتطبيق قانون مجرى المياه الدولية الغير ملاحية والذي أقر في الأمم المتحدة سنة 1997 و2014، والذي ينص على أحقية أثيوبيا ولدول النيل الاستخدام المنصف والعادل لمياه النيل، ولأثيوبيا الحق بتوليد الكهرباء من سد النهضة بالوقت الذي 70 مليون من الشعب الأثيوبي يعيش في ظلام دامس”.

ويضيف: ” والسبب الثاني هو أن مصر لا تستطيع الإقدام على عمل عسكري، وذلك لأن مصالح حلفاء مصر الإقليميين والدوليين في القرن الأفريقي ستؤدي لعدم قبولهم السماح لمصر تنفيذ أي عمل عسكري، وبالتالي الخيار العسكري مستبعد كونه سيكون خرق للقانون الدولي”.

وطالب ياسين أحمد، رئيس المعهد الأثيوبي للدبلوماسية الشعبية، من موقعه، الدول الثلاث لتغليب مصلحة الشعوب خلال المفاوضات، وضرورة التكامل الاقتصادي الإقليمي بينهم، مشدداً على أنه لا بد أن تكون مياه النيل هي مصدر لتعزيز المصالح المشتركة كونها العامل المشترك تاريخياً بين الدول الثلاث.

شاهد أيضاً: حرب على ضفاف النيل .. هل ستدمر مصر سد النهضة أم أن أثيوبيا سترضخ لطاولة المفاوضات

 

جدّية أثيوبيا بإيجاد حل لقضية سد النهضة

بدوره تحدث الكاتب والباحث السياسي الأثيوبي موسى شيخو، حول جدّية القيادة الأثيوبية في إيجاد حل من خلال المفاوضات مع مصر والسودان.

ويقول: ” أثيوبيا جادة منذ البداية ودراسات سد النهضة مضى عليها عشرات السنين، وتعتقد أثيوبيا بأن الملء الثاني لن يضر بمصر والسودان وخاصة بعد المقترح بإشراك خبراء الدولتين في عملية الملء، وإعطاء السودان الحق بالاطلاع على المعلومات لأخذ احتياطاتها خوفاً من أي ضرر قد يلحقها لاسيما السدود القريبة مثل سد (الروسيس)”.

وأكد أن أثيوبيا تراعي خوف دول المصب ومنها ما تحدث عنه آبي أحمد، رئيس الوزراء من خلال مشاهد تثيبت بأن الماء لا تزال متدفقة وتعمل على تقديم الاحتياطات اللازمة حتى لا تترتب أضرار على الدولتين.

وأشار إلى أن أثيوبيا حريصة بألا يحدث هناك أي مشكلة من ملء سد النهضة، وتتمسك برعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات بعد تجربة “أمريكا” ومجلس الأمن الدولي بدورهم الذين حولوا الملف للاتحاد الأفريقي وأكدوا أن تلك القضية يجب أن حل أفريقياً.

 

محور مشكلة سد النهضة

يوضح الباحث السياسي الأثيوبي موسى شيخو بأن توسيع دائرة الوساطة الدولية يأتي في وقت كادت هذه المفاوضات أن تنتهي بشهادة مسؤولين مصريين وسودانيين وبأنها وصلت لأكثر من 95 بالمئة، متسائلاً عن الداعي لإقحام الوساطة الدولية.

ويقول: ” أثيوبيا تعتقد بأن مصر والسودان يعملان على تسيييس أزمة سد النهضة ويربطانه بملف الحدود مع السودان ومع محاولة مصرية لاستمرار حضورها الأفريقي خوفاً من نهضة أثيوبيا التي ستصبح رائدة ومؤثرة بعد استغلال مواردها”.

ويضيف: ” حتى مفاوضات كينشاسا سبقتها دلائل على الفشل بدأت منذ تهديد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأثيوبيا وفي ظل تصريحات سودانية نارية خارجة عن الخطاب الدبلوماسي الرسمي المتبع للدول، كما خرجت تصريحات من الدولتين عن فشل المفاوضات قبل بدئها، ورغم ذلك شاركت أثيوبيا في هذه المفاوضات في ظل التصعيد غير المسبوق من الدولتين”.

ويتحدث عن استبعاد الوصول إلى اتفاق قبل عملية الملء الثاني لسد النهضة إلا إذا كان هناك اختراق أو ضاغطين دوليين على الدول الثلاث.

ويتابع: ” محور مشكلة سد النهضة والتي لا يريد الحديث عنها أحد، هو أن مصر والسودان يتمسكان بما يسمى الحصة التاريخية من مياه النيل حيث تم الاتفاق عام 1959 بين مصر والسودان أن تأخذ مصر نسبة 55.5 مليار متر مكعب والسودان 18 مليار متر مكعب، وأثيوبيا صفر اليدين”.

ويشير إلى أن الحل العسكري غير وارد خصوصاً في ظل تواجد شركات دولية من دول نافذة تعمل في عملية بناء سد النهضة، لافاً بالوقت نفسه إلى أن مصر قد تعمل كما صرّح الرئيس “السيسي” على عدم استقرار المنطقة، من خلال دعم ميليشيات وحركات انفصالية واللعب على المشاكل الداخلية في أثيوبيا.

اقرأ أيضاً: ما مخاطر ملء سد النهضة ومن يقف خلف تعنت إثيوبيا.. وما الخيارات المتاحة أمام السودان ومصر في الوقت الحالي؟

وعلى الرغم من بقاء الحل في قضية سد النهضة بعيد المنال حيث أن الدول الثلاث تتمسك برؤيتها الخاصة، فإن دول الاتحاد الأفريقي تعمل بجدّية لإيجاد خروقات تقرّب هذه الرؤى بين الدول الثلاث، ويتفق الجميع على أن الحل العسكري مازال مستبعد ولا يتعدى التصريحات الإعلامية.

قضية سد النهضة من وجهة نظر أثيوبيا.. ما شروطها وأهدافها وهل من حل عسكري
قضية سد النهضة من وجهة نظر أثيوبيا.. ما شروطها وأهدافها وهل من حل عسكري

حوار: جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى