حورات خاصة

المرشح الأوفر حظاً للفوز بـ الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. تأثيره ودوره في المنطقة وهل سيتخذ قراراً حاسماً بشأن سوريا ودول عربية أخرى تتحكم بها طهران؟

نشرت وزارة الداخلية الإيرانية القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وضمت سبعة أسماء بعد أن استبعد مجلس صيانة الدستور ثلاثة من أبرز المرشحين؛ وهم الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد ورئيس مجلس الشورى السابق علي لاريجاني والمرشح الإصلاحي اسحاق جهانغيري.

ويرى مراقبون أن هذه الاختيارات غلبت كفة المرشحين من المحافظين المتشددين في الانتخابات المقبلة، بعد أن أعلنت جبهة الإصلاحيين الإيرانية أنها لن تكون ممثلة في الانتخابات الرئاسية في الـ 18 من الشهر المقبل بعد استبعاد كل مرشحيها التسعة.

وتنطلق عملية الاقتراع الجمعة المقبلة، في ظل حالة من الانقسام في الشارع بين مؤيدين للعملية الانتخابية ورافضين لها، وسط الكثير من التساؤلات حول أهمية اختيار الرئيس الجديد والدور الذي سيلعبه وتأثيره على المنطقة، وللحديث حول أهمية الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” كل من السياسي الكردي الإيراني المعارض دارا ناطق، والباحث في الشأن الإيراني، إسلام المنسي.

الانتخابات الرئاسية الإيرانية
المرشح الأوفر حظاً للفوز بـ الانتخابات الرئاسية الإيرانية متشدد ومقرب من خامنئي

الانتخابات الرئاسية الإيرانية

يقول السياسي الكردي الإيراني المعارض، دارا ناطق، إنَّ: “النظام الإيراني لا يؤمن مطلقاً بالانتخابات ولا بأصوات الناخبين، والانتخابات التي تجري في عهد نظام الجمهورية الإسلامية منذ أكثر من أربعين عاماً هي في الدرجة الأولى من أجل خداع وتضليل الرأي العام وشرعنة النظام الاستبدادي واللاشرعي، لأنه لا يوجد في إيران شيء بمعنى ومفهوم الانتخابات والتصويت الحر”.

ويضيف: “وفي الأساس ليس هناك أي دور سياسي أو خدمي هام للشعوب الإيرانية المظلومة و المضطهدة، ولهذا السبب فإن العملية الانتخابية برمتها شكلية، وقبل تصويت الناخبين على المرشحين، المرشح نفسه غير مؤمن بأصوات الناخبين بقدر إيمانه بالنظام الإيراني وبالدرجة الأولى إيمانه وقربه من ولي الفقيه”.

ويتابع ناطق القول: “يجب أن يكون المرشح نفسه محسوباً على النظام الدكتاتوري وإلا لا يحق له الترشح، وفي نفس الوقت أن ينال ذاك المرشح ثقة الجهات الأمنية والأجهزة القمعية التابعة للنظام الإيراني، أي قبل اختيار المرشحين من قبل الشعب يتم اختيارهم من قبل الأجهزة الأمنية والحرس الثوري الإيراني”.

ويواصل حديثه: “كما قلت في الأساس يتمّ التصويت على المرشحين الذين تمّ اختيارهم من قبل النظام وأجهزته القمعية، وبالتالي فهي انتخابات شكلية وغير ديمقراطية ولهذا منذ سنوات يتمّ مقاطعة تلك الانتخابات الشكلية من قبل الشعب الكردي والقوميات الأخرى في إيران وحتى النظام الإيراني يتخذ تلك الانتخابات للدعاية من أجل جر الناس إلى صناديق الاقتراع لشرعنة استمرار نظام ولاية الفقيه ولخداع وتضليل الرأي العام”.

وبحسب السياسي المعارض “لا توجد أية حقوق للأحزاب والمعارضة الإيرانية في البلاد، لأن كل أحزاب وفعاليات المعارضة هي غير قانونية ولا يحق لهم المشاركة في هذه الانتخابات، وكما قلنا إنها انتخابات غير ديمقراطية ولا تعطي أي مجال أو فرصة في مشاركة أي طرف سياسي معارض لهذا النظام. فقط يسمح بترشح الأشخاص الذين يؤمنون بسياسات النظام الدكتاتوري وبشكل خاص بنظام ولاية الفقيه”.

المرشح الأوفر حظاً للفوز بـ الانتخابات الرئاسية الإيرانية

وحول المرشح الأوفر حظاً للفوز بـ الانتخابات الرئاسية الإيرانية، قال ناطق: “حسب الوقائع والمؤشرات والتوقعات، يبدو أن رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، وهو من التيار المتشدد، الأوفر حظاً في تولي رئاسة الجمهورية، لأنه أحد الأشخاص الذين يؤمنون بأيديولوجية وفكر ولاية الفقيه بشكل مطلق”.

وأكمل حديثه: “كما أن رئيسي شخص مؤتمن من قبل خامنئي لتولي رئاسة الجمهورية، ولديه الضوء الأخضر منه وهو رئيس السلطة القضائية وجزء من النظام الإيراني على مدار أكثر من 40 عاماً، والمعروف عنه بأنه أحد أعضاء هيئة الموت، وهو أحد الأشخاص الذين له يد في جرائم القتل الجماعي والإعدامات في إيران بعد الثورة الإيرانية عام 1979”.

وأضاف: “وله دور أساسي في التخطيط ورسم السياسة القمعية للنظام تجاه الشعوب الإيرانية، ويعرف بالقاتل الأول لأحرار إيران هذا من جهة ومن جهةٍ أخرى فالنظام أيضاً يرغب في تسليم رئاسة الجمهورية وكذلك البرلمان للتيار المتشدد، الذي له يد في الجرائم ويؤمنون بفكر وأيدلوجية ولاية الفقيه ويلتزمون بأحكام الأجهزة الأمنية والقمعية، وإبراهيم رئيسي واحد من هؤلاء”.

تأثير الرئيس الجديد على المنطقة

وفيما يتعلق بكيفية تعامل الرئيس المرتقب فوزه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مع الدول العربية كالعراق وسوريا وتأثيره على المنطقة، أوضح المعارض الإيراني أن رئيس الجمهورية لا يملك أي قرار، قائلاً: “هي مناصب كرتونية، أما القرار الحقيقي فيصدر من محاكم الأمر والأجهزة الأمنية ومن الخامنئي”.

ويشير إلى أن “استراتيجية النظام تجاه الدول المجاورة ثابتة ولا تتغير وإيران ترسم وتبني سياساتها تجاه الدول المجاورة على مبدأ تصدير الثورة وعلى التدخل في شؤونهم وخلق أزمات ومشاكل للدول العربية كما في سوريا والعراق واليمن ولبنان وخلق مشاكل للسعودية، ويتم تحديد هذه الاستراتيجية من قبل المراكز الأمنية”.

مضيفاً: “وبتصوري سوف لن يكون للرئيس المقبل سواءً كان رئيسي أو غيره من المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية أي دور. سوف يلتزموا بنفس السياسة والنهج الذي كان يُتَبَع من قبل الحكومات السابقة ويجب ألا ننسى أن الدبلوماسية والسياسة الخارجية الإيرانية تُدار من قبل فيلق القدس. وهنا أود التذكير بأن الإرهابي والمجرم قاسم سليماني هو من كان يدير الدبلوماسية والسياسة الإيرانية تجاه الدول المجاورة والمنطقة وكان لا يحسب أي حساب لرئيس الجمهورية أو لغيره من المسؤولين الإيرانيين”.

مقاطعة الانتخابات الرئاسية الإيرانية

قاطع معارضون للنظام المشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وحول سبب المقاطعة قال السياسي المعارض: “الحركة التحررية الكردية وعلى مدار حكم النظام الإسلامي الإيراني لم تشارك في الانتخابات السابقة ولن تشارك في الانتخابات الحالية أيضاً، لأنها على يقين تام أن لا علاقة لهذه الانتخابات بالديمقراطية وهي بعيدة كل البعد عن التصويت الحر والديمقراطي، والأمر الآخر هو لأن الشعب الكردي في إيران محروم من أبسط حقوقه القانونية والمدنية والسياسية والقومية ولا يحق لكردي أو مسلم سني الترشح إلى منصب رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو البرلمان أو أي منصب سيادي آخر”.

ويتابع القول: “النظام الإيراني لايؤمن بالأكراد أساساً ولا يعطي للكردي أي مجال في الوصول إلى مناصب رفيعة في البلاد، ولا حتى القوميات المضهدة الأخرى.
وحسب الدستور الإيراني لا يحق للكردي الترشح إلى مثل هذه المناصب، وللأسف تم تهميش الشعب الكردي من قبل النظام الحالي ومن قبل الأنظمة السابقة وحرمانه من حقوقه القومية وتعرضه إلى الظلم والاضطهاد القومي”.

وأكد أن “النظام الإيراني يتعامل مع الشعب الكردي من المنظور الأمني وينظر إلى الكردي كمواطن من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة في إيران، ويمارس سياسية يومية ممنهجة وعلى كافة الصعد ضد الشعب الكردي لإبادته وصهره وإذابته في بوتقة القومية الفارسية”.

وصول المتشددين إلى الحكم

يقول الباحث في الشأن الإيراني إسلام المنسي، حول المرشح الأوفر حظاً للفوز بـ الانتخابات الرئاسية الإيرانية: “طبعاً إبراهيم رئيسي هو المرشح الأوفر حظاً، وهو معروف حتى قبل أن يتضح من المقبول للترشح لهذه الانتخابات”.

ويضيف: “مجلس صيانة الدستور، اختار 7 مرشحين فقط من ضمن الأعداد الكبيرة التي ترشحت، لأنه يريد أن يفوز شخص معين وهو إبراهيم رئيسي”، متابعاً “هذا واضح من الشخصيات التي اختاروها ضده، حيث لا يوجد شخص واحد يستطيع أن ينافسه، فبعضهم شخصيات غير معروفة وليس لديهم شعبية كبيرة وبعضهم لا يجرؤ أن ينافس رئيسي، وأبرزهم محسن رضائي الذي فشل في كل الانتخابات التي دخلها قبل ذلك وهذا ما يُسمى في إيران بهندسة الانتخابات، بمعنى أن مجلس صيانة الدستور يهندس النتيجة قبل بدء الانتخابات”.

المنسي، أوضح أن “منصب رئيس الجمهورية في إيران ليس المنصب الأهم وليس المنصب الذي يحدد خطوط العمل للسياسة الخارجية الإيرانية، بل ينفذ السياسة الخارجية التي يختارها المرشد، بمعنى أن هذا الرئيس ليس له دورٌ مؤثر في الاختيار، مثلاً هل ستستمر إيران في العمل بالاتفاق النووي أم ستخرج منه أم غير ذلك من الأمور”.

ويرى الباحث في الشأن الإيراني، أن مجيء الرئيس المقبل من جناح المتشددين وهو إبراهيم رئيسي “سيعكس مزيداً من التناغم بين منصب المرشد وهو الحاكم الفعلي وبين منصب الرئيس، وسيجعل مؤسسات الحكم في إيران أكثر تناغماً بالنسبة للاتفاق النووي”، قائلاً “طبعاً هذا محل إجماع أياً كان الرئيس المقبل، لأن كل المرشحين للرئاسة يريدون أن يعودوا للاتفاق النووي و يضمنوا رفع العقوبات عن ايران وهذه مصلحة إيرانية لا يختلف أحد عليها داخل البلاد”.

وفيما يتعلق بمدى قدرة الرئيس المقبل على تغيير الوضع في المنطقة، قال المنسي: “النظام الإيراني يشجع أحياناً أن يأتي رئيس إصلاحي، يريد أن يتصالح مع المحيط الإقليمي أو مع الغرب، وأن يأتي رئيس متشدد يكون أقدر على القيام بدور يناسب طبيعة توجهاته، ولكن بصفة عامة منصب الرئيس ليس مؤثراً في رسم السياسات العامة للدولة الإيرانية بالشكل الذي يجعلنا نتوقع مثلاً أن يحدث تغير في المشهد العام في المنطقة بسبب قدوم رئيس جديد. هذا لن يحدث”.

وأردف القول: “بالنسبة للمشروع الإيراني في المنطقة لا سيّما في سوريا والعراق، لا يوجد نيّة لدى القادة الإيرانيين لسحب قواتهم أو التخلي عن نفوذهم في هذه المناطق إلا في إطار مقايضة بعض هذا النفوذ، مثلاً في إطار التفاهمات مع الغرب ببعض الإجراءات التي تضمن حماية النظام الإيراني، فقبل ذلك عرضوا المقايضة أو المساومة على نفوذهم في اليمن مقابل تخفيف بعض التشدد تجاه إيران، ولكن لم تلقى هذه الدعوة تجاوباً أمريكياً. فهدف هذه الأذرع حماية النظام الإيراني”.

ويوضح أن “النظام الإيراني يتبنى نظرية أنه طالما أنه ضعيف عسكرياً وطالما أن هدفه الأول حماية نظامه فلا بدَّ له أن يتخذ حزاماً مذهبياً حول إيران، تقوم هذه المصدات المذهبية الطائفية بدور توفير خط الدفاع الأول عن النظام الإيراني كي لا يضطر لمواجهة أعداءه داخل أرضيه، فبالتالي هذه البلدان المنكوبة بالتدخل الإيراني ك سوريا والعراق واليمن ولبنان وغيرها هي في الحقيقة يريد منها النظام الإيراني أن تكون كبش الفداء لأي مغامرات خارجية له ولأي مواجهات بينه وبين الغرب؛ لذلك ليس من الوارد التخلي بسهولة عن هذه الدول التي له فيها تدخل”.

سياسية إيران الخارجية

وفيما يتعلق بميول المرشحين للرئاسة الإيرانية الخارجية، يقول الباحث في الشأن الإيراني: “بالرغم من تبني السياسة الخارجية الإيرانية منذ قيام الثورة عام 1970، سياسة لا شرقية ولا غربية بمعنى عدم الانحياز إلى الشرق أو الغرب، أي إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد السوفيتي حينها أو مثلاً غيرها من القوى الشيوعية، ولكن عملياً النظام الإيراني لا سيّما بجناحه المتشدد يميل نحو القوة الشرقية وهذا ما أعلنه المرشد من قبل سياسة الاتجاه شرقاً أي تعزيز العلاقات مع موسكو وبكين، لأن النظام الإيراني يعلم أن مصلحته مع الشرق وليست مع الغرب”.

ويواصل كلامه: “بعبارةٍ أخرى، هذه النظم السلطوية في الشرق كالنظام الصيني والروسي لا تكثر الكلام حول الديمقراطية ولا تطالب إيران بحقوق الإنسان ولا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، بل تقدم الدعم لكل من يقف في مواجهة القوى الغربية، وبالتالي هي مصلحة مشتركة. رأينا الاتفاقية الشاملة بين الصين وإيران والتعاون مع روسيا، وغالباً ما ينبذ المعتدلون أو من يسمون بالإصلاحيين في إيران بأنهم عملاء للغرب عملاء الولايات المتحدة الأمريكية وعملاء الأوروبيين، للتنفير منهم في الأوساط الشعبية، لأن إيران عانت استعماراً أو عانت من هيمنة القوة الغربية رغم أنها عانت أيضاً من هيمنة الروس تاريخياً، ولكن الآن يعتبر التعامل مع الغرب تهمة”.

حاورتهما: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى