علاقة قضية الفتنة باختيار الرئيس الأمريكي للملك الأردني كأول زعيم عربي يلتقي به
في شهر نيسان الفائت شهد العاصمة الأردنية عمّان أحداثاً غير مسبوقة، حيث أعلنت أجهزة الأمن اعتقال العشرات وفرض الإقامة الجبرية على أحد الأمراء وإفشال محاولة انقلاب على الحكم في الأردن عرفت لاحقاً باسم “قضية الفتنة”.
لم تمضي سوى ساعات على الأمر حتى تهافتت الدول على تقديم بيانات تؤكد وقوفها مع الملك عبد الله، وبدأت لاحقاً تتكشف معالم قضية الفتنة على التوالي.
وللحديث عن مجريات محاولة الانقلاب الفاشلة في الأردن أو “قضية الفتنة”، وعلاقتها باختيار الرئيس الأمريكي جو بايدن للملك عبد الله الثاني ليكون أول زعيم عربي يلتقيه، التقت وكالة ستيب الإخبارية مع الصحفي الأردني، نصر المجالي، المقيم في لندن.
يتحدث الصحفي الأردني نصر المجالي حول طموح الأمير حمزة الحالم بالحكم وكيف أثير هذا الحلم لديه بعد 20 عاماً من حكم شقيقه الملك عبد الثاني بن الحسين.
قضية الفتنة – محاولة الأمير حمزة في الانقلاب الفاشل
يقول: لدى الأمير حمزة طموح في تولي الحكم، لاسيما حين كان ولياً للعهد، إلا أنّ أمر تغييره بالأمير الحسين هو أمر طبيعي ودستوري، وهو ما ينص عليه دستور المملكة من تولي أكبر أبناء الملك سنّاً لولاية العهد.
ويضيف: الأمير حمزة تحرك مؤخراً بشكل يوحي بالخروج عن الحكم والتخطيط لشيء ما من خلال اللقاءات التي كان يجريها مع العشائر داخل البلاد والاتصالات خارجها.
ويوضح “المجالي” أن باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق، والشريف حسن بن زيد، أحد أبناء عمومة الملك كانوا “دينمو” العملية.
ويتابع: جاءت المحاكمة الأخيرة لباسم عوض الله رئيس الديوان الملكي الأردني السابق، والشريف حسن بن زيد أحد أبناء عمومة الملك لتؤكد كل المعطيات، حيث يعتبر الشخصان هما بمثابة “الدينمو” لاتصالات الأمير حمزة في الداخل والخارج.
دول إقليمية متورطة
يؤكد “المجالي” أن المخطط الذي كان يجري الاعداد له، جاء بدعم من دول إقليمية في محاولة للإطاحة بحكم الملك عبد الله بعد أن رأوه عائقاً في طريق مشروع إقليمي.
ويقول: هناك تورط واضح لدول إقليمية بالعملية هدفها زعزعة استقرار الأردن، وقد أشارت بيانات القوى الأمنية الأردنية لذلك دون تسميتها.
ويضيف: إسرائيل كانت إحدى المتورطين بذلك خلال حكم نتنياهو، حيث أن نتنياهو لا يحترم الأردن ولا يحترم أي عربي، وقد تدخل خلال أزمة الأردن فيما يبدو أنه ليزيل عقبة الملك من طريقه وصولاً للخليج.
وأشار إلى أنّ الأمير حسن، عم العاهل الأردني وجّه رسالة إلى الإسرائيليين عبر صحيفة عبرية أكد خلالها بأن إسرائيل لها مصالح مشتركة مع الأردن بدون نتنياهو واليمين المتطرف، وكان هناك رد فعل إيجابي من قبل المعارضة الإسرائيلية.
ويتابع: تزامنت رسالة الأمير حسن مع كشف تفاصيل محاولة الانقلاب الفاشلة وما يعرف بـ “قضية الفتنة”، حيث كان الأمير حمزة مراقب منذ مدة أكثر من ستة أشهر من قبل الأجهزة الأمنية الأردنية، وثبت تماماً عبر مراقبة التحركات والاتصالات بأن الأمير حمزة لديه رؤية طموحة للحكم في الأردن.
مصير الأمير حمزة
في 22 أبريل/نيسان الماضي أفرجت المحكمة عن 16 متهماً من أصل 18 على ذمة القضية بعد توجيه من الملك عبد الله الثاني، وذلك ردا على مناشدة من شخصيات للإفراج عنهم، وفي 12 من يوليو قضت محكمة أمن الدولة بحبس باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، مدة 15 سنة مع الأشغال الشاقة بعد ثبوت تحريضهم على الملك الأردني، لكن ماذا عن الأمير حمزة؟
يقول المجالي: مصير الأمير حمزة اليوم بيد العائلة الحاكمة وفق القانون الأردني، حيث يوجد قانون ينص على معاقبة الأمراء بالعائلة الحاكمة ضمن العائلة وهو قانون عقوبات عالمي وليس بجديد.
ويضيف: من ضمن العقوبات التي قد تصدر على الأمير حمزة وفق قانون العقوبات، رقم 16 لعام 1938 يمكن تنزيل رتبته كأمير وربما تصل إلى النفي، وليس ذلك بمستغرباً أو بعيداً وقد حصل بالعديد من البلدان مثل ذلك، وحتى في بلدان جمهورية مثل سوريا نفى حافظ الأسد شقيقه رفعت حين حاول الانقلاب عليه.
ويؤكد “المجال” أن الملكة نور والدة الأمير حمزة هي مثل أي أم في العالم لديها طموح لتسليم ابنها الحكم وهي تتذرع بوصية الملك الراحل حسين، إلا أنّ ذلك رغم احترام الأردنيين لها وللملك الراحل فإنها غير دستورية ولا يمكن أن تحدث.
ويشير إلى أنّ الأردن سبق أن عاش فراغاً طويلاً بالحكم قبل تولي الملك الحسين حين لم يكن هناك ولياً للعهد وبقي الأردن ينتظر حتى بلغ الحسين الأول عامة الثامن عشر.
حيث أن الأمير حمزة بن الحسين كان ولياً للعهد بوصية الملك الحسين بعد تعيين شقيقه عبد الله ملكاً عام 2000 إلا أنّه أزيح وولي الأمير الحسين الثاني ولياً للعهد بعد ذلك كما ينص الدستور الأردني.
ويتابع المجالي: وطموح الملكة نور هو مشروع لأي أم إلا أنه ليس مشروع لأي وطن يريد أن يستقر.
التدخل الأمريكي ولقاء الملك عبد الله مع بايدن
يشرح نصر المجالي بأن صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب ومستشاره، جاري كوشنر، كان متورطاً في الاعداد للخطة الكبيرة في قضية الفتنة.
ويقول: الرئيس الأمريكي جو بايدن عرف منذ اللحظات الأولى بأن جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب كان متورط في محاولة الانقلاب الفاشلة في الأردن، ويعلم تماماً بأن أي زعزعة للاستقرار في الأردن ستؤثر على المنطقة كلها وأمريكا لا تريد ذلك.
ويضيف: عبّر بايدن عن دعمه تماماً وقد تم تحديد اللقاء بين بايدن والملك عبد الله كأول زعيم عربي يلتقي فيه كنوع من الدعم المباشر لجهود الملك الأردني.
ومع انتهاء قضية الفتنة أو محاولة الانقلاب الفاشلة في الأردن انتهت تماماً أحلام الأمير حمزة ومن معه، وأكدت عموم الدول العربية والغربية بأن الملك عبد الله يعتبر ركيزة أساسية وحليفاً قوياً بالشرق الأوسط لا يمكن الاستغناء عنه، وبذلك أكدت الأردن مجدداً بأن نظام حكمها صلب يصعب اختراقه، ويأتي لقاء بايدن والملك عبد الله في واشنطن حاملاً ملفات إقليمية كبيرة ستكون على عاتق الملك للعمل عليها قريباً.