حورات خاصة

“تونس تتعرض لخطرٍ داهم”.. ماذا بعد قرارات قيس سعيد الحاسمة ومن يتحمل مسؤولية الأزمة في تونس!؟

استند الرئيس التونسي قيس سعيد، في ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد، إلى المادة 80 من الدستور، ليطيح بالحكومة و يجمّد البرلمان، في خطوةٍ وصفها بـ”الاستثنائية”.

و تناقضت التصريحات الدولية حول قرارات الرئيس التونسي، بين من وصفها بانقلاب على الديمقراطية وآخرين أكدوا أنها بمسار صحيح لتحجيم حركة النهضة المحسوبة على الإخوان المسلمين التي حاولت السيطرة على الدولة. 

وجاءت خطوة سعيد بعد يومٍ من الاحتجاجات ضد الحكومة وحزب النهضة الإسلامي، وهو أكبر حزب في البرلمان، عقب زيادة في الإصابات بفيروس كورونا، وتزايد الغضب من الخلل السياسي المزمن والمشكلات الاقتصادية.

قيس سعيد
ماذا بعد قرارات قيس سعيد الحاسمة ومن يتحمل مسؤولية الأزمة في تونس!؟

إلى أين تتجه تونس؟ 

إلى أين تتجه تونس وما وزن القرارات التي أصدرها قيس سعيد وكيف ستؤثر على المشهد السياسي و أبرز السيناريوهات المحتملة أمام تونس خلال الأيام القليلة المقبلة، للإجابة على هذه الأسئلة حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي.

يقول اليحياوي: “الذي حدث البارحة في تونس صراحةً لا يمكن التعبير على أنه انقلاب، لأن شروط الانقلاب لم تتوفر في ما قام به الرئيس قيس سعيد، فليس هناك اعتقالات ولا وضع أفراد قيد الإقامة الجبرية ولا قطع للانترنت، وليس هناك انتشار كثيف للجيوش وإلى غير ذلك من ملامح الانقلاب الذي يمكن توصيفه بانقلاب”.

ويضيف: “يمكن وصف ما حدث بأنه محاولة لاحترام الدستور قدر المُستطاع على اعتبار أنه ثمّة فجوة كبرى في تطبيق الفصل 80 يتعلق بغياب المحكمة الدستورية، والرئيس قيس سعيد لا يتحمل مسؤولية غياب هذه المحكمة، وأيضاً سمح لنفسه بتأويل هذا الفصل وبتأويل الدستور حسب ما أملته الظروف، ومطابقة حقيقةً للواقع الحالي، حيث تتعرض تونس لخطرٍ داهم”.

ويتابع اليحياوي، القول: “المواجهات التي حدثت البارحة بين المحتجين على الحكومة والمطالبين بحظر البرلمان و بإسقاط الحكومة وبعض أنصار حركة النهضة، كان يُنبىء أن ثمّة مواجهات قادمة وأن الأمر لم ينتهِ، خاصةً بعد أن عسكر هشام المشيشي على العاصمة وأغلق كل مداخلها أمام بعض ربما من كان يعتزم المشاركة في الوقفة الاحتجاجية بمناسبة عيد الجمهورية أمام البرلمان”.

المحلل السياسي واصل حديثه: “أمام كل ذلك ربما رئيس الجمهورية، رأى أنه ثمّة خطر داهم أكبر من سابقيه يهدد البلاد وربما الذهاب به نحو الفوضى ووقوع ضحايا ومواجهات بين أفراد الشعب أو بين الأمن وأفراد الشعب، خاصةً بعد أن لاحظنا أن المشيشي قاد وزارة الداخلية بقبضة من حديد وحدث أثناء ذلك انتهاك لحقوق الإنسان وانتهاك للحريات العامة، وغير ذلك خلال الفترة الأخيرة”.

ما وزن القرارات التي أصدرها قيس سعيد

وفيما يتعلق بالقرارات التي أصدرها الرئيس التونسي ليلة أمس الأحد، وتأثيرها على المشهد السياسي في البلاد، قال المحلل السياسي التونسي: “نعم بالنسبة للقرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية البارحة في تصوري أهمها رفع الحصانة عن مجلس النواب وأفراد المجلس النيابي وأيضاً تولي رئاسة النيابة العمومية، نظراً لأن العديد من النواب تتعلق بهم جرائم فساد و إثراء غير مشروع والتخابر مع جهات أجنبية وحتى الاعتداء الجسدي بالعنف”، مضيفاً “وكان بعضهم محل تتبع، بل ومحل أحكام ولكنهم لاذوا بحصاناتهم البرلمانية وأصبحوا يتصرفون وكأنهم فوق القانون وخارجه. هذا واحد من أهم القرارات التي اتخذها الرئيس”.

ومضى في القول: “بقية القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، في تصوري أنه وقع بعض التنسيق أو حديث مع القوى الإقليمية والدولية حول الخطوة التي اعتزم اتخاذها، والضغوطات الدولية والإقليمية شيء طبيعي والآن حنكة الرئيس وفريقه في التعامل مع هذه الخطوات أو الضمانات التي يمكن أن يقدمها إلى هذه القوى الدولية بتواصل المسار الديمقراطي في تونس، هي المحدد الفصل في مدى استجابته للصمود أمام هذه الضغوطات”.

قيس سعيد يضع معالم خريطة طريق

اليحياوي، أوضح أن رئيس الجمهورية خلال الأيام المقبلة، سوف يتولى مصالح الصحة العسكرية، ملف مواجهة كورونا، قائلاً: “الآن سوف يتعزز هذا الملف بتوفير الأوكسجين واللقاحات وهذا سوف تتولاه المؤسسة العسكرية”.

وأكمل حديثه: “معالم خريطة الطريق هذه لم يعلن عنها رسمياً، ولكن أتصور أن الأمر سوف يكون على النحو التالي كما قدمته لي بعض المصادر الخاصة”.

وأضاف: “بعد ملف الصحة يأتي ثانياً، ملف فوسفات قفصة، الذي وقع تعطيله عمداً وهو واحد من الروافد الأساسية للاقتصاد التونسي. أعتقد أنه سوف يوضع بين يدي أجهزة الجيش التونسي لكي يضمن مواصلة العمل داخل فوسفات قفصة”.

و “ثالثاً ما يتعلق بجملة من الإيقافات بحق العديد من النواب والسياسيين الذين تتعلق بهم تهم فساد وتخابر مع جهات أجنبية وغير ذلك، وأيضاً أتصور أن الكثير من القضايا السياسية التي بقيت تائهة في أروقة القضاء التونسي، سوف تجد طريقها إلى النور أخيراً، ورئيس الجمهورية سوف يدفع لإصدار أحكام باتة في هذه القضايا وينشر أحكام للمواطنين”.

“رابعاً لقاءات مع أبرز القيادات السياسية وقيادات المنظمات الوطنية كما يحدث الآن، فهناك لقاء بين الأمين العام لاتحاد الشغل والرئيس قيس سعيد. سوف يلتقي بهؤلاء لبلورة الرؤية للفترة القادمة أو على الأقل يقدم مشروعه للفترة المقبلة فيما يتعلق بتكوين الحكومة وغير ذلك من القضايا”.

“وأخيراً والذي هو الأساس، أتصور سوف نذهب إلى استفتاء حول طبيعة النظام، يعني هل يكون برلماني سيرف أم يكون رئاسي سيرف، بعد أن بين النظام الهجين الذي تيسر تونس على طريقه منذ فترة فشله في إدارة الأمور”.

هل تتجه تونس نحو الأسوأ؟

فيما يتعلق بالقول بأن تونس تتجه نحو الأسوأ وبأن نهاية الديمقراطية التونسية وشيكة أو بأنه ثورة شبيهة بالتي حدثت في دول الربيع العربي، أكد اليحياوي أن “هناك مبالغة في ردة الفعل، وبأن بعض الأطراف تحاول التخويف بمختلف الأدوات التي يشاهدها العالم العربي في الفترة الأخيرة، ولكن لا أتصور أن تونس تذهب في هذا الاتجاه”.

مضيفاً: “أتصور أن تونس كما كانت استثناءً خلال الربيع العربي مازالت استثناءً، وجموع الشعب التونسي الذين خرجوا للاحتفال بالقرارات التي أصدرها قيس سعيد، سوف يخرجون مرةً ثانية في وجهه إذا ما قرر أن يستأثر بالسلطة ويذهب إلى نظام قد يكون غير ديمقراطي أو يكون ديكتاتوري”.

المشيشي قدم مهدي كبش فداء للتهرب من المسؤولية

ردّاً على سؤالنا فيما يتعلق بالوضع الصحي وانتشار فيروس كورونا، وإذا ما كان المشيشي قدم وزير الصحة “كبش فداء” للتهرب من المسؤولية، أوضح المحلل التونسي “بالنسبة إلى إقالة هشام المشيشي لفوزي مهدي وزير الصحة السابق، نعم كان يحاول تحميله المسؤولية طبعاً ويضرب أكثر من عصفور بحجرٍ واحد كما يُقال”.

ولفت إلى أن المشيشي “كان يريد أن يحمل مهدي مسؤولية تدهور الأوضاع الصحية بسبب سوء إدارته لوزارة الصحة وأيضاً تعليق الفشل في مواجهة انتشار فيروس كورونا عليه، وكذلك في محاولةٍ منه للتخلص من أحد رجالات قيس سعيد في الحكومة”.

وختم حديثه، قائلاً: “وبالمناسبة الوزير مُقال منذ فترة طويلة حيث شمله التغيير الذي أراد هشام المشيشي القيام به منذ أشهر في صلب الحكومة، ولكن رفض رئيس الجمهورية لأداء الوزراء المعينين، جعل فوزي مهدي يواصل مهامه على رأس وزارة الصحة. وسؤالكم في محله”.

حاورته: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى