حورات خاصة

التحرش بالنساء في مصر أصبح جناية لا جنحة والقاهرة أخطر مدن العالم عليهن

انتشر مطلع العام الجاري 2021، تقرير صادم من مؤسسة تومسون رويترز، صنّفت فيه القاهرة واحدة من أخطر مدن العالم على النساء، حيث تحدث التقرير عن أن نسبة التحرش بالنساء في مصر تضاعفت بشكل غير مسبوق.

شارك التقرير آراء خبراء وناس من الشارع المصري الذين أكدوا أن الوضع لا يستهان به، ووصل الأمر إلى أن طرح به في أروقة البرلمان المصري الذي ناقش وأقر تغليظ عقوبة التحرش بالنساء في مصر.

وللحديث أكثر عن الوضع في مصر التقت “وكالة ستيب الإخبارية”، الدكتورة أمل فهمي، المديرة التنفيذية لمركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي.

التحرش بالنساء في مصر
التحرش بالنساء في مصر

أرقام صادمة لنسبة التحرش بالنساء في مصر

 

تكشف الدكتورة أمل فهمي بأن الشهور القليلة الماضية حملت العديد من قصص التحرش بالنساء في مصر، حيث أعادت المنصات والمدونات الإلكترونية الاعتداءات الجنسية إلى واجهة النقاش في مصر.

وتقول: وجدت الكثير من السيدات المصريات في هذا الفضاء الإلكتروني ملاذًا آمنًا للتعبير عن معاناتهن، وفي بعض الأحيان لتوجيه اللوم وفضح الجناة. وقد نظر البعض لهذه الحركة باعتبارها حركة محلية تتشابه إلى حد كبير مع الحركة العالمية التي عُرفت بحركة “وأنا أيضًا”.

وتضيف: تعتبر حوادث الاعتداء والتحرش الجنسي من الحوادث المنتشرة بشكل كبير في مصر، وقد ظلت هذه الحوادث لفترة طويلة دون عقاب. فبالرغم من وجود مواد تشريعية تجرم الاعتداء والتحرش الجنسي في مصر، إلا أن أكثر من 90٪ من النساء المصريات أبلغن عن تعرضهن لحوادث التحرش الجنسي في الشوارع.

وتؤكد “فهمي” بأن نتائج المسح العالمي للرجال والمساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (IMAGS)، والذي أُجري في مصر مؤخرًا إلى أن ما يقرب من 60% من المستجيبات اللاتي شملهن المسح تعرضن للتحرش الجنسي في الشوارع. وتُظهر النتائج أيضًا أن ما يقرب من ثلثي الرجال أبلغوا عن قيامهم بالتحرش الجنسي بسيدات أو فتيات.

وتشير إلى أنه وفقًا لنتائج مسح النشء والشباب في مصر (SYPE) لعام 2014 فإن 43.8٪ من الفتيات في الفئة العمرية من 19-29 عامًا تعرضن على الأقل لشكل من أشكال التحرش الجنسي.

 

تغليظ عقوبة التحرش بأمر برلماني

في الـ15 من الشهر الجاري أعلن البرلمان المصري تغليظ عقوبة التحرش بالنساء في مصر، حيث أصبحت جناية لا جنحة، وسجن لا غرامة بعد تعديل القانون، وارتفع الحد الأدنى لعقوبة المتحرش إلى السجن 5 سنوات، وفي بعض الحالات تصل إلى 7 سنوات.

تتساءل الدكتور أمل فهمي: “هنا يثور التساؤل هل من شأن هذه التعديلات المقترحة خاصة تحويل الجنحة إلى جناية وتشديد العقوبة من الحبس إلى السجن، أن تساهم بشكل إيجابي في مكافحة الجريمة أم أن تشديد العقوبة له وجه آخر؟”.

وتقول: حقيقة الأمر أنه لا ينكر أحد خطورة جريمة التحرش الجنسي وأهمية مواجهتها بنصوص عقابية صارمة لتؤدي العقوبة دورها الأساسي كوسيلة ردع خاص (للمجرم) وعام للمجتمع بأسره كي لا يحذو حذو المجرم، إلا أن هذا التشديد له وجوه أخرى قد تؤثر بالسلب على مكافحة الجريمة إذ أن تحويل التحرش الجنسي من جنحة إلى جناية من شأنه أن يتم نظر تلك الجرائم أمام محكمة الجنايات لا الجنح، وهو أمر له عدة تبعات.

وتشرح بأن تحول النظر بالجرائم أمام محكمة الجنايات لا الجنح يؤدي لما يلي:

  • إطالة أمد التقاضي أمام محاكم الجنايات مقارنة بمحاكم الجنح بسبب تعقيد الإجراءات أمام الأولى وخطورة القضايا التي تنظرها والتي قد تصل فيها العقوبة إلى الإعدام.
  • وجود مرحلة إضافية أطول للتقاضي وهي مرحلة الطعن بالنقض أمام محكمة النقض، حيث أن الطعن بالنقض جائز في الجنايات فقط بينما لا وجود له في الجنح إلا ما استثني منها بنص خاص، وهي مرحلة طويلة للغاية إذا أخذنا في الاعتبار حجم الطعون بالنقض التي تنظرها المحكمة والتي قد تستغرق عدة سنوات، بعكس الجنح التي لا يوجد بها نقض ويكون التقاضي فيها على درجتين سريعتين أمام محكمة الجنح ثم أمام محكمة الجنح المستأنفة.
  • صعوبة الادعاء بالحق المدني أمام محكمة الجنيات بخلاف سهولته أمام محكمة الجنح، وهو ما قد يشكل حجر عثرة أمام منظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة.

 

الخوف من المجتمع يعيق حل الأمر

يعتبر المجتمع المصري كسائر مجتمعات الشرق الأوسط المحافظة والتي تخشى فيه المرأة على نفسها من التسلط الذكوري عموماً، لذلك فغالب حالات التحرش بالنساء في مصر تبقى طي الكتمان ولا تخرج للعلن خوفاً من نظرة المجتمع.

تقول الدكتورة أمل فهمي: مازال هناك كثير من الحالات التي تخشي من مواجهة المجتمع بما تعرضت له من تحرش، وتشير جميع الدراسات السابقة في مصر إلى أن غالبية النساء اللاتي يتعرضن للاعتداء الجنسي لا يُبلغن عن الحادثة لأي جهة رسمية.

وتضيف: كشفت نتائج الدراسة السابقة عن نتائج مماثلة، فقد أشارت 95٪ من المشاركات في الدراسة إلى أنهن لم يُبلغن عن حوادث اعتداء جنسي لأي جهة. وفي المقابل من ذلك، فإن بقية النساء اللاتي أكدن على أنهن قمن بالإبلاغ، اتضح أن 68% منهن قمن بالإبلاغ عن الحادثة في أحد أقسام الشرطة، وأن 15% منهن قمن بالإبلاغ على الإنترنت، وأشارت 2.8% منهن إلى أنهن أبلغن عما تعرضن له للخط الساخن الخاص بتلقي شكاوى العنف ضد المرأة.

وتتابع: لكن مؤخراً هناك تزايد كبير في حالات المواجهة والافصاح عن المسكوت عنه خصوصاً مع وجود العديد من الحملات التي تشجع النساء على التحدث عن معاناتهن مع التحرش مثل الحملة المؤخرة التي قام بها مركز تدوين.

ويشير مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي  ECGBVSلعام 2015 أن هناك سنوياً ١٦،٦٠٠ فتاة تتوقف عن التعليم نتيجة لتعرضهن لأشكال مختلفة من العنف الجنسي والتحرش.

 

ماذا على المتحرش بها أن تفعل؟

توضح الدكتورة أمل فهمي بأن على السيدة المتحرش بها مواجهة المجتمع والافصاح عن مكنون معاناتها.

وتقول: يجب عليهن مواجهة المجتمع والافصاح عن مكنون معاناتهن اولا حتى يستطعن الحصول على حقهن ممن تحرش بهن وبالتالي الخروج من دائرة المعاناة النفسية والجسدية والخوف، وثانياً وضع المجتمع أمام مسؤولياته لحماية النساء.

 

وتبقى مشكلة التحرش بالنساء في مصر واحدة من آفات المجتمع التي تنتظر الحلول العملية عبر ردع القانون للجناة وتثقيف المجتمع من خلال منظمات ومؤسسات تعمل على توعية الشباب بخطورة الأمر، لإنشاء جيلٍ جديد قادرٍ على فهم الأخطاء المتوارثة ونبذ النظرة الدونية للمرأة على أنها مجرد “جسد”.

التحرش بالنساء في مصر
التحرش بالنساء في مصر

 

اقرأ حوارات خاصة ومواضيع هامّة على وكالة ستيب الإخبارية

 التحقيقات الخاصة على وكالة ستيب الإخبارية 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى