حورات خاصة

أهداف غير معلنة في مؤتمر بغداد إحداها يخفيه الكاظمي لنفسه وكواليس اللقاءات الثنائية بين الرؤساء العرب

انطلق مؤتمر بغداد اليوم السبت، في العاصمة العراقية حاملاً في طياته ملفاتٍ هامّة للعراق والمنطقة، ولعلّ أبرزها كان ما دار خلال اللقاءات الثنائية التي سبقت كلام الزعماء.

وشهد مؤتمر بغداد لقاءات تاريخية في الوقت والقيمة، من أبرزها لقاء أمير قطر تميم بن حمد، مع نائب رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، ولقاء آخر جمع تميم بن حمد، بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بينما جمع لقاء آخر بين، الملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وعمل رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قبيل انطلاق مؤتمر بغداد على جمع معظم الفرقاء بقمم ثنائية لتقريب وجهات النظر وإضفاء أجواء إيجابية عليه، فيما يصح تسمية مؤتمر بغداد بناءً على ذلك باسم “مؤتمر الأضداد”.

وللحديث عن كواليس اللقاءات الثنائية، وما يحمله مؤتمر بغداد من أهمية استراتيجية للعراق والمنطقة بشكلٍ عام، التقت “وكالة ستيب الإخبارية”، مع الكاتب والباحث السياسي العراقي، نظير الكندوري، ومع الخبير بالعلاقات الدولية، طارق وهبي.

تصمميم منتدى قمة بغداد

أهداف مؤتمر بغداد

يوضّح الخبير بالعلاقات الدولي، طارق وهبي، أن شعار المؤتمر يكشف عن أهدافه التي صاغتها فرنسا تزامناً مع الانسحاب الأمريكي من المنطقة.

ويقول: وراء شعار المؤتمر (الأمن والسلام)، يتلطى الاقتصاد والتجارة، وهكذا أهداف المؤتمر الذي صاغتها فرنسا مع الانسحاب الأمريكي، حيث أن الدور الفرنسي أتى ليملي الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة الأمريكية.

ويضيف: فرنسا تأمل أن إيران الجار الأكثر تأثيراً يتغاضى عن كل هذه الطموحات الفرنسية، والرئيس ماكرون يطمح بحضور مهم على مستوى القيادات الأولى وخصوصاً لدول الجوار (أيران، السعودية، وتركيا)، وهي الاكثر تأثيراً بالسياسة الداخلية العراقية.

 

بشار الأسد خارج القائمة واجتماعات ثنائية هامّة

ويشير “وهبي” إلى أن التزام الكاظمي بعدم إرسال دعوة لبشار الأسد بعلم من روسيا وإيران القوتان اللتان تسيطران على الموقف الأمني داخل سوريا، يأتي لأن فرنسا لا ترى بالأسد شريكاً في المستقبل، وخصوصاً أن أجهزة الأمم المتحدة أصبحت جاهزة للادعاء على الأسد لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.

ويؤكد أن مستقبل سوريا لا يزال ضبابياً لأن دول مجلس الأمن ليست متفقة، وحتى المعارضة السورية الداخلية والخارجية لم تصل إلى قواسم مشتركة، بينما فرنسا غائصة في الملف اللبناني وتأثير سوريا لهذا الملف مضر وهي لا تريد أن يكون للأسد أي تدخل أو موقف قد يأخر أو يؤجج الداخل اللبناني.

ويرى “وهبي أن مؤتمر بغداد يأتي بقاعدة ” أن نجتمع خيرٌ من أن نتعارك”، حيث أن دول الجوار العراقي بحاجة لكي تصل إلى تفاهم، ومهم جداً أن يمر عبر العراق.

ويقول: العراق سيستفيد من خفض حدة الخلافات من دول الجوار، وكما يريد أن يكون منصة لعبور بعض الأهداف الاقتصادية التي يستفيد منها العراق. وهنا باعتقادي سيكون جدولة لعدد من اللقاءات الثنائية بين هذه الدول المتصارعة مثلاً كالسعودية وإيران أو حتى فرنسا وتركيا.

 

الاقتصاد والانتخابات أساس المؤتمر

ويشدد “وهبي” على أن الدعم الاقتصادي مبني على أساس الإرشاد في الموازنة العراقية وخصوصاً أن الانتاج النفطي العراقي يذهب لفساد الطبقة السياسية وأزلامها، وهكذا فإن البعد الاقتصادي سيكون بشكل برمجة لبعض المشاريع التنموية وخصوصاً البنية التحتية.

ويضيف: رأينا أن العراق يعاني من أزمة الكهرباء والمواصلات العامة والاتصالات وبالتحديد الانترنت والجيل الجديد (5G). بينما الرئيس الكاظمي يبحث عن دعم مشروعه المستقبلي لكي يربح أصواتاً خلال الانتخابات البرلمانية القادمة والتي ستحدد مسار العراق في السنوات العشر القادمة.

ويوضّح بأن العراق بحاجة للبعد عن تأثير النفوذ الإيراني وهذا سيكون الهدف الأهم لعدد كبير من السياسيين العراقيين الذين تأكدوا أن إيران لها أجندة خاصة وليست لمصلحة العراق والعراقيين.

ويتابع وهبي: مؤتمر بغداد يأتي بعد القمة الثلاثية العراق الأردن ومصر، والذي سمح للعراق بتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصاديةأ والتي ستفيد كل هذه الدول، وهذا المؤتمر سيكون فاتحة لعدد من اللقاءات الثنائية، أمام إيران وخصوصاً أن التمثيل كان على مستوى وزير الخارجية الجديد “حسين عبدللهيان” وهو الذي كان مكلفاً من قاسم سليماني بالملف العراقي.

ويشدد على أن إيران ستسعى كالعادة أن تبيض صفحتها وتستمع للقادة لكي تصحح أو تلتزم بالعمل من أجل الامن والسلام في المنطقة، بينما التحديات كبيرة لإيران لأن المستقبل ليس مشرقاً بعد وصول الرئيس إبراهيم رئيسي وهو شخصية عليها عدة ملاحظات وبالتحديد في القرارات التي اتخذها في العام ١٩٨٨ بخصوص محاكم الاعدام لعدد كبير من المعارضين الإيرانيين.

ويستطرد قائلاً: إيران إن وصلت إلى اجتماع مع السعودية باعتقادي ستكون وصلت إلى إحدى أهدافها وهو فرض بعض طروحاتها بخصوص الشيعة في العالم العربي.

 

الكاظمي يقود دور إقليمي

من جانبه يرى الكاتب والباحث السياسي العراقي، نظير الكندوري، أن بغداد بقيادة مصطفى الكاظمي، ومنذ تسلمه لرئاسة الوزراء في العراق، تحاول أن تلعب دورًا خارجيًا قويًا يعزز مكانة العراق بين دول الإقليم وباقي دول العالم، بعد غياب طويل عن المشهد الإقليمي والدولي.

ويقول: يطمح الكاظمي تعزيز حظوظه في ولاية ثانية بعد الانتخابات القادمة من خلال نجاحاته في التحركات الدولية بعد فشله في تحقيق شيء على المستوى الداخلي، وكذلك يطمح الكاظمي للتخلص بعض الشيء من النفوذ الطاغي لإيران في الشأن العراقي.

ويضيف: إن الكاظمي وبالرغم من تحركاته الخارجية الكثيرة، لن يصل لتحقيق هذين الحلمين، ويعود السبب في ذلك، إنه لا يرتكز إلى قاعدة داخلية قوية داعمة له، بل أن العكس هو الصحيح، فقد فشل في بسط سلطة الدولة على المجاميع المسلحة الموالية لإيران، وما زال المشهد الأمني تتحكم به تلك المجاميع المسلحة بشكل كبير، كذلك يعتبر العراق وبسبب هذه المجاميع المسلحة، بيئة غير أمنة لأي استثمار أجنبي يمكن ان يعوّل عليه الكاظمي للخروج من أزمة العراق الحالية. كما أن الانفتاح على دول الإقليم ودول العالم، يصطدم بالرغبة الإيرانية التي تريد أن تتحكم بكل ما يخص الشأن العراقي، ولأجل ذلك غالبا ما نرى ردود أفعال سلبية من الأحزاب والمليشيات تجاه رغبة الكاظمي بالانفتاح على دول العالم.

بمشاركة عربية ودولية انطلاق أعمال مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة اليوم
بمشاركة عربية ودولية انطلاق أعمال مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة اليوم

تطلعات خاصّة للدول المشاركة

ويشدد الكندوري على أن مؤتمر بغداد فرصة سانحة لحل الخلافات بين الدول المشاركة، والذي سينعكس إيجابيًا على الوضع الداخلي العراقي، لكن للكاظمي أهداف شخصية مهمة بالنسبة له، فهو يريد تعزيز حظوظه بولاية ثانية والانفكاك التدريجي من الحضن الإيراني.

ويقول: كل دولة لها اجندة تريد تنفيذها من خلال هذا المؤتمر، ففي ما يخص الجانب الإيراني، يحاول الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي تسويق نفسه دوليًا خاصة وأنه يعاني من رفض خارجي بسبب تاريخه المتعلق بانتهاكات حقوق الانسان في الداخل الإيراني، أما السعودية والإمارات فهي تُحضر لفترة ما بعد الانسحاب الأمريكي من المنطقة وبقائها لوحدها أمام الخطر الإيراني، أما تركيا فهي تبحث عن فرص استثمارية اكبر بالعراق، بالإضافة إلى تعزيز توجها الجديد في الاقتراب والمصالحة مع دول الخليج بالأخص مع السعودية والإمارات التي قام المسؤول الأمني الأول طحنون بن زايد بزيارة تركيا وقطر لفتح صفحة جديدة في هذا الشأن. أما بالنسبة لفرنسا فهي تريد أن تتقرب من العراق بسبب الفرص الاقتصادية الواعدة فيه، وأيضًا لتكون حجر عثرة أمام التوغل التركي في العراق سواء على المستوى الاقتصادي أو حتى العسكري.

ويضيف: إذا حصلت انفراجه بين هذه الدول، فإننا لا نردها إلى هذا المؤتمر، أنما هذا الانفراج في العلاقات بين الدول المشاركة، قد بدأت قبل المؤتمر أصلا، فنحن نعلم أن جولات من المباحثات قد تمت مثلًا بين السعودية وإيران، وكذلك التحرك الإماراتي على الجانب التركي والقطري، وربما يكون هذا المؤتمر هو تتويج لكل تلك التحركات، على الرغم من اعتقادنا بأن الخلافات البينية لهذه الدول ليست بالبساطة التي يمكن أن يحلها مثل هذا المؤتمر، ولا نعتقد أن الدبلوماسية العراقية ستكون قوية بالدرجة الكافية لتكون وسيطًا نزيها ومحايدًا بين تلك الدول، لأننا في ظننا نعتقد أن جميع الدول تعرف أن السياسية الخارجية العراقية في كثير من توجهاتها تمثل السياسية الخارجية الإيرانية بشكل أو بأخر.

 

ويتابع: الابتعاد عن القضايا الجدلية التي بين الدول المشاركة في المؤتمر سيكون هو سيد الموقف داخل المؤتمر، من باب المجاملات السياسية المطلوبة في هذا النوع من تلك المؤتمرات، ونعتقد أن أي وعود ستتمخض من المؤتمر لمساعدة العراق اقتصادياً أو فتح استثمارات جديدة فيه، ستذهب أدراج الرياح كما ذهبت الوعود التي تعهدت الدول المشاركة بقمّة الكويت لدعم العراق قبل أكثر من ثلاث سنوات.

 

مؤتمر بغداد لن ينتج حلولاً

ويرى الكندوري بأن مؤتمر بغداد يحمل في ثنايا تطلعات مختلفة لكل دولة مشاركة على حدى، وحتى رئيس الوزراء العراقي يحمل هدفاً بعيداً عن الشعار الرمزي المعلن للمؤتمر.

ويقول: رغم التحركات الخارجية التي قام بها الكاظمي ومحاولاته لإرجاع العراق كدولة فاعلة إقليميا ودولياً، إلا أننا لا نجده يختلف بشدة عن باقي رؤساء الوزراء السابقين من ناحية عدم امتلاكه زمام المبادرة والقوة الكافية لقيادة العراق، فهو بالرغم من كل محاولاته في ضبط الأمن وإرساء سيطرة الدولة على البلاد، نجده فشل فشلًا ذريعا في تحقيق ذلك. ومقولة أن نجاح الكاظمي قد استطاع ارجاع العراق لمحيطه العربي فيها الكثير من الشك، كون أن هذا الأمر ليس نجاحًا للكاظمي بقدر ما هي رغبة عربية لتحقيق ذلك، ومحاولة من تلك الدول في سحب العراق من الحضن الإيراني، ونظن أن الدول العربية لم تنجح في ذلك حتى الآن.

ويضيف: الكاظمي فشل في إبعاد العراق عن إيران، وفشل في تنفيذ مطالب المتظاهرين الذي خرجوا ضد التواجد الإيراني وضد الأحزاب الموالية لإيران. وبالتالي فهو لم يستطيع أن يصل إلى ما تصبو له الجماهير العراقية، ولا ما تريده الدول العربية من ابتعاد حقيقي عن إيران.

ويؤكد أن مؤتمر بغداد لن يتمخض عنه قرارات مهمة تساعد العراق في تخطي أزماته التي يعيشها، ولكن على جانب الدول المشاركة فيه والمتشاكسة فيما بينها، يعتقد الباحث العراقي أن مؤتمر بغداد سيكون فرصة لتبادل وجهات النظر، وفرصة لعقد الاجتماعات البينية على هامش أعمال المؤتمر، من الممكن أن تساهم في تخفيفي حدة خلافاتهما البينية تمهيدًا للدخول في فترة ما بعد الانسحاب الأمريكي من المنطقة.

أهداف غير معلنة في مؤتمر بغداد
أهداف غير معلنة في مؤتمر بغداد

حاورهم: جهاد عبد الله

اقرأ أيضاً: مشروع حل لسوريا توافق عليه الأطراف المتصارعة لأول مرة.. طرح بالجنوب ووافق عليه الأكراد وأيده بشار الأسد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى