حورات خاصة

شرق الفرات وإدلب أمام تغييرات جيوسياسية.. تفاهمات أمريكية روسية تلوح في الأفق وأنقرة تنتظر ساعة الصفر

تحدثت مصادر عسكرية عن احتمالية اندلاع معركة في منطقة شرق الفرات تقودها فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وأخرى في إدلب يحضر لها النظام السوري.

وفي وقت تشهد فيه منطقتي شرق الفرات وإدلب تصعيداً عسكرياً، يأتي الحديث عن اندماج فصائل المعارضة وتدريبات مكثّفة ضمن معسكرات مغلقة وسط أنباء عن اتفاق روسي أمريكي للتوصل إلى حل في سوريا، لا سيّما مع قرب الانسحاب الأمريكي من العراق.

لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره السوري بشار الأسد أثار تساؤلات عدّة بعد تأكيد تقارير روسية بأن معركة إدلب كانت جزءاً من حديثهما، ليزداد عمق التساؤلات بعد أنباء عن لقاء مرتقب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبوتين في سوتشي.

للوقوف على ما يجري في منطقتي شرق الفرات وإدلب عسكرياً، حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” كل من الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن أحمد رحال، و الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة.

شرق الفرات
شرق الفرات وإدلب أمام تغييرات جيوسياسية.. تفاهمات أمريكية روسية تلوح في الأفق وأنقرة تنتظر ساعة الصفر

لا معركة في إدلب دون موافقة روسية

الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن أحمد رحال، تعليقاً على احتمالية اندلاع معركة في إدلب، قال: “الموضوع في إدلب لا يُقاس بحجم القوة العسكرية ولا بحجم القدرات والآليات والإمكانيات العسكرية، إنما يُقاس بالقرار السياسي”.

وأضاف: “لو أراد النظام السوري وحزب الله اللبناني وإيران القيام بعملية عسكرية دون موافقة روسية لا يمكن هذا الأمر. يمكن للنظام أن يحشد قواته من حمص وحماة والساحل ودمشق والجنوب، ولكن يحتاج لقرار عسكري من موسكو أو قاعدة حميميم، وأيضاً يحتاج للغطاء الجوي الذي لا يمكنه أن يقاتل من دون ذلك”.

وتابع: “المحاذير التي يجب أن ننتبه لها هي أن توزع النقاط التركية على خطوط التماس الحالية (55 نقطة)، يشكل عائقاً كبيراً أمام نظام الأسد والروس، وهذا الذي يمنع من عمل عسكري”.

4 أمور تسبب ضغوطاً على إدلب

رحال يرى أن الضغوط التي تحدث في إدلب تمس بعدّة نقاط “منها الانزعاج الروسي من التقارب الأمريكي التركي وخصوصاً ما يحدث مع قسد في شرق الفرات وأيضاً من أجل ملفات فيها، بالإضافة إلى التقارب الذي يحدث بين الائتلاف السوري المعارض وقسد، حيث سمعنا تصريح من رئيس الائتلاف وهذا كلام مزعج بالنسبة للروس، وحديث بوتين عن 90% وكأنها رسالة لتركيا مفادها لا تفكروا بها (أي شرق الفرات) هي لنا؛ وكذلك رغبة روسيا بالحصول على الطريق الدولي (إم فور) والأتراك لا يتخلون عنه”.

وزاد: “لحد الآن أرى أن ما يحدث ضغوط وليس تحضيراً لمعركة، ضغوط روسية على تركيا لملفات عالقة تخصّ التقارب التركي الأمريكي والتقارب مع قسد والخطوط الاقتصادية و إم فور”.

ارتباط شرق الفرات بملف إدلب

وفيما يخصّ شرق الفرات وأنباء عن معركة قريبة فيها بسبب إدلب، قال رحال: “بالنسبة لشرق الفرات أصبح اليوم مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بملف إدلب، باعتبار أن الروسي يحاول اليوم أن يضرب في إدلب ولكن أنظاره على شرق الفرات، والتركي كذلك أنظاره على شرق الفرات”.

وأضاف: “وإذا ما كان هناك انسحاب أمريكي، التركي لن يترك هذه المنطقة تذهب جميعها لنظام الأسد ومن الممكن أن يكون هناك ترتيبات ومن الممكن أن يكون هناك صدامات؛ لذلك قلنا إن القصف في إدلب وجبل الزاوية واليوم هناك قصف في منطقة الكبينة. صحيح أن القصف بأرياف إدلب والساحل وأرياف حلب الغربية، ولكن العين على شرق الفرات لأن هناك سيحدث الصِدام الحقيقي”.

عملية اندماج فصائل المعارضة

وفيما يتعلق بعملية اندماج فصائل المعارضة وموقف هيئة تحرير الشام منها، أكد الخبير العسكري أن عملية الاندماج صار في الجبهة السورية للتحرير وغرفة قيادة عزم، قائلاً: “وبحسب معلوماتي أمس كان هناك اجتماع لقيادة هيئة تحرير الشام والفصائل لن أذكرها هنا لنتأكد من الخبر. من الممكن أن يكون هناك اندماج لعدّة فصائل أو أجنحة عدّة فصائل مع هيئة تحرير الشام”.

وتابع: “وبالتأكيد الجولاني مع أي اندماج، لكن بشرط أن يبقى هو على الرأس وتكون تحت سيطرته، وأنا أرى أن هذا العمل خاطىء لأن كل من ينضم إلى الإرهاب يصبح إرهابياً، وبالتالي هناك عمليات اندماج تحدث ولكنني أعتقد أنها عمليات عشوائية غير مدروسة وليس وفق التراتبية العسكرية”.

طائرة ثندربولت إيه 10

أشارت تقارير إلى وصول مقاتلة أمريكية جديدة لأوّل مرّة إلى منطقة شرق الفرات، وتعليقاً على الخبر، قال رحال: “هي طائرة دعم عملياتي تقوم بتأمين حماية قوات المشاة من الدبابات والأسلحة الثقيلة والعربات المجنزرة، وتقدم تغطية ومرافقة نارية لعمليات المشاة على الأرض”.

مضيفاً: “هناك معلومات تفيد بأنها طائرة منسقة سابقاً ولكن هي طائرة فعالة. أعتقد بوجود الأباتشي الأمريكية اليوم أصبحت هي الأساسية، والخبر لم نتأكد من مصدر آخر حول وصولها، ولكن كان خبراً مفاجئاً إنما غير مؤكد 100%”.

الانسحاب الأمريكي من العراق يضعف القوات الأمريكية في شرق الفرات

الخبير العسكري، أكد أن الانسحاب الأمريكي من العراق يضعف القوات الأمريكية الموجودة شرقي الفرات، متابعاً: “لذلك هناك حديث يقول إنه إذا ما تم الانسحاب من العراق لن يطول بقاء الأمريكان في سوريا وقد ينسحبون خلال فترة قريبة، لذلك نسمع اليوم عن تشكيل أجسام عسكرية جديدة شرق الفرات برعاية أمريكية من العشائر والقبائل الذي خلق توازناً ما بين المكون العربي والكردي”.

وأردف القول: “بالمناسبة حتى الروس يشكلون اليوم من العشائر قوة، لأنهم يريدون صنع قوة بديلة إذا ما انسحب الأمريكان من شرق الفرات، كي لا يعتمدوا فقط على قسد إذا ما تصالحت مع النظام السوري أو يعتمدوا على قوة تحارب قسد إذا رفضت المصالحة مع النظام”.

لقاء بشار ببوتين

حول زيارة بشار الأسد إلى موسكو ولقاء فلاديمير بوتين، أكد الخبير الاستراتيجي أن “لا أحد يعرف بالضبط ما جرى بين بشار الأسد وبوتين عندما تم شحنه إلى موسكو، ولكن مؤكد من العبارات والأكاذيب التي قالها بوتين هي منافية للحقيقة”.

وواصل حديثه: “أعتقد ما أخفي في اللقاء هو الأساس، لأن اليوم هناك توافق أمريكي روسي خطوة مقابل خطوة، وأنا أعتقد أن شحن بشار إلى موسكو يبدو من خلال ذلك أن بوتين يريد أن يتأكد من شيء قبل لقاء المبعوثين الأمريكي والروسي في جنيف الذي تم مؤخراً، والأمر الآخر روسيا تشعر أن البساط ينسحب من تحت قدميها لصالح إيران وأن الأسد متموضع في الحضن الإيراني فيحاول بوتين التأكيد للعالم أن بشار تحت سيطرته وتحكمه”.

حشد القوات تحسباً لانسحاب أمريكي من شرق الفرات

الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة، يقول إن “السياسة الأمريكية الجديدة وخاصةً بعد الانسحاب من أفغانستان، جعل جميع الأطراف تعد العدة إن حدث انسحاب أمريكي من شرق الفرات”، متسائلاً: “من سيملء الفراغ إن حدث الانسحاب”.

وأضاف: “الروس يعتبرون أنفسهم قوة شرعية ويعملون على حشد القوة للسيطرة إن حدث انسحاب أمريكي، وخاصةً أن المنطقة لها موقع استراتيجي واقتصادي هام وهذا ما قصده بوتين عندما قال إننا نسيطر على 90% من الأراضي، لأنه يفاوض قسد التي ستلجأ لهم وللنظام السوري”.

وتابع: “أما تركيا وفصائل المعارضة، ترى بأن قسد مشروع لا وطني وتمثل إرادة الـPKK الإرهابي، وتهدد الأمن القومي التركي وكذلك الوحدة الوطنية السورية، فمن حق المعارضة وتركيا التدخل في المنطقة لأن أي سيطرة للنظام يعني تمدد النفوذ الإيراني والميليشياوي فيها”.

التوتر سيد الموقف

وحول أنباء عن معركة مرتقبة شرقي الفرات، قال الخبير العسكري: “لا أتوقع أن هناك معركة قريبة، ولكن طالما أن الحل السياسي لسوريا ليس على السكة بسبب التعطيل من قبل روسيا وحلفاءها، فالتوتر سيد الموقف والباب مفتوح على كل الاحتمالات”.

وزاد: “إيران اليوم تخزن صواريخ طويلة المدى في منطقة البادية وتجلب قوات إضافية للمنطقة. فهل هذه الأسلحة لصنع السلام!. هذه الأطراف بما فيها النظام تتواجد مادام هناك حروب وتوترات، فالسلام إن حدث سيخرجهم إلى بلدانهم”.

وأوضح حمادة أن “الوجود الأمريكي يقف سداً ضد تطلعات روسيا وإيران للسيطرة على النفط والغاز وعلى منطقة استراتيجية هامة، وبالتالي لا أتوقع بأن تمنح أمريكا هذه الميزة لهم”.

وختم الخبير العسكري حديثه، قائلاً: “المنطقة ستبقى متوترة بل وملتهبة بسبب وجود الميليشيات الإرهابية الإيرانية وبقاء بشار الأسد الكيماوي في السلطة”.

حاورتهما: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى