حورات خاصة

خاص|| اتفاقيات سلام مع إسرائيل هل كانت خيانة عظمى أو بداية حل أزمات المنطقة.. ومن هو عدو العرب اليوم

دخلت مؤخراً عدّة دول عربية في اتفاقيات سلام مع إسرائيل، أثارت موجة جدل بين معارض للأمر ومعتبراً أن ذلك مساس بالمبادئ العربية وسيؤثر على القضية الفلسطينية التي تشغل حيزاً واسعاً بقلوب العرب، وبين مؤيد لها على اعتبار أنها مراعاة لأمر واقع في ظل تغييرات تحصل بالمنطقة وتشكّل أخطاراً أكبر وتهديدات أوسع على أمن الدول العربية.

وقد وقّعت حتى اليوم كل من الإمارات العربية المتحدة اتفاق سلام مع إسرائيل والذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي في 13 آب الفائت، ومملكة البحرين والذي أعلنه “ترامب” أيضاً في 12 أيلول الجاري، فيما يجري الحديث عن دول أخرى تسير بذات الطريق نحو اتفاقيات سلام مع إسرائيل منها عُمان والسودان والمغرب، لتنضم إلى دول وقّعت اتفاقيات بوقت سابق هي مصر عام 1979، والأردن عام 1994.

وحول تداعيات الأمر ووجهة نظر تلك الدول في اتفاقيات السلام مع إسرائيل، التقت وكالة ستيب الإخبارية خبير العلاقات الدولية، ورئيس المركز العربي للبحوث والدراسات في القاهرة، هاني سليمان، وجرى الحديث عن أسباب ودوفع الدول بتوقيع الاتفاقيات تلك.

دوافع توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل

حيث يقول “هاني سليمان”: “التطبيع هو أمر كلاسيكي قديم بات الآن مختلف بشكل كبير نظراً للظروف والتفصيلات المختلفة بين دولة وأخرى، وأصبحت العلاقة مع إسرائيل لها حد معين بين بعض الدول، ولها أسباب متعددة منها الأمنية بحكم الجوار مثل اتفاق مصر والأردن، ومنها ما هو دبلوماسي واتفاقيات لها أبعاد سياسية أخرى”.

ويوضح أنّ الجديد في الأمر اليوم هو فكرة الإعلان عن الاتفاق مع إسرائيل بالوقت التي توجد علاقات قديمة بين عدة دول وإسرائيل منذ زمن بعيد.

ما تأثير الأمر على القضية الفلسطينية

أما عن تأثير الأمر على القضية الفلسطينية ومساسه بالمبادئ العربية، يرى “هاني سليمان”، أن الأمر له العديد من الأبعاد، حيث أن القضية الفلسطينية باتت تعاني من ركود وجمود شديدين أيضاً لأسباب كثيرة أهمها “الخلاف الفلسطيني الفلسطيني”، وانشغال الدول العربية بقضاياها وأزماتها الداخلية، إضافة لوجود أخطار جديدة إقليمية على الدول العربية مثل “التوسع الإيراني والتركي” بالأراضي العربية.

ويؤكد بأنه وفي ظل هذا الوضع العربي القائم، رأت العديد من الدول العربية أن عليها مراجعة سياستها وإعادة تعريف “العدو”، وبناء استراتيجيات جديدة للتعاطي مع القضية الفلسطينية وما سيفيدها بين “التعامل الكلاسيكي من مقاطعة وعدم الحوار مطلقاً مع إسرائيل” أو “محاولة كسر الجمود وتقريب الأفكار وبناء أساس لاتفاق بدعم عربي امريكي” ربما يصل لحل مرضي للجميع.

ويضيف الخبير بالعلاقات الدولية: “بالتالي لا يمكن الجزم بأن الدخول باتفاقيات سلام مع إسرائيل هو تخلي عن القضية الفلسطينية من وجهة نظر تلك الدول، فقد تكون تسعى لفتح باب الحل وكسر الجمود القائم”.

أما حول وجهة نظر السلطة الفلسطينية فيرى “سليمان” أنها اليوم باتت في حيرة من أمرها حول المضي قدماً في إجراءات نحو اتفاق أو الاستمرار بموقف حاد وأكثر مرونة قد يسمح لها بالوصول لاتفاق بشروط أفضل، مشيراً إلى أن دخول مزيد من الدول العربية باتفاقيات سلام مع إسرائيل سيزيد الضغط على السلطة الفلسطينية ويجعلها بموقف محرج.

توقيع الاتفاقيات والخطر الذي يهدد العرب

ويلفت خلال حديثه إلى أنّ الاتفاقيات تلك بدأت مع الإعلان الإماراتي، حيث أخذت المبادرة وتحمل قادة البلاد كل ذلك الهجوم الذي حصل عليهم، بناءّ على رؤية قد تكون حول محاولة بناء أطر مشتركة، إضافة لتكوين عوامل ضغط على إسرائيل لتحميلها المسؤولية من أجل إيجاد حل للأزمة والدفع نحو الحل وليس الجمود والوقوف بمكان واحد طيلة الوقت بحجّة حمل العداء لإسرائيل، بحسب وجهة نظر الساسة هناك.

ويقول سليمان: “بعيداً عن العاطفة فإن إسرائيل نجحت بفرض نفسها وبسط نفوذ وعلاقات لها، وذلك لاعتبارات عديدة منها مساعدة الأمريكان لها دوماً، والخلاف والانشقاق الفلسطيني، والتصدعات والتهديدات التي تعرضت لها الدول العربية، حيث أصبح هناك تهديدات على العرب أكبر وأخطر من إسرائيل، مما يستدعي بناء استراتيجيات جديدة ربما تدفع للوصول لحل بالقضية الفلسطينية”.

ويتحدث بذات الوقت عن أنه لن تستطيع كل الدول العربية الولوج باتفاقيات مشابهة، وذلك حسب النخبة السياسية في البلاد والحكومات والتعامل مع شعبها ومواجهة الأمر الواقع، ومدى قربها وبعدها عن تقدير الأمور والنظرة “البراغماتية” الواقعية، لافتاً إلى أنه بالوقت الذي سيكون هناك انضمام لدول جديدة إلى هذه الاتفاقيات فإن دول أخرى لن تقدر فعل ذلك في الأمد القريب والمتوسط.

إسرائيل العدو الكلاسيكي

ويبيّن خلال الحديث بأن إسرائيل باتت عدو “كلاسيكي”، حيث يقول: “هي عدو موجود ولن يتغير، لكن أصبح لدينا عدو أكثر خطورة وتأثيراً بهذا الوقت وخصوصاً في آخر 10 سنوات، وهو ما دفع الدول للدخول باتفاقيات لتشكيل جبهة مواجهة، حيث أن أكثر 3 أعداء تهدداً للأمن العربي اليوم هي إيران وتركيا والجماعات المتشددة، وتختلف الدول بترتيب خطر هؤلاء بحسب أولوياتها”.

وختم بتأكيده على أن الدول العربية تعيد ترتيب أوراقها في ظل التفاعلات الدولية والتغييرات التي تحصل والأزمات التي تعصف بالعالم ككل من “كورونا والاقتصاد والتدخلات لبعض الدول مثل إيران وتركيا وميلشياتها”، حيث باتت أخطر على أمنها من إسرائيل نفسها.

اقرأ أيضاً : ترامب يعلن عن اتفاق سلام جديد.. إليك البيان التوضيحي

وكان توقيع الاتفاقيات مع إسرائيل قد أثارت موجة جدل عربية كبيرة، حيث تناولها ما يسمى “محور الممانعة” الذي يقوده النظام الإيراني ونظيره السوري بأنها خيانة عظمى للعرب بالوقت التي تغللت فيه إيران وميليشياتها واحتلت أراضٍ عربية واسعة بسوريا واليمن والعراق دون إشارة من أحد حولها، وتناولتها دول أخرى بالنقد أيضاً مثل تركيا وقطر على الرغم من أنها تقيم علاقات معها علانية منذ زمن، بينما رأي فيها آخرون تطوراً جديداً يدفع قدماً نحو ضمان استقرار المنطقة التي تعصف فيها الحروب من عقود، وربما تكون بدايةً لسلسة انفراجات وحلول لأزمات الدول العربية التي تشهد صراعات مستمرة.

اقرأ أيضاً : “سيتم الليلة”.. أنباء عن اتفاق تطبيع بين إسرائيل ودولة خليجية أخرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى