حورات خاصة

خطط لأول غزوة خارجية لطالبان تكشفها دولتان وعمليات الحركة بدول الجوار بدأت من كشمير

سيطرة حركة طالبان على أفغانستان منتصف آب الفائت على إثر انسحاب القوات الغربية من البلاد، وتبع ذلك بعض المقاومة في منطقة بنجشير على يد نجل زعيم المقاومة السابق “شاه مسعود”، إلا أن ذلك انتهى أيضاً بسرعة، واعتقد العالم أن حروب طالبان انتهت، إلا أن المعلومات تتحدث عن نوايا مبيّتة وتخطيط من أجل أول غزوة خارجة لطالبان تستهدف دولاً مجاورة.

وتحدثت مصادر مطلعة بأن دولة طاجيكستان المجاورة تعد هدفاً بين أعين قادة طالبان، لا سيما أن الدولة الجارة لم تعترف بحكومة طالبان عكس جيرانها الأخريات اللواتي سارعن لإقامة علاقات معها.

إلا أن العقبة بوجه الطموح “الطالباني” قد تكون روسيا التي تمتلك قاعدة عسكرية في طاجيكستان، وفيما يبدو أن موسكو قرأت تلك النوايا وأعلن مؤخراً عن تدريبات عسكرية كبيرة هناك.

وللحديث عن الأمر “التقت وكالة ستيب الإخبارية”، رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ في روسيا، دينيس كوركودينوف.

اسيا الوسطى ستشتعل 20211024 191710409

 

أول غزوة خارجية لطالبان

رفض قادة طاجيكستان البلاد الاعتراف بالأمر الواقع في أفغانستان وسيطرة طالبان مجدداً وتشكيلهم حكومة، كما أن نجل شاه مسعود اتجه إلى هناك بعد سقوط منطقته بيد طالبان.

ويقول الخبير الروسي: كان موقف طاجيكستان تجاه حركة طالبان سلبيًا بشكل حاد منذ بداية الثورة الأفغانية، على عكس قادة أوزبكستان وقيرغيزستان وتركمانستان، الذين سارعوا إلى إعلان رغبتهم في التعاون معها، ولا يزال إمام علي رحمون يرفض أي محاولات لإقامة حوار مع الإمارة الإسلامية في أفغانستان.

ويضيف: أصبحت طاجيكستان بسرعة مركزًا للمقاومة الأفغانية. والآن أحمد مسعود، وأمر الله صالح (نائب رئيس أفغانستان السابق)، وعبد اللطيف بيدرام (رئيس المؤتمر الوطني الأفغاني)، ومير رحمن رحماني (رئيس مجلس الوليسي جركا)، ومحمد علم إزدار (نائب رئيس مجلس الشيوخ) والعديد من الأشخاص الآخرين قد وجدوا ملاذًا هنا، ومن بين أمور أخرى، قام وزير الدفاع الأفغاني السابق بسميلا خان محمدي ووزير الداخلية الأفغاني السابق تاج محمد جاهد بزيارة طاجيكستان مؤخرًا.

ويوضح بأن انجذاب المقاومة الأفغانية باتجاه طاجيكستان جعلها أساسًا للتعبير عن انتقادات لطالبان ضد القيادة الطاجيكية. وعلى وجه الخصوص، اتهم الملا بردار أخوند وعبد السلام حنفي في لقائهما مع “قناة الجزيرة” طاجيكستان بالتدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان.

 

روسيا وفرنسا تكشفان الخطة

لم يمضي وقت طويل على سيطرة الحركة على أفغانستان مجدداً، ولم يكن أحد يتوقع أن تتجه الحركة بأنظارها إلى خارج الحدود والتفكير في أول غزوة خارجية لطالبان، إلا أن دولتين كشفتا نوايا قادة الحركة.

يقول دينيس كوركودينوف: لدى الخدمات الخاصة الفرنسية والروسية معلومات حول العملية العسكرية الوشيكة لـ “الإمارة الإسلامية بأفغانستان” على أراضي طاجيكستان. وعلى وجه الخصوص، لفت رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون الانتباه إلى ذلك في 13 أكتوبر 2021، خلال لقاء مع نظيره الطاجيكي إمام علي رحمن في باريس. وبدورها بدأت موسكو مناورات عسكرية غير مقررة في المناطق الحدودية لطاجيكستان.

ويضيف: بالعودة في عام 2021، كانت معظم وحدات فدائيي طالبان، في سبتمبر / أيلول في مقاطعات قندوز، وبادشان، وتاك، وباغلان، ويريخ، على طول الحدود الأفغانية الطاجيكستانية. وفي هذا الصدد أعلن قائد الوحدة العسكرية في كتيبة شهداء طالبان عبد الباسط بدر رسمياً أن قوات الوحدات الفدائية ستقاتل في منطقة إشكاس.

ويشير إلى أن حديث نائب حاكم حركة طالبان في إقليم بدخشان، أكد أن التشكيلات المسلحة لطالبان تتركز على الحدود مع طاجيكستان. بالإضافة إلى ذلك، أمر الملا فاضل مظلوم، نائب وزير دفاع “الإمارة”، خلال زيارته الرسمية لمزار الشريف وشبرغان وقندز في 17 أكتوبر 2021، القادة الميدانيين بالاستعداد في أي وقت. لقتال “أعداء طالبان”، بما في ذلك قيادة طاجيكستان كما لوحظ.

ويوضح “كوركودينوف” أن إشارة أخرى واضحة على أن المقاتلين الأفغان يستعدون لعملية عسكرية، حيث كانت نشرت طالبان على تويتر في 12 أكتوبر 2021 سلسلة من الصور بالقرب من الحدود الطاجيكية مع الدبابات الأمريكية التي تم الاستيلاء عليها في الخلفية. وهكذا أكدوا بشكل غير مباشر أهدافهم الحقيقية فيما يتعلق بنظام إمام علي رحمون.

 

طالبان تستغل “مغازلة” الغرب

يوضّح الخبير الروسي أن المجتمع الدولي لا يزال في حيرة حول التعامل مع طالبان وتفسير تصرفاتها.

ويقول: المجتمع الدولي لم يعرف كيف يفسر أفعالًا معينة لطالبان وماذا يتوقع منها. وهذا يتيح لقادة “الإمارة” أن يكونوا في موقع متميز. يشبه هذا الموقف سلوك “الفتاة غير المتزوجة” التي يسعى مئات السادة إلى الحصول على يديها، وأظن حتى أنها لا تحتاج إلى أي من هؤلاء السادة على الإطلاق. لقد تأثرت حركة طالبان بشدة بالاهتمام المتزايد الذي تبديه لهم القوى العالمية، بما في ذلك روسيا والصين.

ويضيف: بفضل هذا، يمكنهم استغلال وقت “المغازلة” لتعبئة قواتهم وبناء قوتهم العسكرية. ويذكرنا هذا الوضع بمغازلة المجتمع الدولي لألمانيا الهتلرية عشية الحرب العالمية الثانية.

ويؤكد “كوركودينوف” بأن طالبان لم تفكر قط حصر نفسها في أراضي أفغانستان وحدها. وهدفها هو بناء “إمارة إسلامية” عالمية، تكون على أساسها، وعلى الأرجح، هي مستعدة للقيام بعمليات عسكرية في أراضي دول أخرى.

ويتابع: الأسلحة التي خلفها الأمريكيون كافية الآن للقيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق ضد طاجيكستان وضد باكستان وإيران والصين وروسيا. لكن الجدير بالذكر أن انتصار طالبان في أفغانستان كان لأن الولايات المتحدة سمحت لهم بتحقيق هذا الانتصار. وبهذا المعنى، من المنطقي تمامًا استنتاج وجود اتفاقيات معينة بين طالبان وواشنطن بشأن تطور ما حصل بأفغانستان. وبناءً على ذلك، لكي تعمل طالبان خارج أفغانستان، يجب أيضًا أن يكون هناك اتفاق معين من البيت الأبيض. إلا أنه لا يوجد مثل هذا الاتفاق حتى الآن.

 

روسيا على خط المواجهة

تمتلك روسيا قاعدة عسكرية في طاجيكستان وتدعم قادتها على اعتبار انها إحدى الدول الناشئة من تفكك الاتحاد السوفييتي سابقاً، وقد أجرت مؤخراً تدريبات عسكرية كبية على الحدود بين البلدين.

يقول الخبير الروسي: لا تزال موسكو قادرة على السيطرة على أفغانستان على مستوى عالٍ، وعلى أساس ذلك لا ينوي الكرملين التدخل بنشاط في الخلافات الأفغانية الطاجيكية إذا لم تتجاوز طالبان “الخطوط الحمراء”.

ويضيف: لم يصل مستوى التسامح بين روسيا وطالبان بعد إلى نقطة حرجة. ومع ذلك، تُظهر روسيا بعض القلق، وهو ما تم التأكيد عليه رسميًا مؤخرًا خلال مؤتمر صحفي لنائب وزير الخارجية أليكسي زايتسيف.

ويشير إلى أن روسيا نظمت في طاجيكستان تدريبات غير مقررة على الحدود مع أفغانستان. ومع ذلك، فإن موسكو الآن مهتمة أكثر ليس بمشكلة طالبان بقدر اهتمامها بضمان الأمن الإقليمي وتحييد النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطى.

ويتابع: يتعلق هذا أولاً وقبل كل شيء بقضايا نشر القواعد العسكرية الأمريكية في طاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان. ويشير هذا إلى أنه أثناء إجراء التدريبات العسكرية على الحدود الأفغانية الطاجيكية، كانت روسيا أقل اهتمامًا بإبلاغ طالبان. وكان الهدف من الحملة الروسية أن تُظهر لواشنطن رغبتها في الحفاظ على نفوذها المهيمن في آسيا الوسطى.

 

المقاومة ضد طالبان

اعتبر نجل شاه مسعود زعيماً للمقاومة الأفغانية ضد طالبان لفترة وجيزة بعد أن كانت منطقة بنجشير آخر المناطق التي تسقط بيد طالبان في البلاد، ليرهب بعدها إلى طاجيكستان.

يقول “كوركودينوف”: يوجد خمسة مواقع عسكرية نشطة لقوات المعارضة الأفغانية بقيادة أحمد مسعود الابن في جبال أندراب، بالإضافة إلى الإجراءات النشطة للممثلين السابقين لنظام كابول الرسمي (عبد الرشيد دوستم، محمد ميهيك، عطا محمد نور وصلاح الدين رباني) لتشكيل جبهة موحدة مناهضة لطالبان.

ويضيف: تسبب هذا بقلق خطير لـ “إمارة أفغانستان الإسلامية”. وإذا نجح قادة المقاومة في الاتفاق فيما بينهم في المستقبل القريب، فإن الحرب الأهلية في أفغانستان ستنتقل بسرعة من بنجشير جورج إلى أندراب، حيث يتمتع أحمد مسعود الابن بميزة كبيرة.

وتزامن حديث الخبير الروسي مع إعلان مصادر أفغانية اليوم الأحد عن اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة اندلعت بين طالبان ومسلحين في مدينة هرات غربي أفغانستان.

ويأتي ذلك بعد أن أعلن عدد من المسؤولين السابقين تشكيل جسم سياسي معارض لحكومة أفغانستان التي تقودها طالبان.

وقد جاء هذا الإعلان يوم الجمعة على لسان عطاء محمد نور الذي يترأس الجناح المنشق عن حزب الجمعية الإسلامية بزعامة صلاح الدين (نجل الزعيم الجهادي برهان الدين رباني) دون الكشف عن مقر المجلس.

من جانبها أكدت طالبان أنها تستعد للرد على أي تهديد من سياسيين أفغان ومسؤولين سابقين، شكلوا مجلساً “للمقاومة الوطنية” معارضاً للحركة.

 

طالبان بدأت بالتوسع بعدة دول

يتطرق الخبير الروسي “دينيس كوركودينوف” إلى الأزمات المحيطة في أفغانستان لا سيما تلك التي تخص المسلمين، حيث أن طالبان تعتبر حركة إسلامية متشددة تحمل فكراً للتوسع.

ويقول: في كشمير بالهند بدأت موجة من المقاومة ضد الجيش الهندي، حيث يؤدي قمع السكان المسلمين في ولاية آسام والسيخ في البنجاب إلى تأجيج الاضطرابات الاجتماعية، وإن قادة مجاهدي أفنان يحرضون علناً سكان المناطق المتنازع عليها لبدء الكفاح المسلح.

ويضيف: في 21 أكتوبر 2021، شنت حركة طالبان عملية عسكرية في كشمير، مما تسبب في حالة من الذعر الحقيقي في صفوف الجيش الهندي، وإذا كان السؤال هو ما إذا كانت طالبان ستبدأ في التدخل في شؤون كشمير وآسيا الوسطى بشكل عام، فستكون الإجابة: “لقد بدأت طالبان بالفعل في القيام بأنشطة تدميرية في هذا الاتجاه”.

 

وبالوقت الذي لا تزال طلبان تسعى لكسب الاعتراف الدولي بحكومتها وتغيير المواقف ضدها عبر إطلاق حزمات من الوعود والتي نقضت العديد منها لاحقاً، فإن كشف أي محاولة للتمدد على حساب جيران أفغانستان قد يكون الشعرة التي تقسم ظهر البعير، وإعلان انتحار الحركة رسمياً في مساعيها الدولية.

أول غزوة خارجية لطالبان
أول غزوة خارجية لطالبان

 

حوار: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى