منوع

الهندسة المقدسة والنسبة الذهبية.. القانون الذي اعتمد في بناء الصروح التاريخية العظيمة ولوحات دافنشي

 

تعتمد الهندسة المقدسة على نسب رياضية (رياضيات) ورقمية لكل شيء في الوجود، وهي المخطط الباطني لقانون الطبيعة الفطري وأساس تكوين جميع أشكال الحياة، إنه علم قديم جداً يكتشف ويفسّر نماذج الطاقة التي تخلق وتوحّد كل شيء في الكون وتكشف بدقة عن الطريقة التي تنظم فيها طاقة الوجود نفسها، وعلى جميع المستويات، كل نموذج طبيعي للنمو أو الحركة تمتثل حتماً في إحدى أو مجموعة من الأشكال الهندسية المقدّسة والتي استخدمت في الحضارات القديمة في بناء الصروح التي لازالت قائمة حتى اليوم.

 

ما هو علم الهندسة المقدسة

 

خلال دخول عالم الهندسة المقدّسة تختلف النظرة إلى الوجود، ويمكن اكتشاف الجمال الحقيقي للطبيعة، جزيئات الحمض النووي DNA، قرنية العين، بلورات الثلج، مخاريط الصنوبر، بتلات الزهرة، كريستالات الألماس، تفرّع أغصان الشجر، صدفة المحار البحري، وجميع أشكال الحياة الأخرى التي نراها حولنا تنبثق من نظام هندسي مبطّن.

 

تشمل الهندسة المقدسة نماذج هندسية ونِسب رياضية محدّدة تُستخدم لتصميم كل شيء في الطبيعة من حولنا، ويمكن مشاهدة هذا الأمر بوضوح في الفنّ المعماري واليدوي القديم. كانت الحكمة القديمة تستند على هذه المعرفة بعمق لدرجة أن هذه القوانين الهندسية والنسب الرياضية المقدسة أُدخلت إلى مجالات تبحث في الموسيقى والضوء وحتى الفلك.

 

يمكن ملاحظة انتشار هذه المنظومة الحسابية بشكل واسع في عالم ما قبل التاريخ، حيث يبدو أن ثقافة الحضارات القديمة كانت متأثرة جداً بهذه القوانين الكونية السحرية، حتى في الماضي القريب نسبياً، فقد اعتُبرت أساس التصاميم الهندسية للصروح المقدّسة، كالمعابد والجوامع والكنائس والهياكل والأهرامات وكافة الصروح الأثرية الباقية من الحضارات.

 

المبدأ العام الذي تستند إليه الهندسة المقدسة هو نسبة قياسية محدّدة، وهي بالذات “النسبة الذهبية” التي اكتشفها الحكماء القدامى وأدركوا بأن لها صلة وثيقة بما يُعرف بـ”الجمال”، كل شيء محبّب لعين الناظر لا بدّ من أن يحتوي على “النسبة الذهبية” في أبعاده أو طريقة تناسقه.

اقرأ أيضاً:

ماذا تعرف عن علم الراديسثيزيا واستخدام الباندول الكاشف في تحليل الشخصية إليك أسهل الطرق

تعريف النسبة الذهبية

 

وتُسمى أيضاً “المقطع الذهبي”، “الباي الذهبي”، “المقطع المقدّس”، “القرن الذهبي”، “التناسب المقدّس” وغيرها، من مصطلحات مختلفة حسب اختلاف المدارس، ويُعتبر مقياس أساسي متجسّد في معظم مظاهر الطبيعة تقريباً. تقدّر النسبة الذهبية بـ:1.618033988749894848. النسبة الذهبية هي فريدة من نوعها بحيث نسبة “الكل” لجزئه الأكبر هو متطابق مع نسبة “الجزء الأكبر” للجزء الأصغر.

 

 

هذا المبدأ الذهبي يحكم جميع مظاهر الطبيعة، ابتداءً من “البروتوبلازما” (التي تُعتبر الجبلة الأولى للكائنات المجهرية)، إلى الصدفة البحرية، إلى طريقة مسار الكواكب في النظام الشمسي، وحتى السلّم الموسيقي تم تأسيسه وفق هذا المبدأ، وكذلك نظام العناصر الكيماوية، وطبعاً، كل شيء له علاقة بالأنظمة الطبيعية المختلفة يخضع لهذا القانون تلقائياً.

اقرأ أيضاً:

الفلك والأحجار الكريمة.. تعرف على الحجر الذي يتوافق معك

الإنسان غير مُستثنى من الهندسة المقدسة

 

كل مظهر من بنية الإنسان الفيزيولوجية يخضع لهذا القانون، حتى عصيات العين ومخاريطها تتوافق مع مبدأ المقطع الذهبي، وكذلك قوقعة الأذن (نسبة أطوال الدهاليز الأذنية)، وضربات القلب تخفق بهذه النغمة الذهبية، ويدفع الدم إلى الأبهر، تاركاً نسبة معيّنة في البطين. كل هذا يتوافق مع مبدأ المقطع الذهبي، وحتى نشاطات البنية العصبية في حالات عقلية معيّنة تخضع للقانون ذاته.

 

متتالية فابوناتشي

 

لا يمكن تقدير قيمة الهندسة المقدسة والنسبة الذهبية بشكل كامل إذا استثنينا ذكر متتالية فابوناتشي، حيث نسبة المسافات الفاصلة بين مواقع الأرقام في متتالية فابوناتشي تتوافق مع النسبة الذهبية، وهي عبارة عن سلسلة من تتابع أرقام مُرتبة بحيث كل رقم يكون نتيجة جمع الرقمين السابقين، أي: 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، 34، 55، 89،… وهكذا، لقد تم اكتشاف الخواص المثيرة لهذه السلسلة الرقمية من قبل الرياضياتي الشهير “ليوناردو فابوناتشي” Leonardo Fibonacci، المولود عام 1175م في “بيزا” إيطاليا.

 

الأمر المثير بخصوص هذه المتتالية الرقمية هو أنها موجودة في كل مكان في الطبيعة من حولنا، وبكافة المظاهر الممكنة. أحد أروع الأمثلة على طريقة تجلّي متتالية فابوناتشي في الطبيعة يكمن في زهرة عباد الشمس. فقد قام العلماء بقياس عدة حلزونيات داخل زهر عباد الشمس، ووجدوا أنه ليس مجموعة واحد فقط من الحلزونات تسير باتجاه عقارب الساعة انطلاقاً من المركز، بل هناك مجموعة أخرى تسير بعكس عقارب الساعة، وهاتين المجموعتين الحلزونيتين كشفتا عن صلة مذهلة بمتتالية فابوناتشي. وجدوا أن كل من هاتين المجموعتين تحتويان على مسارات حلزونية يكون عددها متطابقة مع رقمين متاخمين في متتالية فابوناتشي.

شاهد أيضاً:

أغلى الأنواع على الإطلاق “الماس الأزرق”.. تحويل الموتى لألماس لتخليد ذكراهم – فيديو

السلّم الموسيقي الذهبي

 

حتى الصوت قابل للاستخدام وفقاً للنسبة الذهبية، حيث أن كامل السلّم الموسيقي الذي يعتمد عليه الموسيقيون لتلحين مقطوعاتهم الموسيقية يخضع لقانون “المقطع الذهبي” ذاته.

 

كان فيثاغورس أول من قدم للعالم الغربي طريقة الربط بين الخاصية الموسيقية والقيم العددية (وفق نسبة “باي” phi الذهبية)، استخدم آلة موسيقية بسيطة، مصنوعة من وتر واحد مشدود على قطعة من الخشب وبواسطتها بيّن أن كل نوعية صوت تكون مرتبطة بطول معين على هذا الوتر موضحاً بهذا أننا لدينا في الآلة الموسيقية أداة يمكنها أن تحول “الكمية” (العددية) إلى “النوعية” (الصوتية) والعكس صحيح، وكل آلة موسيقية تقوم بنفس هذا التحويل.

 

اللوحات الفنية

 

كافة لوحات ليوناردو دافنشي الذي وصف بالعبقري لتقديمه فناً مميزاً استندت إلى النسبة الذهبية، كما استخدم العديد من الفنانين العالميين القانون ذاته في لوحاتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى